يحيى حقي يروي الصراع بين لورانس “العرب” و"الحاج" فيلبي. جاسوسان بريطانيان يتنافسان بين القاهرة ومومباي لرسم خريطة المنطقة
قد يبدو الأمر لمُحبِّي أدب يحيى حقي غريباً بعض الشيء، لكنَّ هذا هو واقع الحال في الحقيقة. لقد كان حقي من أوَّل وأفضل الذين كتبوا، ذات يوم، عن حكاية صراع الجواسيس بين لورانس (العرب) والحاج عبد الله فيلبي، وتحديداً على “مستقبل منطقة الشرق الأوسط”، لكن حقي لم يكتب عن الموضوع بلُغة المُؤرِّخ، بل بلُغة الأديب الساخر الذي أتاح له وجوده في العشرينات كقنصل لمصر في جدة أن يرصد ما يحدث عن كثب. فكتب نصّاً طريفاً حول ما رصده من صراع إنجليزي - إنجليزي، بين “المكتب العربي” في القاهرة، و"الديوان الهندي" في مومباي، مؤكداً أن فحوى الصراع كان الوضع العربي بعد هزيمة الأتراك خلال الحرب العالمية الأولى. لقد جاء نص يحيى حقي ظريفاً سريعاً، لكنه كان بالتأكيد يفتح الطريق أمام فهم، أكثر وعياً، لما حدث حقّاً أوائل القرن العشرين، شارحاً كيف أن ما يمكن أن نراه من قضايا كُبرى لعبت في مصادر منطقتنا العربية، لم يكن في حقيقة أمره أكثر من لعبة جواسيس.