سينما - Cinéma

الإنتاج السينمائي في لبنان مغامرات فردية بين فشل ونجاح La production cinématographique au Liban

, بقلم محمد بكري

الجمعة ٨ يونيو/حزيران ٢٠١٢
جريدة الحياة
بيروت (لبنان) - محمد غندور


جريدة الحياة


شهد لبنان خلال الحرب الأهلية كماً من الانتاج السينمائي بدعم من جهات اوروبية (فرنسا وبلجيكا)، فظهر عدد كبير من المخرجين المشحونين بأفكار ونظريات أرادوا التعبير عنها، فبرز مارون بغدادي وجان شمعون وبرهان علوية وجوسلين صعب ورندا الشهال صباغ من ناحية وسمير الغصيني ويوسف شرف الدين وغيرهما من ناحية أخرى. وبعد انتهاء الحرب بسنوات، سارع بعض القيمين على الفن السابع الى افتتاح شركات انتاج سينمائي، وتأمين معدّات تصوير ومعاهد وجامعات تعلم التمثيل والإخراج. كما تأسس كثير من الجمعيات التي ساهمت في نشر ثقافة الصورة، ومن ثم انتشرت المهرجانات السنوية.

وعلى رغم النشاط والحيوية في هذا المجال، يشكو اهل السينما من ان الدولة تبقى غائبة عن المساعدة والدعم لإنتاج مشاريع سينمائية، وتشجيع الجيل الجديد وإعطائه الفرصة لإثبات مهاراته. ولتأسيس حالة سينمائية، ثمة الكثير من الامور الواجب توافرها أهمها، الدعم المادي من جانب المعنيين، ودعم دور العرض وشركات التوزيع للفيلم المحلي ومساندتها، والعمل على تحسين المناهج الاكاديمية المعتمدة في معاهد السينما، والاهتمام ببعض الاختصاصات غير المتوافرة في لبنان ككتابة السيناريو ودراسة الانتاج السينمائي والنقد البنّاء والموضوعي.

وشهدت السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في زيادة الاعمال المنتجة، الى أن وصل العدد هذه السنة الى اكثر من سبعة أفلام بين روائية طويلة وقصيرة. وتطغى المغامرة على المبادرات الفردية لإنتاج أي فيلم سينمائي، خصوصاً ان غالبية الجمهور لا تزال تفضل الأعمال الأجنبية على المحلية. وإضافة الى قلة الدعم المادي، تطفو مشاكل الرقابة ورصانتها في التعاطي مع الاعمال الابداعية، وكثرة التدابير التي تسبق التصوير، كأن يعرض الفيلم مرتين على الامن العام لنيل رخصة عرضه في الصالات. وبعد بحث في القانون اللبناني لا نجد مادة تجبر المخرج على ارسال السيناريو الى الرقابة لقراءته وإبداء ملاحظاتها عليه، مع وجوب التعديل، وإلا قرار منع عرضه سيكون في انتظاره.

ويتولى الانتاج في لبنان طرفان، المنتج والشركة المنفذة. وتكمن مهمة الأول (وهو نادر في لبنان) في اختيار سيناريو مناسب وتحويله الى مشاهد مع كامل الصلاحيات، والبحث عن المال اللازم لبدء التصوير، ومن ثم الاهتمام بتوزيعه في لبنان والعالم وبيعه الى محطات تلفزيونية. أما الشركة المنفذة فهي التي تعمل على ترجمة افكار المخرج، عبر ايجاد الموقع والمكان المناسب للتصوير وتحديد موازنة العمل السينمائي، واختيار الممثلين. وثمة بعض الشركات تدخل شريكة في الانتاج في حال اعجبها العمل.

قبوط ينتج افلاماً

قد يكون جورج شقير المنتج السينمائي الوحيد في لبنان بكل ما للكلمة من معنى، وهو صاحب ومدير شركة «قبوط برودكشن». ويعمل المنتج اللبناني على بدايات الفيلم، حين يكون على الورق، ومن هناك تكون الانطلاقة في قراءة النص وإبداء الملاحظات عليه، وتعديل الأمور اللازمة، وتقويته، ومن ثم الانتقال الى التنفيذ. ويقول شقير: «الانتاج السينمائي هو مساعدة المخرج بتمويل الفيلم وفبركته، ومن ثم المساعدة في اختيار الممثلين والمواقع، وتوقيع العقود اللازمة، وتسلم المفاوضات مع شركات التوزيع والتلفزيونات والحملة الاعلانية، وبيع العمل الى الخارج، وملاحقة كل التفاصيل الصغيرة منها والكبيرة». وفي استطاعة المنتج اختيار موضوع ما، نقلاً عن رواية مثلاً، أو التعرض الى حادثة معينة وتكليف شخص الكتابة عنها والتعاون مع مخرج لتقديمها. وعادة ما تتم الأمور على النحو الآتي: يأتي المخرج مع نصه الجاهز لعرضه على المنتج فيقرأه ويبدي ملاحظاته عليه، ويعاونه في ذلك أحياناً مختصون، فإذا أعجب به يوقّع عقداً مع المخرج، ومن ثم تُنفذ التعديلات على السيناريو. وفي بعض الحالات تُعاد كتابة النص أكثر من خمس مرات ليصل إلى الشكل المطلوب والمتين، ويصبح جاهزاً لعرضه على الجهات المعنية لإيجاد التمويل اللازم له».

وبعد وضع اللمسات الاخيرة على السيناريو يعرض على الرقابة، لأخذ الموافقة والبدء في التصوير، وبعد الانتهاء من التصوير يُعرض مجدداً على الرقابة وتُقارن المشاهد مع السيناريو، قبل بدء عرضه في الصالات. ولا يحبذ شقير فكرة الرقابة مع انه لم يواجه حتى الآن مشاكل معها، ويرى أن الحرية تمنح الأعمال السينمائية بعداً جمالياً اكبر.

ويوضح شقير أن العادة درجت سابقاً على أن ينتج المخرجون أفلامهم بتمويل ذاتي أو دعم من العائلة، ومحاولة إيجاد منتج فرنسي الجنسية، تحديداً، في ما بعد لتكملة العمل. وساهمت المهرجانات الخليجية في السنوات الأخيرة في تمويل الكثير من المشاريع السينمائية، إضافة الى أشخاص مهتمين في هذا القطاع، ومساعدة بعض الجهات الأوروبية من خلال بيعه الى تلفزيونات محلية وأجنبية. ويعتبر شقير أن ايجاد تمويل لسيناريو لبناني جيد، لا يعتبر صعباً «خصوصاً ان هذه الصناعة في لبنان لا تزال جديدة، وليست بحاجة الى الملايين، بل الى نحو 700 ألف دولار لتنفيذ مشروع جيّد».

ومن المشاكل التي تواجه المنتج اللبناني، عدم قدرة الفيلم المحلي على المنافسة في دور العرض، اذ لا يزال إقبال الجمهور على الافلام اللبنانية ضعيفاً باستثناء حال قلة من المخرجين، ولكن شقير يتفاءل بزيادة الانتاج سنة تلو أخرى، «ما يساعد على تعزيز مكانة الفيلم المحلي، وتشجيع الموزعين على عرضه لفترة أطول في الصالات».

ويعتبر شقير أن السينما اللبنانية باتت على الطريق الصحيح، ما سيساعد في اجتذاب أموال أكبر، وتحقيق أعمال أضخم، «فيتشجع الجمهور على مواكبة النجاحات المقبلة. ويطالب شقير الدولة بإنشاء صندوق لدعم المشاريع السينمائية على مدار السنة، كما في اوروبا». ويقول: «إن النشاط السينمائي بلغ ذروته هذه السنة، وعلى مكتبه ثمة الكثير من السيناريوات التي تحتاج الى قراءة لمعرفة الجيد منها والتعاقد معه».

ويأسف شقير لعدم وجود معاهد وجامعات تعلم كتابة السيناريو في لبنان، وهي الخطوة الأولى للبدء في تصوير أي عمل، مؤكداً أهمية القرار السياسي لقيامة السينما، معطياً مثلاً التجربة الكورية التي حصدت ثمار زرعها بعد سنوات من الدعم المادي، لتغدو من أهم مصنعي الفن السابع.

ويكشف شقير أن ثمة فيلماً أميركياً ضخماً يُحضر عن جبران خليل جبران، وبتكلفة قد تتجاوز 40 مليون دولار. وشارك شقير أخيراً في مهرجان «كان» السينمائي لبيع فيلم محمود حجيج الجديد «طالع نازل»، وعن كيفية البيع يقول: «نستأجر صالة لعرض الفيلم، وندعو موزعين من مختلف أنحاء العالم، فإذا كان الفيلم جيداً نبيعه في أقل من 15 دقيقة لأكثر من دولة».

تأسست شركة «قبوط برودكشن» في العام 1998، وبات شقير المالك والمدير العام في العام 2004- أنتج بعد تسلمه الادارة 14 فيلماً منها «رصاصة طايشة» و «يوم رائع» و «الجبل» و «1958» و «بدي شوف» و «طالع نازل» (فيلم جديد لمحمود حجيج)، وسيبدأ قريباً تصوير أربعة أفلام روائية للمخرجين ميشال كمون وأحمد غصين وغسان سلهب وكارلوس شاهين، اضافة الى فيلمين تنقصهما اللمسات الأخيرة على السيناريو.

على مزاج الشركة

أسست المنتجة السينمائية سابين صيداوي شركة «أرجوان» للإنتاج السينمائي في عام 2007، مع مجموعة من أصدقائها، وبعد تجربة مع المخرج ايلي خليفة في انتاج افلامه الثلاثة في شركة «تاكسي سرفيس»، اضافة الى «معارك حب» لدانييل عربيد و «ميلودراما حبيبي» لهاني طمبا، (إنتاج تنفيذي). وتهدف الشركة كما تقول صيداوي «الى نشر الوعي السينمائي، ودعم الأعمال الهادفة البعيدة من الطابع التجاري».

وتوضح أن الاعمال التي توافق الشركة على إنتاجها، تتشابه الى حد كبير مع قناعاتها وأفكارها التغييرية، كما انها تدخل كشريكة في الإنتاج، في غالبية الأعمال التي تنال اعجابها، وفي حال عجزت عن ذلك، تفتش عن مصادر أخرى للتمويل في الداخل والخارج.

وتشير صيداوي الى أن الدعم الذي تتلقاه من وزارة الثقافة يتراوح بين خمسة وعشرة آلاف دولار، وهو مبلغ رمزي. وتكمن المشكلة في كيفية تحصيله، خصوصاً أن التعاون مع الجهات الرسمية ممل جدا وبطيء، وقد تتسلم الشركة المبلغ المذكور بعد سنتين أو اكثر من اصدار العمل، ما يضع الشركة تحت ضغوط مالية على حد قولها.

وفي ظل ضعف الامكانات المادية تلجأ الشركة الى ايجاد الحلول مع المصارف والبنوك المحلية، وطلب الدعم من مهرجانات عربية وجهات أوروبية. وترى صيداوي أن غالبية المهرجانات العربية التي تملك امكانات مادية كبيرة، انتقائية في دعمها المشاريع المقترحة، خصوصاً التي تتعلق بالتغيير والتظاهرات والتقدمية والمطالبة بالحرية والديموقراطية، لذلك تلجأ الشركة الى جهات أوروبية لا تضع شروطاً عليها ولا تتدخل في متون الأعمال المقترحة.

وتروي صيداوي أن الكثير من المهرجانات العربية، رفضت انتاج فيلم تحضره الشركة عن تظاهرة حصلت في الجامعة الأميركية في بيروت، وأن «الدعم تأمّن من جهة أوروبية، وسيبدأ التصوير قريباً». وتضيف أن الشركة ليست لديها خطوط حمر في التعاطي مع اي سيناريو يُقدّم إليها، ولكنها تفتش «عن نقاط الضعف لإصلاحها، والعمل على جذب أكبر عدد من المشاهدين».

وبما أن أي عمل يجب أن تطلع عليه الرقابة قبل البدء فيه، واجهت «أرجوان» مشكلات عدة مع الامن العام اللبناني بعد انتاجها الفيلم الروائي الثاني للمخرجة دانييل عربيد «بيروت أوتيل»، وتمسكت بقرارها عدم تعديل او حذف اي مقطع من العمل، فمنع الأمن العام بطريقة حضارية عرضه في الصالات اللبنانية، ولكنه لم يمنع تداوله في الشارع وفي محال بيع الأقراص المدمجة مقابل أقل من دولار للنسخة الواحدة. لا تعرف صيداوي كيف تسرّب الفيلم الى الشارع، موضحة أن منطق الرقابة بات غير فعال خصوصاً مع الفورة التكنولوجية وتطور وسائل الاتصال، معتبرة أن الرقابة تحدّ من الإبداع والخيال وتُغير الكثير في سياق الأحداث. والمضحك على حد قول صيداوي ورود بعض الملاحظات على الفيلم ومنها ما ورد عن «التعقيد المبالغ به في الحديث عن السياسة اللبنانية».

بعد حادثة المنع، عادت المنتجة صيداوي وفريق عملها الى القانون اللبناني، لتكتشف ان الامن العام يتخطى كثيراً صلاحياته في كثير من الأمور، كمراقبته السيناريو على الورق قبل تنفيذه، «يعود هذا القانون، كما تقول صيداوي، الى العام 1947، أي بعد الانتداب الفرنسي، ولكن «خلال السنوات التي مرت تطورت فنون السينما والتلفزيون كثيراً، لذلك من غير الممكن الاتكال على قانون سُنَّ قبل عشرات السنين. اضافة الى عدم وجود فقرة قانونية تفيد بأنه يحق للرقيب قراءة السيناريو قبل تنفيذه وعرضه على كل الجهات المعينة لأخذ ورقة سماح للبدء بالمشروع». وتخلص الى ان هذا القانون يعتبر واسعاً جداً وهو قابل للتأويل، كما انه يصب دائماً في خدمة الرقيب. ومن الملاحظات المهمة التي تسجلها صيداوي على شركة سوليدير انها بدلاً من تشجيع السينما، تأخذ بدلاً مادياً (حوالى 600 دولار) عن كل يوم تصوير في الوسط التجاري لبيروت. ونذكر ان الشركة رفعت دعوى قضائية على الدولة اللبنانية في مجلس الشورى للمطالبة بتعديل القوانين التي تحد من الحريات السينمائية.

ومن الاعمال التي ساهمت «ارجوان» في انتاجها «كل يوم عيد» لديما الحر، و «كارلوس» (استلمت الشركة كل ما تعلق بالتصوير في الشرق الأوسط) بأجزائه الثلاثة لأوليفييه السايس و «بيروت أوتيل» لدانييل عربيد، و «شيوعيون كنا». ومن المشاريع المستقبلية التي تعمل الشركة على انتاجها فيلم للمخرجة الفلسطينية شيرين دعيبس بعنوان «may in the summer» سيصوّر في الاردن قريباً، وآخر بعنوان «74».

«جنجر» وأحلام المخرج

بعدما أمضتا سنوات في العمل السينمائي مع مخرجين ومنتجين لبنانيين، وبعد تعاونهما في فيلم «سكر بنات» لنادين لبكي، قررت عبلة خوري ولارا كرم تأسيس شركة تنفيذ للانتاج السينمائي والوثائقي في العام 2009، والعمل بالتالي على تحويل السيناريو من ورق الى صورة، وكان فيلم «الجبل» لغسان سلهب أول أعمالهما معاً.

وتكمن مهمة الشركة كما تقول في تنفيذ أحلام المخرج، وترجمة أفكاره من حيث الموقع والديكور واختيار الممثلين، وتفريغ السيناريو لمعرفة المدة التي يحتاجها الفيلم لتنفيذه، والبحث عن اماكن ومواقع تناسب النص ومشاهده، والتشاور مع المخرج للوصول الى أفضل صيغة ممكنة للعمل، ومعرفة موازنة الفيلم وكلفته.

ومن مهمات الشركة مثلاً تحويل بناية حديثة الى واحدة مصدّعة اخترقها الرصاص، ودمرت أجزاء منها، او البحث عن قرية تضم جامعاً وكنيسة، كما حصل في فيلم نادين لبكي الأخير «وهلق لوين» التي عملت الشركة على تنفيذ إنتاجه وبناء بعض المنازل التي طلبتها المخرجة في قرية بعيدة نائية ومعزولة.

وتوضح المنتجة عبلة خوري أنه على أساس التفريغ، تُحدّد موازنة الفيلم، وبعد التشاور مع المنتج الممول والمخرج، إما تُعصر النفقات في حال تخطت الرقم المخصص للفيلم، وإما تعدل بعض المشاهد لتخفيض الموازنة، مشيرة الى أن «أساس نجاح أي عمل، التفاهم والصراحة بين المنتج والمخرج، من جهة، والتعاون والتوافق في التعديلات مع الشركة المنتجة من جهة أخرى».

وتقول خوري: «قد نواجه صعوبة في بعض الأوقات في ايجاد مواقع تضم كل ما يريده المخرج، فنعمل على ايجاد اماكن متشابهة وتعديل الفروق بينها، وتوحيد الديكور مثلاً في أكثر من موقع لتصبح المواقع كلها في النهاية موقعاً بالملامح ذاتها. ومن الأدوار المهمة لشركة تنفيذ الانتاج، مساعدة المخرج في ايجاد الشخصيات التي تناسب فيلمه، والعمل على تجريب أكبر عدد من الممثلين للوصول الى الأبرز والأقوى في الأداء.

وترفض «جنجر» الكثير من السيناريوات المقدمة لها، لعدم تناسبها مع النهج السينمائي الذي تتبعه، فيما تدعم مادياً بعض الأعمال الشابة وتشجعها من خلال عائدات بعض أعمالها الناجحة. ومن أحدث أفلام الشركة، عمل لنغم عبود، تقول الشركة انه شارك أخيراً في مهرجان «كان» السينمائي، وآخر لأوديت مخلوف، ووثائقي عن «حي اللجا» (منطقة شعبية في بيروت) للمخرجة ديالا أشمر. كما تنفذ الشركة الكثير من المشاريع السينمائية المصرية في لبنان.

وعن الرقابة اللبنانية، تشير خوري الى ان الأعمال التي أنتجتها «جنجر» لم تتصادم مع الرقيب حتى الآن، الا في بعض التعديلات البسيطة، ولكن ثمة مخرجين يرفضون ملاحظات الرقابة، ما يسبّب لاحقاً عدم عرض الفيلم في الصالات اللبنانية.

عن موقع جريدة الحياة


صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة"الحياة" جريدة عربية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988 .

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)