جريدة المدن الألكترونيّة
الخميس 06-05-2021
المدن - ثقافة
جان هاشم
"الجنّة أجمل".. كاتيا الطويل تُلاعبنا بثالوثها اللا-مقدّس
تدعونا كاتيا الطّويل فوراً إلى دخول جنّة الرواية معها، جنّة تتحوّل في الحقيقة جحيماً وتبقى لمن لم يخُضْ فيها أجمل من بعيد، وهو ما تنبّهنا إليه ومنه في العنوان الذي أعطته لروايتها الجنّة أجمل من بعيد (دار نوفل، بيروت، 2021)، روايتها الثانيّة بعد السماء تهرب كلّ يوم (دار نوفل، بيروت، 2015).
يدور الكتاب(*) حول فنّ الرواية عموماً وما يرافق عمل الروائيّ من صعوبات وعقبات في اختلاق شخصياته وتحديد ظروفها وتكوين تاريخها وتصوير تفاعلاتها وتوقيع الأحداث التي تعيشها وصولاً إلى النهايات التي يرسمها لها. وقد اعتمدت الطّويل القالب الروائيّ المشوّق لطرح إشكاليّة الصناعة الروائيّة وجدليّتها في سعي الروائيّ إلى الإبداع والتجديد مع ما يتطلّبه ذلك من فهم العالم ومعرفته.
تبني كاتيا الطّويل كتابها على ركائز ثلاث، الكاتبة والشخصية المُختلَقة والقارئ، شخصيّات ثلاث تقوم بها الرواية، ثالوث يصعب الفصل بين أقانيمه، وفاشل منذ بداية الكتاب على ما يبدو لأنّه “لم يتمكّن من أن يصبح رواية”. الكاتبة شرعت في كتابة روايتها وخلقت شخصيتها الرئيسة ثمّ، لِملَلٍ أو تكاسل أو تقاعس أو عجزٍ، لم تكمل مهمتها في تحديد مسير ومصير هذه الشخصيّة، مبرِّرة ذلك بأنّها تنتظر مجيء “الرواية”، والمقصود اكتمال بنية الأحداث في ذهنها وسيرورتها إلى نهاية ما، إلى “المكتوب”. الشخصيّة، بطل الرواية، خلقته الروائيّة في جنّتها وراحت تتحكّم به، وفي هذه الأثناء يقبع منتظراً على بياض، “على قارعة الصفحة”، وهو انتظار يمضّه ويُغضبه ويقلقه، يريد أن يعرف مآله النهائيّ حتى ولو كان الموت، مآل يجهله وفي الجهل عذاب. هو يريد إذن أن تنتهي ليخرج من الرواية، من ذهن الكاتبة طبعاً. والطرف الثالث هو القارئ، الحاضر حياديّاً، متفرّجاً مُخاطَباً وحسب من دون أن يتاح له التدخّل، وهو بدوره، وبحسب توقّعات الشخصيّة أو الكاتبة، ينتظر اكتمال الرواية ليقرأها، وما يخشاه الشخصيّة هو أن يملّ القارئ أو يضيع أو يشمئزّ فيهملها ويرميها قبل أن يُتِمّ قراءتها فيفقد، أي هو الشخصيّة، قيمته ومعنى وجوده.
تقوم بنية الكتاب على التعارض، إذ ينشأ صراع مرير منحصراً بين الكاتبة وشخصيتها. هي تتقاعس، تتأخّر، تغيب، تملّ، تنام، تهمل شخصيتها في انتظار “مجيء الرواية”، وهو، الشخصيّة، يتحرّق لنهاية ما، يستدعي الكاتبة، يشجّعها، يستحثّها، يستفزّها، يلحّ عليها دونما فائدة. في النهاية يطلب منها أن تترك له مهمّة إكمال كتابة قصّته، وبعد جدال توافق على طلبه ضمن شروط، منها أن تحدّد له وضعيةً ما هو فيها وظروفاً يسلتهم أحداثه منها، وألّا يعتمد أسلوباً تقليديّاً استنفدته الروايات (مثلاً: كان ما كان في قديم الزمان ملك...). وكأنّ الشخصيّة إذ تتولّد في خيال الكاتبة تُكمل نفسها بنفسها، ينطلق في محاولاته مستعيناً بـ"شخصيّات تاريخيّة" من أمّهات الروايات العالميّة، تقدّم المؤلِّفة الطّويل ثبتاً بها في نهاية الرواية، يتصوّر ماضيها ومساراتها، وربما مسارات مختلفة عن تلك التي في الروايات الأصليّة. وفي كلّ مرّة يصل إلى حائط مسدود، يعجز عن بلوغ نهاية جديدة مناسبة ومقنعة. سبع محاولات، وفي كلّ مرّة عودٌ على بدء، كأنّه لا يتوصّل إلى الاكتمال، ولا ينجح بالتالي في تخيّل نهاية ملائمة. وعندها يستعين، بل يستنجد، باثنتي عشرة شخصية تاريخيّة، إحدى عشرة منها نسائيّة وذكَر واحد هو شخصية فاوست. يدعوها وتجتمع في “اللقاء الأخير”، ليستمزج آراءها ويطلب النصح في ما عليه فعله. تتعدّد الاقتراحات وتختلف الآراء وتتباين حول الوسيلة الممكنة لدفع كاتبته-خالقته إلى الكتابة وإنجاز الرواية. جلّ ما يريده أن تنجَز الرواية لكي يخرج منها حتى ولو بالموت، وتكاد تجمع الآراء على عدم اختيار الموت أو الانتحار إذا ما أراد كتابة روايته بنفسه. معظم هذه الشخصيات هنّ من اللواتي انتهت حياتهنّ في الروايات بالانتحار أو الموت، وكلّهن تقريباً عبّرن عن رغبتهنّ في اختيار نهايات أخرى لو تُرك لهنّ الخيار. يحضر فاوست في النهاية ويدلي برأيه، يرى فسحة “أمل” ينصح بها، مع ذلك لا يرتسم الحلّ الممكن إلا باقتراح وافق عليه الجميع، ويقضي بأن يسرق قلم كاتبته لينجز به رواية قصته. وفي الفصل الأخير “سارق القلم” حكاية تقليديّة، من نوع الأسطورة، تُروى على لسان الشخصيّة بقلم الكاتبة، لكن هذه الحكاية أيضاً تنتهي بدورها إلى حائط مسدود، لا جديد فيها سوى أنّ الشخصيّة، “سارق القلم” يقع في عذاب متجدّد دائم ومرير.
عميقة ومهمة رواية كاتيا الطويل بموضوعها وطروحاتها وتحليلاتها، وغنيّة برمزيتها وإيحاءاتها. الفكرة تبدو بسيطة للوهلة الأولى، علاقة الكاتب الروائيّ عموماً بعمله الروائيّ، وبشخصيّاته تحديداً، وأثر ذلك في القارئ. لكن حول هذه الفكرة، تتكثّف جملة من الأفكار والتصوّرات والتخيّلات التي أضفت عليها بعداً فنّياً وإنسانيّاً أغنى الحكاية بما يُمتِع ويلامس أعماق النفس ويفتح الفكر والمخيّلة على عوالم الفنّ الروائيّ الوعرة، والجميلة بوعورتها. والحقيقة أنّ في هذه المحاولة، أي اللعب في تلك المساحات الضيّقة إذا جاز التعبير، صعوبة تتطلّب جرأة وبراعة للإمساك بالفكرة وإيصالها إلى القارئ وهو ما تصدّت له المؤلِّفة.
الصراع بين الكاتبة (وأي كاتب عموماً) والشخصية المُختلَقة هو حقيقةً بين الكاتب ونفسه، تنبت الحكاية في رأسه، تتولّد الشخصيّة وتتعقّد المهمّة. كيف يُكمِل؟ أي مواصفات يُلبس شخصيته؟ في أي ظروف يضعها؟ كيف يحدّد مسارها؟ وإلى أي نهاية منطقية ومقنعة يوصلها؟ وهل تختلف عن “الشخصيات التاريخيّة” في الروايات السابقة؟ هذا ما نلمسه في مداولات هذه الشخصيّات في “اللقاء السرّي” الذي اصطنعته المؤلِّفة وفيها تخيُّل نهايات مختلفة، حزينة أو تعيسة، كانت تتمناها هذه الشخصيات لو تُرٍك لها الخيار، عازية خياراتها (الانتحار مثلاً، أو الموت شنقاً...) إلى الظروف الاجتماعيّة والحياتيّة التي وضعها فيها الروائيّ، خالقها، شاكية من خيارات هذا الخالق القاسي القلب ومن انعكاس طبيعته وفكره وشخصيته وظروفه في تحديد مساراتها ونهاياتها. هذا الصراع، وانتظار تحقُّق “الرواية” المُختلَقة تصوّره الطّويل في الفصل الثاني بشكل عميق ولافت في حوار الكاتبة مع الشخصية المخلوقة، وهو طبعاً بين الكاتبة وذاتها حول الخيارات المتوفّرة أمام أي روائيّ عندما يشرع في عمليّة الخلق. وهي كما يبدو عملية متعبة مضنية، إذ لا يكقي تَمَثُّل الشخصيّة، بل يجب حكماً العمل على تكوينها بالشكل المناسب، وتشكيلها نفسيّاً وإنسانياً، واختيار أنسب الظروف والأوضاع، والزمان والمكان، والمادّة (الأسلوب) التي ستحملها، وليس كل ذلك بالأمر السهل، وهنا تكمن عبقرية الروائيّ، “ليست الكتابة شأناً عامّاً يتعاطاه من يشاء ويدخله صاحب النزوات. الكتابة مسألة حياة أو موت”. الشخصية تتعذّب وتفتّش عن نهاية، عن خلاص، في ذهن الروائيّ ومخيّلته، إذ بمجرّد أن تولّدت في فكره ستبقى موجودة تلاحقه وتلحّ عليه، ومن يتعذّب حقيقة هو الروائيّ نفسه في انتظاره أن تتكثّف الشخصيّة ويكتمل تشكّلها وتخرج من خياله إلى نهاياتها وتصبح كياناً مستقلاً منزلاً في كتاب. عندها يرتاح كأنّه طرد للتوّ روحاً ضاغطة من داخله.
بهذه الفكرة تتمثّل الجدليّة الدقيقة والحسّاسة التي تطرّقت إليها كاتيا الطويل بتصويرها تفاعلات الشخصيّة في نفس الروائيّ ككيان مستقلّ هو في الحقيقة جزء منه إلى أن يتمّ ويكتمل، كيان متأبِّد خالد فيه طالما لم يرتَح منه، واكتمالها يوقعها في النسيان. فمَن ينساها؟ أليس الروائيّ نفسه عندما ينتهي شغله بها وعليها؟ وإذا ما خرجت الشخصية منه ونزلت على الورق تأمن لها الخلود. وهنا السؤال؟ أهو خلود في نفس الروائيّ أم خلود في الرواية المكتملة؟ أم خلود في التاريخ، تاريخ الأدب. أليست تلك الشخصيّات التي اجتمعت “في اللقاء الأخير” خالدة في تاريخ الأدب، وفي فكر البشر الذين يذكرونها في الكثير من الأحيان من دون “خالقيها”، والذين كثيراً ما يقترن خلودهم بخلود أسماء شخصيّاتهم المرويّة. إذن تموت الشخصية في فكر خالقها لكنها تنبعث وتحيا كلّما التقط أحدهم كتابها ليقرأ قصتها، وبذلك تخلد.
لكنَّ دون هذا الخلود عذاباً مريراً، ربّما هو نفسه عذاب البشريّة المكتوب لها في قصّة الخلق وأساطيره. عذاب سببه السعي إلى المعرفة والسعادة غير المتحقّقتين، إلى حقيقة ما، مطلقة، إلى الكمال، وهو ما صوّرته الطوّيل ببراعة في الفصل الأخير “سارق القلم” متكئة دوماً على المرويّات العريقة المتجدّدة من عصرٍ إلى آخر، من عمق الجرح الذي ما يكاد يلتئم حتى ينفتح مجدّداً ليستمرّ البشر في معالجته ومداواته علّهم يشفون غليلهم، ويشفَوْن. إنه الجرح المفتوح المؤلم النازف دوماً، الذي يجعل العمل الفني والإبداع البشريّ في حالة تجدّد دائم، تماماً كما سعي الإنسان إلى المعرفة الأكمل. بهذا المعنى، تتولّد الروايات فرادى، تحيا وتموت، لكن الفنّ الروائيّ سيستمرّ ويبقى خالداً طالما استمرّ هذا السعي وإن مضنياً.
“الشخصيّة” بطل الرواية هو إذن “فكرة” في نفس الكاتبة (الروائيّ عموماً)، وهذا ما يذكّرنا برواية الكاتب الفرنسيّ كاميل دو توليدو (Camille de Toledo) كتاب الجوع والعطش (Le livre de la faim et de la soif) وفيه الشخصيّة الرئيسة-الفكرة هو “الكتاب” بحدّ ذاته الذي يملي على كاتبه، في صراعٍ داخليّ مشابه، ما يجب أن يرويه من حكايات وقصص مستقاة من أنحاء العالم ومن العصور كلها، روايات تتشابك وتتقطّع وتتعقّد من دون أن تكتمل، لينتهي به الأمر منهكاً وعاجزاً وهاوياً في لجّة عميقة، لجّة البشريّة التي لا يني يروي عنها بلا ارتواء ولا شبع وهو لذلك لن يموت ولن يزول، هو خالد مثل “الشخصيّة” في رواية الطويل، شخصيّة معانية إنما متجدّدة ومتنوّعة وحيّة في الرواية، في كلّ مكانٍ وزمان.
عملت كاتيا الطّويل على إيصال فكرتها هذه بأسلوب سرديّ بسيط وسهل على تماسك في اللغة. فهي اعتمدت الجمل القصيرة عموماً، كلمة واحدة في الكثير من الأحيان للتوكيد أو التكرار أو الإيضاح، معتمدة من علامات الوقف النقطة فقط، من دون فواصل، ما أضفى على السرد رشاقة وسرعة، وهي فكرة دافعت عنها في سياق الرواية معتبرة أنّ الفواصل “توقّف” لا حاجة له. الفاصلة “توقّف لا يتوقّف تماماً”، والجملة المتكاملة الواضحة لا تحتاج فواصل “وليست صالحة لترد في رواية”، كأن النقطة تأتي في مكانها حاسمة وكفى. رأي قالت به المؤلِّفة وطبّقته وهو ما أمّن لأسلوبها هذه الرشاقة الممتعة، حتى عندما احتاجت إلى التفسير والإيضاح عبر التكرارات المركّزة على الفكرة، أو تطلّب الأمر امتدادات للجملة لتوسيع المعنى وبلورته. هذه التكرارات أدّت وظيفتها في بلورة الأفكار، حتى وإن بدا فيها أحياناً شيء من المبالغة، كما في الفصل الأول حيث وصفت حالة الضياع والتخبّط والدوران حول فكرة أو حالة واحدة تعتمل في نفس الشخصيّة.
وقد خفّفت الطّويل من الوصف، الخارجي منه على الأخصّ، لصالح السّرد العادي والتأَمل الذي يفتح مجال الوصف الداخليّ المضيء على الحالات النفسيّة والتفاعليّة. الوصف الخارجي عندها سريع وخاطف، ومتكرّر أحياناً، كما في وصف الفتاة التي تحضر في الكتاب عدّة مرّات لتؤدّي دور الروائيّة التي تطلق شرارة الحكاية كما يتّضح في الفصل ما قبل الأخير، هي الفتاة نفسها “... ترتدي تنّورة ضيّقة تصل إلى ركبتيها وقميصاً واسعاً متهدّلاً يخفي نهديها وأنوثتها...”. لازمة تتكرّر في سائر فصول الكتاب.
وما يلفت في الكتاب هو تلك اللوحات المشهديّة التي رسمتها الروائيّة وعالجتها بالأسلوب المسرحيّ عبر الحوار، مشهد النقاش والجدل بين الكاتبة والشخصيّة في الفصل الثاني، ومشهد “اللقاء السرّيّ” بين الشخصيّات التاريخيّة في الفصل الرابع، حيث حدّدت بدّقة أماكن جلوسها في الدائرة، وأرفقت ذلك برسمة توضيحيّة مصوّرة وأقامت بينها حواراً جعل منها مشهداً مسرحيّا متكاملاً، مشهداً شبيهاً بشكل واضح بصورة “العشاء السرّي” الذي جمع المسيح بتلامذته.
وكما في المسرح، جمعت الطّويل في كتابها بين الجدّ والإضحاك. نرى ذلك في الفصل الأول، في سردٍ لطيف عن امتناع الكاتبة عن إعطاء “الشخصيّة” مشهد حبّ، وعندما وافقت سرعان ما تراجعت لسخافة الفكرة. سخرية مبطّنة من طغيان الحبّ، او المواضيع العاديّة، على أجواء الرواية عند البعض. وكثيرة هي العبارات أو الإشارات أو الأوصاف الخاطفة التي تحرّك البسمة على وجه القارئ، مثل الجَدَّة التي “تموت في كلّ مرّة من أجل هذه الحقيبة الملعونة” وخبر الوفاة هو الكلمة السرّية المعتمدة ليسلّم البطل الحقيبة المشبوهة إلى الشخص المناسب، أو في الكلام على بائع الجرائد، مُخبِر الشرطة، فهو “تاجر أخبار ووجوه ومسافرين”، أو في وصف مطبخ الوالدة الفوضوي “مطبخ أقلّ ما يقال فيه إنّه حلبة صراع بين المنطق ووالدتي”، أو وفي وصف زعل “الشخصية” وحَرَده من كاتبته: “فلأجلس. فلأكتّف يديّ. فلأضع ساقاً على ساق ولانتظر على رفّي”. يضاف إلى ذلك الكثير من الصور المجازيّة المعبّرة بإيجازها “أشعر بالعرق يتصبّب من قلمي”، و"أهي رائحة أبي أم رائحة حزني؟" في وصف أثر موت الأب، أو في تصوير طبيعة “الشخصيّة” وحالتها في هذه المعارَضة المعكوسة التي ختمت بها الفصل الأوّل: “أنا مخلوق من الورق وإلى الورق لا أريد أن أعود” وكل هذا يأتي عفويّاً طبيعيّاً من دون أن يطغى على السّرد ويعطّله.
طرحت كاتيا الطّويل موضوعاً جديداً فريداً ليس بالتأكيد مطروقاً من قبل في الرواية العربيّة التي ما زالت تدور في معظمها حول قضايا ومسائل تقليديّة وعاديّة ومتكرّرة ومستَنفدة، وهذا جانب ممّا حاولت أن تبيّنه في روايتها هذه، إن بالموضوع المُختار، وإن بتلميحها بين الجدّية والسخرية إلى ضرورة التجديد والتحديث في الفنّ الروائيّ العربيّ عبر التطرّق إلى مسائل وقضايا من خارج الموروث والمطروق، وذلك بما يفتح المجال أمام إبداع من نوعٍ آخر ويرقّي الذائقة الفنّيّة والحسّ الجماليّ. وإن تكن روايتها، بموضوعها وبنيتها، محصورة بقضيّة فنّية أدبيّة صرف، قد يرى البعض أنّها غير موجّهة إلى القارئ العاديّ، إلا أنّ الكاتب الروائيّ لا بدّ له أن يراهن على ذكاء هذا القارئ وحسّه، فمن الخطأ أن نعتبر أنّ القارئ لا يتحلّى بالذكاء الكافي لاستيعاب ما يطرحه الروائيّ. وهذا تحدٍّ قبلته كاتيا الطّويل على نفسها وتصدّت له في محاولة عميقة على الصعيدين الفنّي والإنساني، وهو ما يجعلنا نستشرف لهذه الروائيّة الشّابة والناقدة المتخصّصة مستقبلاً واعداً في هذا المجال.
(*) نعتمد تسمية “الكتاب” للرواية موضوع المقالة، مقابل “الرواية” التي تشكّل عنصراً أساسيّاً فيه، وذلك تفادياً لالتباس الأمر على القارئ. وكذلك نعتمد تسمية “الكاتبة” للشخصيّة الرئيسة في الكتاب، مقابل “الروائيّة” أو “المؤلّفة” لصاحبة الرواية هذه.
عن موقع جريدة المدن الألكترونيّة
حقوق النشر
محتويات هذه الجريدة محميّة تحت رخصة المشاع الإبداعي ( يسمح بنقل ايّ مادة منشورة على صفحات الجريدة على أن يتم ّ نسبها إلى “جريدة المدن الألكترونيّة” - يـُحظر القيام بأيّ تعديل ، تغيير أو تحوير عند النقل و يحظـّر استخدام ايّ من المواد لأيّة غايات تجارية - ) لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا.
مقالات ذات صلة :