“إسمي بولا”.. البحث عن نادية لطفي في مذكراتها ! اختارت بولا، اسم نادية لطفي، بطلة رواية إحسان عبدالقدوس الشهيرة “لا أنام”

رحلة طويلة تستحق أن تُحكى، تبدأ فصولها من المستشفى الإيطالي بالقاهرة الذى شهد ولادة متعسرة لـ"بولا محمد مصطفى شفيق"، المولودة لأب تمتد جذوره إلى محافظة سوهاج بصعيد مصر، وأمّ ذات أصول تركية. سماها الأب بهذا الاسم امتناناً لراهبة ظلت ساهرة بجوار زوجته ورافقتها في ولادتها العسيرة.

الأب كان تقدمياً، لم ينظر إلى المرأة نظره دونية، تحيطه الأم بحنان بالغ، لكن الابنة اختارت أن ترث العناد الصعيدي “كنت عنيدة حتى مع نفسي، ورافضة ومتمردة على جنسي لا أعترف بفرق بين ولد وبنت وفي السنوات الأولى من عمري، كنت إلى عقليه الصبيان أقرب، أرتدي البنطلونات لا الفساتين، وأركب الدراجات وأسابق الصبيان بل أشاركهم في لعب كرة القدم، وأدخل في معاركهم الطفولية، أضرب وأتلقى الضربات ويسيل الدم مني أحياناً”. حتى المدرسة الألمانية، المعروفة بصرامتها العسكرية فشلت في ترويضها، ولم تستمر فيها طويلاً، فُصلت بعدما ضربت زميلتها، وحضرت إلى المدرسة بفستان أحمر!

من هنا ربما بدأ الحصار الذى “خنق” نادية لطفي. تقول إن فصلها من المدرسة الألمانية في العام 1953 كان صدمة قاسية وغير متوقعة، أربكت حياتها بشدة، “لكن صدمتي الأكبر كانت من توابعها، إذ أصبحت تحت حصار عائلي، كل حركة بحساب، وكل خروج بإذن”. انقطعت صلتها بعالمها القديم، ولم يتبقّ لها من أصدقاء المدرسة سوى عنايات الزيات. في حضور عنايات الزيات، يظهر الوجه الإنساني لنادية لطفى، ويتألق. لم تكن مجرد صداقة، لكنه ارتباط أقوى “فوله واتقسمت نُصّين” كما تقول هي. بل ربما وجدت نادية في عنايات، وجهها الذي تمنّته وحلمها المجهض الذى تمنت تحقيقه. تقول نادية في مذكراتها إنها فشلت في التمثيل في مسرح المدرسة، وقتها سيطرت عليها فكرة أنها موهوبة في الكتابة الأدبية والتأليف، وشاركت بالفعل في بعض مسابقات الهواة، بل إن زملاءها أوقعوها في فخ وأوهموها أنها فازت بالفعل واشترت بهذه المناسبة الفستان الأحمر الذى كان سبباً في فصلها من المدرسة! ربما لذلك لم تتوقف نادية عن دعم عنايات عندما تأكدت من موهبتها، وتوسّطت لها عند معارفها، أنيس منصور ومصطفى محمود ويوسف السباعي، ثم كانت صدمتها الكبرى عندما أنهت عنايات حياتها بعد فشلها في نشر روايتها الوحيدة.

ازداد شعور نادية لطفى بالاختناق بعد التحالف بين عائلتي أبيها وأمها على تنظيم حياتها وتأهيلها للزواج، وهو ما تم بالفعل في وقت مبكر جداً من حياتها. تزوجت الضابط عادل البشاري وحضر زفافها العام 1954، اللواء محمد نجيب، أول رئيس للجمهورية بعد ثورة يوليو 1952 قبل إقالته وتحديد إقامته. وهو الزواج الأول والوحيد الذي يرد ذكره في المذكرات رغم أنها تزوجت ثلاث مرات !...

رابط : مقال أسامة فاروق على موقع المدن

أخبار أخرى

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)