مصائر كونشرتو الهولوكوست والنكبة، ربعي الدهون (فلسطين)، رواية المؤسسة العربية للدراسات والنشر - 2015

, بقلم محمد بكري


وكالة انباء الشعر


الثلاثاء, 26 ابريل 2016
وكالة أنباء الشعر - بلال رمضان


بعد فوزه بـ«البوكر» ربعي المدهون : أنا صحفي وسأتفرغ الآن للكتابة


قال الكاتب الفلسطيني ربعي المدهون، الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، عن روايته «مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة»: الفلسطينيون المثقفون يصنعون مجد فلسطين من جديد، مؤكدًا «سأستمر بالكتابة عن فلسطين حتى تكتمل فصول روايتها».

وأضاف ربعي المدهون، عقب تتويجه كأول فلسطيني يفوز بجائزة «البوكر»: هذه الجائزة لفلسطين ... الكاتب يصيح بأعلى صوته «ولك أخ كيف ضيعنا هالبلاد».

كما قال «المدهون»: أنا صحفي ولا أستطيع التقاعد ولكن الآن سأتفرغ للكتابة وقد ناهز عمري السبعين، »: لقد فشلنا في بناء دولة على الأرض، لذا دعونا نبني دولة من الثقافة، مؤكدًا في هذا السياق، على أنه سوف يستمر في الكتابة عن فلسطي.

هذا وقد أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» مساء اليوم، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، عن فوز ربعي المدهون بـ«البوكر» وهو أول فلسطيني يفوز بالجائزة التي سبق وأن وصل لقائمتها القصيرة في العام 2010.

ويحصل الفائز بالجائزة على مبلغ نقدي قيمته 50,000 دولار أمريكي، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنجليزية، إلى جانب تحقيق مبيعات أعلى للرواية والحصول على تقدير عالمي.

وربعي المدهون، كاتب فلسطيني، ولد في مدينة المجدل عسقلان، في جنوب فلسطين عام 1945. هاجرت عائلته خلال النكبة عام 1948 إلى خان يونس في قطاع غزة. تلقّى تعليمه الجامعي في القاهرة والإسكندرية، ثم أُبعد من مصر سنة 1970 قبل التخرج بسبب نشاطه السياسي. يقيم في لندن حيث يعمل محررا لجريدة الشرق الأوسط، وله ثلاث روايات إضافة إلى دراسات ومجموعة قصصية.

وصلت روايته «السيدة من تل أبيب» إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية في العام 2010 وصدرت بالإنجليزية عن دار تيليغرام بوكس، وفازت الترجمة الإنجليزية بجائزة بان البريطانية للكتب المترجمة.

و«مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة» رواية رائدة تقع في أربعة أقسام، يمثل كل منها إحدى حركات الكونشرتو وحين يصل النص إلى الحركة الرابعة والأخيرة، تبدأ الحكايات الأربع في التوالف والتكامل حول أسئلة النكبة، والهولوكوست، وحق العودة. إنها رواية الفلسطينيين المقيمين في الداخل ويعانون مشكلة الوجود المنفصم وقد وجدوا أنفسهم يحملون جنسية إسرائيلية فُرضت عليهم قسرا. كما أنها رواية الفلسطينيين الذين هاجروا من أرضهم إلى المنفى الكبير ثم راحوا يحاولون العودة بطرق فردية إلى بلادهم المحتلة.

ووبهذا الفوز تعتبر رواية «مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة» أفضل عمل روائي نُشر خلال الاثني عشر شهرا الماضية، وجرى اختيارها من بين 159 رواية مرشحة تتوزع على 18 بلداً عربياً.

وكانت القائمة القصيرة المكوّنة من ست روايات قد أُعلنت في مؤتمر صحفي عُقد في النادي الثقافي في مسقط، سلطنة عُمان، في فبراير الماضي. ويحصل كل من المرشّحين الستة إلى القائمة القصيرة على 10.000 دولار أمريكي، كما يحصل الفائز بالجائزة على 50.000 دولار أمريكي إضافية.

وفيما يلي أسماء لجنة التحكيم: الدكتورة أمينة ذيبان، رئيساً، مع عضوية كل من: الصحافي والشاعر المصري سيد محمود، والأكاديمي المغربي محمد مشبال، والأكاديمي والمترجم البوسنوي منير مويتش، والشاعر والناقد اللبناني عبده وازن. وترعى الجائزة مؤسسة جائزة بوكر في لندن، بينما تقوم هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة في الإمارات العربية المتحدة بدعمها مالياً.

عن موقع وكالة انباء الشعر


انطلقت أول وكالة أنباء خاصة بالشعر والأدب عام 2003، وكانت بمجهود خاص من قبل بعض الشعراء الخليجيين على رأسهم الإعلامي القطري خلف السلطاني، وما أن بدأت الوكالة تعاونها مع العديد من القنوات الفضائية مثل قناة الواحة، وقناة شاعر المليون، وقناة أبوظبي، حتى أصبحت محط أنظار العديد من الشعراء والأدباء والمهتمين بهذا الشأن في الوطن العربي، وتزامن ظهور برنامج شاعر المليون الذي يبث عبر قناة أبوظبي وكذلك مسابقة أمير الشعراء وغيرها من مسابقات الشعر مع بداية انطلاقة وكالة الشعر حيث أصبحت الوكالة هي الناقل الرسمي لأخبار المسابقات الشعرية في الوطن العربي ولديها شريط اخباري يبث عبر أكثر من محظة فضائية.

وكالة انباء الشعر الصفحة الرئيسية



جريدة الحياة


الإثنين، ٢٣ مايو/ أيار ٢٠١٦
جريدة الحياة
محمد برادة


ربعي المدهون باحثاً عن دلالة فلسطينية متوارية


ليس سهلاً على فلسطيني يكتب الرواية، أن يحمل جديداً إلى قضية شعبه التي اقترنت بالمأساة منذ ولادتها، وظلت تدور في هذا الفلك لأنها لم تعرف حلاًّ عادلاً يخرجها من النطاق المأسوي ويُعيد الفلسطينيّ إلى حياته المعتادة التي فقَدها منذ نكبة 1948. إلا أن حيوية الأدب الفلسطيني المعاصر حققت إنجازات في الشعر والنثر حررت هذا الإبداع من ضيق «الواقعية الملتزمة»، ودفعت به إلى آفاق تزاوج بين مأسوية التاريخ ورحابة المشاعر الإنسانية المتدثرة بجمالية تعلو على السياقات الظرفية... والروائي ربعي المدهون يندرج ضمن هذه الكوكبة من المبدعين الذين يعون جيداً أن الشكل، في كل تعبير، يكتسي أهمية قصوى لأنه يسعف على التقاط خصوصية التجربة وعلى استنطاق الجوانب والمشاهد المهملة داخل الإطار العام نتيجة إيلاء الانتباه إلى التجليات الكبرى للموضوع المستوحى في الرواية.

من هنا، نتفهم اتجاه المدهون إلى التجريب وحرصه على تأكيد هذا التوجه في مطلع النص؛ أكثر من ذلك، يعلن عن نزوعه التجريبي في عنوان فرعي مضاف على هذا النحو: «مصائر: كونشرتو الهولوكست والنكبة» (مكتبة كل شيء، والمؤسسة العربية، 2016). قد نسلم مع الكاتب بأن شكل روايته يطابق شكل الكونشرتو، لكنه لم يكن في حاجة إلى هذا التوضيح، إذ إن نوايا الكاتب قلما تطابق منجزه النصي. مهما يكن، فالكاتب يصرح بأن استيحاءه للكونشرتو يتمثل في توظيف الحركات الأربع، حيث يركز في كل حركة على شخصيتين ويعود، في الحركة الرابعة، إلى جعل كل الشخصيات تتقاطع والأحداث تتكامل، فيكتسب النص المتشظي ملامح دلالية تضيء جوانب متباينة من القضية الكبرى القابعة في خلفية النص.

الشكل وطرائق السرد

سأحاول أن أستجلي شكل «مصائر» وعناصرها السردية انطلاقاً من المكونات النصية، على أساس أن إشارة الكاتب إلى استعانته بشكل الحركات الأربع للكونشرتو إنما هي تأكيد للشكل المتشظي الذي يفرض نفسه على الرواية العربية الحداثية التي تستوحي مجتمعات متشظية، متفجرة، تعيش وتنمو بعيداً من التراتبية التي فرضتها التصنيفات الطبقية في المجتمعات البورجوازية والتي بلورتها الرواية الكلاسيكية.

في الحركة الأولى، يطالعنا الحافز المزدوج الكامن وراء الفعل لدى شخصيات الرواية، والمكون للحبكة العامة. ذلك أن إيفانا الأرمينية، والدة جولي، أوصت قبل موتها أن يحرق جسدها وأن يوزع رماده على المدن التي عاشت فيها، ومنها عكا في فلسطين المحتلة. ولأجل ذلك جاءت جولي صحبة زوجها وليد حيث استقبلهما صديقهما جميل وزوجته الروسية لودا؛ وأثناء هذه الزيارة، تستيقظ رغبة جارفة لدى جولي في أن تسكن مع زوجها في عكا بدلاً من لندن. وتنتهي هذه الحركة الأولى بتوادع الأصدقاء في مطار بن غوريون وحوار بين جولي ووليد عن احتمال العودة للسكن في عكا؛ لكن وليد يجيب: «هذه ليست عودة جيجي. أنا لن أعود إلى البلاد لكي أعيش فيها غريباً. عندما نصل إلى لندن نناقش الموضوع بعيداً عن ضغط لحظة الفراق هذه». ص 65. بعبارة ثانية، تنطلق الرواية من نهاية زيارة وليد وجولي إلى فلسطين، ثم تأتي الحركات أو الفصول التالية، لتستعيد ما تم خلال تسعة أيام من زيارتهما، وصولاً إلى اليوم العاشر، يوم عودتهما.

في الحركة الثانية، يتناوب على السرد ضمير الغائب وجنين زوجة باسم، ووليد دهمان إلى جانب ضمير الغائب في النص الروائي الذي تكتبه جنين ويقرأ بعض فصوله وليد. وهذا التنويع في الأصوات الساردة يتيح لملمة تفاصيل متباعدة عن علاقة جنين وباسم في حياتهما المتوترة بسبب مضايقات الإدارة الإسرائيلية، وعن تجربة بطل رواية «فلسطيني تيس» الذي يحمل اسم «باقي هناك» والذي هو أبو جنين الذي رفض الهجرة بعد احتلال إسرائيل فلسطين وأصر على البقاء ومقاومة الاحتلال في شروط مهينة... وفي الحركة الثالثة، يقرأ وليد فصولاً من رواية كتبتها جنين ويشركنا معه في متابعة حياة «باقي هناك» حين كان يعيش مع زوجته الثانية في منزل مجاور لليهودية أفيفا التي نجت من المحرقة النازية، وظلت الكوابيس تطاردها داخل إسرائيل. بل إنها تموت ثم تعود إلى الحياة قبل أن تغادرها إلى غير رجعة. والمسكين محمود جارها يتحمل نزواتها وإزعاجها ويهيء نفسه لتأبينها كما طلب منه ذلك زوجها.

ويشتمل هذا الفصل على لقطات ساخرة وفانتاستيكية يختلط فيها الواقعي بالمتخيل، ليرسم ملامح من حياة عرب 48 داخل إسرائيل العنصرية، كما يحكي عن ما يتعرضون إليه من سوء معاملة عندما يزورون بلداناً عربية. وفي مقطع بعنوان «دهمان في غزة»، يرسم الكاتب من خلال نص رواية جنين وإضافات وليد تعليقاً على ما كتبته، صورة للدور الذي كان الراديو يلعبه في لم شمل الفلسطينيين وتسليتهم في أرض الشتات. ومن ثم، فإن إدراج رواية داخل رواية «مصائر» هو عنصر سردي وسّعَ نطاق المحكيات وشكْل تقديمها من زوايا مختلفة. وفي الحركة الرابعة واليوم العاشر، يُجمِّع الكاتب خيوط المحكيات والشخصيات التي طالعتنا في الحركات السابقة ليسلط الضوء على موضوع أساس يتصل بضحايا النازية الذين أقامت لهم إسرائيل متحفاً يحفظ ذكراهم؛ وكذلك متحف ذاكرة الفلسطينيين الذي أقيم بعد مصالحة اتفاقية أوسلو، لكنها مصالحة وهمية لأن السلطة الإسرائيلية لم تتوقف عن ارتكاب جرائم التقتيل والعسف ضد شعب فلسطين.

جوانب أخرى من المأساة

إلى جانب هذه العناصر الشكلية والسردية، هناك عناصر أخرى تدعم البناء التجريبي للرواية، وتتمثل في المزج بين شخصيات واقعية وأخرى مستمدة من نص روائي مُدمَج في رواية «مصائر»، كتبتْهُ جنين التي هي إحدى شخصيات الرواية/الأصل. وهي عملية تخلق مرآة موازية تعكس المواقف والخطابات من زوايا متباينة. يضاف إلى ذلك، أن الكاتب استحضر اسمه ضمن بعض مواقف الرواية ليؤكد البعد السيْر الذاتي - التخييلي في روايته. أكثر من ذلك، يعمد الكاتب إلى استحضار أسماء تحيل على أسماء كُتابٍ وشعراء معروفين في الساحة الأدبية، ويتمادى ليجعل شخصية وليد في «مصائر» استمراراً للشخصية ذاتها التي طالعتنا في رواية سابقة للكاتب تحمل عنوان» السيدة من تل أبيب». وواضح أن هذه اللعبة السردية تلتقي بما ابتدعه سيرفانتس في «دونكشوت» (1605 - 1614)، حيث عدّدَ كُتابَ روايته، وجعل بطليْه دونكشوت و سانشو يلتقيان بشخصية من شخصيات الجزء الثاني المزيّف من «دونكشوت» الذي كتبه روائي مجهول لانتقاد سيرفانتس... وهذا العنصر اللّعبي، يفتح الباب أمام القارئ ليُسائل الكاتب ويتخيل صيغة أخرى للسرد وعلائق الشخوص. يضاف إلى كل ما تقدم، لجوء الكاتب إلى استثمار عنصر الفانتاستيك لتكسير حدة الواقعي وإبراز الجانب الخرافي الذي يتسلل إلى عقول الناس وتصوراتهم، على نحو ما يورده وليد على لسان زوجة عمه وهي تتحدث إلى أمه عن الصخرة في مسجد قبّة الصخرة: « معك خبر يا أمينة أنه الصخرة طارتْ ولحقت النبي، عليه الصلاة وأفضل السلام، ليلة الإسراء والمعراج. فنهَرها النبي عليه الصلاة وأفضل السلام: اتأدّبي. فوقفتْ مطرحها...آه طبعاً وظلت معلقة في الهواء». ص 228.

لا شك في أن الجهد الذي بذله ربعي المدهون في تشكيل الرواية وتنويع طرائق سردها ومستويات اللغة والكلام المهشم على لسان الشخصيات الأجنبية، وتوظيف السخرية اللاذعة والفانتاستيك، قد أتاح له أن يستوعب مجموعة من تفاصيل الحياة داخل فلسطين المحتلة وفي الشتات، ليجعلها تصب في موضوع أساس له مظهران واضحان: الأول عن مأساة ضياع الوطن وشعور الفلسطينيين جميعهم، لا فرق بين مَنْ هم في الداخل أو في الشتات، بوطأة الاحتلال الإسرائيلي. والمظهر الثاني، يلامس تلك المفارقة التي يعيشها اليهود داخل «إسرائيل الديموقراطية»، حيث تقيم الدولة متحفاً يخلد أسماء ضحايا الهولوكوست، وفي الآن نفسه يستمر جيش الاحتلال في قتل الفلسطينيين الأبرياء وتدمير منازلهم والزج بهم في السجون. يقول وليد محدثاً نفسه وهو يزور متحف ذاكرة ضحايا النازية في القدس.

إن رواية «مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة» هي، في نهاية التحليل، رواية تبدّد الأوهام التي قد تكون لا زالت قائمة لدى بعض الفلسطينيين تجاه إسرائيل المُستَعمِرة ومزاعمها الديموقراطية؛ ذلك أن تفاصيل العيش بالنسبة إلى من يعيشون في ظل «السلطة الوطنية» التي لم تحصل بعد على اعتراف بدولتها، أو بالنسبة إلى من هم حاصلون على جنسية إسرائيلية، تؤكدُ أن إسرائيل لا تريد سلاماً ولا اعترافاً بحق الفلسطينيين في الاستقلال، بل تبرهن يومياً على تشبثها بسياسة العنف الاستعماري ومصادرة الحريات، والإمعان في التمييز العنصري... ومن ثمّ أصبح جميع الفلسطينيين يعيشون مأساة الاحتلال والشتات والقهر، على قدم المساواة، بخاصة بعد أن تبدد وهْمُ المواطنة عند فلسطينيي 48 الذين اختاروا البقاء بعد النكبة. وهذا ما رسمته «مصائر» عبر مسار محمود دهمان، ومن خلال تجربة وليد وبَاسم وجنين الذين يعيشون ممزّقين بين العودة إلى الوطن المحتل، أو البقاء في الغربة. وهو تساؤل يُحيل أيضاً على معضلة الهُوية الممزقة، المحاصرة بتفاعلات شتى ضمن صيرورة تطاول جميع الشعوب والمصائر البشرية... كل ذلك يصلنا عبر إنجاز سردي متنوع، وشكل روائي مفتوح على مرايا جمالية تتبادل الرؤية، وتفسح المجال للسخرية واستحضار المشاعر الإنسانية التي يحتمي بها من يعاني من الاستعمار والقهر لكي لا تتلّبسه وحشية المستعمِر الجلاد الذي يتناسى مأساته حين كان، في الأمس القريب، ضحية الهولوكوست.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.



جريدة القدس العربي


جريدة القدس العربي
السنة الثامنة والعشرون العدد 8461 الأربعاء 11 أيار (مايو) 2016 - 4 شعبان 1437هــ
رامي أبو شهاب - كاتب فلسطيني-أردني


«مصائر كونشرتو الهولوكوست والنكبة» لربعي المدهون : طباق… تنازُع… حيوات مجزّأة… ذاكرة… وعناوين أخرى


تنهض رواية «مصائر» لربعي المدهون ـ الحاصلة على جائزة البوكر العربية ـ على ذلك الإحساس الملازم للفلسطيني بالاقتلاع، كما يتجلى سردياً عبر مُتخيّل يتأسس على مواقف وحوارات تحتمل قدراً من الاغتراب الداخلي والخارجي، على حد سواء، وهذا يشمل مفردات كولونيالية، كالتمثيل العرقي، والتمييز العنصري، والتضاد، والذاكرة، علاوة على الوعي بالاقتلاع والتهجير الذي يطال كل فلسطيني أينما كان :

«لملمت فاطمة ما همست به من بين شفتيها واستهجنته «إيش حبيبي؟ إمك ماتت في لندن ؟ إحمدي ربك واشكريه، تعي شوفينا هون، غربا في بلادنا ولاجئين، ما في فرق بين الميتين منا واللي عايشين».

تنفتح الرواية على «إيفانا أردكيان» التي رحلت عن فلسطين مع حبيبها البريطاني المستعمر سنة 1948، ولهذا دلالة مهمة، تتمثل بتزامن هذا الارتحال مع النكبة الفلسطينية، وكأن ثمة في هذا التاريخ إحالة لمعنى الاقتلاع، حتى إن اختلف السبب، إن خروج إيفانا مع الضابط البريطاني يعني أن ثمة نسقاً من الغفران «التسامح»، كما أتت عليه دراسات الخطاب ما بعد الكولونيالي، حيث لم يعد الطبيب ذلك المستعمر البريطاني الكريه. ولكن هذا مرتهن بأفق تلقي الخطاب السردي الذي يتناول هذه الثيمة في باقي أجزاء الرواية، ولكن من منظور آخر كما سوف نختبر في متن هذه المقاربة.

في رواية «مصائر» نقرأ سرداً افتتاحياً يتمحور حول حياة والدة جولي «إيفانا» في فلسطين، لنعاين ضمن هذا الفصل من الرواية نموذجاً نوستالجياً يتضمن قيماً جمالية ترتبط بالتكوين الفلسطيني ووجوده على أرض فلسطين، بالتوازي مع الأحداث التي أدت إلى خروج إيفانا واستحالة عودتها مرة أخرى إلا في زجاجة تحمل رمادها كي ينثر على أرض فلسطين، ولكن عبر نموذج رمزي، فقد أوصت من خلال محاميها أن ينثر جزء من رماد جثتها في بريطانيا، وتحديداً في نهر التايمز، في حين يُنثر الجزء الثاني في فلسطين، وهذا يحيل إلى معنى التبعثر والتجزؤ لحيوات الفلسطيني (قبل الموت وبعده)، فالحنين كامن حتى ما بعد الموت لمعانقة الوطن، واستعادة البيت، ولو عبر الاختبار، والمشاهدة من قبل جولي الابنة التي وقعت على حكاية الوطن، والمنفى، والذّاكرة من والدتها لتصنع فلسطينها المتخيلة، غير أن جولي أتت كي تستكمل صورة الوطن، ولكن بشيء من التفاصيل، غير أن البيت الذي تعود جولي لمعاينته أصبح سكانه من اليهود.

«أخذتني سمية من يدي، ومضت بي نحو سلم حديد يتوسط البيت وأشارت إلى أن أصعد، قائلة، «ما دامت والدتك حدثتك عن التفاصيل، إصعدي إلى أعلى استديري يسارا، وعليك بعدها أن تتابعي التفاصيل التي تعرفينها».

لاشك في أن عودة جولي لنثر رماد أمها، قد أقام نسقاً لمقاومة الاقتلاع، ولو بشكل معنوي، غير أنه يتصل بالامتداد والانتشار والشتات، فهو رماد منثور ينتشر في كافة بقاع أرض فلسطين، ولكنْ ثمة جزء آخر بقي هناك في بريطانيا، وعلى الرغم من أن هذا الرماد المنثور يبدو نسقاً قابلاً لقراءة الاختلال على مستوى التطبيق الأيديولوجي، فوالدة جولي خرجت من وطنها نتيجة تجربة ذاتيّة تتمثل في عشق الضابط الإنكليزي، وهذا ربما أضعف المستوى الدلالي في الرواية، وتوجهاتها الخطابية للوهلة الأولى، ولكنه من جهة أخرى يبدو حيلة سردية موفقّة، كونه يحيل إلى أفق الإنساني والتّسامي فوق التاريخ، ونكران مفهوم الهوية النقيّة، وهذا ما يعد نموذجاً خطابياً جديداً في الرواية الفلسطينية، فالعودة الرمزية لإيفانا هي عودة إلى الجذور بهدف رتق هويتها، أو هوية ابنتها التي نتجت عبر مكونين: النموذج الحياتي في إنكلترا التي احتوتها، وفلسطين وطنها الأم.

تحتفي الرواية بالنسق الرمادي للهوية العالقة بين كونين يتنازعان الفلسطيني، ونموذجه شخصية جولي التي انبثقت من أم فلسطينية، وأب بريطاني، ولهذا يتبدى الإحساس بين تكوينين، أو الوقوع في بينية واضحة لا مجال لتجاوزها، كونها أصبحت ترتبط بالبعد الجيني والثقافي، ولكن ثمة دوما رغبة في للبحث عن نصف جولي الآخر، فحين تقترب من باب بيت والدتها في عكا ينبثق لون الباب الأزرق الشاحب، ولكنه يبدو كسماء حائرة بين الشتاء والصيف، ثمة هوية عالقة، وعالم رمادي، جولي نصف عكاوي ونصف إنكليزي، كما يشرح وليد في متن الرواية، وهذا إحالة إلى اختلاط التكوين الفلسطيني لذوات عانقت ذوات أخرى، فتأسست ذوات هجينة كما نقرأ في توصيف واضح الدلالة لهذا الانتشار المختلط الذي نتج بفعل الاقتلاع الفلسطيني، فجولي أرمنية مسيحية فلسطينية بريطانية، وزوجة لرجل مسلم، هُجنة هوياتية وثقافية متعالية على كافة الحدود. يشكل الوطن في فضاء المتخيل نموذجاً حيوياً لمعنى الحنين، أو النكران السلبي، غير أن المعاينة تبقى خاضعة لاشتراطات معينة، يحتفي بالمطابقة، كما بالألم. ففي رواية مصائر نقرأ نصاً يحتفي بقيمة تجميع مراكز الخطاب في فقرة واحدة مرتكزاتها ذلك الحنين والعودة والأسلاف، واللغة والذّاكرة، ولاسيما حين يواجه وليد دهمان منزله، ويستحضر صوت أمه، وقطاعاً من الحياة، ولكنه كان فقط في الماضي: «أتأمل غرفة نومنا هل هي غرفة نومنا حقاً؟ أنظر إلى أسفل، تسقط نظراتي من عيني أتلقفها وأتقدم خطوتين تتعثر قدماي الصغيرتان في العتبة التي تشبه جرتي سلم رفيعتين واطئتين، تلتقطني أمي وتصرخ اسم الله عليك يمه اسم الله وجيرة الله عليك»، أخفي دمعتين أطلقهما سرا في بيت والديّ أحقاً هو بيت والديّ؟ أهي مراوغة ذاكرة أثقلتها نوستالجيا بنتها حكايات تشبه الوصايا وراكمتها السنون».

في مصائر لربعي الدهون مستويات متعددة من الخطابات «الكونشرتو» التي تبحث في استحالة أن يشعر الفلسطيني في إسرائيل بمعنى الوطن، على الرغم من أنه ما زال فعلياً على أرض فلسطين، وهذا يعني أن الاقتلاع نموذج لا يتصل بالتّكوين المادي فحسب، بمقدار ما يعني قيماً معنوية تنهض على الإحساس بالاندماج، والحرية، ونيل الحقوق، وهذا ما تختبره الرواية في أكثر من موضع، عبر تتبعها لحيوات بعض الشّخصيات في مستوى سردي من هذا الكونشرتو الذي يشمل «باسم» زوج جنين الذي عاد من منفاه الغرب إلى منفى داخلي آخر، حيث لا يحقّ له العمل في إسرائيل، ويحتاج إلى تجديد إقامته، كما أن ثمة إشارات إلى ذلك التّمييز العرقي المناهض لكل ما هو إسرائيلي غير أبيض، إذا جاز لنا التعبير، وهذا يشمل العرق الأفريقي، ويعني أن ثمة نموذجاً خطابياً يتكئ على التقييم ما بعد الكولونيالي، حيث يمنع عدد من طالبي اللجوء من اليهود الأفارقة، ولا سيما القادمين من السّودان للحصول على تصريح عمل، غير أنهم يمنعون من دخول مبنى وزارة الداخلية. هذا التمييز يدفع إلى انبثاق إشكالية بين جنين وباسم الفلسطيني الراغب في العودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أو الذهاب للعيش في بيت لحم، غير أن جنين تقاوم ذلك، وترغب في أن تبقى في موطنها، في يافا، ولهذا تمنى الاثنان لو استمرت علاقتهما افتراضياً على الماسنجر والشبكة العنكبوتية لردم شتاتهما، وصون حبهما. ومع ذلك فثمة إشارات نصيّة متعددة أيضاً إلى معاناة الفلسطينيين في دول اللجوء العربي، ومن ذلك ما جاء على لسان إحدى الشخصيات حيث تتضح معالم التمثيلات السلبية في وعي الفلسطينيين في دول اللجوء، سواء أكانت في حدود العالم العربي أو خارجه.

«عليّ الطلاق بالثلاثة العيشة تحت حكم إسرائيل أحسن ألف مرة من حكم الإدارة العسكرية المصرية اللي موريانا نجوم الظهر هذيك عدو واحتلونا، بس هذي بتبيعنا عنجهيات قومية ع الفاضي». إن الكتابة داخل الكتابة تعني حلاً سردياً لبناء تمثيلات الوطن المتخيل، حيث تسرد حكايات «باقي هناك» بحيواته المجزّأة بين أكثر من مكان، كما إيفانا، ووليد وجولي، وباسم وجنين. نقع في الرواية على العودة لمعاينة فلسطين، فثمة دوما إحساس بتصوير طوباوي لتكوين الوطن في المتخيل تنهض على جمالية الماضي، ونموذج الفردوس المفقود، صورة الوطن الذي يفوق على كل الأوطان. في الرّواية، نقرأ كيف تمثّل فلسطين بوصفها أجمل الأوطان في رحلات تعاين فلسطين وصفياً…عكا والقدس ويافا، وغيرها ومن ذلك المقاهي والمطاعم، وشاطئ البحر، والأشخاص… كافة تلك التّمثيلات الآخذة في بناء وطن قائم على الذاكرة واختبار الواقع، مع محاولة مطابقته مع المتخيل والذّاكرة، ولا سيما حين تطرح جولي على زوجها فكرة البقاء والاستمرار في فلسطين. تتأسس الرواية على كونشرتو الأصوات، ولهذا تظهر كرنفالية لغوية، فعلى مستوى الحوار ثمة حوارات باللغة العربية الفصحى، فضلاً عن حوارات باللهجة الفلسطينية المحكية، كما حوارات مكتوبة بحروف عربية، غير أنها كلمات إنكليزية، وهذا ينطبق على حوارات اللغة العبرية، ما يعني أن ثمة حالة من الاختلاط والتّهجين اللغوي الواضح، وهو يحملنا إلى نص كنائي عن تشتت اللغة، وتبعثرها في أكثر من اتجاه، وهو ما يدفع إلى بنية سردية محتفــية بذلك التّعدد اللغوي الذي ميّز التكوين الفلسطيني الثقافي في المنافي، وبلدان الغربة، وهذا يتجلّى عبر البيان الجغرافي لأمكنة تتعدد بين إحداثيات كلندن، ومدن فلسطينية، ومنها عكا وحيفا، وغزة، وعسقلان، وكندا، كما أن الرواية تحتفي بتحولات الأمكنة الفلسطينية، ومغادرتها لأسمائها العربية مقابل الأسماء العبرية لذات الأمكنة، وهو ما يعد نسقاً خطابياً قائماً على التّنازع بين ذاكرتين: يهودية وفلسطينية.

لا شك في أن لعبة الأسماء وإحالتها الدلالية مما يعدّ فعلاً سردياً متقدماً، ومن ذلك بنى ثنائية، ومتعددة أشبه بتبعثر وتجزؤ الذّات الفلسطينية. ذوات تحتمل أكثر من معنى للوجود، ففي رواية «مصائر» نعثر على مستوى في بنية رواية تعتمد «الميتاسرد» حيث محمود دهمان يحمل اسماً آخر «باقي هناك» في نص الرّوائية «جنين»، ولعل القيمة التّناصية للاسم تحيلنا إلى رواية إميل حبيبي، بيد أن المعنى المتبلور هنا، أن محمود دهمان تعالى في تكوينه ليتحول إلى كائن مؤسطر يحمل معنى المقاومة، رفض التّخلي عن الوطن، لقد أضحى خطاباً لمقاومة الاقتلاع، ومغادرة حيواتها إلى حياة واحدة هي البقاء في فلسطين.
إن كلمة «البلاد» ذات تفعيل عاطفي لمعنى العودة حين يصيح وليد دهمان «الابن» «أنا في البلاد يمة»، وهذا يبرز بمحاذاة تلمس الأمكنة التي ألفها قبل ثمانية وثلاثين عاماً، كما الأوجاع التي يحتملها المرور على كل بقعة وأرض وشجرة، وحتى الأماكن التي تغير ساكنوها كالرملة التي سكنها الفلاشا والأثيوبيون، فثمة حاجة ملحة لاستعادة اختبار المكان، وتلمسه من جديد، فوليد في رواية مصائر يستعين بذاكرة والدته كي تقوده إلى بيتهم عبر مكالمة هاتفية :

«بتتذكري يمه وين كنت ساكنة قبل الهجرة؟ بتتذكري بيتنا؟».

«هايمه ايش بدو ينسيني؟ يا ورديه عليّ يمه هو أنا بنسى البيت اللي اتجوزت فيه وخلفتك فيه! قطيعة تقطع اليهود اللي حرمونا منه».

في رواية مصائر ثمة إطلالات على الارتداد والعودة عبر نسقين كما تمثله عودة وليد وجولي، أو عبر المتخيل النصي المضمّن في رواية جنين حول «باقي هناك» الذي رفض مغادرة فلسطين، وتشبث بموقعه رافضاً أن يكون مقتلعاً، وفضّل أن يعاني التمييز والعنصرية في وطنه، حاله كحال جنين المتشبثة في بيتها، ومدينتها على الرغم من كافة التحديات.

تُبنى رواية مصائر بالمجمل على نسق تقابلي يستدعي مروية الهولوكوست، وكيف سعى اليهود للعودة إلى فلسطين ولو زحفا، في حين أن بعض الفلسطينيين يسعون للهجرة أو الزحف إلى السويد والدنمارك. إن رؤية متحف المحرقة «يد فشم»، وقراءة أسماء الضحايا من قبل وليد دهمان، استدعى قراءة طباقيّة لأسماء الضحايا الجدد الفلسطينيين الذين توزعوا بين السّماء والأرض، وهنا ثمة دعوة لقراءة تبادلية بين الضحية والجلاد، ولا سيما في مستواها المعني في ثنائية التنازع على الأرض، على النموذج، ونعني نموذج الضحية الذي ميّز المروية اليهودية على امتداد خطابها التاريخي، فالسرد الفلسطيني يسعى إلى خطاب يمحو نموذج اليهودي، ليصنع نموذج ضحية آخر هو الفلسطيني، وإذا كان التجوال اليهودي قد انتهى بالعودة إلى فلسطين، ولهذا كان لا بدّ للفلسطيني من أن يمارس فعل إزاحة عبر التمركز حول فكرة العودة في المروية الفلسطيني. ولنقرأ هذا النموذج عبر تمثل التحولات والتنازع على خطاب الضحية النموذجي: «أتابع الملامح والأسماء صعودا إلى أن بلغ نظري نهايتها الدائرية المفتوحة على السماء، في تلك اللحظة أطلت على وجوده آلاف الفلسطينيين الذين عرفت بعضهم ولم أعرف الكثيرين منهم، كانوا يتزاحمون كمن يرغبون في النزول إلى قاعات المتحف والتوزع عليها واحتلال أماكنهم كضحايا حزنت على من هم منا وعلى من هم منهم.

وعلى الرّغم من أن الخطاب في المقطع السابق طافح بالرؤية التّـــنازعية على صورة الضحية، وتمثيلها إلا إنها لم تعدم نموذج الأنسنة أدوار الضحية، ولكن المغفــرة لم تتحقق بعد ضمن هذا التـــوجيه لكون الضحية الفلسطينـــية ما زالت قائمة، على الرغم من بعض التوجهات من خلال وجود جمعيات يهودية تدعـــو إلى تذكّر الفلسطينيين إلى قراهم، ومنها جمعية يتذكرن- زوخروت» التي تقود نضـــالا شرساً حول الذاكرة.

في هذا الجزء من الرواية تتمحور القيمة السردية الخطابية حول إمكانية اجتراح نموذج تسامحي قائم على المغفرة، غير أنّه على ما يبدو غير حقيقي، على الرغم من وجود مدينة «عيرشــل سلحانوت» أو مدينة التسامح، فالتصالح صعب، على ما يبدو، وبعيد المنال، ولا سيما لدى الجيل الذي عرف الصراع، كما أن هنالك تأكيداً على أن هذا التصالح المزعوم مرفوض حتى من قبل الأجيال الجديدة.

عن موقع جريدة القدس العربي

عدد القدس العربي للمقال بالـ pdf


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)