أبطال ياسمينة خضرا يرممون أنفسهم في بلد يحتاج الى الترميم. “ملح كل النسيان” رواية الجزائر غداة الإستقلال بآمالها وخيباتها
لا عجب في اهتمام سينمائيين كبار بعمل الروائي الجزائري ياسمينة خضرا (اسمه الحقيقي محمد مولسهول)، وفي اقتباسهم حتى اليوم أربعة أفلام من رواياته، فإن أثبت هذا الكاتب على شيء في هذه الأعمال الروائية التي بلغت الثلاثين، فعلى اتقانه فنّ السرد بطريقة تخلّف لدينا الانطباع، لدى قراءة واحدة من رواياته، بأننا أمام فيلم مصوَّر وليس أمام نصٍّ مكتوب.
وهذا ما نستشعره، منذ الأسطر الأولى، في روايته الجديدة “ملح كلّ النسيان” التي صدرت حديثاً عن دار “جوليار” الباريسية، ويدعونا خضرا فيها إلى سفرٍ، أو بالأحرى إلى تيهٍ مسارّي في الجزائر مباشرةً بعد استقلالها، برفقة بطله المضاد، آدم، الذي يقرر، بعد صدمة عاطفية، معانقة الفضاءات الرحبة لبلده من أجل شفاء جروحه وإعادة بناء نفسه.
في مطلع الرواية، نرى آدم يمارس مهنة التعليم في قرية تقع في ولاية البليدة الجزائرية حين ينهار عالمه يوماً إثر قرار زوجته دلال مغادرته. ومع أنه يتفّهم بسرعة رغبتها في عيش حياةٍ أخرى وتحقيق ما ترغب فيه، لكن ألم الفراق يدفعه إلى مغادرة منزله وتلاميذه للتسكّع على الطرقات بلا هدف محدد غير النسيان والعزلة ووضع حدّ لحياته السابقة التي قادته إلى هذه المأساة...