في يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار/ مارس من كل عام... بورتريهات لفنانات تجاوزن تحديات زمنهنّ وشاركن بتشكيل التاريخ البصري بأعمالهن

لم أرغب بأن أكون فنانة “امرأة”، أردتُ فقط أن أصبح فنانة"، تقول الفنانة التشكيلية إيزابيل بيشوب. وتقول الكاتبة إليزابيت فاير: “على المرأة أن تكسر الحواجز حتى تكون تجربتها ذات قيمة”. هذه العبارات قد تعكس قليلًا محنة المرأة الفنانة في عالم يقرأ الرجل أفكار نفسه ويقدّرها منذ أن وُجد الزمن، متجاهلًا ما يتدفّق من قلب المرأة، التي تريد أن تبدع وترسم كي تفلت من قدرها.

إن تاريخ الفن مليء بأسماء رجال عظماء، مثل ليوناردو دافنشي، وفينسنت فان جوخ، وبابلو بيكاسو، ولكن ماذا عن النساء اللاتي ساعدن في تشكيل التاريخ البصري للعالم؟ رغم أن عددًا من الفنانات التشكيليات شاركن في صناعة الفن عبر التاريخ، إلا أنه غالبًا ما كان يتم التعتيم على أعمالهن وتجاهلها والاستخفاف بها، وقد ارتبط بهنّ فن النسيج والخزف. وتشير أغلب دراسات علماء الإثنوغرافيا والأنثروبولوجيا الثقافية إلى أن النساء كنّ حرفيات في ثقافات العصر الحجري الحديث، حيت كنّ يصنعن الفخار والمنسوجات والسلال والأسطح المطلية والمجوهرات، وتحتوي لوحات الكهوف التي تعود للعصر الحجري على مطبوعات يدوية بشرية يمكن التعرّف على أغلبها على أنها نسائية. ومن بين أقدم السجلات التاريخية سجل بيليني الأكبر، الذي تحدّث عن عدد من الفنانات، وأبرزهن هيلانة المصرية (القرن الرابع قبل الميلاد)، التي تعلّمت الفن من والدها تيمونوس، ورسمت مشهدًا للإسكندر يهزم الحاكم الفارسي داريوس الثالث، في معركة إيسوس، ومن الأسماء الأخرى إيرين، أريستاريت، لايا، أوليمبياس وتيماريت.

كان لانتشار الأديان التوحيدية دور في تراجع الفنون بين الرجال والنساء، فقد كانت للوثنية معابد فخمة، وأصنام تزّينها، ورسوم تُنقش على الجدران، وكانت منتشرة عند المصريين والإغريق، فتمّ هدم المعابد في إيطاليا واليونان ومصر وسورية، وكُسّرت التماثيل. كما مُنع رسم الإنسان والحيوان، ولم تكن للفنون قدرة على الاستمرار، فماتت فنون الرسم والنحت فترات طويلة من الزمن، وبقي الرسم يعيش في العصور المظلمة حتى القرن الثاني عشر. ومع انتشار المدنية، لم يتغيّر وضع النساء كثيرًا، فواجهن قيودًا على ممارسة الفن، وبقيت النظرة تجاه أعمالهن على أنها ذات مستوى متدنٍ من أعمال الرجال، وواجهن تحدّيات في عالم الفنون الجميلة بسبب التحيّز الجنساني، ولم يُسمح لهنّ بدخول مدارس الفن، ومُنعن بشكل تامّ من حضور دروس فن العري، فكنّ يكتفين برسم المشاهد الطبيعية والبورتريه. وقد نشأت أول موجة للفن النسوي في منتصف القرن التاسع عشر، ثم في بداية القرن العشرين، مع حصول المرأة على حق الاقتراع في الولايات المتحدة، لكن الظلم لم يفارق الأعمال النسائية الفنية، وحتى الأدبية. لم تنل المرأة حقوقها في المساواة مع الرجل إلا بعد نشوء الحركة الفنية النسوية في ستينيات القرن الماضي، التي كان هدفها تسليط الضوء على الاختلافات الاجتماعية والسياسية التي تواجهها المرأة في حياتها، على أمل الحصول على المساواة مع الرجال، وكان لهذه الحركة الدور الأبرز في تغيير واقع المرأة، الذي واجه الذكورية والمؤسسة الدينية، على حدّ سواء.

في يوم المرأة العالمي (الثامن من آذار/ مارس)، نستذكر عددًا من الفنانات اللاتي تجاوزن تحديات زمنهنّ، وبقيت أعمالهن في مكان يتّسع لأزمنة متكاثرة، وكنّ موجودات مع كل حركة فنية من عصر النهضة الإيطالية إلى الحداثة الأميركية وما بعدها، من رسامة البلاط في القرن السادس عشر للملك فيليب الثاني، إلى أيقونة القرن العشرين، فريدا كالو، وحتى الآن، فلنلقِ نظرة على موهبة هؤلاء النساء الاستثنائيات...


صورة الخبر : إنجي أفلاطون 1924-1989


رابط : مقال دارين حوماني على موقع ضفة ثالثة

أخبار أخرى

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)