هل يمكن إصلاح علم العروض العربيّ ؟ نحو نقديّة لعلم العروض الخليليّ. مراجعة أسس علم العروض الخليليّ، وفجواته النّظريّة...

تُعدّ النّصوص الشّعريّة من أقدم النّصوص التي وصلتنا عن إرادة الخلق والابتكار عند الإنسان، وهي نصوصٌ تقوم على وزنٍ محدّدٍ يختلف قياسه وتحديده تبعًا لاختلاف الألسن التي وضعت فيها. فالشّعر الإنكليزي مثلاً يقوم على النّبر «accent/stress»، بينما يقوم الشّعر السّريانيّ على المقطع «syllable»، واللاّتينيّ على الكمّ «quantity»، أمّا الشّعر العربيّ فقد وضعه الفراهيديّ في إطار الكمّ، أي تآلف المقاطع الصّوتيّة الطّويلة والقصيرة. إذ افترض الخليل، بعد جمعه عددًا من المعطيات، أنّ الشّعر العربيّ يقوم على نسقٍ معيّنٍ، اعتبره نسقًا كمّيًّا، ثمّ وضع نظامًا محدّدًا لقياس الشّعر وضبط أوزانه التي حصرها في خمسة عشر بحرًا. وتبعًا للقصّة المتوارثة استحدث الأخفش بحرًا جديدًا أضافه إليها، فاكتملت بذلك أوزان الشّعر العربيّ وأصبحت ستّة عشر بحرًا. وقد نجح علم العروض في الإحاطة بمعظم النّتاج الشّعريّ العربيّ، إنّما يجهل الكثيرون أنّ علم العروض ليس سوى علمٍ واحدٍ للعروض، أي النّظريّة التي وضعها الفراهيديّ لعلم العروض العربيّ، وقد تمّ تقييسها حتّى أصبحت نظريّته هي نفسها علم العروض الموضوع لضبط النّتاج الشّعريّ العربيّ بكامله، والذي لم يتّفق كلّه على نحوٍ تامٍّ مع هذه النّظريّة، فسُمّيَ المخالف كسرًا، أي شعرًا غير موزونٍ ويقرب من النّثر. والحقّ أنّ الكسر ليس كسرًا إلاّ من ضمن النّظريّة الخليليّة لعلم العروض، وقد يكون صحيحًا وموزونًا إذا ما أقيم في نظريّةٍ أخرى تراعي طبيعته اللّغويّة التي نشأ فيها. لذا لا بدّ من مراجعة أسس علم العروض الخليليّ، وفجوات النّظريّة الخليليّة، وذلك في سبيل قيام نقديّةٍ قد تمهّد لإصلاح علم العروض ليشمل النّتاج الشّعريّ العربيّ كلّه منذ ما قبل الإسلام وصولاً إلى العصر الحاليّ...

رابط : جوزيف بوشرعة على منصة معنى

أخبار أخرى

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)