نارنجة، جوخة الحارثي (عُمان)، رواية دار الآداب - 2016

, بقلم محمد بكري


جريدة القدس العربي


جريدة القدس العربي
السنة الثامنة والعشرون العدد 8665 السبت 3 كانون الأول (ديسمبر) 2016 - 4 ربيع الأول 1438 هـ
محمد زروق - أكاديمي من سلطنة عمان


جُروح الذات في رواية «نارنجة» للعمانية جوخة الحارثي


نارنجة» رواية حديثة صدرت عن دار الآداب للعمانية جوخة الحارثي، وهي روايةٌ قائمةٌ على بعْثِ شخصيّة طالبة عُمانيّة يستقرّ بها المقام في بريطانيا للدراسة، ومنه تنظر في جدّتها استذكارا، وفي ما رشّحته من صحبها الباكستانيين حضورا، وفي ذاتها تبئيرا، فيتولّد القصص الروائيّ من ثلاث بؤر رئيسة، تُولّد الحكايا وتقدّ عالم الرواية، بؤرة الجدّة، المُستَرجعة المُتَكرّرة، وهي بؤرة محفوفة بعالم من الأحداث والشخصيّات، تُضيءُ حالاّ من البلاد والعباد أواسطَ القرن العشرين، وبؤرة الصديقة الباكستانية، وحالها مع نفسها وعائلتها وأختها المرافقة لها، المتّخذة لها زوجا يختلف عن منزلتها الاجتماعية، وبؤرة الذات الراوية، أساس الحكاية، وعينها الراقبة ولسانها الحاكي.

تنشدّ الرواية إلى أصلٍ واحد، ذاتٍ راوية واحدة، تستعيد من الزمن ماضيه، وتَرْقب منه حَالَّهُ، وتُقيم من الخيال شخصيّات وعلاقات دالّة. فتُقيمُ الراوية شبكة شائكة من الشخصيّات، ودوائر من الأحداث معزولة هي واصلتها، وتختلف الأهواءُ غير أنّ الذات الراوية تُجمّع هذا المختلف وتُحسنُ إدارته. فأيّ عينٍ هاته القادرة على تبئير ثلاث بُؤر دلاليّة لكلّ منها مجاله الخاصّ وعالمه، وعاداته وفعاله وتاريخه ومعتقداته، باستعمال خيطٍ ناظم متى تفكّك تفكّك عُقد الرواية وتناثر نظمه، تلك روايةٌ واحدٌ راويها وعدد بُؤرُها ومنابتها، تنشدُّ إلى راويةٍ واحدةٍ، مِزاجُها مفارقٌ لأمزجةِ شخصيّاتها.

أنثى راوية، تُطابقُ في الجنس اسما موجودا في عتبة الكتاب، محيلا إلى الكائن العينيّ، وتُطابقُ في العقل صفةً، من حيثُ صفاء اللّغة ورقيّها، أنثى عالمة، عارفة، مدركة لقوانين اللّغة وطُرق إجرائها، تخلق فضاءً من الحكاية متنوّعا، وشخصيّات لا تتشقَّقُ عنها بالضرورة، وإنّما هي مختلفة عنها، فكيف لهواها أن يُوَافق أهواءً وأمزجة وهي سليلة الحكاية، تَمتح من جذورها لا من فروعها، وتهزّ من الشجرة، من «النارنجة» غُصنا فيسّاقط عليها حكْيا زكيّا؟

حكايات متعدّدة تتولّد عن ذات فرد، هي ربّة الرواية، وعُقدتها وعمادها، «زهور» ليست شخصيّةً نامية، بل هي رابط متفرّق الحكايا عبر الأزمان والأوطان، وهي باعثتها، تحكي ما مضى ممّا شهدته وممّا لم تشهده، وما زامنها من أحداث، عبر الشهادة وعبر الرواية، فزهور الراوية على امتلاكها خيوط الرواية تترك للشخصيّات مجالا للحديث، للرواية، فتُنطقُ جدّتها، وتُنطق سرور، فالرواية تُحْكى من مصدرين أولهما سرور وثانيهما الشخصيّات التي بعثتها وأنطقتها.

«نارنجة» شجرة الجدّة، منبع الحكاية ومصدرها، تَرْقُبُها عينٌ أمينة عليها في السرد، مُنفَلتةٌ عنها في الواقع، «لم تملك جدّتي حقلها الصغير الخاصّ، ولم تفلحه، عاشت ثمانين سنة أو أكثر، وماتت قبل أن يكون لها أيّ شيء تملكه على وجه البسيطة. كانت يدها خضراء، فزرعت كلّ الليمون والنارنج في حوش بيتنا، وكانت نارنجة بعينها هي الأحبّ إليها، لم تذبل أيّ شجرة زرعتها واعتنت بها، لكنّه كان بيتنا وحوشنا وشجرنا، كانت تعيش معنا فقط، لا تملك البيت ولا الشجر ولا حتّى نحن، فلم نكن أحفادها في الحقيقة».

كيف لعوالم أن تتداخل وتتضافر وتُضرَب في آلة واحدة وتخرج علينا صفيَّةً نقيّةً لا تشوبها شائبة، تأخذ من الباكستان شخصيّات تُديرها، وتُؤسّس لها عالما يترابطُ ويتماشج ليقدّ سبيلا في الحكاية معزولا عن أرض عمان وخلائقها وأجناسها وثقافتها، وتأخذ من المحلّي، صورة الجدّة، وما يُحيط بها من فضاءات في السرد تتولّد تناسلا، لتصوير حال البلاد والعباد، في أواسط القرن العشرين.

الجدّة عينٌ ذكيّة، أحسنت الذات الراوية تسخيرها، وتنقّلت بها إلى التاريخ الحديث في عُمان، لترى الحياة، وعلائق البشر، ولتُضيء من الماضي القريب رأيا ورؤيةً، ولتُداخل من نفوس البشر الذين أعرض عنهم التاريخ أبعادا ورؤى

شخصيّاتٌ تفعلُ ويُفعَلُ بها، تتحقّق وجودا وكونا ولغةً، فإذا هي من رماد الكون تتكوّرُ وتكبُر، إلاّ أنّها حمّالة أرزاء وأفكار ورؤى. فلولا السرد لضاعت تواريخ وأصوات مطحونة لا يَرصُد أساها إلاّ فَطنٌ من الروائيين، ولتاهت أخيلةٌ وأوهامٌ وأمزجة، يلتقطها من ملك عين الروائيّ ولسانه.

أحيانا نعتقد أنّنا نحن الكائنات التي قدّت من الورق وأنّ شخصيّات الرواية هي الحقّ الذي لا يأتيه الزيفُ، أنّا نحنُ «الكائنات بلا أحشاء» وهي الكائنات المملوءة أحشاء وأفئدة. شخصيّة «سرور» الباكستانيّة مرتكَزٌ مهم في الرواية فقد استدعت أختها «كحل» وزوجها العرفي «عمران» وعائلتَها وفتّحت من الحكاية سُبُلا وفرّخت من الشخصيّات عددا، وأثرت الحكاية. فهي فرعُ الشجرة وماسك أغصانها، هي الذات الراوية، الرائيّة، على الرغم من تعدّد الأصوات وتنوّعها.

تُبْطِنُ الذاتُ الراوية عِشْقها لعمران، هو عشقٌ لا يظهر على سطح الرواية، وإنّما هو مبثوثٌ في النظرة، في الموقف، في الهوى، يستشفّه القارئ، ولكنّ الراوية لا تُعلنه وإن أبدَتْه. «مددت يدي لعمران، فرأيت إبهامي مُشوّها وأسود، خطوتُ نحوه فوجدت قفزتي قد اتّسعت هربا من نداءات جدّتي في عزلتها، وجدت رأسي يدور في الثلوج، ويرتطم في صدر عمران، لكنّ صدره قُدّ من صخر، فتحطّم رأسي، تفتّت في الشارع، فصنع منه الأولاد رجل الثلج، رأيت عينيّ في عينيه الثلجيّتين، وأنفي المهشّم في جزرة وجهه»، «صرعت الحمّى عمران فلفّني الجزع وكحل»، فتتماهى العلاقات، وتُخفي الشخصيّة الراويةُ عشقا لعمران، لا تُفصّل مظاهره، وإنّما هو ظاهرٌ من وفرة الحديث عنه، ومن عمق رصد علاقته الزوجيّة والعشقيّة بأخت صديقتها الباكستانيّة.

لم تخرج جوخة الحارثي في روايتها عن جلباب الماضي/ التاريخ العماني، وإن فتحت كوّة على الحضارة الباكستانيّة، وعلى شخصيّات تأتي من عالم قريب وغريب. ومن مفارقة الرواية أنّ اللّقاء يأتي في أرض ثالثة هي بريطانيا، لتتحقّق هذه البؤر الروائيّة الثلاث.

وتنبني الشخصيّات في تعدّدها وتفارقها وتجامعها على جروح وكلوم بعضها مكتوم وبعضها منطلق وظاهرٌ، هي جُروح الماضي تمثّلها الجدّة، وهي جروح الحاضر في حاضر حفيدتها الممزّقة بين الماضي والآنيّ، هي جروح سرور الباكستانية، وأختها في صلتها بعمران الذي تحدّدت به حياتها.

من كلّ الجهات يهطل السرد، مخابئ الحكاية وفيرة وزادها لا ينضب، في لغةٍ عالمةٍ عارفةٍ لا يأتيها الباطل من أيّ جنب من جنباتها. عينٌ في السرد ذكيّة تُنَقِّل هواها السرديّ من قديمٍ إلى حادثٍ، ومن ماضٍ إلى حاضرٍ، ومن ذاتيّ يُرافقُ الصبى والطفولة وما قبل الولادة، إلى رفقة الأجانب ومداخلة حياتهم واستحضار ماضيهم. حيوات ثريّة تُحسن الراوية إدارتها وجمعها، وحسبُك من الرواية قدرتها على جمع ما لا يجتمع، وحسن تنقّلها في الأزمان دون حواجز ولا عوائق.

عن موقع جريدة القدس العربي

عدد المقال في جريدة القدس العربي بالـ pdf


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.



جريدة الحياة


السبت، ١٣ أغسطس/ آب ٢٠١٦
جريدة الحياة
لنا عبد الرحمن


ذاكرة عُمان الشعبية ترويها جوخة الحارثي


قليلة هي الروايات التي تتناول المجتمع العماني، في سياق منظومة السرد العربي، والروايات التي تتناول منطقة الخليج وما حصل فيها من تحول مديني إثر ظهور النفط. أول من كتب الرواية العمانية هو الأديب عبدالله الطائي في «ملائكة الجبل» عام 1952، ومن أهم كتابها في تلك المرحلة: سعود المظفر، علي المعمري، وبدرية الشحي الرائدة في حقل الكتابة النسائية في روايتها «طواف حيث الجمر».

لكن انعكاس أثر زمن الرواية حضر في النتاج الروائي العماني المعاصر، فظهرت أسماء كُتاب وكاتبات شباب أنتجوا فناً روائياً دمجوا فيه بين الماضي والحاضر، ليعكس واقع المجتمع ويشكل ذاكرة له.

تنضم رواية «نارنجة»- دار الآداب- للكاتبة العمانية جوخة الحارثي إلى قائمة الروايات التي تستند أساساً إلى الماضي ليكون منبعاً للسرد الذي يحفر مساره في الحاضر ضمن تضفير متعمد بين بطلتين رئيسيتين ورمزيتين في آن واحد، هما الجدة والحفيدة. إن هذه التيمة التي تشتغل عليها الحارثي في «نارنجة»، يمكن اعتبارها من خصائصها الأسلوبية في السرد التي حضرت في روايتها الثانية «سيدات القمر» في شكل موسع وعبر أكثر من جيل؛ في حين يضيق مجرى السرد في «نارنجة» لينحصر بين الجدة «بنت عامر» والحفيدة زهور، في تكثيف ملحوظ عبر الفصول القصيرة وتغييب أسماء الأشخاص والأماكن. فالجدة هنا بطلة رئيسة تظل على مدار السرد من دون اسم خاص بها هي «بنت عامر» فقط. لا يعرف القارئ اسم الجدة، ولا اسم البلدة التي عاشت فيها، وهذا التغييب يبدو معماراً أساسياً في البناء السردي للرواية.

يمكن الربط بين ثلاثة محاور رئيسة في الرواية: المرأة، حركة التاريخ، والتحول الاجتماعي؛ بحيث تستمد الرواية عنوانها من الترميز في الربط بين شجرة النارنج التي زرعتها الجدة في الحوش، وانطفاء الشجرة بعد رحيل الجدة.

ثمة إحساس بالألم والحزن يسيطر على أجواء الرواية. هذا يتضح من استرجاع زهور للماضي وإدراكها أن أحلام جدتها لم تتحقق، وأنها لم تقدر على فعل شيء لها حتى أنها لم تتمكن من البقاء في جانبها حين أقعدها الزمن، وكانت تنادي عليها بأن لا ترحل. غادرت زهور إلى لندن كي تكمل دراستها وخلال غيابها رحلت الجدة. هذا الرحيل يفتح بوابة الماضي والأسئلة على أحلام امرأة بسيطة لم تكن ترغب من الحياة إلا باستعادة بصر عينها اليمنى، امتلاك أرض صغيرة، والزواج. فالجدة التي فقدت عينها اليمنى وأصبحت عوراء، لم ينفع لها السفر في طريق طويل، والبقاء ثلاثة أيام في مسقط لرؤية الطبيب طوماس ليقول لها إن البصر لن يعود إلى عينها بسبب العلاج الخاطئ الذي أخذته وهي طفلة.

لعل المثير في العلاقة بين زهور والجدة التي تشغل ذاكرتها بتفاصيلها الماضية، هو أن الجدة ليست جدتها الحقيقية، لأنها تقول منذ البداية إن جدتها لم تتزوج وماتت عذراء، كما لم تملك الأرض التي تمنت امتلاكها. الجدة هنا مجرد قريبة بعيدة، بنت يتيمة أخذها الجد سلمان لتقيم معه هو وعائلته.

لا تبدو شبكة العلاقات الإنسانية نمطية أو مكررة في «نارنجة»، كما نجد في علاقة الجدة مع الثريا زوجة سلمان، تنتقل بنت عامر للإقامة في بيت سلمان عقب طرد الأب لها ولأخيها، ثم موت الأخ، وبقاؤها وحيدة. لكن السكن مع الثريا وزوجها سلمان لم يشعل أي غيرة بين المرأتين، بل ينشأ بينهما التعاطف. ففي الوقت الذي تغوص قدما «بنت عامر» في تراب البيت لتزرع أشجاره، وتعجن الطحين وتفرك جسد الطفل منصور بالليفة، كانت الثريا الأم الحقيقية لمنصور ترتفع عن الأرض وتغوص في صلواتها وعالمها السماوي. هكذا تحكي زهور عن الجدة «بنت عامر» التي كانت ترعى شؤون الأسرة، وتعامل زهور وأخوتها بصرامة وعدل.

بالتوازي مع حكاية الجدة، هناك قصة زهور وأصدقائها في لندن. عالم مختلف فيه أشخاص مختلفون: كحل وعمران وسرور، عالم بعيد لكنه مثل أي مكان آخر على وجه الأرض فيه الصراع الطبقي الذي لا يعرف الرحمة. ترتبط زهور بصداقة مع الفتاة الباكستانية سرور وأختها كحل التي تقع في غرام عمران. تنتمي سرور وكحل إلى طبقة اجتماعية ثرية، فيما عمران الذي تتزوجه كحل سراً مجرد فلاح فقير باع والده قطعة أرض كي يكمل ابنه دراسة الطب في لندن، ولم يشفع له كيانه كطبيب مستقبلي أن ترضى عنه عائلة كحل.

الراوية زهور تبدو شخصية رمزية أكثر من كونها بطلة، كان من المفترض أن يبدو حاضرها موازياً لماضي الجدة، لكن حضور زهور يبدو رمزياً وسردياً أكثر منه واقعياً، بحيث لا تصاعد حدثياً في حياتها، ولا نمو في شخصيتها يشبك بين الماضي والحاضر. تحضر كشاهد شبحي يحكي حكاية الجدة، ويروي ما حدث بين سرور وكحل وعمران الذي يمضي إلى بلدته في إشارة شبه أكيدة لافتراقه عن كحل. لا يعرف القارئ شيئاً عن زهور أكثر من وجودها المضطرب بين حكايات تترك في داخلها جراحاً غائرة، لا تحاول تضميدها بقدر ما تعمل على نكء رؤوس الحكايا، والبوح بها لعلها تتخلص من ثقل وجعها.

على رغم السرد المكثف تنعطف صاحبة «سيدات القمر» نحو لقطات تاريخية مهمة، في فلاش باك سريع على أبرز المواقف التي أثّرت في واقع المجتمع العماني والخليجي ككل، كأن تقول: «تعطلت حركة النقل بالبواخر في الخليج، فشحت السلع، وصل سعر شوال الرز إلى مئة قرش وخلت قرى بأكملها من سكانها الذين هاجروا إما إلى قرى هادنها الغلاء، وإما إلى شرق أفريقيا».

يظهر أيضاً في المشاهد التاريخية التي تختارها الكاتبة ارتباط عُمان بالهند من خلال هجرة الأبطال عبر السفن للعمل في مومبي. إن المقاطع السردية التي تناولت الهجرات والتنقلات حملت انعكاساً لمخيال حكايات «ألف ليلة وليلة» من خلال البطل الذي يعبر البحار ويسافر إلى بلاد السند والهند، ويُقال إنه مات في ظرف مجهول، ثم يظهر من جديد كما حدث في حكاية سلمان التاجر الذي مات مرتين الأولى حين طرق بحارة حفاة الأرجل، ممزقو الثياب، باب بيته ليخبروا زوجته الثريا بموته حين تحطم مركبه عند شواطئ مومبي. لكن سلمان رجع ليموت مرة ثانية حين جاء قريبه المرافق ليقول إنه دفنه بيديه في قبور المسلمين هناك بعد أن فشل الأطباء في مداواته.

تمر الكاتبة أيضاً على غزو العراق للكويت وتحكي عن الجو الاجتماعي السائد في تلك المرحلة، وكيف اندفع الناس لشراء كميات هائلة من السلع التموينية، وتربط الحدث بتقدم سن الجدة وتعثرها بشوالات الرز بسبب ضعف عينها البصيرة، ثم كيف صارت تزحف من غرفتها لتجلس تحت ظل «النارنجة».

تجدر الإشارة أيضاً إلى مراعاة الكاتبة اختيار سياق لغوي واحد منسجم مع المرويات التي تحكي عنها، سواء في الماضي أو الحاضر، مع مراعاة التكثيف والجمل القصيرة في صوغ المشاهد والفصول.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)