المغرب أول بلد عربي يحل ضيف شرف على معرض باريس للكتاب 2017

, بقلم محمد بكري


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977


جريدة العرب
نُشر في 23-03-2017، العدد : 10580، ص(14)
الصفحة : ثقافة
العرب - مخلص الصغير


المغرب ضيف شرف على معرض باريس للكتاب


يحل المغرب ضيف شرف على فعاليات معرض باريس للكتاب، في دورته الحالية التي تقام في الفترة ما بين 24 و27 مارس الجاري، في عاصمة الأنوار الفرنسية، ليكون المغرب أول دولة عربية وأفريقية تحظى بصفة “ضيف شرف” في معرض باريس.

ضمن فعاليات معرض باريس الدولي للكتاب في دورته السادسة والثلاثين، يشارك المغرب ضيفَ شرف لهذه المناسبة الكبرى التي تستمر على مدى أربعة أيام. وفي هذا الإطار يشارك في هذه الدورة نحو 90 كاتبا مغربيا، و3 آلاف عنوان مغربي، صدرت عن 60 ناشرا مغربيا و30 ناشرا فرنسيا، مثلما يشهد معهد العالم العربي بباريس عرض ذخائر التراث المغربي، ونفائس الذاكرة الحضارية والثقافية للمغرب الأقصى.

المغرب الثقافي

يرى وزير الثقافة المغربي محمد أمين الصبيحي أن اختيار المغرب ضيف شرف لمعرض باريس هذه السنة إنما يمثل “فرصة للمغرب للتعريف بثرائه الفكري والأدبي وتعدد روافده الثقافية والحضارية، مثلما يشكل الحدث فرصة لتعزيز العلاقات المغربية والفرنسية، وامتدادا لتاريخ عريق من التبادل الثقافي”. وأضاف الوزير أن المغرب يطمح إلى أن يكون “في مستوى هذا الحدث الثقافي الاستثنائي، وفي مستوى تلك العلاقات المتينة بين البلدين، وأن يعكس صورة مغرب منفتح على التعدد والاختلاف، غني بتراثه وثقافته”.

وبحسب وزير الثقافة المغربي، فقد شهد المغرب تطورات كبرى في مجال الاعتراف بالتعدد الثقافي واللغوي الوطني، وبالحق في الولوج إلى الثقافة، من خلال دعم الإبداع الثقافي والفني واحترام حرية الإبداع، انطلاقا من اعتبار الثقافة “عنصرا أساسا في النهوض بمجتمع قوامه التماسك الاجتماعي والتقدم والحداثة”. والدليل على ذلك، يضيف الوزير المغربي، تلك الدينامية التي عرفها المغرب خلال العقد الأخير، وهي دينامية ثقافية كبرى، تجلت في ظهور طاقات ومواهب جديدة، وبروز جيل جديد من المبدعين وتنامي الوعي بأهمية الثقافة.

و”ليس أدل على ذلك من ارتفاع عدد الكتاب وغزارة الإنتاج الأدبي باللغتين العربية والفرنسية من توقيع كتاب وكاتبات، توجت أعمال الكثيرين منهم بجوائز رفيعة”. وهنا يكون الوزير قد استحضر الروائية المغربية ليلى السليماني، الفائزة هذه السنة بجائزة الغونكور الفرنسية، وهي أول مغربية تفوز بالجائزة، بعدما توج بها كل من الطاهر بنجلون وعبداللطيف اللعبي وفؤاد العروي.

ضمن فعاليات الاحتفاء بالمغرب ضيف شرف لمعرض باريس، يشهد فضاء معرض العالم العربي في العاصمة الفرنسية باريس تنظيم أكبر معرض لذخائر المغرب ونفائس التحف الأثرية المغربية. وسيتم عرض 34 مخطوطا نادرا من أهم المخطوطات المتوفرة في الخزانات والمكتبات المغربية. ومن درر هذه المخطوطات الأمهات مخطوط نادر لتاريخ ابن خلدون، بعد المقدمة، وهو كتاب “العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”.

وهنالك، أيضا، نسخة نادرة لكتاب “كليلة ودمنة” لعبدالله بن المقفع، ومخطوط “الموطأ”، القادم من خزانة القرويين، وعمره نحو ألف سنة، ثم مخطوط المصحف الشريف، ومخطوط للإنجيل، ومخطوط للتوراة يبقى أنفس مخطوط مغربي، على الإطلاق، وقد كتب على رقاع يبلغ طولها نحو 24 مترا.

كما تضم قائمة المخطوطات متونا فريدة في علوم الموسيقى والصيدلة والفلاحة وغيرها. وكل المخطوطات مسجلة في المكتبة الوطنية والخزنة الحسنية في الرباط، وخزانة القرويين بفاس، وخزانة ابن يوسف بمراكش. كما سيتم عرض مجموعة من التحف المغربية.

جلسات باريسية

يلتقي زوار المعرض بكتّاب مغاربة في عدد من الجلسات الفكرية والأدبية التي سيحتضنها معرض باريس الحالي. وستكون الكلمة في البداية للشعراء، من خلال لقاء “أصوات شعرية”، الذي ينطلق بالإنصات إلى التجارب الراسخة في الشعر المغربي المعاصر، لكل من محمد بنيس وعبداللطيف اللعبي ومحمد حمودان. أما الجلسة الشعرية الثانية، فتضم كلا من أحمد عصييد وحسن نجمي وسهام بوهلال.

كما يعرف برنامج “ضيف الشرف” تنظيم لقاء خاص بعنوان “حوار مع غائب”، يجدد اللقاء بكتاب مغاربة راحلين، من أمثال إدريس الشرايبي، صاحب “الماضي البسيط” وأعمال أخرى، هو الذي ما زال يحظى بحضور قوي في مجتمع القراءة الفرنسي، إلى جانب لقاء مع الكاتب محمد شكري، يستعيد علاقته الاستثنائية مع الكتابة، وتجربته الحياتية، ثم لقاء مع الراحلة فاطمة المرنيسي، التي ودعتنا السنة الماضية.

كما سيتم تنظيم ندوة بعنوان “المتوسط موضع أسئلة”، بمشاركة كل من محمد الطوزي ومحمد الصغير جنجار وديونيجي ألغيرا، وندوة أخرى عن “المجلات فضاء للحرية والحوار”، بمشاركة زكية داود اللعبي وعبدالسلام الشدادي، وندوة ثالثة عن “فهم المغرب”، يشارك فيها كل من عبدالسلام الشدادي وجامع بيضا ومحمد كنبيب، وندوة “لغات وآداب”، بمشاركة عبدالفتاح كيليطو ومحمد برادة ومحمد الأشعري وزكية العراقي سيناصر، ثم لقاء خاص عن المتوجين الأربعة من المغاربة بجائزة الغونكور، ولقاءات أخرى في الفكر والآداب والتاريخ.

وتأكيدا لقيم الحوار الثقافي التي يصدر عنها اختيار المغرب ضيف شرف للمعرض، سيتم تنظيم لقاءات ثنائية يلتقي فيها مغاربة وفرنسيون تتقاطع تجاربهم وانشغالاتهم الفكرية والجمالية. ويجمع اللقاء الأول بين إدريس اليزمي وميشيل فورست، والثاني بين ماحي بنبين ودافيد أسولين، والثالث بين فتح الله ولعلو ولويس غيغو، والرابع بين ليلى السليماني ونينا يارجيكوف.

هكذا، سيقترب جمهور معرض باريس أكثر من الثقافة المغربية والمثقفين المغاربة، في دورة استثنائية بالنسبة إلى الثقافة الفرنكوفونية كما العربية، فبعد الأرجنتين التي حلت ضيف شرف على معرض باريس 2014، ثم البرازيل، ثم كوريا الجنوبية، خلال السنة الماضية، يكون المغرب أول بلد عربي وأفريقي يحل ضيفا على معرض باريس للكتاب، معرض يتيح لزواره إمكانية تصفح كتاب الثقافة المغربية ومخطوطاتها وذاكرتها الحية.

عن موقع جريدة العرب اللندنية

المقال بالـ PDF


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977

صحيفة العرب© جميع الحقوق محفوظة

يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر



جريدة الحياة


الخميس، ٢٣ مارس/ آذار ٢٠١٧
جريدة الحياة
باريس - أوراس زيباوي


المغرب أول بلد عربي يحل ضيفاً على معرض باريس للكتاب


تحديات كثيرة تواجه معرض الكتاب الدولي في باريس في دورته السابعة والثلاثين التي تتواصل حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري. دورة العام الماضي سجّلت انخفاضاً في عدد الزوار بالنسبة إلى عام 2015 بنحو 15 بالمئة، ويعزو المنظمون ذلك إلى أسباب عدة، منها ارتفاع ثمن بطاقة الدخول. ورافق ذلك أيضاً انخفاض في مبيعات دور النشر. من هنا، عمل منظمو المعرض هذا العام على جعله أشد جاذبية وحيوية وأكثر قدرة على استقطاب الشباب والطلاب، فالدخول مجاني لمن هم دون الثامنة عشرة.

وكالعادة يشهد المعرض مشاركة كثيفة للكتّاب الذين يبلغ عددهم نحو ثلاثة آلاف من جنسيات مختلفة. وما يميز دورة هذا العام أن ضيف الشرف هو، ولأول مرة، بلد عربي وهو المغرب، مع مشاركة أكثر من ستين كاتباً مغربياً يكتبون باللغتين الفرنسية والعربية. كما أن جناحاً بأكمله تبلغ مساحته 400 متر مربع يخصص للقارة الأفريقية وتشارك فيه عشر دول أفريقية. وبصورة عامة هناك مشاركة لخمسين دولة مما يؤكد طابعه العالمي وقدرته على استقطاب كتّاب غير فرنسيين يتمتعون بشهرة كبيرة. من هؤلاء المشاركين في معرض هذا العام الأميركي فيليب ميير، صاحب رواية «الابن» الشهيرة، والأميركية لويز إيردريش التي نادراً ما تزور باريس، وهذا ما يجعل من مشاركتها حدثاً بالنسبة إلى منظمي الصالون. هناك أيضاً الفيلسوف السنغالي سليمان بشير ديان...

ولا بد من التذكير بأن صالون الكتاب الذي انطلق لأول مرة عام 1981، صار مع مرور السنوات، أهم تظاهرة مخصتة بالكتب في فرنسا، وقد بدل اسمه العام الماضي وصار يسمى «الكتاب باريس»، ومن ثوابته تأكيد مشاركة دور النشر الصغيرة والكبيرة والانفتاح على أنواع الكتابة والعاملين في صناعة الكتاب. وطوال أيام الصالون تتواصل مئات الأحداث الثقافية التي تتخللها حوارات ونقاشات وجلسات توقيع ولقاءات مفتوحة مع الجمهور. ويقدر عدد زوار المعرض بمئة وخمسين ألف شخص من بينهم 40 ألفاً من الشباب و20 ألفاً من طلاب المدارس.

«الكتاب المفتوح»

عشية افتتاح المعرض، تحدث عن المشاركة المغربية في لقاء عقد في السفارة المغربية في العاصمة الفرنسية، كل من يونس أجراي، المشرف على الجناح المغربي والمهندس المعماري طارق ولعلو، المشرف على تصميم بناء الجناح مع المسؤولين الفرنسيين عن المعرض، وركّز كلّ من أجراي وولعلو على أهمية هذه المشاركة التي تحمل عنوان «مغرب الكتاب المفتوح» والتي تهدف إلى الإضاءة على النتاجات الأدبية والثقافية الجديدة في المغرب وإلى التحديات التي تواجه الأدب في شكل خاص والثقافة عموماً. أما اختيار المغرب ضيف شرف هذا العام فيعكس واقع التبادل بين فرنسا والمغرب، لا سيما في المجال الثقافي، و يعترف بالموقع الذي يحتله الكتّاب المغاربة وبتنوع النشاط الثقافي في المملكة وغناه وحيويته.

يشارك الكتّاب القادمون من الداخل والخارج في جناح تم تصميمه على شكل مكتبة كبيرة تغطي مساحة 450 متراً مربعاً، وتشتمل على مكتبة ومسرح ومكان للقاءات وعروض الأفلام. ولن يقتصر حضور المغرب فقط على النشاطات التي تقام داخل معرض باريس، وإنما سيمتد إلى الضواحي وإلى قرابة عشرة مدن، وذلك من خلال محترفات كتابة ولقاءات مع ناشرين وأصحاب مكتبات مغربية وعروض سينمائية، هذا بالإضافة إلى لقاء بين ناشرين مغاربة وفرنسيين، بينما بدأ بعض الكتّاب المغاربة، منذ مطلع هذا الشهر، يجولون في المدن الفرنسية للقاء الجمهور الفرنسي. الجناح المغربي هو المنصة التي سيعتليها نتاج الكتّاب والرسامين والمصورين والفنانين المغاربة الذين ينتمون إلى أجيال مختلفة. وهذه المشاركة المغربية ستكون مناسبة لإطلالة أدباء المغرب الذين يكتبون باللغتين العربية والفرنسية.

عن اختيار المغرب ضيف شرف في معرض الكتاب وعن معنى حضور هذا البلد العربي، يقول لنا الشاعر والكاتب عبداللطيف اللعبي إنّ اختيار المغرب كأول بلد عربي وأفريقي يحلّ ضيف شرف هذا العام هو نوع من الفتح، وكان من الممكن اختيار مصر لما تمثله من ثقل تاريخي ومن حضور أدبي. أما اختيار المغرب فله أسباب عدة: «هناك تقارب بين البلدين وعلاقات سياسية وتاريخية وثقافية قديمة. بالإضافة إلى ذلك، يحظى المغرب اليوم بسمعة جيدة دولياً إذا ما قورن بدول عربية أخرى، أما من الناحية الثقافية فقد بات النتاج المغربي الأدبي حاضراً بقوة منذ عشرين سنة، وهناك أربعة كتّاب من المغرب حصلوا على جائزة «غونكور» التي تمثّل أرفع الجوائز الأدبية الفرنسية». يضيف اللعبي قائلاً إنّ اختيار المغرب ضيف شرف « يعكس تغيّر النظرة الفرنسية الى الثقافة الجديدة والوافدة من وراء البحار. كما أن مشاركة المغرب ستفتح للكتاب المشاركين آفاقاً جديدة في العالم على مستوى الترجمة إلى اللغات الأوروبية، لأن للساحة الفرنسية وزنها في العالم». وعن قبوله الدعوة ومشاركته في المعرض، وكذلك عن حدود رأيه في الواقع المغربي والعربي العامّ، يقول عبدالطيف اللعبي: «قبلتُ الدعوة وسأشارك في بعض اللقاءات، وإذا ما سُئلتُ سأعبّر عن رأيي وأفكاري في كل ما يحصل من دون أيّ رقابة ذاتية».

عرب وفرنكفونيون

وكما في كل مشاركة في معارض الكتب الدولية، أثارت لائحة أسماء المشاركين سجالاً حول المعايير التي اعتمدت في اختيار هذه الأسماء أو تلك، وحالت دون دعوة أسماء أخرى حاضرة في المشهد الأدبي والثقافي المغربي. وهذا ما تطرقت إليه أصوات مغربية متسائلة عن تغييب عدد من الكتّاب والأسماء المعروفة. رداً على هذه الانتقادات، أجابنا المشرف المغربي على الجناح يونس أجراي: «هناك أكثر من مئة مدعو للمشاركة في هذه التظاهرة. والاختيار هو دائما مسألة دقيقة، معقدة وصعبة. إنه تمرين ينتج عنه في النهاية خيبة أمل وإحساس بالكبت، بل ويدفع إلى طرح السؤال التالي: لماذا لم أكن أنا بين الذين وقع الاختيار عليهم؟»

اقلام شابة

وعن المعايير التي اعتمد عليها أجراي لاختيار المشاركين فيقول: «أخذت في الاعتبار المكانة التي يتمتع بها بعض كتابنا الكبار، كما أفسحت المجال أمام الأقلام الشابة التي وضعت رواية واحدة أو روايتين حتى الآن. من ناحية ثانية، كان ثمة التفات إلى الروائيين والمثقفين والجامعيين في مختلف حقول المعرفة، كما أخذت في الاعتبار التنوّع الألسني في بلادنا وأيضاً مشاركة الجنسين. الكتّاب المغاربة في الشتات لا بد أن يكونوا حاضرين أيضاً، كذلك فرنسيّو المغرب والحائزون على جوائز وطنية وعالمية. بالإضافة إلى كلّ ذلك، هناك في الاختيار نسبة من الذاتية أتحمّل مسؤوليتها».

أما عن أهمية مشاركة المغرب فيقول يونس أجراي إن هناك علاقات قوية بين فرنسا والمغرب، «نحن نتقاسم تاريخاً مشتركاً. نسبة مهمة من شعبينا تعيش على ضفتي المتوسط، وبيننا لغة مشتركة ومثقفون جامعيون وأهل علم والكثير من الكتّاب». وماذا يعوّل المغرب من وراء هذه المشاركة، فيقول: «هذه التظاهرة الجميلة التي تجمع بين الآداب الفرنسية والمغربية آمل بأن يتعزز من خلالها واقع الترجمة وتأخذ المشاركة بين البلدين في هذا المجال صفة الديمومة، كما يمكن أن نتخيل صندوقاً مخصصاً للترجمة ومنح تعطى لطلاب الترجمة ومساعدات للمؤسسات البحثية في هذا المضمار». وخلص أجراي إلى القول إن «ترجمة كتّاب وتواريخ هو ترجمة عوالم ومتخيّلات وحساسيات مختلفة. إنه باختصار إعطاء الجمهور إمكان اكتشاف الآخر والتعرف إليه وفهمه، أي احترامه. وهذا يعني في الأزمنة التي نجتازها، عملاً ضرورياً يفيد منه الجميع».

قبل أن يفتح معرض الكتاب أبوابه، صدرت مقالات ومراجعات عدة حول المشاركة المغربية لهذا العام في مجلات تعنى بالثقافة والكتب، ومنها مجلة «لير» الشهرية. وأتاحت هذه المشاركة إلقاء الضوء مجدداً على الأدب المغربي من زوايا مختلفة ودفعت إلى رصد التحديات التي تواجه الثقافة المغربية في شكل عام والكتاب في شكل خاص. فهذا الكتاب يعيش الآن، من جهة، ضمن حقل ثقافي يساعده على النمو مع تأسيس دور نشر جديدة وعناية رسمية خاصة، ومن جهة ثانية فهو أسير سوق لا تزال ضعيفة وغير منظمة بصورة كافية. في هذا الإطار، يبقى الكتاب في المغرب غالي الثمن، بالإضافة إلى أنه يخضع للرقابة التي تتناول، بصورة عامة، الكتب الآتية من الخارج، ومن دون إيلاء أي اهتمام بحقوق الكتّاب والمؤلفين مع تزايد الإصدارات المسروقة. ولقد شهد نشر الكتب بين عامي 2015 و2016 صدور2711 كتاباً، وهذا الرقم يشكل تراجعاً طفيفاً بالنسبة إلى السنة الفائتة. الكتب الأدبية تمثل ربع هذا النتاج، فهناك 675 كتاباً تتوزع بين الرواية والقصة القصيرة والشعر والمسرح. وهذه الأرقام مصدرها التقرير السنوي حول النشر في المغرب.

اللغة والهوية

يعكس الواقع الراهن للكتاب في المغرب التحولات الثقافية العميقة التي يشهدها المغرب منذ الثمانينات من القرن العشرين، ومن مظاهرها تراجع الأدب المغربي باللغة الفرنسية الذي لم يشكل إلا نسبة 13 في المئة من الكتب المنشورة وهيمنة اللغة العربية في المجال الأدبي بنسبة 80 في المئة، وهذا ناتج عن تعريب النظام التعليمي العام في العقود الماضية. مقابل ذلك لا بد من الإشارة إلى تزايد عدد الكتب المترجمة من العربية إلى الفرنسية والإنكليزية والأمازيغية. بيد أنه يمكن القول إن التعبير الأدبي في المغرب يتراوح، في شكل عام، بين اللغتين العربية والفرنسية.

إن موضوع اللغة والهوية ما عاد يطرح اليوم في المغرب بالطريقة التي عرفناها بين الثلاثينات والستينات من القرن العشرين. ولم تعد تطرح مسألة الهوية داخل النتاجات الأدبية بالحدة التي طرحت بها في أعمال كتاب من أمثال إدريس شريبي وأحمد صفراوي. أما المرحلة الممتدة من 1965 حتى عام 1990 فكان فيها من تصدى للسلطة السياسية وممارساتها والأساليب القاسية التي لجأت إليها. من هؤلاء على سبيل المثال محمد خير الدين وعبدالكبير الخطيبي وعبداللطيف اللعبي الذي أنشأ عام 1966 مع عدد من الكتاب والفنانين مجلة أدبية ثقافية تحت اسم «أنفاس» وهي نظرت إلى الأدب كجزء من المعارضة العامة. وكان لهذه المجلة التي صدرت منها أعداد باللغتين الفرنسية والعربية أثر مهم في الثقافة المغربية. غير أنها صودرت عام 1972 واعتقل اللعبي حتى العام 1980. في العقدين الأخيرين بدأنا نشهد على نمو الأدب الحميم الذي يتطرق إلى الطفولة والجنس والمحرّم. فلم يعد هذا الموضوع استثناء في القاعدة كما كانت الحال مع كتاب محمد شكري «الخبر الحافي» الذي يصف فيه العنف الذي طبع طفولته، بل أصبح مألوفاً وجزءاً من المشهد الأدبي العام وممن يمثلون هذا الاتجاه فؤاد العروي وعبد الله الطايع...

للمشاركة المغربية في معرض الكتاب في باريس دلالات كثيرة، وهي تمثّل أهمية كبرى اليوم، ولا تنحصر نتائجها في المغرب فقط، بل تلامس العالم العربي بأكمله، لأنها تبرز الوجه الآخر الحيّ، الحاضر في الزمن الراهن وفي المشهد الثقافي العالمي، في ما وراء الصدامات والعنف والحروب الدموية.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


معرض باريس للكتاب 2017 بالفرنسية

معرض معهد العالم العربي بالفرنسية

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)