بيروت معلّقة في صندوق ... بين زمنين

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


الجمعة، ٥ يونيو/ حزيران ٢٠١٥
جريدة الحياة
بيروت - «الحياة»


بيروت بين زمنين، بين العشرينات واليوم، في مشهد واحد، في صورة واحدة، في لحظة واحدة. هكذا تأخذنا صور «صندوق الزمن» (Time Box) المنتشرة في وسط العاصمة اللبنانية، للسفر عبر الزمن في شوارع بيروت واختبار كيفيّة تبدل شوارع العاصمة والتغييرات التي طرأت عليها منذ حوالى القرن من الزمن.

ترتكز الفكرة التي ابتكرها الفنّانان رزان ولطفي الصلاح بالتعاون مع مؤسسة «هينرش بُل»، على تثبيت عشرة صناديق صغيرة على أعمدة في العديد من شوارع وسط العاصمة. داخل كلّ منها يقع المتفرّج على صورة مطابقة للشارع، التُقِطَت في أوائل القرن العشرين. ويحوي كُلّ صندوق عدسات «ستيريوسكوب» بهدف تشكيل مشهد يُعرف بالـ «ستيريوغراف» أي لقطتان لمشهد واحد من منظارَي العين اليُمنى والعين اليُسرى، حيثُ تنشأُ عبرَ دمج اللقطتين صورة واحدة ثلاثية الأبعاد تسمح للمشاهد برؤية الشارع كما كان قديماً وكيف أصبح بعد مئة عام. صُمّمت هذه الصناديق من مادتي الـ «أكريليك» والـ «بليكسي غلاس» الشفافتين بهدف تكثيف الضوء داخل الصندوق، ما يجعل نوعية الصورة أفضل للمشاهد وتسمح له برؤية محتويات الصندوق من داخله أيضاً، ومطابقة الصورة القديمة مع مشهد الشارع مباشرة.

تقول رزان الصلاح لـ «الحياة» أن «المشروع انطلق من فكرة أنّ الصورة ثلاثية الأبعاد تسمح للمشاهد باختبار المكان لا النظر إليه بطريقة جامدة كما هي الحال في الصور الثنائية البعد. ليس هذا فحسب بل تعطي صورة عن كيف كان المواطن يمتلك الشوارع جسدياً من خلال وجوده في خضمها، بينما باتت اليوم فارغة أو مليئة بالسيارات».

وتضيف رزان: «يعيد «صندوق الزمن» النظر بعلاقة المواطنين بالشارع ليس فقط على مستوى البعد الزمني بل المكاني أيضاً، ويأتي تصميم الصناديق ووضعيتها وتثبيتها في نقاط محدّدة من الشارع لتتطابق نقطة ارتكاز نظر المشاهد مع منظور المكان في الشارع، ما يسمح للمشاهد في اختبار بيروت العشرينات زماناً ومكاناً، وهذا كان هدفاً جوهرياً بالنسبة إلينا».

وتشير رزان إلى أن المُشاهد يخضع عبر هذه الصور لاختبار التغيّر المكاني، فيلمس غياب أمور كثيرة لم تعد متاحة في الوقت الحاضر على غرار «ترامواي بيروت» الذي خسره المواطنون كوسيلة نقل عمومية، أو كيف تبدلت عملية استخدام الشوارع بين الأمس واليوم حيث تعكس صور الماضي ازدحام المواطنين في الشوارع وفراغها من المواطنين حالياً، ما يحيل إلى أن «خسارة المواطن ملكية عامة كان يتصرف بها ولم تعد متاحة»، كما تفيد الفنانة اللبنانية.

صندوق الزمن عبارة عن رحلة في شوارع بيروت وقد اختار مصمّماه المواقع العشرة المنتشرة في مناطق متباعدة لحث المواطن على إعادة امتلاك الشارع، وذلك من خلال التنقل مشياً على الأقدام بين الصناديق. كما يهدف إلى حث المشاهد على التفكير وتكوين فكرته ونقده الخاصين وإجراء مقارنته الخاصة بين الماضي والحاضر، وربما فتح رؤية للمستقبل لتوقّع احتمالات التغير التي قد تطرأ لاحقاً.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)