جريدة الشرق الأوسط
الاربعـاء 20 ذو الحجـة 1432 هـ 16 نوفمبر 2011 العدد 12041
الصفحة : عين الشرق
جدة : أسماء الغابري
علا رجب قدمتها بروح عصرية واقتحمت بها المجتمع النسائي
كانت وما زالت عتمة منتصف الليل لدى المجتمع الحجازي القاطن في مناطق غرب السعودية تختلف عن أي منطقة أخرى، كونها ترتبط بعادة غذائية اعتادوا على توزيعها في المناسبات والاجتماعات والأعراس، والمتضمنة «التعتيمة» التي استقت اسمها من هذا الوقت المتأخر في المساء.
وتعد التعتيمة الحجازية إحدى الأكلات التي كان لها الحظ الأوفر في تقديم جميع أصنافها طيلة أيام الأفراح والمناسبات، خصوصا أنها تتميز ببساطتها وقلة تكاليفها المادية، حيث يحين وقتها بعد تناول وجبة العشاء بساعتين على الأقل لتشمل أصنافا مختلفة من الحلويات المشهورة والمتضمنة «اللدو، واللبنية، والهريسة، والعريكة، والمفروكة، والحلاوة الطحينية، إضافة إلى الحلاوة الشعر»، مع أحد أنواع الخبز المعروف باسم الـ«شريك».
ومما لا شك فيه أن مرور الزمن ومحاولة مواكبة الحداثة، دفع بالكثير من سيدات الحجاز السعوديات إلى تقديم التعتيمة بشكل حديث يحافظ على قيمتها التراثية دون تجاهل ملاءمتها للأجيال الحديثة، وهو ما يساهم في تأصيلها كعادة لدى أفراد المجتمع الحجازي بكافة فئاته العمرية المختلفة.
علا حامد رجب، إحدى ربات البيوت الحجازية، التي تقدم التعتيمة بإضافات وصفتها بـ«العصرية» بدأت مشروعها بين الأهل كنوع من ممارسة الهواية، مشيرة إلى أن ذلك المشروع دخل فعليا في الطابع الجاد والعملي بعد نحو عامين والذي مضت في مسيرته ما يقارب 7 أشهر.
وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم تقف أمام طموحي أي عقبات، ولا سيما أن دعم أسرتي والمقربين لي أغناني عن التفكير في ضرورة إيجاد محل تجاري لعرض منتجاتي وتوفير أيد عاملة، إذ أنني اتخذت من مطبخ بيتي المتواضع نقطة انطلاق لمشروعي».
وأشارت إلى أنها خلقت من البازارات النسائية التي تشهدها مدينة جدة، حلقة وصل فيما بينها وبين مجتمع السيدات، مؤكدة على أنها من خلال مشاركاتها في مثل تلك البازارات استطاعت التعريف بما تقدمه من مأكولات حجازية بروح عصرية أضافتها إلى التعتيمة.
وأضافت: «كان والدي حريصا جدا على تقديم التعتيمة الحجازية خلال موائد إفطار الأعياد، في ظل تجنيده لكافة أفراد الأسرة من أجل إعدادها ليلة العيد، وهو ما يؤكد وجود عادات جميلة بات يهملها الجيل الحديث، نتيجة عدم معرفتهم بالأكلات القديمة على خلفية انشغالهم بالوجبات السريعة وغيرها».
وترى أن التعتيمة الحجازية تحمل قيمة غذائية كاملة والتي من شأنها أن تساعد في بناء صحة الأطفال على وجه الخصوص، مبينة في الوقت نفسه أنها أصبحت حاليا قائمة طعام طويلة ترضي كافة الأذواق.
اللمسات العصرية التي شهدتها التعتيمة الحجازية في الوقت الحالي، تتضمن إدخال أنواع مختلفة من الأجبان والمربيات والفلفل الحار، والألبان، عدا عن المكدوس الذي تعود أصوله إلى بلاد الشام، فليس غريبا أن يحدث ذلك في ظل تنوع المجتمع الحجازي وامتزاجه بمختلف الجنسيات كونه يسكن منطقة تعد بوابة الحرمين الشريفين.
وبالعودة إلى علا حامد رجب، فقد أفادت بأن جشع التجار في استغلال موجة الغلاء العالمية واتخاذه حجة لرفع أسعار السلع الاستهلاكية يعتبر إحدى العقبات التي تواجه مشروعها، مضيفة: «إن المنتجات الغذائية التي تصنع في المنازل عادة ما تكون مكلفة أكثر من غيرها، عدا عن الحرج الشديد الذي أقع فيه مع بعض المتعاملين معي».
وأبانت أن صعوبة توفر الأيدي العاملة واستمرارها تشكل عقبة أخرى أمام مسيرة مشروعها، فضلا عن اختلاف أسعار البازارات التي تشارك فيها، الأمر الذي يتسبب في تقديم منتجاتها بأسعار مختلفة في كل مرة بحسب ما يكلفها إيجار الطاولة في البازار.
طموح علا لا يتوقف عند المشاركة في بازارات عروس البحر الأحمر فقط، وإنما تطمح أيضا لتسجيل حضورها في مهرجان الجنادرية، إلى جانب إيجاد معرض للتراث الحجازي وتأليف كتاب يضم ذلك التراث، مقترحة ضرورة التواصل مع الجهات المعنية من أجل إيجاد آلية تسهل التواصل مع كافة أفراد المجتمع سواء في المدارس أو غيرها بهدف تأصيل الموروثات ونشرها بالشكل الصحيح.
جريدة الشرق الأوسط، صحيفة عربية دولية رائدة. ورقية وإلكترونية، ويتنوع محتوى الصحيفة، حيث يغطي الأخبار السياسية الإقليمية، والقضايا الاجتماعية، والأخبار الاقتصادية، والتجارية، إضافة إلى الأخبار الرياضية والترفيهية إضافة إلى الملاحق المتخصصة العديدة. أسسها الأخوان هشام ومحمد علي حافظ، وصدر العدد الأول منها في 4 يوليو 1978م.
تصدر جريدة الشرق الأوسط في لندن باللغة العربية، عن الشركة السعودية البريطانية للأبحاث والتسويق، وهي صحيفة يومية شاملة، ذات طابع إخباري عام، موجه إلى القراء العرب في كل مكان.
