الراقصة والمفكر .. تاريخ خارج الصفحة. مقال إدوارد سعيد وضعني أمام العديد من الأسئلة عن علاقة مثقف ومفكر كبير مثله براقصة وممثلة كتحية كاريوكا
.بعد أربع وعشرين ساعة من وفاتها بثت شبكة CNNتقريرا عن الفنانة تحية كاريوكا تناول نبذة عن حياتها وعن أعمالها ووصفتها بمارلين مونورو العالم العربي، وأشار التقرير إلى بعض أفلام تحية خاصة “شباب أمرأة” الذي عرض في مهرجان كان 1958 وحصل على جائزة دولية.
ولعل أبرز ما تطرق إليه التقرير هو مقال الدكتور إدوارد سعيد الذي نشره في مجلة لندن “ريغيو اوف بوكس” وحاول فيه إيفاءها حقها كراقصة وفنانة ورمز ثقافي ليس فقط في مصر بل في كل العالم العربي الذي عرفها من خلال السينما ثم التليفزيون بفضل مهاراتها المذهلة التي لم ينافسها فيها أحد كراقصة وفنانة، وأيضا فتنتها المصرية وتلاعبها الساحر بالكلام وروح المناكفة والغزل كما يقول إدوارد.
ولقد وضعني مقال إدوارد سعيد أمام العديد من الأسئلة عن علاقة مثقف ومفكر كبير كإدوارد براقصة وممثلة كتحية كاريوكا، وأيضا الكتابة عنها بجدية وبتحليل لا يقل عمقا عن كتابته في الاستشراق، أو غيره، وأيضا جرأته في تناول الشخصية والتعامل معها بكل معطياتها من تناقض وخفة وحرية وعمق وإنسانية وغيرها.
وأخيرا الربط بين الشخصية وواقعها الاجتماعي والسياسي وعلاقتها بهذا الواقع وكيفية التعامل معه. وكل هذا التناول العميق الذي لا يُقدم عليه سوى من هم في عمق تفكير وقدرات، وجدية إدوارد سعيد في الطرح، وضعني في حيرة لم يخرجني منها قليلا إلا توضيحات سعيد في مقاله: “وداعا.. يا تحية” الذي نشرته جريدة “الحياة” حينها.
يقول إدوارد: إنها أروع فنانات الرقص الشرقي في العالم العربي، وأطولهن عهدا، إذ استمرت حياتها الفنية “ستين سنة” من أوائل الستينيات إلى عهدي أنور السادات وحسني مبارك، وأرسلها كل من هؤلاء “عدا مبارك كما أعتقد” إلى السجن مرة أو أكثر بتهم مختلفة غالبيتها سياسية...