أمل دنقل.. ما زال يقول “لا” في وجه من قالوا “نعم”. يصادف اليوم، الثالث والعشرين من يونيو/ حزيران 2021، ذكرى ميلاد الشاعر المصري أمل دنقل

على مسرح واحد، هو شعر أمل دنقل، يَظهر المتنبّي وأبو نواس والزير سالم والحسين وسبارتاكوس وصلاح الدين وزرقاء اليمامة وغيرهم. يَظهر هؤلاء ليس بسيَرهم المعروفة بشكل دقيق، ولا هُم ينزعونها عنهم تماماً، بل ليلعبوا أدواراً معيّنة بدقة شديدة في مشهد واحد ثم يتركون الخشبة لشخصية أخرى في “قصيدة” أخرى.

ورغم أنّنا لسنا حيال نصوص فكرية، فإن هذه الشخصيات تبدو مبنية لتكون “شخصيات مفهومية”، تساعد في تمرير الأفكار والمواقف، وهي أداةُ صنعةٍ يعتمدها الفلاسفة عادةً كما رأى بذلك المفكّر الفرنسي جيل دولوز حين نظّر للشخصيات المفهومية، ووجد أنّ فكر أفلاطون ما كان ممكناً أن يبلغ مداه لولا البناء الدقيق لشخصية سقراط، وكذلك فعل نيتشه مع زرادشت، كما يكمن لبعض الشخصيات التي اختُلقت في سياقات غير فكرية، ضمن الرواية أو المسرح، أن تأخذ هالة مفهومية، وهو ما نقف عليه مع شخصية فاوست لـ غوته، وهاملت لـ شكسبير. وربما ذلك حال الشخصيات التي اقترحها أمل دنقل، فلعلّه لم يكن يبحث عن هذا البُعد وهو يشكّلها ضمن قصائده، لكن ها هي تبدو كشخصيات مفهومية بامتياز.

لنقرأ مثلاً ما كتب عشية هزيمة 1967 في قصيدة “البكاء بين يدي زرقاء اليمامة”:

“أيّتها النبية المقدّسة...
لا تسكتي... فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَة...
(...)
أيتها العَّرافة المقدّسة...
ماذا تفيد الكلمات البائسة؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ...
فاتّهموا عينيكِ، يا زرقاءُ، بالبوارْ!
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجارْ...
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثارْ!
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف: قايضوا بنا...
والتمسوا النجاةَ والفرارْ!”.


عن الصورة : “لا تصالح” في غرافيتي بالقاهرة، تصوير: حسام الحملاوي، تشرين الثاني/ نوفمبر 2011


رابط : مقال شوقي بن حسن على موقع العربي الجديد

أخبار أخرى

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)