الحياة الموسيقية في لبنان منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى اليوم، زينة صالح كيالي (لبنان)، دراسة وتاريخ

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


الأحد، ١٤ يونيو/ حزيران ٢٠١٥
جريدة الحياة
باريس – أوراس زيباوي


زينة صالح توثق أبرز محطات الحياة الموسيقية في لبنان


بعد كتاب عن المؤلفين الموسيقيين اللبنانيين في القرنين العشرين والحادي والعشرين، الصادر عن «دار سيغيي» في باريس عام 2011، صدر كتاب جديد للكاتبة اللبنانية زينة صالح كيالي، بعنوان «الحياة الموسيقية في لبنان منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى اليوم»، عن دار غوتنير الباريسية، مع تقديم للموسيقيين اللبنانيين غبريال يارد وبشارة الخوري.

الكتاب ليس تأريخاً للموسيقى اللبنانية بل استعادة لأبرز محطاتها، ومن محطاتها الأولى الدراسة التي أعدها اللبناني المتحدر من أصول يونانية ميخائيل مشاقة (1800-1888) وكانت بعنوان «الرسالة الشهابية في الصناعة الموسيقية». وهي تعد اليوم مرجعاً مهماً لكل المهتمين بقضايا الموسيقى العربية، مرورا بأبرز المؤسسات والشخصيات التي لعبت دوراً في الحياة الموسيقية في لبنان، وحتى تأسيس «معهد التراث الموسيقي اللبناني» في مدرسة الجمهور في بيروت عام 2012. وكانت زينة صالح كيالي المقيمة في باريس، وهي عضو في بعثة لبنان الدائمة لدى منظمة «يونيسكو» الدولية، من مؤسسي هذا المعهد وهي الآن نائبة رئيسته.

في كتابها الجديد تروي لنا المؤلفة صفحات غير معروفة من التاريخ الموسيقي في وطنها، مركزة على المناخ المنفتح والمتعدد الثقافات والأديان الذي عرفه لبنان والذي سمح للعديد من اللبنانيين وغير اللبنانيين بالعطاء الموسيقي وجعل لبنان مركزاً مهماً للإبداع وللمهرجانات الدولية التي يشارك فيها فنانون عالميون من جنسيات عدة.

من الشخصيات التي يتوقف عندها الكتاب وديع صبرا (1876-1952) واضع لحن النشيد الوطني العثماني والنشيد الوطني اللبناني، وهو الأب المؤسس للموسيقى الكلاسيكية اللبنانية، وأنيس فليحان (1900-1970) الذي تولى إدارة الكونسرفتوار الوطني اللبناني من عام 1953 الى عام 1960، وكان إضافة إلى ذلك مؤلفاً موسيقياً لامعاً. من الأمور الأخرى غير المعروفة التي يكشفها الكتاب، الدور الذي لعبه الروس الذين هربوا من الثورة البولشفية عام 1917 واستقروا في بيروت، ومنهم إيلين لازاريف وميشيل شينيكوف وإيلينا سافرانيسكي. وقد ساهموا في ازدهار الكونسرفتوار الوطني وتعليم أجيال من الطلاب.

تضيء المؤلفة أيضاً على مساهمة المعاهد في تعليم الموسيقى، ومنها الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة المعروفة بـ»ألبا»، ويجهل الكثيرون الدور الذي قام به مؤسسها ألكسي بطرس في مسيرة الموسيقى اللبنانية وازدهارها، فضلاً عن الجامعات ومنها الجامعة الأميركية وجامعة القديس يوسف وجامعة الكسليك، والمهرجانات وأولها مهرجان بعلبك. ويعود الفضل في تأسيسه الى الرئيس كميل شمعون وزوجته زلفا اللذين كانا المعروفين بحبهما للموسيقى والفنون. وولدت فكرة هذا المهرجان الذي يعدّ الأول من نوعه في الشرق الأوسط مطلع الخمسينات من القرن الماضي واستقطب حتى اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 أبرز الفنانين العالميين بفضل جهود رئيسته الأولى إيميه كتانه ومواهبها التي مكنتها من التأسيس لعلاقات ثقافية على صعيد دولي مع فرنسا وبلجيكا وبريطانيا.

بعد كتانة تولّت رئاسة المهرجان سلوى سعيد ثمّ مي عريضة التي روى المخرج المسرحي اللبناني نبيل الأظن سيرتها في كتاب بالفرنسية بعنوان «مي عريضة، حلم بعلبك» صدر عام 2013. أما اليوم فتتولى رئاسته نايلة دو فريج التي تبذل كل ما في وسعها في استمراره على الرغم من التحديات الهائلة التي تواجهه بسبب الظروف الأمنية.

في موازاة مهرجان بعلبك، نشأت في لبنان مهرجانات أخرى ومنها مهرجان بيت الدين الذي يقدم كل أنواع الموسيقى، ومهرجان البستان المتخصص فقط في الموسيقى الكلاسيكية والذي ينظم في فصل الشتاء بعكس المهرجانات الأخرى.

كتاب «الحياة الموسيقية اللبنانية منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى اليوم» استعادة جميلة لزمن كان فيه لبنان جسراً بين الشرق والغرب وحاضناً للمواهب والطاقات القادمة من أنحاء العالم. ولا ننسى اليوم أن عدداً من الموسيقيين اللبنانيين الذين يتمتعون بشهرة عالمية ولدوا ودرسوا في لبنان ومنهم غبريال يارد وعبدالرحمن باشا، وهذا ما يعكس المستوى الراقي الذي كان يتمتع به التعليم الموسيقي في لبنان.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


علي موقع الناشر باللغة الفرنسية

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)