تبدأ الرواية من حادثة دهس رجل عجوز، لتشرع في نسج خيوط متشابكة حول شخصيات لا يمنحها أبو سيف فضيلة التسمية ويتركها معلقة في المبنيّ للمجهول، تتشارك في أحداث راهنة أو ماضية يشهدها الواقع أو يقترحها الخيال، وأمكنة لا نضلّ السبيل إليها وتحديداً حين تشير إلى فلسطين. وبذلك فإنه وفيّ لأسلوبية متأصلة لديه، خاصة مسألة المكان التي يرى أنها بالنسبة إلى الفلسطيني “شيء مقلق وقلق ومربك”. فهو يعيش في غزة حيث تدور أحداث غالبية رواياته، ولكنّ الشخصيات تروح وتجيء في مساحات ذاكرة الشتات الفلسطيني، وثمة بالتالي “عالمان يتصارعان: عالم الواقع والماضي والعالم المشتهى”...
حكايات أصحاب الرسائل، التي كتبوها وضاعت مثلهم في البحر. لكنّها تستدعي رسائلَ أخرى، تتقاطع مثل مصائر هؤلاء الغرباء. هم المهاجرون، أو المهجّرون، أو المنفيُّون المشرَّدون، يتامى بلدانهم التي كسرتها الأيَّامُ فأحالت حيواتِهم إلى لعبة “بازل”. ليس في هذه الرواية من يقين. ليس مَن قَتَلَ مجرمًا، ولا المومسُ عاهرةً. إنّها، كما زمننا، منطقة الشكّ الكبير، والالتباس، وامِّحاء الحدود... وضياع الأمكنة والبيوت الأولى. هدى بركات: روائيَّة لبنانيَّة، تُرجمتْ رواياتُها إلى لغاتٍ عديدة، ووصلتْ إلى اللائحة القصيرة لجائزة “مان بوكر إنترناشونال برايز 2015” التي تُمنح عن مجمل أعمال الكاتب أو الكاتبة مرَّةً كلّ سنتين.