أعلام في طريق دائرة اللغة العربيّة في الجامعة الأمريكية في بيروت التي فتحت أبوابها للمر الأولى في عام 1866، لتغيّر بعدها الكثير في مسار تاريخ لبنان والمنطقة
في 3 كانون الأوّل عام 1866، افتتحت الكلّيّة الإنجيليّة السوريّة أبوابها للمرّة الأولى، لتغيّر بعدها الكثير في مسار تاريخ لبنان والمنطقة. بعد عدةّ عقود، وتحديدًا في 18 تشرين الثاني عام 1920، تغيّر اسمها إلى الجامعة الأميركيّة في بيروت. ولعلّ قلّةً يعرفون أنّ العربيّة كانت اللغة الأساسيّة للتدريس خلال العقد الأوّل من تأسيس الجامعة، وما يُعرف اليوم بدائرة اللغة العربيّة ولغات الشرق الأدنى وُلدت نواته مع ولادة الجامعة، وتراكمت إنجازاته الفكريّة مع تعاقب عددٍ من الأعلام النخبة في الفكر والأدب واللغة. وساهمت هذه الدائرة على مدار قرنٍ ونصف في إحياء اللغة العربيّة والنهوض بعلومها وواقعها.
كان لموقع الجامعة الجغرافيّ دورٌ في استقطاب الدائرة لعددٍ من الأعلام، ويضمّ الأرشيف لائحةً يطول ذكرها بأسماء أكثر من مئتي أستاذٍ ومحاضر. هذا إلى جانب أدباء بارزين لم يرتبطوا بالدائرة بشكلٍ مباشر أمثال الروائيّ جرجي زيدان (1861-1914). فقد كان لهؤلاء مجالٌ رحبٌ من الميول والاختصاصات، وكانوا يدرّسون العربيّة إلى جانب الرياضيّات مثلًا أو الطبّ أو التاريخ أو التجارة... ولا عجب في ذلك، فالعلماء في القرنين التاسع عشر والعشرين تابعوا إرثًا فكريًّا شموليًّا يمتدّ إلى زمن الجاحظ وأبي حيّان التوحيديّ اللذين لم يجعلا العربيّة محورًا لإتقان العلوم اللغويّة فحسب بل وغيرها من العلوم المختلفة.
إنّ انتقال عمليّة التدريس من اللغة العربيّة إلى الإنجليزيّة ترك تداعياتٍ عميقة الأثر على واقع اللغة العربيّة. وقد عبّر عن ذلك الباحث في التاريخ سليمان بك أبي عزّ الدين قائلًا:
“إنّ هذه الجامعة وإن كانت منشأة بمال الأميركيّين فإنّها في نظر الناطقين بالعربيّة وطيدة النزعة نزيهة القصد...... وإنّ أكثر المشهورين بالعلم والعمل من متخرّجي الجامعة هم أولئك الذين تلقّوا دروسهم باللغة العربيّة أو امتازوا بإتقان هذه اللغة.”
ورغم تباعد الحاضر عمّا كانت عليه الأمور في الماضي، فإنّ عمل دائرة اللغة العربيّة لم يكن يومًا البكاء على الأطلال أو التحسّر على ماضٍ مجيد، وإنّما التعويل على طلّابها وأساتذتها الذين يعدون بمستقبلٍ مشرق.
ولقد كان القدامى يؤرّخون للحضارة العربيّة والإسلاميّة من خلال وضع كتبٍ في التراجم والسير، فتاريخ الحضارة هو تاريخ رجالها ونسائها. وأسوةً بهم، نحتفي بتاريخ دائرة اللغة العربيّة من خلال الحديث عن أعلامها وإنجازاتهم، لكنّ الإحاطة بجميعهم أمرٌ شاقّ وما يلي ذكره هو مجرّد غيضٍ من فيض يبدأ مع تأسيس الجامعة ويتوقّف عند بداية تسعينيّات القرن الماضي...
حقوق النشر
تم نقل هذا المقال بهدف تربوي وبصفة غير تجارية بناء على ما جاء في الفقرة الثانية من الفقرة 5 من شروط استخدام موقع رصيف 22 الإلكتروني على الموقع الإلكتروني “رصيف 22” :
... علماً أن الموقع يحترم، بالقدر الذي نقتبس فيه المواد من حين لآخر من مصادر أخرى بغية دعم مختلف التفسيرات والمؤلفات الواردة في هذا السياق، حق الآخرين في “الاستخدام العادل” للمواد التي يتضمنها الموقع؛ وبناءً على ذلك، فإنه يجوز للمستخدم من حين لآخر، اقتباس واستخدام المواد الموجودة على الموقع الإلكتروني بما يتماشى مع مبادئ “الاستخدام العادل”.
رابط : المقال على موقع رصيف 22