جريدة العرب
نُشر في 11-12-2015، العدد: 10124، ص(24)
الصفحة : ثقافة
بيروت - العرب
بيروت تعود إلى الزمن الجميل عبر 250 ملصقا سينمائيا
تستضيف صالة نادي اليخوت القائم في الزيتونة باي وسط العاصمة اللبنانية بيروت، معرضا فنيا مميزا إلى غاية الثلاثاء القادم تحت عنوان “هذا المساء”، يستذكر من خلاله الزوار الزمن الجميل عن طريق 250 ملصقا سينمائيا يعود تاريخها إلى قترة الستينات والسبعينات.
واختارت مؤسسة سينما لبنان – القائمة على المعرض – العدد الذي يتوافق مع حجم صالة العرض البحرية تزامنا مع صدور كتاب صاحب المجموعة الناشر اللبناني والهاوي الشغوف عبودي أبو جودة تحت عنوان “هذا المساء – السينما في لبنان 1929-1979”.
و”الأفيشات” المعروضة تعكس أفلاما لبنانية من حيث إنتاجها أو أنها صورت في لبنان مع الإشارة إلى أن أبطالها والنجوم المشاركين فيها جاؤوا من مختلف أنحاء الدول العربية.
ولإرضاء عشاق السينما الأجنبية يحتوي المعرض زاوية صغيرة في الصالة تضم بعض الأفلام الأجنبية العالمية التي لاقت فرصة نجاح في الماضي نذكر منها “هروب حر” مع النجم الفرنسي جان- بول بلموندو و”جواز سفر للنسيان” وهو من بطولة الممثل الإنكليزي ديفيد نيفين.
والملصقات المعروضة أصلية ولفتت اهتمام أبو جودة -وهو صاحب دار الفرات للنشر والتوزيع- باكرا في حياته بعدما اعتاد المرور على صالات السينما اللبنانية ليجمع ملصقاتها بعد انتهاء الفترة المحددة لعرض فيلم أو آخر.
ويقول أبو جودة إنه لم يعرف مسبقا أن هذه الهواية ستتحول إلى نمط حياة وأن عدد الملصقات السينمائية المحلية والأجنبية التي يحتفظ بها في غرفة خاصة ومبردة في دار النشر التي يملكها في منطقة رأس بيروت، سيصل إلى 20 ألف ملصق سينمائي أو أن الصحف ستتحدث عنها كما أن الطلاب سيحتاجون لمعلومات تحتوي عليها لإنجاز مشاريعهم الأكاديمية.
ويضيف “انطلقت من حبي للسينما ولهذا العالم الشاسع الذي يحضن الفن السابع. وعندما طلبت مني مؤسسة سينما لبنان أن أشارك في هذا المعرض الاستعادي فرحت كثيرا. هذه الهواية شخصية ولكنني أجد سعادة حقيقية في مشاطرتها مع الآخرين. لاسيما الذين يعشقون السينما مثلي”.
كما تتنقل شابة بين الزوار مرتدية أزياء توحي بالحقبة القديمة وتوزع المشهيات على أنواعها وقد عرضتها في علبة خشبية علقتها حول كتفها.
وتعلق ضاحكة “يقال إنه في الماضي كانت هذه الطريقة المعتمدة في بيع الحلويات في دور السينما. عمري 20 عاما. والدتي ضحكت مطولا عندما قلت لها إنني سأشارك في هذا المعرض كبائعة متجولة. قالت لي: لقد أعدتني إلى أيام العز والذكريات الجميلة”.
وهتفت ماريلين الخوري (50 عاما) من أمام ملصق كبير علق على أحد الجدران وكتب عليه “مرحبا…أيها الحب”: “لقد شاهدت هذا الفيلم مرارا وتكرارا. وهو من بطولة نجاح سلام وسامية جمال وعبدالسلام النابلسي. عرفت الأسماء قبل أن أنظر إلى الملصق. ثمة لحظات لا تتكرر”. وفي هذه الزاوية الفنانة اللبنانية الراحلة صباح حيث يبرز جمالها وصباها في فيلمي “عقد اللولو” و”وادي الموت”.
ويقول عاشق السينما منير عكر (70 عاما) “أنظر إلى حدة الألوان ونقاء الصور في الملصقات. كانت الأفيشات تطبع في مصر في الماضي حتى بعد انتقال الإنتاج إلى بيروت. وذلك بواسطة آلات قديمة تعود إلى ثلاثينات القرن الماضي. وكان كل لون يطبع على حدة. السينما حياتي. وعبودي (أبو جودة) لا يملك فقط ملصقات الأفلام العربية بل أيضا الأجنبية. أتفاعل كثيرا مع قصة هذا الهاوي الشغوف”.
العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977
صحيفة العرب© جميع الحقوق محفوظة
يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر
زاوية أفيشات أفلام الزمن السينمائي الجميل غنية جداَ على موقعنا
السبت، ١٢ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٥
جريدة الحياة
بيروت - محمد غندور
بيروت الستينات والسبعينات في 250 ملصقاً سينمائياً
من يريد العودة الى أجواء ستينات القرن العشرين وسبعيناته في بيروت، عليه زيارة معرض «هذا المساء» الذي تنظّمه مؤسسة سينما لبنان. يشعر الداخل الى المعرض بفرح، كأنه في مدينة مختلفة ليس فيها إلا الحب والضحك والسينما، على عكس بيروت هذه الأيام، التي تستقبل موسم الأعياد بلا رئيس وفي أوضاع غير مستقرّة. 250 ملصقاً سينمائياً من مجموعة عبودي أبو جودة، تزيّن زوايا المعرض، وتستعرض حقبة مهمة من تاريخ السينما في لبنان، حين كانت بيروت مركزاً لإنتاجات محلّية وعربية. وترافق المعرض مع إصدار أبو جودة كتاب «هذا المساء - السينما في لبنان 1929 - 1979». وهو دليل كامل للأفلام السينمائية التي صُوّرت في لبنان لفترة خمسين سنة.
ويطرح الكتاب حكاية السينما اللبنانية المؤرّخة عبر صور وملصقات وتعليقات. كما يحوي 252 ملصقاً، 740 صورة، 110 صور على كرتون، 40 دليلاً إعلانياً، 60 مقالة، 34 إعلاناً صحافيّاً و230 فيلماً.
واللافت في المعرض جودة الملصقات، إذ تبدو كأنها طُبعت بالأمس وليس قبل 50 سنة. يقول أبو جودة لـ «الحياة»، أنه لطالما عشق السينما، وتحوّل هذا الشغف مع الوقت الى نمط حياة. ويضيف: «كنت مفتوناً بعالم السينما بكل تفاصيله، وأشتري البوسترات (الملصقات) من دور السينما في لبنان ودول عربية وأجنبية، وتعرّفت الى من يعملون في هذه الدور، وبتّ أوصيهم بالاحتفاظ بكل ما يقع تحت أيديهم من بوسترات، لأشتريها لاحقاً».
هذا العشق للسينما، دفع أبو جودة الى جمع نحو 20 ألف ملصق سينمائي من دول مختلفة، وهو يحتفظ بها في مستودع مبرّد في رأس بيروت، وجميعها في حالة جيدة جداً. وهو يرحب بكل محبي هذا الفن، خصوصاً الطلاب الذين يحتاجون معلومات لمشاريعهم السينمائية.
ولمن لا يعرف شيئاً عن تلك الحقبة التي تميزت بإنتاج لبناني - مصري مشترك، وبأفلام الحركة والتشويق والحب والغرام، تشكّل التظاهرة الفنية موعداً مع الماضي للتعرّف إلى بيروت ما قبل الحرب، وفترة الازدهار الاقتصادي والفني والشعري.
250 ملصقاً إعلانياً من مجموعة عبودي أبو جودة، تكشف كثيراً من الفروق ما بين الماضي والحاضر، وفي نظرة سريعة عليها، نلاحظ «انقراض» فن الرسم الإعلاني، بعدما سيطرت برامج الكومبيوتر والفوتوشوب، وباتت التكنولوجيا ركنا أساساً من أركان العمل. وبعدما كان الملصق يحتاج إلى خطاط ورسام وأيام عدة لإنجازه، بات اليوم برنامج إلكتروني قادراً على الرسم والتخطيط واقتراح الأفكار والألوان وطريقة التصميم.
ولإرضاء عشاق السينما الأجنبية، يحتوي المعرض زاوية صغيرة في الصالة تضمّ بعض الأفلام الأجنبية العالمية التي لاقت لحظةَ نجاحها ماضياً، نذكر منها: «هروب حر» مع النجم الفرنسي جان بول بلموندو، و«جواز سفر للنسيان» وهو من بطولة الممثل الإنكليزي ديفيد نيفين.
ويظهر من خلال الملصقات المعروضة، مدى شعبية السينما في تلك الفترة، وتوجّهها صوب الترفيه والربح المادي، خصوصاً أن غالبية أفلام تلك الفترة، لم تحاكِ مراحل مهمة من تاريخ لبنان كفترة الاستقلال مثلاً، وما تخلّلها من تحركات وشبه انتفاضات، بل عكست فترة الانفتاح التي عاشتها بيروت، وتأثّرها بمدن أوروبية.
واللافت، أن تلك الحقبة تميزت بأفلام التشويق والإثارة، فتظهر صباح في ملصق «وادي الموت» (إخراج فاروق عجرمة) وهي توجّه مسدساً صوب الجماهير، فيما يقفز بطل من مروحية مع خلفية نيران مشتعلة ودخان أسود. ويغلب الطابع البوليسي على بعض الملصقات، كما في «الجاكوار السوداء» و «أنتربول في بيروت». ويغلب طابع الفتنة والإثارة الأنثوية على البعض الآخر، كما في «فاتنة الجماهير» (1964) و «غيتار الحب» (1973 ).
وتميّزت تلك الحقبة بانفتاحها وجرأتها في التعامل مع مواضيع الحب والجنس، وصوّرت الكثير من المشاهد التي تظهر أكبر نسبة من جسد المرأة بطريقة مبتذلة، ومن دون أن يخدم ذلك العمل، بل لجذب جمهور أكبر. وقد لا تتكرر مرحلة الانفتاح هذه في لبنان إلا في بعض الأعمال الممنوع عرضها في الصالات المحلية، ومن المستحيل أن تتكرر في مصر، خصوصاً بعد التشدّد في التعامل مع الفن بعد ثورة 25 يناير.
ولم تقتصر الجرأة على المشاهد، بل تخطّتها إلى الملصق الإعلاني، كأن تظهر مريم فخر الدين مثلاً، وهي تقبّل بنهم صلاح ذو الفقار في «فرسان الغرام «، وهي أيضاً حالة إعلانية لم نعد نشهدها.
ومن الأمور اللافتة، المساحة الكبيرة التي يحتلّها بطل الفيلم أو بطلته على الملصق. فيبدو وجه سميرة توفيق أكبر من وجه رشدي أباظة في «بدوية في باريس»، ويبرز وجه صباح المكبر بين وجوه أنثوية أخرى في «عصابة النساء».
“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.
منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.
اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.
تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.
باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.