العائلة التي ابتلعت رجالها، ديمة ونّوس (سورية)، رواية دار الآداب - 2020

, بقلم محمد بكري

ماريان" أضاعت اسمها الثاني وجمَّدت الزمن في فساتينها؛ “شغف” دلُّوعة العيلة – برعت في كلِّ الحيوات المُستعارة؛ تينار لا تحتاج لأكثر من أربعة جدران ليصبح المكان بيتًا؛ وياسمين التي لم يكن حظّها من الرجال أفضل حالًا من باقي نساء العائلة. نساء أسيرات التاريخ تمجِّده وتعيش على أعتابه دون الحاجة إلى لحاضر، وتدافعن بحكاياتهنَّ عن وجودهنَّ القلق الهشّ.

ديمة ونّوس كاتبة سورية , روائية وقاصة ، خريجة الأدب الفرنسي ب جامعة دمشق. ابنة الكاتب السوري الكبير سعد الله ونوس. كتبت مقدمة للطبعة الثانية لكتاب صادق جلال العظم “النقد الذاتي لبعد الهزيمة” عملت مذيعة في برنامج “أضواء المدينة” في قناة تلفزيون المشرق السورية ولها العديد من المقالات في جريدة السفير و الأخبار اللبنانيتان.

على موقع دار الآداب


عندما حاول سعدالله ونوس الانتحار مرارا كما تروي ابنته ديمة

روايتها الجديدة تسرد سيرة نسوة العائلة وترسم صورة للأم في غربتها

الخميس 18 يونيو 2020

لا تخلو رواية ديمة ونوس الجديدة “العائلة التي ابتلعت رجالها” (دار الآداب 2020) من طابع السيرة الذاتية ولو بدت سيرة جماعية أكثر من كونها فردية أو شخصية. فالروائية نفسها هي التي تتولى فعل السرد من غير أن تذكر اسمها، متماهية في صورة الراوية، ولم تذكر أيضاً اسم أمها الممثلة فايزة جاويش التي تشكل مرتكز الرواية عموماً، ولا اسم أبيها الكاتب المسرحي سعدالله ونوس، على خلاف بقية أعضاء العائلة نساء ورجالاً الذين تسميهم، ساعية إلى جعل روايتها رواية “عائلية” في المعنى الوجودي. وإن أخذت ديمة عنوان الرواية من جملة كان يرددها سعدالله ونوس في طريقته الساخرة أو العبثية “أنتو عيلة بتاكل رجالها”، فهي لم تشأ أن تجعل صورة الأب تسيطر على الرواية، بل جعلته يطل حيناً تلو حين، من خلال اعترافات الراوية والأم وبعض النسوة. هذه ليست رواية الأب، وقد تكون رواية الأم في بعض زواياها، لكنها حتماً روايات الجدات والخالات وبنات الخالات، بحسب ما تروي عنهنّ الأم والابنة أو الراوية، ما جعل المرويات تختلط بعضاً ببعض، اختلاط الذكريات في رأس الأم التي تعيش حالاً من الحزن والوحدة والاقتلاع، فهي تقيم في لندن، بعيداً من دمشق، مع ابنتها وحفيدها الذي يمر ذكرة مرة واحدة. واختلاط المرويات بعيداً من أي نظام داخلي (خيط داخلي) ساهم في تشتيت البنية، وجعلها مشرعة على إمكانات التذكر، ولعل هذا ما قصدته الكاتبة أصلاً، وإن فاتها بأنه يساهم قليلاً في تشتيت القارئ الذي يجد نفسه صنو الأم، يلملم شتات هذه الذاكرة البعيدة والقريبة. وتعترف الراوية في الصفحات الأخيرة أنها جلست قبالة أمها وراحتا تعلكان الكلام والقصص وتبدّدان الحاضر بالماضي، وتصف نفسها لاهثة “في تنفس متلاحق وقد عشت حياتي وحياتها وحياة العائلة كلها”...

مقال عبده وازن على موقع اندبندت عربية

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)