اليوم العالمي للترجمة

, بقلم محمد بكري


جريدة الأخبار اللبنانية


العدد ٢٩٩٧ الجمعة ٣٠ أيلول ٢٠١٦
جريدة الأخبار
ادب وفنون


اليوم العالمي للترجمة : نزهات عابرة بلا دمغة مؤكدة


خليل صويلح


في مناسبة اليوم العالمي للترجمة، هناك من يرى أن الرواية العربية احتلت مقعداً مرموقاً بين آداب العالم. هذا تفاؤل في غير مكانه، ذلك أن الرواية العربية لم تخرج من الحدود إلا في نزهات عابرة. نوبل نجيب محفوظ (الصورة) لم تجعله عالمياً على غرار ماركيز وساراماغو وآخرين.

الآن هناك صخب إعلامي يضع الرواية العربية في مقام لم تطله فعليّاً. طباعة آلاف محدودة من روايةٍ ما لكاتب مرموق لا تصنع منه روائياً عربياً فما بالك بالعالمية؟ هناك روائيون جدّد أتوا الكتابة من دون أن يعرفوا أسماء أعمال أسلافهم، فما بالك بالقارئ العمومي؟ هذا الكم الكبير من الروايات غالباً ما يذهب إلى المستودعات، عدا حفنة من الروايات المارقة بقوة جوائز مشكوك بأمرها أصلاً، فيما يتم تجاهل عشرات الروايات الأخرى. هذا عربياً، أما عالمياً فتبدو الفكرة فضفاضة جداً. لا أذكر أن أحدهم تمت ترجمة أعماله وأصبح كاتباً عالمياً، بمعنى أنه عابر للحدود واللغات. نقرأ عن ترجمة رواية لكننا لا نعلم مصيرها بعد ذلك، ربما في أحسن أحوالها تذهب إلى أرشيف مكتبات الجامعات والفضاء الأكاديمي، ليس بوصفها روايات منافسة بقدر ما هي سرديات سوسيولوجية تفيد بمعرفة نمط تفكير العالم العربي، والإسلامي على نحو أدق. وتالياً، فإن الترجمة اليوم تقع في باب اكتشاف تفكير بيئات تعيش اضطرابات وحروب أكثر منها إضافة جمالية لسرديات الشعوب الأخرى. ثم أن المعضلة الأساسية تتجلى في النظرة الغربية إلى اللغة العربية بوصفها لغة مقدسة ترزح تحت وطأة ما هو أخلاقي في المقام الأول. من هنا، تقف هذه اللغة في الصفوف الخلفية للآداب العالمية. بالطبع يلعب المترجمون دوراً في استبعاد بعض الأعمال العربية اللافتة والمنافسة بسبب عدم اطلاعهم على كل ما يُنشر، واستغراقهم في ترجمة الروايات الرائدة والتقليدية، بالإضافة إلى النفاق والمنفعة في اختيار نصوص كاتب دون آخر، وعدم معرفتهم الكاملة في البلاغة العربية فيصل النص إلى لغة الآخر هشّاً ومضعضعاً لا يغري بالقراءة إلا فيما ندر. آمل أن تصل الرواية العربية لقرائها من العرب أولاً، ثم نفكّر بعالميتها!

ترجمة رواية عربية إلى لغة أخرى نوع من المخدّر المعنوي لصاحبها، وسطر إضافي في سيرته المهنية لا أكثر.

عن موقع جريدة الأخبار اللبنانية


مقالات «الأخبار» متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، ٢٠١٠
(يتوجب نسب المقال الى «الأخبار» ‪-‬ يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية ‪-‬ يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص)
لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا


ترجمة المقال إلى الفرنسية على موقع Culture et politique arabes :

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)