أيقونة العنوان وشفرته في روايات نجيب محفوظ. العنوان هو أول دوال النص والبداية الحقيقية لمراحل التأويل فيه، أو هكذا يجب أن يكون
... عالم نجيب محفوظ من العوالم الروائية السحرية التي خلدت نفسها بنفسها من خلال النسق الفني المتفرد الذي انتهجه نجيب محفوظ في إبداعه الروائي، والتطور المتلاحق في بنية وصيغة الفن الروائي في عالمه، والعنونة عنده هي جزء لا يتجزأ من العملية الإبداعية الداخلية للنص، فهو يختار عناوين رواياته بعناية شديدة، ويطلقها على نصوصه برهافة وشفافية تكاد تصل حد الاحتدام، ولعل هذا الاهتمام الكبير الذي أولاه نجيب محفوظ لعناوين رواياته قد منحها في المقام الأول هذا الحضور وهذه المكانة في ساحة الرواية العربية بل والعالمية أيضا، وهو يعتبر العنوان علامة وإشارة مهمة لهذا العالم الذي شيده وأحاطه بسياج من الرؤى، وجماليات التعبير، وسلاسة التفكير، وقوة المنطق، وجودة الحبكة، وغير ذلك من التعبيرات التي أصبحت علامة على هذا العالم الروائي الثري الخصب. وحتى صارت كل أعماله الروائية وعلاماتها المميزة المتمثلة عناوينها وفي الشخوص والأحداث والأماكن، لها حضورها الخاص وتوهجها النصي في ساحة التلقي والنقد كشخصية سي السيد التي أصبحت إشارة لسطوة الرجل في المجتمع العربي، والعوامة، والزقاق، والحارة وغيرها من العلامات المميزة لهذه المسيرة الروائية التي خرجت الرواية العربية بفضلها من المحلية إلى آفاق العالمية...