جريدة المدن الألكترونيّة
الأربعاء 02-05-2018
المدن - ثقافة
أماني خليل
"مدينة الحوائط اللانهائية": جدارية الحب والسحر والجنون
بكلمة “بَلَغني” ذات الوقع الإسطوري يبدأ الروائي المصري طارق إمام مجموعته القصصية الأخيرة "مدينة الحوائط اللانهائية"(*). من اللحظة الأولى نحبس أنفاسنا؛ مستدعين حكايات شهرزاد في ألف ليلة وليلة، العمل المؤسس في الثقافة العربية، لكل الأعمال القائمة على تقديس قيمة “الحدوتة” الرئيسية المنفردة والمتداخلة مع حواديت أخرى القائمة على الأسطورة تارة، وعلى القص الشعبي تارة ثانية، وعلى تداخل الموروث الثقافي بالميثولوجي الديني تارة أخرى. عبر ثلاثة اجزاء وست وثلاثين حكاية يشيد إمام عالمه الخاص يبني لقارئه جدارية في مدينته المتخيلة في زمنه الخاص جدارية من الحكايات التي حصلت، والتي لم ترو بعد، كما تشير حكايته الأخيرة في الكتاب “الحكاية التي لم أكتبها بعد”، في إشارة ان هناك ما لم يرو وربما ما سُكِت عَنه.
تبدأ حكايات الكتاب بتناص مع اسطورة الخلق وبنفس ماركيزي، نحن نرى مدينة قرر أهلها ان يكونوا إخوة بالدم فهدموا الجدران بينهم، وأقاموا جدرانَا تحيط بالمدينة من الخارج لتحميهم من الأعداء. يموت سكان البيت الواحد ويفقد أهلها ساكناً كل يوم مخلفاً وراءه بقعةً من الدَم. ثم لا يبقى سوى رجل وامرأة كلاهما قاتل وضحية، آدم وحواء جدد لكنهم ابناء ميراث من الدم والخوف، يتكون نسل جديد من الاثنين لكن هذه المرة يبني السكان جدرانًا لا نهائية لتحميهم من أنفسهم ومن الغرباء، مئات من جدران العزلة والخوف والوحدة يعيش فيها سكان المدينة.
في البداية هناك سؤال يطرح نفسه على القارئ بقوة: هل مدينة الجدران بوحدة المكان والزمان والأبطال، رواية؟ أم مجموعة قصصية؟
ينحاز إمام لتصنيفها بكتاب قصصي حيث تتصدر الغلاف كلمة قصص، رغم قرب العمل من الشكل الروائي المكتمل. التصنيف النقدي لم يشغلني كثيرًا امام موزاييك مبهر من الحكايات قسمها إمام الى نساء مدينة الحوائط، رجال مدينة الحوائط، غرباء مدينة الحوائط.
العالم النسائي الخاص الذي نراه في المجموعة، محفوف بالأساطير، نعرف من خلاله معلَم المدينة الأهم “جبل الكُحل”، وهو الجبل شديد الزرقة الذي تكتحل منه بطلة الحكاية الأولى “المرأة ذات العين الواحدة”، التي يحسدها نساء المدينة على جمال عينيها فيقررن سرقة جبل الكحل الذي يحمي المدينة من الغرباء. في كل حكاية لاحقة، نجد تتمة للحكاية السابقة، فنساء المدينة ذوات العين الواحدة في “حكاية المرأة ذات العين الواحدة” والتي تصير نساء المدينة يشبهنها بالإكتحال، تصبح نساء المدينة بعدها بعين واحدة بلا حدقات يذرفن دموعاً حارقة على الدوام جزاءً لهن. تذكرني نساء الحكاية، بنساء “امرأة العزيز”، اللواتي دفعهن الحسد لتقطيع ايديهن حين رأين جمال يوسف محبوب سيدتهن. نساء مدينة الحائط عاشقات وامهات، نساء غيورات، وطيبات، وساحرات ومجذوبات. في “حكاية العاهرة التي باعت شعر رأسها ليلاً”، العاهرة يشيب شعرها كلما مَنحت جسدها لعابر، حتى لا يتبقي لها سوى شعرة سوداء واحدة، ترغب العاهرة ان تموت بشعر أسود مثل قديسة، في اليوم الأخير تمنح جسدها لحبيبها الأول ليعود فجاة شعرها لسابق سواده. الحكاية ليست مقابلة بين الصبا والشيخوخة، الصراع الأزلي الذي تختبره أي امرأة، لكن في قوس اوسع، مقابلة بين الطهر والعُهر، الطهر الذي يجعل العاهرة قديسة حين تمنح جسدها للعجوز لأنها تحبه بلا مقابل، الحي الذي يعيدها صبية وقديسة.
المرأة في “مدينة الحوائط”، تواجه اختبارات قاسية، فهي مجبرة دوماً على التخلي، ذائقة لقسوة الاختيار والفقد. في “حكاية المرأة التي تغني”، تختار المرأة، مجبرة، بين حلاوة صوتها وجمال وجهها، ترفض ذلك الاختبار القاسي حتى تفقد الاثنين، ويطويها الزمن!
بعض حكايات نساء مدينة الحوائط يتناص مع حكايات أخرى أسطورية، “حكاية طباخة السم” تحيلنا الي حكاية سنو وايت والأقزام السبعة. بطلة الحكاية تطبخ طعاماً لذيذاً يأكله شاب حكيم ضرير يمّر بالمدينة، يرسل الطعام بدوره لبيت السلطة، يعجب الأمير بدوره بالطعام ويرسل جنوده لجلب الطاهية الماهرة لكن زوجة أبيها التي تُماثِل زوجة أبي الأميرة سنو وايت، تدُس السم في الطعام في طعام الجنود لتتخلص من ابنة زوجها. تستخدم السلطة الفتاة للتخلص من أعدائها ثم تسجنها، لكن الشاب الحكيم الذي يحب الفتاة الماهرة يخلصها من السجن ويبلغ الحقيقة لبيت السلطة لتقبض على زوجة الأب الشريرة ثم يتزوج الشاب الحكيم من حبيبته التي يخلصها من شرور العالم؛ لتسكن قلبه وتصير عينه.
أما الجزء الثاني “رجال مدينة الحوائط”، فينبش فيه إمام معالِم عالم الذكورة الأسطوري، والذي يظهر مختلفاً عن عالم النساء. رجال المدينة يواجهون شراسة الوحدة، يبحثون عن ذواتهم، عن صورتهم وعن تحققهم الشخصي حتى داخل المتن الخرافي والمجازي. في “حكاية الرجل الذي قرر ألا يصير وحيداً” يتهشم الرجل الوحيد لآلاف الأجزاء حين قرر ان يضع مرآة في بيته لتنعكس فيها صورته! الرجل الوحيد يقابل ذاته حين تجتمع قطع الزجاج مكونة آخر، يلتقيه الرجل الوحيد الذي اختفى مع اختفاء صورته، رجل من لحم ودم لا يراه الناس وصورة يتعامل معها الناس كأنها حقيقة يقول إمام: “لا بد ان يموت احدنا حتى لا يصبح واحد منا صورة من الآخر، انت شخص حقيقي من لحم ودم، لكن أحداً لا يراك، وأنا مجرد شبح، صورة، لكن الجميع يرونني ويتعاملون معي على انني كائن حقيقي. هتف الرجل: لكن لو مات احدنا لن يعيش الآخر. قبل ان يجيب الآخر قفز الرجل واحتضنه انطبق جسداهما واتحدا، بعد لحظات من الشعور بالألم والشعور بالذوبان والاحتراق، صارا جسداً واحداً وعاد الرجل الوحيد مرئيًا ليبدأ حياة جديدة”.
هناك استلهام أيضاً من الموروث الإنساني العام والواسع ومن الميثولوجي الديني. في “حكاية ظل الشيطان”، يتعرض طالب العلم لغواية الشيطان الذي بلا ظل، ويقع في الخطيئة حين يعشق زوجة معلمه، ويقع المعلم أيضاَ في عشق اخت تلميذه ويهم أحدهما بالتطهر والاعتراف للآخر. يقول إمام في نهايته الفارقة “هرول الفتى باتجاه بيت معلمه فور قراءته للرسالة، والأمر نفسه فعله معلمه، فكر كل منهما في خيانة الآخر له ولم يفكر في خيانته. في منتصف المسافة التقيا، وما هي إلا لحظات حتى امتزجت دماؤهما، بينما كانت زوجة المعلم تمشي على مقربة منهما بلا ظل”. هل تستدعي الحكاية غواية حواء لآدم منذ بداية البشرية؟ هذا الاتهام المسلط على رقاب بنات حواء منذ الأزل، هذا الوصم الذي دعمته الديانات الابراهيمية بشكل أو بآخر عبر ميراث طويل ونصوص ملزمة تترك تلك الإجابة للقارىء. وفي حكاية “الحطاب وذيل الثعبان”، عودة للتاكيد على غواية المرأة للرجل، والتي تحتل حيزاً كبيراً من هذا القسم. فالفتاة الجميلة تغوي الحطاب الذي يحبها بقبلة طويلة يستسلم لسحرها، ثم تستل فأساً لتشطره نصفين وتتحول إلى ثعبان رمز الشر والخديعة منذ الأزل، هذه الرمزية التي لا يخطئها القارئء هي النظرة الذكورية للوجود الانثوي عبر التاريخ، وهي المقابل للنظرة النسوية للوجود الذكوري المرتبطة بالقهر والقمع والتسلط.
الجزء الثالث عن غرباء المدينة، فهم ملائكة وقباطنة وقراصنة ورجال من الورق المقوى؛ نغرق مرة ثالثة في مزيد من الفانتازيا والأسطرة في “حكاية هبوط الملاك”، يسقط ملاك من السماء يتقاتل اهل المدينة على الدنانير الذهبية المتناثرة حوله، يسيل دمه الذي يصير لعنة على كل القتلة الذين تصيبهم لعنة، فيقتل ابناءهم بشراسة ويودَعون قبورهم من دون وداع. يقتل الملاك قتلته ويعود إلى السماء ثانية بطائرة تحمله في عمق الاسطورة والغرائبية. يركب الملاك طائرة، حيث للحكاية متنها وقانونها الخاص الذي يحملها من عمق القرون الوسطى صوب الحداثة في الحكاية نفسها. اما في “حكاية قراصنة نهاية العالم”، أقصر حكايات الكتاب، يقول إمام: “بلا بحر، بلا أعداء يجردونهم من سفنهم. فيسألون: أي رعب أكثر قسوة من أن تكون عدواً للأحد؟”. ينهي إمام حكاياته ذات اللغة التي تتراوح بين الحداثة والشعرية، بين البساطة والجزالة _ بحكاية يتمنى كتابتها حكاية رجل بلا ذاكرة. فهل يعدنا بجزء ثان من الكتاب؟ أم يشير إلى أن جعبته كحكاء ماهر لم تنفذ بعد؟
(*) صدرت عن عن الدار المصرية اللبنانية.
(**) الفن شريك اساسي في صناعة كتاب إمام العاشر “مدينة الحوائط اللانهائية”. ففي واجهة كل قصة من الكتاب، لوحة فنية، وفي داخلها رسوم صغيرة للفنان السوداني صلاح المُر الذي عمل عليها أكثر من ستة أشهر، لتصنع تواشجاً بين الحكي والرؤية البصرية. أما الغلاف، فنفذه الفنان عمرو الكفراوي، وهو مزيج بين رسوم المر وكتابة إمام في تجربة تستحق الإلتفات إليها.
عن موقع جريدة المدن الألكترونيّة
حقوق النشر
محتويات هذه الجريدة محميّة تحت رخصة المشاع الإبداعي ( يسمح بنقل ايّ مادة منشورة على صفحات الجريدة على أن يتم ّ نسبها إلى “جريدة المدن الألكترونيّة” - يـُحظر القيام بأيّ تعديل ، تغيير أو تحوير عند النقل و يحظـّر استخدام ايّ من المواد لأيّة غايات تجارية - ) لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا.
جريدة العرب
الأحد، 2018/05/06، ص(11)
الصفحة : ثقافة
ممدوح فرّاج النّابي - كاتب مصري
حكايات طارق إمام الخرافية في مدينة الحوائط اللانهائية
القاص المصري طارق إمام ينهل من نبع “ألف ليلة وليلة” في مجموعة قصصية جديدة.
لا يستعير طارق إمام في مجموعته الجديدة “مدينة الحوائط اللانهائية” الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية 2018، عوالم وأجواء ألف ليلة وليلة الغرائبية. وإنما أيضًا يستعير المعمار البنائي الذي نهضت عليه ألف ليلة وليلة؛ حيث توالد الحكايات وتناسلها، واستحضار الشخصيات بسماتها الشكلية الغريبة فتطَّرد الوجوه المشوَّهة والأطراف المتحركة، والعيون المطموسة. وأيضا بسماتها الداخلية، فتغلب على الشخصيات صفات الدهاء والحيلة والمكر والخديعة للوصول إلى مآربها.
إضافة إلى ذلك استعارته تقنيات حكي شفاهية، تعتمد على استحضار مرويه، تارة للفت انتباهه للحكاية وأحداثها فيشاغبه قائلاً “يمكنك أن تشاهد” و”الحكاية تبدأ” و”في البداية”. وتارة يتخيّلها تحاوره فيجيب على تساؤله بيقين “نعم، كانت تحكي لها أسرارها كي لا تشعر العصا بالملل” أو “نعم، كانت الطّاهية الشَّابة أكثر شخص يخشاه الناس في المدينة”.
وتارة ثالثة دعوته لمشاركته الحكي وتخيل الحكاية قائلا “لنتخيل معًا، أن شخصًا ما في مكان ما”. أو بحضور صيغ الحكي عند الراوي الشعبي الذي يُروِّج لحكايته في الأدبيات الشعبية هكذا “بلغني حدث ذات يوم” و”كان يا مكان” و”في يوم من ذات الأيام” و”يُروى أنّ” و”يُحكى أنّ”، أو بإثارته لتشويقه في منتصف الحكاية وفق قوله “لطباخة السّم حكاية عجيبة” أو من قبيل “باختصار هذه حكاية الجارية في حياتها” أو “هذه حكاية المرأة التي ترتدي فستانا أسود فوق الركبة حدادًا على لا أحد”، وغيرها من أساليب وتقنيات حكائية تمزج بين القصّ الشّفاهي وقصّ الليالي.
طارق إمام لا يعمد إلى استعارة الليالي أو حتى محاكاتها في حكايات عصرية، وإنما يخلق حكاياته الخاصة، وإن كانت على غرار هذا العالم الغرائبي والخيالي
وهكذا يأخذنا الكاتب عبر هذه الحكايات في رحلة من عالم التخييل والغرائيبة، وكأنه لا فقط يستعيد أجواء القص، وإنما يستعيد أيضا الجانب الخيالي، الذي غاب كثيرا عن فن القصة بصفة عامة، بطغيان الواقع والاهتمام بتفاصيل المعيش والحياة اليومية، الذي جعل من الكتابة السردية في مجملها أشبه باليوميات. ومن ثمَّ تأتي أهمية هذه النصوص في كونها انتصارًا لملكة الخيال التي هي قرينة القصّ.
أجواء الليالي
مع هذا الحضور الطاغي للصيغ السَّردية التراثيّة والأجواء الغرائبيّة إلّا أنَّ طارق إمام لا يعمد إلى استعارة الليالي أو حتى محاكاتها في حكايات عصرية، وإنما يخلق حكاياته الخاصة، وإن كانت على غرار هذا العالم الغرائبي والخيالي، وموازية لما كان يدار في الليالي من ألاعيب وأحاجي وألغاز ومغامرات وتشويق يصلُّ إلى حدِّ الإدهاش في كثير من القصص التي تنتهي نهايات تصيب قارئها بالصدمة. ومن ثمَّ يؤسّس لهذا العالم الذي يأخذنا إليه، مدينة أسطورية قرَّر أهلها أنْ تكون بيتًا رغم خصام الدم فحطَّموا حوائط بيوتهم، وصنعوا أربعة حوائط هائلة لتصير مدينة هائلة عنوانها “مدينة الحوائط اللانهائية” مدينة أسطورية بلا أزمنة فالمواقيت فيها لا تعرف الساعة، وإنما تتحدّد بشروق الشمس وغروبها ومواعيد الصلوات الخمس. كما أنها ذات شوارع متاهية ضيقة لا يتسع الشارع فيها لمرور شخصين متجاورين، “تبدو امتدادًا لأهالي المدينة، متشابهة إلى حدِّ التطابق وفي الوقت ذاته متوحدة”. أما بيوتها فهي “بلا أبواب”، وسكّانها الأصليون نساء ورجال ينحدرون من أب واحد وأم واحدة، كما يقصدها غرباء وإن كانوا جميعًا ممن يؤمنون بالخرافات، وكلام السّحرة، وتحركهم الغيبات.
تنقسم المجموعة المكوّنة من ستة وثلاثين نصًا، إلى ثلاثة أقسام، خُصّ القسم الأول بحكايات نساء مدينة الحوائط، على اختلافهن فهناك المرأة ذات العين الواحدة، والقرصانة، والسّاحرة المُعمّرة، والجارية والعصا الملعونة، والعاهرة التي باعت شعرها ليلا، وطباخة السّم، وصولا إلى امرأة ديسمبر. وتشغل حكايات القسم الثاني، عالم الرجال فهناك الرجل الذي لم يحلم أبدا، والإسكافي المجنّح، وساعي البريد والرّجل الذي قرّر ألّا يصير وحيدا والعجوز الذي يتذكّر المستقبل، وإن كانت هذه القصة يجب أن تندرج تحت غرباء مدينة الحوائط، فهو جاء إلى المدينة قبل شهرين ولا يفعل شيئا إلا تصوير المدينة من أعلى إلّا أنه عشق الفتاة ذات السبعة عشر عاما.
وبالمثل حكاية الشبح الذي يبحث عن جسد حبيبته، وحكاية البحّار الذي يخشى الغرق في البرّ، وحكاية الصوت الهارب وغيرها. أما حكايات الجزء الثالث فهي عن غرباء قدموا إلى المدينة مثل: المسافر والسّقا وبائع المعجزات وبائع الساعات، وصاحب الحجرات التي لا تطفأ أنوارها. والرجل العجوز من الورق المقوى، وقراصنة نهاية العالم وغيرهم.
متتالية غرائبية
تتميز المجموعة بوحدة الموضوع وأيضًا الشخصيات والمكان، فالإطار الحكائي يدور في مكان واحد هو هذه المدينة الأسطورية التي تأسّست على القتل. ومن ثم تراوح المجموعة بين بنية القصة القصيرة حيث إمكانية استقلال كل قصة على حدة، وبنية المتتالية حيث استمرار عناصر السّرد الأساسية، في القصص جميعها، وهيمنة الجو الغرائبي والشخصيات الأسطورية، وكذلك تيمات البحث والفقد في كثير من هذه النصوص. كما أن حكايات الجزء الثاني في بعضها أشبه بتتمة للحكايات الناقصة في نساء مدينة الحوائط وفي بعضها تأتي على النقيض من الحكاية الأولى، على نحو قصة العجوز الذي يتذكر المستقبل هي نقيض تمامًا لحكاية امرأة ديسمبر المرأة التي تتغذّى على حكايات الماضي. وبالمثل حكاية الشبح الذي يبحث عن حبيبته هي استكمال لصورة الحبيب المفقود في حكاية المرأة القرصانة.
لا تقف الحكايات عند الغرائبي والعجائبي أو حتى السّرد عند شخصيات تمتلك صفات غرائبية كعالم المدينة ذاته، أو حتى في تمثّلها لاستعارة كنائية في مثل قديم، وحكايات شعبية متداولة جرت مجرى الأسطورة. وإنما وراء كل حكاية من هذه الحكايات رسالتها التي يبثها الراوي عبر هذا السرد الفنتازي، والحكايات الأشبه بالخرافية، فالحكايات أشبه بأمثولات وعظية تحمل قيمًا، فتأتي بعض القصص للانتصار لأمثولات رائجة في الثقافة الشعبية. كأن تعلن بأن “الماء فيه حياة الإنسان ومماته” كما في قصة المسافر الذي أراد أن يشرب ولكنه غرق لأنه لم يبال بالتحذير.
وقصة ذيل الثعبان فالحكايات والأمثولات كثيرة عن التحذير من ترك رأس الثعبان، ويوظِّفها الرَّاوي في سياق حكاية يؤكّد فيها على ما ذهبت إليه المرويات الشعبية. كما تنتهي القصص برسائل مُشفَّرة، تكشف عنها نهايات هذه القصص، وفي بعضها تأتي كانتصار لقيم اجتماعية وأخلاقية، ومن ثمّ فهي صالحة لأن تكون حكايات للجميع؛ فلا تنحصر عند فئة عمرية محددة.
فحكاية المرأة ذات العين الواحدة التي لا تمتلك إلا جبل الكحل الذي يزيد من جمال عينها وأيضا يصيب مَن ينظر إليها بالرعب، جعلها مثار غيرة من النساء، وهو ما دفعهن إلى الذّهاب إلى الجبل للاغتراف منه، حتى يحصلن على الخلود والحكمة اللتيْن تتميز بهما المرأة. أرادتْ أن تصرفهن عن مبتغاهن إلا أنهن أَبَيْن، لكن بحكمة المرأة وبصيرتها، كشفت عن حالة الطمع فهن يمتلكن الأزواج والأولاد والبيوت. أما هي فلا تملك شيئا سوى هذا الجبل.
وعندما لم يستجبن إلى كلام المرأة كانت الكارثة استيقظت النساء لتجد كل واحدة منهن أنها صارت بعين واحدة بيضاء في منتصف وجهها، بلا حدقات تسيل منها دموع حارقة على الدوام.
هنا يعود بنا الراوي إلى سؤال المعرفة الأولي، والسعي إلى طرقه رغم التحذيرات. اللافت أنّ الضَّررَ لم يقف عند حدود النساء بل أغرق المدينة كلها، حتى كادت أن تغرق بسبب سيلان ماء العين.
وبالمثل في حكاية البحث عن الآثار والعملات، القصّة تسخر من واقع المهووسين بهذا العالم، فيبحثون عن المجهول ويتركون ما بأيديهم، فالتعلُّق بالمجهول يحيل النِّساء الحقيقيات إلى هياكل ويتحوّل الهيكل إلى أنثى وحيدة، يعشقها الجميع وزوجة غير معلنة للجميع وأمًّا وحيدة للجيل الجديد الذي بزغ بملامح متشابهة إلى حد التطابق.
وفي إحدى القصص يكون الحب سببًا لإبطال مفعول سلالة من الساحرات، فصانع الفخار فضّل حياة الأرض عن حياة السّماء الممتدة ليعيش مع مَن يحب. والبحار الذي إذا حدّقت فيه الفتيات العاشقات يصبن بالعمى. وهو أشبه بميدوزا في الأسطورة.
غرائبية الشخوص لا تقف عند التكوين الخارجي، كأن تكون “بلا وجه” تماما كما في قصة بائع وجوه بلا وجه، أو حتى “وجه بحاجبين كثيفين تحت عينيه، وله أنف بلا ثقوب على الإطلاق” كوجه بائع المعجزات، أو بلا أبعاد كبقية البشر في صورة “رجل عجوز من الورق المقوّى”. وإنما أيضا في الأفعال الغرائبية التي تقوم بها فالهيكل العظمي المتيبس الذي عثر عليها أهالي المدينة عندما كانوا يبحثون عن قطع آثار مخبأة، أو عملات ذهبية، تدب فيه الحياة من جديد، وتمكّن بمفرده من ستر عورته.
كما أن الغرابة تأتي في الحكايات التي تحيط بالشخصية فالمرأة القرصانة التي اكتشف حملها ثم موتها غرقًا على سريرها في حين أن البحر بعيد عن البيت. وكما أقر الشهود: “أن البحر ذهب بأكمله إلى سريرها نائمة وعاد بها قاتلة” وبالمثل المرأة الساحرة اقتحم قاتلها المجهول منامها ودسّ خنجره في عنقها لتسقط دماؤها من السماء كأمطار غزيرة. وكذلك بالتئام القارورة الفخارية وامتلائها بالدموع كما في قصة “حكاية الساحرة المعمرة”. بل تصل غرائبية العالم إلى منتهاه في حكاية “امراة ديسمبر” التي تعيش العام الجديد كله وهي تتغذّى على ذكريات الناس.
غرائبية الشخوص لا تقف عند التكوين الخارجي، كأن تكون “بلا وجه” تماما كما في قصة بائع وجوه بلا وجه، أو حتى “وجه بحاجبين كثيفين تحت عينيه، وله أنف بلا ثقوب على الإطلاق” كوجه بائع المعجزات
وبالمثل غرائبية الرجل الذي لم يحلم في حياته قط. معظم الشخصيات أسماؤها غائبة، وتطل الصفة التي اشتهرت بها، فهذه الساحرة، وهذه العاهرة وتلك طباخة السّم. وهذه زوجة الصائغ والعرافة وغيرها من الألقاب التي حلّت محلّ الاسم. وبالمثل الشخصيات الذكورية، الصائغ وصانع الفخار وهكذا. وعدم الاعتناء بالاسم الشخصي له دلالته، فالفعل هو الأكثر التصاقًا بالذاكرة، فالمرأة التي تغني حيّة، وما تبقى منها محض حكاية قديمة ستظل إلى الأبد قابلة لأن تُحكى.
لا تختلف قوانين هذه المدينة الأسطورية عن قوانين المدينة المفارقة لها، فعلاقات الزواج تتمُّ عن طريق التكافؤ، وإذا لم يحدث فيصير أشبه بالمستحيل كما في حكاية المرأة التي صارت قرصانة وكانت تحب شابًا إلا أنّ أسرتها الثرية رفضت هذا الزواج، فتحوّلت إلى قرصانة غاضبة تفتك بكل السُّفن في البحار الهائجة، أما هو فهجر البحر ولا أحد يعرف إلى أين ذهب. كما أن الحب هو الهمّ أو الموت الذي تعانيه الشخصيات، فالبحار كان يعيش في أسطورة “أن الحب موته”.
عن جريدة العرب اللندنية
العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977
صحيفة العرب© جميع الحقوق محفوظة
يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر
الأربعاء، ٢٨ مارس/ آذار ٢٠١٨
جريدة الحياة
القاهرة - عبدالكريم الحجراوي
طارق إمام يكتب حكاياته بمخيّلة فانتازية
كيف تكتب حكاية شعبية؟ هذا سؤال تجيب عنه قصص «مدينة الحوائط اللانهائية» (الدار المصرية اللبنانية) للكاتب المصري طارق إمام. فمنذ البداية تتجلّى للقارئ عناصر القصّ الشعبي المعروفة داخل المجموعة، غير أنّ طارق إمام يقوم بصنع حكايات جديدة من خياله الخصب، على غرار ما خلقته المخيلة الشعبية من حكايات حافلة بكل ما هو عجائبي، يتداخل فيها عالم الإنس والجن، والسحرة، والأحلام، والأبطال الخارقين، والقراصنة، والقباطنة، في مغامراتهم المثيرة.
واقتربت حكايات «مدينة الحوائط» في نسقها من شكل الحكاية العنقودية، أو الحكاية داخل الحكاية، حيث تتناسل الأحداث والقصص بعضها من بعض، كما في حكايات «ألف ليلة وليلة»، وكذلك «كليلة ودمنة». فأحداث المجموعة تدور في مدينة «الحوائط اللانهائية»، سواء في ما يخص النساء أو الرجال، أو الغرباء الذين مرّوا عليها. ستّ وثلاثون قصة، لها أبعاد عجائبية، تتكئ حيناً على حكايات شعبية أصيلة، وترسمها في شكل جديد لا يقل جمالاً عن الحكاية الأصل. وقد تستلهم الحكاية من التراث الشعبي، وعادات الناس، رواية ما، أو خبراً تم تداوله سابقاً، أو حتى من أفلام أجنبية يستمد منها الكاتب الفكرة ثم يصبغها بطابع شعبي، حتى تكاد تتماهى مع الشكل الجديد الذي وضعها فيه.
وكعادة الحكايات الشعبية التي تبدأ بالزمن الماضي غير المحدد بلحظة معينة، بعبارات من قبيل «حدث ذات يوم»؛ «كان يا مكان»، «في يوم من ذات الأيام»؛ «يُروى أنّ»، «يُحكى أنّ»، تبدأ المجموعة كذلك بقول «بلغني، ذات يوم كانت هناك مدينة»، كما كانت تبدأ «شهرزاد» حكايتها كل ليلة «بلغني أيها الملك السعيد».
ويحاول إمام في مقدمة المجموعة القصصية أن يشرح الطبيعة المتفردة لـ»مدينة الحوائط اللانهائية»، فهي مدينة أسطورية ظهرت إلى الوجود عندما قرر أهلها أن تصبح بيتاً واحداً، لأنهم أرادوا أن يصبحوا إخوة، على رغم العداوة التي بينهم. قاموا بتحطيم حوائط بيوتهم وصنعوا أربعة حوائط هائلة. في كل مرة، كان يقتل واحداً من سكان هذه المدينة من دون أن يعرف القاتل، حتى تبقى رجل وامرأة. كانا هما اللذان قتلا البقية، ومن نسلهم نشأت سلالة جديدة في المدينة.
كانوا إخوة حقيقيين، ولكن أراد كل واحد منهم أن تكون له جدرانه الخاصة، من دون أن تكون لها أبواب أو أسقف. وهكذا تحولت المدينة إلى متاهة من الحوائط اللانهائية، التي أصبحت أكثر من طرقاتها وأكثر من عدد سكانها، حيث لا وجود لشارع يتسع لسير شخصين متجاورين، أو مشى فيه شخص مرتين. فهي متاهة لسكانها، الذين لا يجتمعون إلا بظهور الغرباء الذين هم أشباح ضحايا الماضي ممن قُتلوا تحت أنقاض هذه المدينة.
وربما تكون هذه المدينة هي «العالم» الذي أصبح قرية صغيرة، ومع التقدم التكنولوجي بات مِن دون أسقف. وعلى رغم أنّ سكانها ينحدرون من أب واحد وأم واحدة، فإنهم ما زالوا يتقاتلون، ولا يتجمعون إلا عندما يلم بهم حدث غريب يذكرهم بصراعاتهم التي راح فيها الكثير من الأبرياء، ليدركوا في النهاية أنهم جميعاً قتلة بصمتهم على حدوث مثل هذه الصراعات، وهذا الزعم يرجحه الكثير من حكايات المجموعة، التي تتناول الحرب، والتفاوت الطبقي، والظلم؛ في شكل مبتكر.
يشمل القسم الأول من المجموعة حكايات عن نساء المدينة، والقسم الثاني حكايات عن رجالها، والثالث عن غرباء. ويسمي المؤلف كل قصة بـ «حكاية كذا» مثل «حكاية المرأة ذات العين الواحدة، حكاية القرصانة، حكاية طباخة السم، حكاية ظل الشيطان، ما يتطابق مع الحكي الشعبي، مثل «حكاية باسم الحداد وما جرى له مع هارون الرشيد» والتي جمعها الكونت كارلودي عام 1888، بلهجة مصرية، أو ما هو موجود في ألف ليلة وليلة، مثل حكاية التاجر مع العفريت، حكاية البركة والسمكات الملونة، حكاية الشاب آكل الزرباجة...
يسعى إمام في حكاياته إلى تقديم تفسيرات أو إجابات لكثير من الحكم والأمثال أو المواقف الحياتية التي بات يرددها الناس من دون معرفة مصدرها أو سببها. ففي حكاية «القرصانة»، يجيب في إطار عجائبي على سؤال كيف بدأت القرصنة؟ فهناك امرأة لعائلة ثرية تعمل في تصدير الأخشاب من مدينة الحوائط أحبّت بحاراً شاباً ورفض أهلها، تلك العلاقة. وذات يوم اكتشف أهلها أنها حبلى، فحبسوها في غرفتها، حتى يقرروا مصيرها، لكن الفتاة لم تمنحهم فرصة للانتقام منها. استيقظوا ذات صباح ليجدوها غريقة في غرفتها، رغم أن البحر بعيد عن البيت. البحر ذهب إلى سريرها وأخذها معه، لتتحوّل إلى كائن أسطوري، يشبه طائر الرخ الذي كان يظهر للبحارة في «ألف ليلة وليلة» ويغرق سفنهم. فتلك المرأة تُوقف أشد السفن ضخامة، وسلطة في أي بقعة من بحار العالم الهائجة، ثم تلتهمها، قبل أن تختفي مرة أخرى تحت الماء. وذات يوم، أطلقت القرصانة صرخة مدوية، بينما كانت تقطع الطريق على إحدى السفن، وفي لحظة كان آلاف الأطفال يتسربون من بطنها المتفجرة، ويتفرقون في أنحاء البحار، ليتحولوا يوماً بعد الآخر إلى قراصنة، لن ينتهي العالم مِن نسلهم أبداً.
وفي «حكاية الساحرة المعمرة» و «صانع الفخار» و «الفتاة التي لا تنظر إلى أعلى»، يفسّر إمام كيف اختفت الساحرات مِن عالمنا. وفي «حكاية طبّاخة السم»، يفسر كيف جاء مثل «يدس السم في العسل»، وما علاقة الشهقة، وربط النَفَس بجمال الطعام. وفي حكاية «الشيطان وصندوق الدنيا»، يفسر كيف أصبحت القُبلة مفتاح الخطيئة، أما حكاية «السقّاء والقربة المليئة بالدموع»، فتشرح كيف تعلم الإنسان البكاء.
ومن مصادر العجائية- بعيداً من التراث الشعبي المرتبط بحكاياته من الدجاجة التي تبيض ذهباً، أو عالم السحرة والشياطين، والبحار، أو الحِكَم والأمثال، والتراث الديني، المرتبط بالأولياء ومعجزاتهم- يستلهم الكاتب في مجموعته أفكاراً من السينما العالمية، ثم يصبغها بطابع شعبي.
عام 2015 انتشر خبر مرفق بالصور عن سقوط ملاك من السماء في لندن، له جناحان ضخمان عاريان من الريش. يظهر صدى هذا الخبر في «حكاية هبوط ملاك»، إذ هبط في مدينة الحوائط رجلٌ ذو أجنحة ظنّه الناس ملاكاً. وفي حكاية «صاحب الحجرات التي لا تطفأ أنوارها»، نلمح تشابهاً في الفكرة الرئيسة مع رواية الكاتب الياباني هاروكي موراكامي «نعاس». فبطلا الرواية والحكاية لا ينامان وإن اختلفت التفاصيل. وعموماً، التزمت «حكايات مدينة الحوائط» عناصر الحكي كما هي متعارف عليها في الأدب الشعبي، من وجود البطل، والبطل الضد، والنهايات السعيدة، وعنصر الزمن الماضي، والسرد السريع المتدفق الذي يركز على الأحداث، إضافة إلى المغامرات. وأجاد إمام رسم شخصيات حكاياته العجائبية، ووصف بدقة موضع الغرائبية فيها، وجاءت اللغة مجازية لتليق بموضوعها، الذي له مؤلف معروف، وليس مجهولاً، كما في الحكايات الشعبية التي نرددها.
جريدة الحياة
“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.
منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.
اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.
تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.
باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.