داء التخزين الرقمي

, بقلم محمد بكري


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977


جريدة العرب
الإثنين 2019/01/14 - السنة 41 العدد 11228
الصفحة : تحقيقات
لندن


داء التخزين الرقمي غابة إلكترونية لا مخرج منها


مرض التخزين لا يرتبط بالضرورة بكمّ المعلومات المخزنة، بل بقدرة الشخص المؤكدة على السيطرة على المادة المحتفظ بها من عدمها.


التخزين السحابي يتحول مع الوقت إلى مرض


تزدحم حياة الأفراد بأشياء كثيرة لدرجة وصل معها الإنسان إلى عدم استرجاع جل ذكرياته، لذا فقد أصبح التخزين في الملفات الرقمية حلا من الحلول التي تخفف الضغوط على الذاكرة، لكنّ الباحثين يقولون إنه يمكن لكميات ضخمة من الملفات الرقمية في حياة البشر أن تمثل لهم مشكلة حقيقية.

وظهرت بحوث جديدة بدأت تكشف النقاب عما يعرف بـ”داء التخزين الرقمي”، المتمثل في عدم التخلص من أي ملفات، سواء على المستوى المهني أو الشخصي، تتراكم على الأجهزة، وهو ما ينتج قلقا وضيقا كالذي يتسبب فيهما مرض تخزين الأشياء الفعلية، ناهيك عما ينطوي عليه الأمر من مخاطر تتعلق بأمن المعلومات للأفراد والشركات وصعوبة العثور على الملفات في ظل تزايد كمّ التخزين الرقمي.

وورد ذكر مصطلح “داء التخزين الرقمي” لأول مرة عام 2015 في ورقة بحثية عن رجل هولندي دأب على التقاط الآلاف من الصور الرقمية يوميا وقضاء الساعات في تجهيزها على الكمبيوتر. ويقول القائمون على الدراسة إنه “لم يستفد بتلك الصور البتة ولم يطلع عليها، لكنه كان مقتنعا بأنه لا بد من أن يكون لها نفع في المستقبل”.

وعرّف الباحثون داء التخزين الرقمي بأنه “تراكم الملفات الرقمية لحد التشتت، مما يقود في النهاية إلى شعور بالضغط والفوضى”، ورجحوا أن يندرج في إطار داء تخزين الأشياء المعروف، وهو داء لم يميزه الأطباء عن الوسواس القهري عموما إلا في عام 2013.

ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، فقد أفاد نك نيف، رئيس هيئة بحثية عن داء التخزين بجامعة نورثمبريا البريطانية، بأنه رصد انطباق ملامح بعينها للتخزين الفعلي على التخزين الرقمي أيضا.


تراكم الملفات الرقمية لحد التشتت، مما يقود في النهاية إلى شعور بالضغط


تراكم الملفات الرقمية لحد التشتت، مما يقود في النهاية إلى شعور بالضغط تراكم الملفات الرقمية لحد التشتت، مما يقود في النهاية إلى شعور بالضغط

وأضاف أنه “بسؤال المصابين بداء التخزين عما يمنعهم من التخلص من تلك الأغراض، تجدهم يقولون إنهم قد يجدون فيها نفعا ما بالمستقبل؛ تماما كما يقول من يعانون من الشيء ذاته بخصوص بريدهم الإلكتروني في العمل”.

وسأل نيف وزملاؤه في دراسة نشرت مؤخرا 45 شخصا عن كيفية تعاملهم مع رسائلهم الإلكترونية والصور والملفات الرقمية الأخرى. وتراوحت الأسباب التي ساقوها بين مجرد التكاسل في حذف القديم، والاعتقاد بإمكانية الاستفادة منه بالمستقبل، وخشية محو شيء والتضرر من عدم وجوده لاحقا، بل وحتى استخدام بعض الرسائل والملفات كـ”سلاح” بوجه الآخرين.

واستعان فريق البحث بتلك الردود للخروج بمجموعة من الأسئلة التقييمية للسلوك المرضي للتخزين الرقمي في محيط العمل، واختبروا الأسئلة على 203 من الأشخاص تتطلب أعمالهم استخدام الكمبيوتر.

وأظهرت نتائج دراستهم أن الرسائل الإلكترونية مثلت مشكلة خاصة، إذ احتفظ المشاركون في المتوسط بـ102 رسالة غير مقروءة و331 رسالة مقروءة ببريدهم الإلكتروني.

وكان السبب الأعم لعدم حذف رسائل العمل هو الاعتقاد بإمكانية الرجوع إليها لاحقا واحتوائها على معلومات تتعلق بالوظيفة، ولأنها قد تمثل دليلا على أداء العمل، وجميعها أسباب وجيهة ولكنها تضيف لتلال الرسائل التي قلما يراجعها المرء.

وأوضح نيف أن “الناس يدركون تماما أنها مشكلة لكنهم يتأثرون بأسلوب إدارة مؤسساتهم لأعمالها. وينتهي الأمر بكم هائل من الرسائل لا يجرؤون على التخلص منها، وبالتالي يزداد تراكمها”.

وقالت جو آن أورافيتش، أستاذة تكنولوجيا المعلومات وعلوم الأعمال بجامعة ويسكنسن-وايتووتر، إن مرض التخزين لا يرتبط بالضرورة بكمّ المعلومات التي نخزنها، بل بقدرة الشخص المؤكدة على السيطرة على المادة المحتفظ بها من عدمها.

وحذرت من أن التراكم المستمر للمعلومات سيزيد من احتمال أن تخرج الأمور عن السيطرة، متابعة “يصف طلابي الأمر بالغثيان وانعدام التوازن برؤية الكم الهائل من الصور المحتفظ بها”.

عن موقع جريدة العرب اللندنية

المقال بالـ PDF

عن جريدة العرب اللندنية

العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977

صحيفة العرب© جميع الحقوق محفوظة

يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر


الصورة موقع اللغة والثقافة العربية

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)