“أريد رجلا” عربي يستلهم معايير النجاح التركي أريد رجلاً، نور عبدالمجيد (السعودية)، رواية - دار الساقي - 2011

, بقلم محمد بكري


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977


جريدة العرب
نُشر في 12-04-2016، العدد : 10243، ص(16)
الصفحة : ثقافة
العرب - هشام السيد


’أريد رجلا’ عربي يستلهم معايير النجاح التركي


حالة فنية خاصة حققها مسلسل “أريد رجلا” المأخوذ عن رواية الكاتبة السعودية نور عبدالمجيد، حيث نجح العمل الفني في أن يسرق الأضواء ليس فقط من المسلسلات العربية الأخرى، لكن من أغلب المسلسلات التركية التي هيمنت على الدراما التلفزيونية في الكثير من الفضائيات العربية في الفترة الأخيرة.


الخط الأساسي للمسلسل هو الخط الرومانسي


الحلقات الأولى للمسلسل العربي “أريد رجلا” المأخوذ عن رواية الكاتبة السعودية نور عبدالمجيد والذي كتبت له السيناريو والحوار شهيرة سلام، تظهر وكأنها محاولة لمحاكاة الدراما التركية، إلاّ أن المشاهد بسرعة يكتشف أنه أمام توليفة درامية عربية، ذات طبيعة مصرية خاصة.

حقق المسلسل الذي عرض على قناة “أم بي سي مصر”، نجاحا غير مسبوق، حيث فاقت نسبة مشاهدته الكثير من الأعمال التي تزامن عرضها معه، بل فاق ما حققته أنجح المسلسلات التركية في مصر.

من أهم عوامل نجاح العمل دفقة الرومانسية التي يقدمها والتي افتقدها المشاهدون طوال السنوات الخمس الماضية، وتحديدا منذ اندلاع ما يعرف بثورات الربيع العربي، حيث جاءت أغلب الأعمال التلفزيونية في تلك السنوات لتعبر بشكلأ وبآخر عن أحداث تلك الثورات، بما حفلت به في الغالب من دماء وقتل وتناقضات وتضحيات ومحاكمات.

مسار الأحداث

من العوامل التي ساهمت بشكل كبير في ترويج العمل لدى المشاهدين العرب أنه مسلسل عابر للحدود، ويجمع نجوما ونجمات من خمس جنسيات عربية داخله، هي لبنان والأردن وتونس ومصر والسعودية، لكن من خلال المتابعة على مدار جزءين لا يمكن أن تحدد جنسية أحدهم، لإتقان اللهجة والتحضير الجيد لكل شخصية.

لهذا وجد قطاع كبير من المشاهدين في أريد رجلا ما كانوا يبحثون عنه من رومانسية بعيدا عن قضايا القتل والمخدرات، وهو النجاح الذي بلغ صداه في مواقع التواصل الاجتماعي، فقد انتشرت العديد من “الهشتاغات” التي تتحدث عن علاقة سليم الذي يجسده الأردني إياد نصار وأمينة التي تجسدها اللبنانية مريم حسن.

ومن هناك تحول سليم بطل المسلسل إلى فتى أحلام الكثير من الفتيات على غرار مهند التركي، ونجح سليم أو إياد نصار في أن يعيد للفتيات نموذج القدوة الذي يتمنينه، إلاّ أن هذا الشخص الذي تراه مثاليا، يظهره مخرج العمل في نهايات المسلسل منكسرا ضعيفا ينهزم أمام العادات والخلافات ليضيع حبه.

وتأتي شخصية أمينة، نموذجا موجودا في العديد من المجتمعات العربية، فالمراحل التي تمر بها ربما تتشابه مع الكثير من تلك التي تمر بها الآلاف من الفتيات في مجتمعاتنا، سواء في الحب أو الزواج.
تفاصيل المسلسل الذي يشارك في بطولته التونسي ظافر العابدين، وميرنا المهندس وأحمد عبدالعزيز وندى بسيوني، من مصر، وإخراج محمد مصطفى، ليست بالسهولة التي يراها الجمهور، لكن تعتبر المراحل الأخيرة في تطور شخصياته صعبة جدا، إذ تدخل مرحلة أخرى مختلفة عما كانت عليه، وتتسبب في تغيير مسار الأحداث.

قصة الحب التي تنمو يوما بعد يوم أمام أعين المشاهدين بين وكيل النيابة سليم عبدالمجيد، ومذيعة الراديو أمينة عزت، استطاعت أن تجذب مشاعر الجمهور وترغمه على متابعة تفاصيل القصة المتصاعدة.

بلغ تفاعل المشاهدين مع أحداث المسلسل وعلاقة الحب الناشئة بين بطليه درجة جعلت مشاهد الحب بين سليم وأمينة، خاصة مشهد الاعتذار بعد سوء تفاهم في بداية علاقتهما، من مقاطع الفيديو الأكثر انتشارا على مواقع التواصل الاجتماعي. تميزت النجمة سهير المرشدي في تجسيدها لشخصية يامنة السيدة القوية القادمة من جنوب مصر، والتي تجدها بمثابة الحبل الرابط بين تقاليد الصعيد وحداثة الحاضر بشكل رائع.

الصراع الدرامي بين ثالوث، الحماة والابن وزوجته، يتصاعد في الحلقات الأخيرة، ورغم أن الفكرة ليست جديدة على الشاشة العربية، وسبق تقديمها في العشرات من الأفلام والمسلسلات المصرية والعربية منذ خمسينات القرن الماضي، إلاّ أن الجديد في أريد رجلا هو تصاعد الصراع، فالحماة تريد الحفيد الولد من أمينة وفقا لعادات أهل الصعيد الرافضة لإنجاب البنات فقط، رغم أن الغالبية اليوم تتقبل ذلك وفقا للمتغيرات المجتمعية والاقتصادية والثقافية أيضا، إلاّ أن المسلسل أبرزها وكأنها لا تزال الحد الفاصل في استمرار العلاقة أو أنها مبرر للرجل من أجل الزواج الثاني.

اختيار البيئة الصعيدية ليخرج منها سليم عبدالمجيد بطل المسلسل قبل أن يقع في حب أمينة التي تربت في القاهرة، أظهر تفاوت الثقافات والخلفيات، ما أضفى ثراء على الحوار وتناول القضية، حيث حاولت كاتبة السيناريو إظهار جذور الشخصية المصرية العريقة ومزجها بين المجتمع الحضري المتمثل في القاهرة، وهذا ما كان يظهره سليم عندما يتحدث باللهجتين القاهرية والصعيدية في مشهد واحد.

تقاليد وحداثة

المسلسل ثري بالشخصيات، وكل شخصية لها قصة حب مختلفة ومليئة بالأحداث، وهو ما كشف عن حرفية السيناريست شهيرة سلام التي درست وتخرجت من المعهد العالي للسينما بمصر عام 1992، واكتسبت الخبرة عبر السنوات، ما جعلها تعود لأدوات المسرح في تحريك كل هذه القطع الفنية ورسم الخط الدرامي بحرفية واضحة.

الواضح أيضا أن معظم شخصيات المسلسل من الطبقة المتوسطة، فمعظم الشخصيات في العمل كانت قريبة من الناس ولم يشعر المتفرج بغربة عنها أو عن بيوتها التي تدور فيها الأحداث، غير أن ذلك لم يمنع ظهور المنازل الفقيرة في شكل جميل يبعث الراحة في نفوس المشاهد بما يتوافق مع حالة الرومانسية داخل المسلسل.

تشعر وأنت تتابع كل شخصيات العمل أن لديها “أكشن” داخلي يتجسد في صراع يعتمل في نفوسها مع المشكلة التي تمر بها الشخصية، لكنه ليس الأساس لأن الخط الأساسي للمسلسل هو الخط الرومانسي.

رغم الحالة الرومانسية الجميلة التي تابعها المشاهد على مدار حلقات المسلسل والتي وجد فيها ضالته المفقودة في الدراما العربية، إلاّ أن نهاية المسلسل صدمت جمهور أريد رجلا بفراق سليم عن حبيبته، وذلك لا ينتقص من العمل لأنه يقدم واقعا يعيشه الكثيرون، فغالبا ما تنكسر قصص الحب.

عن موقع جريدة العرب اللندنية

المقال بالـ PDF


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977

صحيفة العرب© جميع الحقوق محفوظة

يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر


أريد رجلاً، نور عبدالمجيد (السعودية)، رواية - دار الساقي

تحميل أريد رجلاً

على موقع الكاتبة

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)