موائد الأكل والشراب في جميع آداب الأمم القديمة والحديثة
معلوم أن الكتب القديمة في جميع آداب الأمم تحفل بوصفات لمختلف أنواع الشراب وأطباق الأكل على موائد الملوك والأمراء والمحاربين،وأيضا على موائد الفقراء وبسطاء الناس. ففي محاورة أفلاطون التي حملت عنوان “المائدةّ”،أو “المأدبة” ، والتي تعود إلى سنة 380 قبل الميلاد، يجتمع فلاسفة اليونان حول مائدة حفلت بمختلف أنواع الأكل والشراب ليتحاورا حول الحب والموت والجمال ومواضيع أخرى تتصل بالفلسفة والحياة في تنوع تجلياتها. ولم يختلف الرومان عن اليونانيين في اهتمامهم في شعرهم كما في نثرهم بكل ما يتصل بالأكل والشراب. وهذا ما تعكسه ّسير بلوتارخ" ، والعديد من الكتب الأخرى مثل “الحمار الذهبي” لأبوليوس الإفريقي. وفي القرن السادس عشر، اختار الكاتب الفرنسي رايليه أن يكون بطل روايته غارغانتيا أكولا بحيث أنه كان قادرا على التهام 6 دجاجات ونصف خروف في وجبة واحدة،مضيفا إلى ذلك نصف برميل من الشراب … ومن خلال رائعة سارفانتس"، نحن نتعرف على مختلف أنواع الشراب وأطباق الأكل التي كانت شائعة في شبه الجزيرة الأيبيرية في القرن السادس عشر. وتحفل قصائد الشاعر الفرنسي رونسار(1524-1585) بمديح غنائي بديع لموائد الأكل والشراب، موحيا أنها تساعد الشاعر على التحليق بعيدا عن كل ما هو سخيف، وتافه، وحقير في عالم البشر.
ولم يغفل كبار الأدباء والشعراء العرب عن الإهتمام بالأكل والشراب. وهذا ما نقف عليه في كتب الجاحظ، وفي “الإمتاع المؤانسة” لأبي حيان التوحيدي، وفي أشعار ابن الرومي، وأبي نواس، وفي “الأغاني” لأبي فرج الإصفهاني، وفي “قطب السرور” للرقيق القيرواني الذي احتوى بحسب محققته الدكتورة سارة البربوشي بن يحي على" وصف دقيق لمجالس الخلفاء الأمويين والعباسيين،والأمراء والظرفاء “ليكون بحسب رأيها”مرآة عاكسة لما كانت عليه الحياة الإجتماعية في القرون الأربعة للإسلام ،وسجلّ ضخم للحضارة وصورها مثلما هو للأدب وفنونه ،وهو للمتعة وأفانينها مثلما للدقة وأساليبها"...
رابط : المقال على موقع ايلاف