وان مان شو

جمال دبّوز... «البلدي» تألّق في باريس One man show

, بقلم محمد بكري


 جمال دبّوز... «البلدي» تألّق في باريس


جريدة الأخبار اللبنانية


العدد ١٩٩١ السبت ٢٧ نيسان /ابريل ٢٠١٣
جريدة الأخبار
ادب وفنون


غداً، يحلّ الكوميديان والممثل المغربي الفرنسي على بيروت مقدماً «كل شيء عن جمال». سيرة ذاتية تعكس كل المواضيع التي يعانيها أبناء المهاجرين: التمييز، رهاب الأجانب، تمزّق الهوية... تيمات اعتاد تقديمها وبرع فيها في الـ Stand up comedy

ريتا باسيل - باريس

غداً الأحد، يختتم جمال دبوز جولته العالمية لعرضTout sur Jamel (كل شيء عن جمال) التي بدأها في 9 آذار (مارس) في برشلونة. جال الممثل والكوميديان المغربي الفرنسي مختلف عواصم العالم، وصولاً إلى الجزائر العاصمة ووهران قبل أن يحطّ في العاصمة اللبنانية.

دبوز المنحدر من مدينة تازة المغربية، ولد عام 1975 في الدائرة العاشرة في باريس وسط عائلة مهاجرة، متواضعة وكبيرة. استقرت عائلته في الدار البيضاء عام 1976 ثم عادت بعد عامين لتقيم في الدائرة 18 في باريس. عام 1983، انتقلت العائلة مجدداً إلى بلدة «تراب» في إقليم «ايفلين»، حيث سيكتشفه مدير مسرح «ديكليك تياتر» آلان دوغوا، المُلقَّب بـ«بابي». وفي عام 1995، أخرج بابي العرض المسرحي الأول لدبوز C’est tout neuf (هذا جديد تماماً) الذي حقق نجاحاً باهراً. من هنا، انطلقت مسيرة جمال. عُرِض عليه برنامج إذاعي يعنى بالثقافة والسينما يُبث يومياً عبر أثير إذاعة «راديو نوفا». أما بداياته التلفزيونية فكانت عام 1996 حين شارك ببرنامجه الأول Nova Première (نوفا بريميار) على قناة Paris Première، وشارك في بطولة أفلام قصيرة، أبرزها Y’a du foutage dans l’air لجمال بن صلاح الذي نال تنويهاً خاصاً من لجنة التحكيم في «مهرجان كليرمون فيران» لتكرّ سبحة مشاركته السينمائية كشريط «بلديون» لرشيد بوشارب، وNé quelque part لمحمد حميدي. لاقى برنامجه الذي عُرض على Paris Première استحسان قناة «كانال بلوس» التي تعاقدت معه لإنجاز برنامج أسبوعي بعنوانNulle Part Ailleurs. أما في ما يتعلق بـ «كانال بلوس»، فقد واصلت لسنوات عرض سلسلة H التي أسهم في تصويرها شريكاه إيريك ورمزي. جسد جمال في السلسلة شخصية جمال ديدري، المسؤول عن قسم جراحة العظام في أحد المستشفيات في ضواحي باريس.

منذ تلك اللحظة، أصبح جمال ممثلاً ناجحاً وكانت مسيرته المسرحية تتقدم بموازاة نجاحه التلفزيوني والسينمائي. قدّم عروض الـ one man show كـ«جمال على الخشبة» (1999) و«100% دبوز) و«كل شيء عن جمال» (2011) الذي رسم سيرته الذاتية. تنسجم مشاركته في فيلم Né quelque part (مولود في مكان ما) مع المواضيع الكلاسيكية التي يتناولها ويبرع فيها.غداً الأحد، يختتم جمال دبوز جولته العالمية لعرضTout sur Jamel (كل شيء عن جمال) التي بدأها في 9 آذار (مارس) في برشلونة. جال الممثل والكوميديان المغربي الفرنسي مختلف عواصم العالم، وصولاً إلى الجزائر العاصمة ووهران قبل أن يحطّ في العاصمة اللبنانية.

دبوز المنحدر من مدينة تازة المغربية، ولد عام 1975 في الدائرة العاشرة في باريس وسط عائلة مهاجرة، متواضعة وكبيرة. استقرت عائلته في الدار البيضاء عام 1976 ثم عادت بعد عامين لتقيم في الدائرة 18 في باريس. عام 1983، انتقلت العائلة مجدداً إلى بلدة «تراب» في إقليم «ايفلين»، حيث سيكتشفه مدير مسرح «ديكليك تياتر» آلان دوغوا، المُلقَّب بـ«بابي». وفي عام 1995، أخرج بابي العرض المسرحي الأول لدبوز C’est tout neuf (هذا جديد تماماً) الذي حقق نجاحاً باهراً. من هنا، انطلقت مسيرة جمال. عُرِض عليه برنامج إذاعي يعنى بالثقافة والسينما يُبث يومياً عبر أثير إذاعة «راديو نوفا». أما بداياته التلفزيونية فكانت عام 1996 حين شارك ببرنامجه الأول Nova Première (نوفا بريميار) على قناة Paris Première، وشارك في بطولة أفلام قصيرة، أبرزها Y’a du foutage dans l’air لجمال بن صلاح الذي نال تنويهاً خاصاً من لجنة التحكيم في «مهرجان كليرمون فيران» لتكرّ سبحة مشاركته السينمائية كشريط «بلديون» لرشيد بوشارب، وNé quelque part لمحمد حميدي. لاقى برنامجه الذي عُرض على Paris Première استحسان قناة «كانال بلوس» التي تعاقدت معه لإنجاز برنامج أسبوعي بعنوانNulle Part Ailleurs. أما في ما يتعلق بـ «كانال بلوس»، فقد واصلت لسنوات عرض سلسلة H التي أسهم في تصويرها شريكاه إيريك ورمزي. جسد جمال في السلسلة شخصية جمال ديدري، المسؤول عن قسم جراحة العظام في أحد المستشفيات في ضواحي باريس.

منذ تلك اللحظة، أصبح جمال ممثلاً ناجحاً وكانت مسيرته المسرحية تتقدم بموازاة نجاحه التلفزيوني والسينمائي. قدّم عروض الـ one man show كـ«جمال على الخشبة» (1999) و«100% دبوز) و«كل شيء عن جمال» (2011) الذي رسم سيرته الذاتية. تنسجم مشاركته في فيلم Né quelque part (مولود في مكان ما) مع المواضيع الكلاسيكية التي يتناولها ويبرع فيها. بين فرنسا والمغرب، ابتكر شخصياته التي أضفى عليها الكثير من روح الدعابة. يتميز أسلوبه بالسخرية من الذات التي تعكس بضحكها التنفيسي تمزّق الشخصيات التي يترافق تاريخها الفردي مع التاريخ العام. فريد شاب فرنسي لا يتقن كلمة عربية، يريد أن يذهب إلى وطنه الأم الجزائر التي لم تطأها قدماه يوماً لإنقاذ منزل والده. لكنّ قريب فريد (جمال) الذي يحلم دوماً بالسفر إلى فرنسا يسرق منه جواز سفره.

تُبنى أعمال جمال على علاقته بفرنسا، الأرض التي استقبلته وكانت سابقاً المستعمِر. ابن الضواحي الفرنسية، سيعرف ككل أولاد المهاجرين الذين وصلوا بعد حرب الجزائر وقطنوا ضواحي البؤس معنى تمزق الهوية. واجه جمال دبوز صغيراً رهاب الأجانب في المدن الكبرى. وبما أنّه مولود في فرنسا، فإنّه يتعرّض للإهانة في المغرب لأنه «محظي».

يكمن جوهر فنه في جرأته على التطرق إلى سيرته الذاتية والتحدث عن تاريخه من دون أن يحُد فنه بالسيرة. على الخشبة، لا نستطيع التمييز بين الحقيقي والمتخيّل في سيرته، هذا الرجل المنحدر من أصول مهاجرة الذي تزوج فرنسية وسمّى ابنه ليون، يجسّد كما كرر دوماً على الخشبة «صراع الحضارات».
ملتزمٌ هو لأنه يمثل وعياً سياسياً يسارياً ينحاز إلى شبان الضواحي الفقراء والمهمّشين. ملتزمٌ لأنّه سخيّ مع المواهب الجديدة من خلال إنشائه «نادي جمال للكوميديا»، ولأنّه يضاعف أنشطته لتوعية أهل الضواحي حول أهمية التصويت، ولأنّه أطلق نداء لجمع تبرّعات لنجدة غزة.

صادقٌ وحقيقي لأنّه يذلّل الحواجز مع الجمهور. يخاطبه على الخشبة، يدردش معه كما يفعل في عرضه المؤثر «كل شيء عن جمال». Stand-Up Comedy مليء بالسخرية والحنان: طفولته في «تراب». اكتشافه المسرح والأدوار التي أداها صغيراً في غرفته، وصفعة والده المحافظ وتعليقه «المسرح للواط»! والتمييز بين «الفرنسيين الأصليين» و«الفرنسيين من أصل مهاجر» بدءاً من مقاعد الدراسة، والفصل بين الشقر الذين «يكدسون المعارف»، والمهاجرين الذين حُكم عليهم بأن يكونوا «الطشّ... والحمد لله». بين فرنسا والمغرب، ابتكر شخصياته التي أضفى عليها الكثير من روح الدعابة. يتميز أسلوبه بالسخرية من الذات التي تعكس بضحكها التنفيسي تمزّق الشخصيات التي يترافق تاريخها الفردي مع التاريخ العام. فريد شاب فرنسي لا يتقن كلمة عربية، يريد أن يذهب إلى وطنه الأم الجزائر التي لم تطأها قدماه يوماً لإنقاذ منزل والده. لكنّ قريب فريد (جمال) الذي يحلم دوماً بالسفر إلى فرنسا يسرق منه جواز سفره.

تُبنى أعمال جمال على علاقته بفرنسا، الأرض التي استقبلته وكانت سابقاً المستعمِر. ابن الضواحي الفرنسية، سيعرف ككل أولاد المهاجرين الذين وصلوا بعد حرب الجزائر وقطنوا ضواحي البؤس معنى تمزق الهوية. واجه جمال دبوز صغيراً رهاب الأجانب في المدن الكبرى. وبما أنّه مولود في فرنسا، فإنّه يتعرّض للإهانة في المغرب لأنه «محظي».

يكمن جوهر فنه في جرأته على التطرق إلى سيرته الذاتية والتحدث عن تاريخه من دون أن يحُد فنه بالسيرة. على الخشبة، لا نستطيع التمييز بين الحقيقي والمتخيّل في سيرته، هذا الرجل المنحدر من أصول مهاجرة الذي تزوج فرنسية وسمّى ابنه ليون، يجسّد كما كرر دوماً على الخشبة «صراع الحضارات».

ملتزمٌ هو لأنه يمثل وعياً سياسياً يسارياً ينحاز إلى شبان الضواحي الفقراء والمهمّشين. ملتزمٌ لأنّه سخيّ مع المواهب الجديدة من خلال إنشائه «نادي جمال للكوميديا»، ولأنّه يضاعف أنشطته لتوعية أهل الضواحي حول أهمية التصويت، ولأنّه أطلق نداء لجمع تبرّعات لنجدة غزة.

صادقٌ وحقيقي لأنّه يذلّل الحواجز مع الجمهور. يخاطبه على الخشبة، يدردش معه كما يفعل في عرضه المؤثر «كل شيء عن جمال». Stand-Up Comedy مليء بالسخرية والحنان: طفولته في «تراب». اكتشافه المسرح والأدوار التي أداها صغيراً في غرفته، وصفعة والده المحافظ وتعليقه «المسرح للواط»! والتمييز بين «الفرنسيين الأصليين» و«الفرنسيين من أصل مهاجر» بدءاً من مقاعد الدراسة، والفصل بين الشقر الذين «يكدسون المعارف»، والمهاجرين الذين حُكم عليهم بأن يكونوا «الطشّ... والحمد لله».

عن موقع جريدة الأخبار


مقالات «الأخبار» متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، ٢٠١٠
(يتوجب نسب المقال الى «الأخبار» ‪-‬ يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية ‪-‬ يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص)
لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا



 إنّه الـ «وان مان شو»


جريدة الأخبار اللبنانية


العدد ١٩٩١ السبت ٢٧ نيسان /ابريل ٢٠١٣
جريدة الأخبار
فائزة مصطفى
ادب وفنون


صحيح أن جمال دبوز ليس الأول ممن لمع نجمهم في فن «الوان مان شو» خلال الفترة الأخيرة، فقد سبقه الفنان محمد فلاق، ثم الفكاهي اسماعيل. لكن اجتهاد دبوز في استحضار التجارب الفنية لنجوم «الوان مان شو» في فرنسا ككولوش، وتيري لولورون، بطريقته الفريدة، وخوضه غمار الإنتاج السينمائي بعد تألقه كممثل في العديد من الأفلام، واهتمامه بالسياسة جعلته أكثر حضوراً في المشهد الفني الفرنسي.

في فرنسا التي عرفت خلال سيطرة التيار اليميني على الحكم، تصاعدت موجة العداء تجاه المهاجرين، وبلغت ذروتها خلال حكم نيكولا ساركوزي (2007-2012), حاول الكثير من الفنانين المحسوبين على اليسار، لفت الانتباه إلى معاناة المهاجرين وتصحيح صورتهم لدى الرأي العام بعدما ظلت حبيسة الأحكام المسبقة كربطها بظاهرة الفشل الاجتماعي، العنف، والإرهاب. حينها كان جمال دبوز وأقرانه من أسر مغاربية مهاجرة يعرون واقع هؤلاء الفرنسيين الذي صنفوا في الدرجة الثانية، أبرزهم سكان الضواحي. كان جمال نموذجا لإمكانية اندماج أبناء المغتربين في المجتمع الأوروبي وقدرتهم على النجاح وتحقيق التميز داخله، بعدما تفاقمت خلال العقدين الأخيرين إشكالية الصراع والتصادم بين الجيل الثالث من أبناء المهاجرين والفرنسيين من أصول أوروبية داخل المجتمع الفرنسي نفسه، غذاه تفشي ظاهرة التمييز العنصري وتمزّق الهوية وجراح الذاكرة بالنسبة للمغاربة المولودين في فرنسا بسبب إفرازات التاريخ الاستعماري. كل ذلك حال دون إمكانية اندماجهم بشكل كاف داخل المجتمع الأوروبي. لذا كان من البديهي أن تكون هذه الإشكالية هي الموضوع الرئيسي لأعمال فنانين فرنسيين من ذوي أصول مهاجرة، اعتمدوا على إسقاط واقع أبناء الجالية بطريقة كاركاتورية ساخرة لتبليغ رسائلهم لباقي المجتمع الفرنسي خاصة للسياسيين. يقول الخبير في السياسة الثقافية عمار كساب (فرنسا) لـ «الأخبار»: «يحقق جمال كل يوم المزيد من النجاحات في فرنسا رغم العراقيل التي قد تطاله كونه قادماً من أبناء الضواحي، لكنه يعبر عنهم عبر الحضور في وسائل الإعلام الفرنسية وإعطاء صورة أحسن من تلك التي تريد ترسيخها بعض القنوات في عقول الفرنسيين خصوصاً لأولئك المتواجدين في الريف، فالفرنسيون المقيمون خارج المدن الكبرى الذين لا يعرفون المهاجرين هم المستهدفون من قبل الأحزاب اليمينية لكسب أصواتهم خلال الانتخابات الرئاسية، من خلال التأثير عليهم لمعاداة المهاجرين، فمحاربة هؤلاء والمطالبة بترحيلهم هو ما يتصدر برنامجهم السياسي».

يقول الإعلامي الجزائري الفرنسي محمد الزاوي لـ «الأخبار»: إن «سر نجاح جمال دبوز هو حسه النقدي الذي يمتاز بالدعابة والسخرية، يحاول في أعماله الكوميدية تلطيف يوميات المهاجر التي تتميز بالبؤس، الحرمان، الإغتراب ومشاكل الهوية، فدبوز يعتمد في مسرحياته على لغة بسيطة وغنية بمفردات يستخدمها شباب الضواحي، هو ذكي في استحضار عوالمهم، يقدم مشاكلهم وأحلامهم المستعصية بطريقة طريفة، كل ذلك جعل له مدرسة فنية خاصة به». أصبح جمال دبوز من أكثر الممثلين شهرة في بلاد «الإخوة لوميير». ولا يختلف اثنان أن احتكاكه مع نجم السينما الفرنسية جيرار دوبارديو الذي شارك إلى جانبه في فيلم Astérix et Obélix : Mission Cléopâtre فتح له أبواب الفن السابع الفرنسي على مصراعيها.

وتكاد كل التجارب السينمائية التي خاضها جمال أن تكون ناجحة، فقد حققت معظم أفلامه رواجاً جماهيرياً. على الرغم من ذلك بقي جمال وفياً للـ «وان مان شو».

عن موقع جريدة الأخبار


مقالات «الأخبار» متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، ٢٠١٠
(يتوجب نسب المقال الى «الأخبار» ‪-‬ يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية ‪-‬ يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص)
لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)