أدب الخيال العلمي والثقافة العربية

, بقلم محمد بكري


موقع رصيف 22


موقع رصيف 22
السبت 16 مايو 2020
علاء رشيدي


هل أنتجت الثقافة العربية أدباً من نوع الخيال العلمي ؟



“هل أنتجت الثقافة العربية أدباً من نوع الخيال العلمي ؟” تتكرّر في الكتابات المختصة أن العالم العربي لم يعرف الثورة الصناعية، لا المبتكرات العلمية ولا علوم الفضاء، ولذلك فإنه غير قادر على إنتاج أدب الخيال العلمي. هل صحيح أن العرب لم ينتجوا أدب خيال علمي؟ هل علاقة الثقافة العربية بالعلوم حتى الآن قاصرة على إنتاج نص أدبي في مجال الخيال العلمي؟

يتميز هذا النوع من الأدب بشرط حضور العلم، واستخدام المعرفة العلمية من قبل الكاتب كمحور ومكون أساسي للنص، وهذا ما يميزه عن الفانتازيا أو الأدب العجائبي أو الأسطورة، لذلك، فإن محاولات بعض النقاد العرب اعتبار نصوص مثل ألف ليلة وليلة بمبتكراتها العجائبية، كالبساط السحري والمصباح العجيب، باعتبارها أصولاً لأدب الخيال العلمي، بعيدة عن الدقة، أما قصة “حي بن يقظان، ابن طفيل” فهي أقرب إلى روايات لا تصنف في مجال أدب الخيال العلمي مثل روبنسون كروزو لدانيال ديفو أو إميل لروسو.

لكن نقاداً وأكاديميين، مثل د. محمد عياد و د. كوثر عياد في كتابهما “أدب الخيال العلمي”، وكذلك الباحث محمد ياسين في كتابه “الخيال العلمي في الأدب”، قدموا لمختارات من أبرز الإنتاجات العربية في مجال أدب الخيال العلمي، وشرحوا بإسهاب أبرز الموضوعات التي عالجها العرب من خلال أدب الخيال العلمي: الأساليب والأسئلة الكبرى التي واجهت المخيلة العربية الأدبية العلمية.

الشفافية السياسية من مزايا الحكم المثالي

"القارة المفقودة أو فتاة البحر"

تمتلك رواية “القارة المفقودة أو فتاة البحر” للصادق الرزقي 1930" أهمية خاصة، كونها أول المحاولات التي تنتمي بوضوح إلى أدب الخيال العلمي، فتتخيل الرواية مدينة فاضلة “آناسيا” بكامل تفاصيلها، لنتابع مخيلة الأديب في توصيف رؤيته للعالم المثالي. تتخيل الرواية مملكة آناسيا التي هي بلاد غنية وسكانها مسالمون ومثقفون ثقافة عالية، الأمن فيها مستتب، الازدهار الاقتصادي في أعلى مستوياته والحكم فيها استشاري عادل، أما الأسلحة فهي تفتك بجيوش الأعداء دون سفك دماء، وإنما عن طريق شل حركة الجنود وإبطال فعالية الأسلحة.

آناسيا بلد ديمقراطي، نواب الأمة فيه يقترعون اقتراعاً مباشراً علنياً وشفافاً، يدلون بأصواتهم عن طريق آلات ناقلة ثم تقع طباعة هذه الأصوات في جرائد توزع على الجميع في نفس الوقت. اليوم تطالب المؤسسات والجمعيات المراقبة بالعمل الحكومي، بضرورة عقد الجلسات البرلمانية علانية في بعض البلدان العربية

آناسيا بلد ديمقراطي، نواب الأمة فيه يقترعون اقتراعاً مباشراً علنياً وشفافاً، يدلون بأصواتهم عن طريق آلات ناقلة ثم تقع طباعة هذه الأصوات في جرائد توزع على الجميع في نفس الوقت. اليوم تطالب المؤسسات والجمعيات المراقبة بالعمل الحكومي، بضرورة عقد الجلسات البرلمانية علانية في بعض البلدان العربية.

الإشكاليات الوجودية والأخلاقية للسفر في المستقبل

توفيق الحكيم: “الاختراع العجيب” و"رحلة إلى الغد"

أنتج توفيق الحكيم العديد من الأعمال التي تصنف في إطار أدب الخيال العلمي، وتناول موضوعات السفر عبر الزمن مثل قصة “الاختراع العجيب، 1953”، وفيها يبتكر أحد العلماء آلة أو جهازاً يرى فيه الناس مستقبلهم، أو يتمكنون من الاتجاه نحو المستقبل، غير أن المفارقة العجيبة أن كل من نظر إلى هذا الجهاز أقدم على الانتحار وأنهى حياته بنفسه. ثم يفسر الحكيم سبب انتحار هؤلاء بأنهم رأوا مستقبلهم ولم تعد لديهم الرغبة في أن يعيشوا الحياة أو مستقبلهم، إذ أصبح المستقبل معروفاً والحياة مملة ولا شيء يستدعي الانتظار أو المغامرة أو الأمل.

وكذلك مسرحية “رحلة إلى الغد، 1958” وفيها ينطلق فيها مهندس وطبيب كانا قد حكما بالإعدام، وبعد رحلة طويلة في الفضاء لسنوات بعيدة، يتبين أن كثيراً من مفاهيمها قد تغيرت وتبدلت، فلم يعد الخير خيراً والشر شراً، ثم ترتطم السفنية بكوكب ليعثروا على حضارة مستقبلية يقوم فيها الرجال الآليون بجميع الأعمال، ولكن ما يعكر صفو المدينة هو الصراع السياسي بين حزبين رئيسين في المدينة هما حزب الماضي وحزب المستقبل.

"لا نريد الحياة" و"رجل من الماضي"

في الخمسينيات من القرن الماضي، نشط الكاتب يوسف عز الدين عيسى، في إنتاج التمثيليات الإذاعية المتخصصة في أدب الخيال العلمي. “لا نريد الحياة” هي قصة افتراضية عن أطفال يستطيعون رؤية آبائهم قبل ولادتهم، ورفضهم النزول بعد أن رأوا ما يحيق بالبشر الذي يعيشون في هذا العالم القاسي. وفي قصة أخرى بعنوان “الطوفان”، يهبط رجل بطائرة مستقبلية في الإسكندرية التي تعاني من الانفجار السكاني الهائل والبشر يعيشون تحت الأرض، تحكمهم دولة متسلطة، تنفذ قانوناً يقضي بشنق كل من يبلغ الثلاثين من العمر، بغية الحد من المد المتلاطم للخلق. وفي قصة “رجل من الماضي”، يعالج إشكاليات عمليات تجميد الجسم البشري، من خلال حكاية رجل متزوج له ثلاثة أطفال، وعندما يكتشف أنه مصاب بالسرطان، يسافر إلى الولايات المتحدة ليتم تبريده حتى إيجاد العلاج، فيجد زوجته واثنين من أبنائه قد توفيا، كما يفاجأ بتغير معالم الحياة من حوله، لدرجة أن هذ العائد لم يعد يرغب الاستمرار، فيقرر أن ينهي حياته بنفسه.

الروبوت المتمرد العدواني

في عام 1967، كتب عبد السلام البقالي روايته “الطوفان الأزرق”، التي تبدأ حين تشكك مجموعة من العلماء في تطور الحضارة الإنسانية، فيقررون الانتقال إلى عزلة الصحراء المغربية لتأسيس الحضارة على القيم الجديدة، ويبتكرون برنامجاً متقدماً جداً، أو روبوت يدعى “معاذ”، قادراً على إدارة كامل الحضارة. لكن “معاذ” يتمرد على صانعيه، ويبدأ بالجرائم العدوانية على الإنسان. الطوفان الأزرق هو الأشعة المميتة التي يرسلها معاذ للقضاء على الجنس البشري. المبتكر الآلي أو البرامجي الذي يتمرد على صانعه، من الموضوعات البارزة في أدب الخيال العلمي والأمثلة عنها عديدة.

الخيال العلمي في خدمة الطبيعة

لم يلتزم يوسف السباعي كتابة رواية من نوع أدب الخيال العلمي، إلا أنه في رواية “لست وحدك، 1970” ناقش علاقة الإنسان بالكون الفسيح. تنتقل الرواية إلى عوالم موازية، ليقترح الأديب عالماً مثالياً قائماً على الهارموني مع الطبيعة، حيث يحصل الإنسان على كل ما يريده بمجرد أن تضرب جذوره في التربة، ليتلقى احتياجاته من أمه الطبيعة دونما أية تفرقة بين فرد وآخر، كذلك، وظف الكاتب رؤوف وصفي الخيال العلمي في خدمة التوعية للآلام التي تلحق بالبيئة. في قصة “يتألمون في صمت، 1985” يتوصل عالم مصري إلى اختراع جهاز يستطيع التقاط أدنى الذبذبات ويقوم بتحويلها إلى صوت مسموع، وهكذا يسمع أنين الأزهار وصرخات متألمة لشجرة يتم قطعها للتو.

الخيال العلمي في نقد الأنظمة السياسية

"السيد من حقل السبانخ"

مع رواية “السيد من حقل السبانخ” 1986، للكاتب صبري موسى، نستكشف واحدة من روايات الأدب الاستشرافي أو الكابوسي، كما في رواية “1984، لجورج أورويل”، تقع أحداث رواية صبري موسى في عالم استشرافي. السيد هومو يعمل في معمل لإنتاج أوراق السبانخ مع الآلاف من العمال، داخل قبة زجاجية تسير وفق نظام روتيني يعمل وفق نظام ساعة مضبوطة. مرةً يتأخر السيد هومو على موعد الباص، ليكتشف النظام المسيطر على حياته. ثم يتعرف على رؤوف وهو رجل خطيب مفوّه يدعو للعودة إلى الحياة الطبيعية، فيعيش التبدل الفكري حول النظام المدار من قبل “اللجنة العليا لإدارة الإقليم”.

لكن هذه اللجنة لا تقمع الحركة الطبيعية، بل تجري انتخابات لتعرف رأي الناس، فيخسر الطبيعيون الانتخابات، ويقرر رؤوف والسيد هومو ترك القبة الزجاجية التي تحمي المدينة، وينتهي بهما الأمر خارج القبضة الزجاجية معرضين للحرارة العالية. المميز لرواية صبري موسى هو خيار أن يكون الفكر الثائر أو المعارض هو الفكر الطبيعي.

“الكوكب الملعون”

في رواية “الكوكب الملعون” 1987، للكاتب إيهاب الأزهري، ينتقل وحيد وكمال بسفينة فضائية من صنع الفراعنة. يصور الكاتب حياة البشر الذي هربوا من الحرب الذرية على الأرض، وأقاموا مملكة في المريخ من المدن الصناعية التي يتوسطها قصر الملك، لكنه يتحكم بضخ الأوكسجين لجميع أجزاء المدينة من غرفة في قصره تسمى “واهب الحياة”. ويعرض الملك رواد الفضاء للتعذيب بما يسمى “عذاب الرئات” وهو أن يخفض الأوكسجين عليهم ثم يقرر غزو الأرض. تتحول الرواية إلى أوبرا الفضاء حيث السفر والمعارك بين العوالم، لكن وحيد وكمال يتمكنان من التواصل مع المريخيين وإعادة إحياء القيم النبيلة في فكرهم، بعد أن طمرت لآلاف السنين للنسيان.

يصور الكاتب إيهاب الأزهري في رواية “الكوكب الملعون، حياة البشر الذي هربوا من الحرب الذرية على الأرض، وأقاموا مملكة في المريخ من المدن الصناعية التي يتوسطها قصر الملك، لكنه يتحكم بضخ الأوكسجين لجميع أجزاء المدينة من غرفة في قصره تسمى”واهب الحياة"... من أدب الخيال العلمي العربي

الاستنساخ سؤال الهوية والتميز

"الإنسان الباهت" و"الإنسان المتعدد" و"انقراض الرجل"

تعتبر ثلاثية الروائية طيبة ابراهيم: “الإنسان الباهت، 1986”، “الإنسان المتعدد، 1990”، “انقراض الرجل، 1990”، من أبرز الروايات التي تناولت موضوعة الاستنساخ، لتضعه تحت اختيار المعايير الأخلاقية والفكرية. تجري أحداث الثلاثية في مدينة متخيلة اسمها سيرال. في الجزء الأول يطلب ثري عربي تجميده 200 عاماً، ليعود بعدها شاباً في مظهره الخارجي، غير أنه يتصرف كطفل، ففقد خبرته وانمحت معرفته خلال فترة التجميد. في الجزء الثاني، تلقح سلمى بجنين مستنسخ على أن يتم قتله في الشهر السادس، ليكون قطع غيار أعضاء بشرية لعالم عبقري.

كان الاتفاق على قتل الجنين في الشهر السادس إلا أن الأم سلمى تهرب، وتنجب طفلاً يكون أول مستنسخ في العالم. يتزاوج المستنسخون ويتكاثرون بسرعة هائلة وتكتظ الأرض بأنواع متباينة من البشر: الإنسان الطبيعي، الإنسان الباهت، الإنسان المستنسخ، والإنسان الأنبوب. أما الجزء الثالث فيحمل صراعاً بين هذه الأنواع البشرية، فالإنسان الطبيعي مغلوب على أمره، بينما تتركز المعركة بين الإنسان الأنبوب والإنسان المستنسخ. تنتهي الحرب بإنتصار المستنسخين لما يمتلكونه من مميزات التوحد الفكري، فالواحد منهم ينقل المعرفة إلى كل أشباهه، حتى أن التجربة الجنسية تنتقل بينهم في لحظة واحدة بين أصقاع الأرض، هذه الوحدة تؤدي لانتصارهم.

يستنسخ رجال السياسية أنفسهم ويحكمون البلاد بنفس الطريقة وبنفس النظام... الاستنساخ في أدب الخيال العلمي العربي

"من أنا؟ من أكون؟"

كذلك ركزت الكاتبة السورية لينا الكيلاني على موضوعة الاستنساخ في روايتها “من أنا؟ من أكون؟” 1998، التي تثير فيها الكاتبة مسألة الاستنساخ والتلاعب الجيني. فقد تُلغي مسألة الحمل والولادة ودورتهما الطبيعية ليقع تدجين البشر، إن نسبة إنتاج كائن مشوه عالية في الأخطاء الطبية، ما يذكر بفرنكنشتاين، لكن لينا الكيلاني تسأل أعمق: من سيكون هذا المستنسخ؟ نسخة مطابقة للأصل من صاحب الخلية؟ هنا يفقد الإنسان كينونته نظراً لانعدام الاختلاف. لذلك في روايتها، رفض الأخوان النسختان “جود وجاد”، وهما بطلا القصة، وجودهما كنسختين متطابقتين بلا ملامح مميزة ولا هوية، فالهندسة الوراثية تقدم نسخة مطابقة بلا خصائص، فيستنسخ رجال السياسية أنفسهم ويحكمون البلاد بنفس الطريقة وبنفس النظام. يتساءل الابن المستنسخ: هل أستطيع أن أتحكم بمصيري أم أن مصيري مرسوم لي بأن أكرر حياة أبي المزعوم من حيث انتهى، لأنني نسخة منه؟ هل لي حياتي الخاصة؟ لم يعد السؤال علمياً فقط، بل أخذ جوانب وجودية ونفسية.

الخيال العلمي لتوصيف العلاقات الدولية

“الأزمان المظلمة”

رغم أن المؤلف يتمتع بالمعرفة العلمية الحاضرة، إلا أن رواية “الأزمان المظلمة” 2003، للكاتب طالب عمران، من أكثر أعمال أدب الخيال العلمي العربي انشغالاً في التعبير عن واقع السياسة العالمية والدولية منذ انطلاق فكرة الحرب على الإرهاب 2011. تجري أحداث الرواية في عام 2039 حيث نعايش مرحلة جديدة من الحروب الاستعمارية، التي أشعلت فتيلها القوة العالمية الجديدة ضد بلدان الجنوب، وخاصة ضد البلدان العربية. تسيطر هذه القوة بقبضة حديدة على امبراطورية كبيرة تمتد من آسيا الوسطة حتى ضفة المتوسط مروراً بالشرق الأوسط، يبرر الاستعمار الجديد بما وقعت تسميه بالحرب ضد الإرهاب، وأية حركات مقاومة تمتلك رؤية مغايرة، تصنف إرهابية وتتم إدانة أفعالها، لذلك ترسم للشعوب العربية مثلاً صورة مرتبطة بالعنف والهمجية.

يكتب المؤلفان محمد وكوثر عياد في توصيف رواية “الأزمان المظلمة”: كتبها صاحبها بعيد أحداث 11 سبتمير وإثر حرب العراق، فتوقع أن تحدث تغييرات سياسية في أنظمة الحكم، تخيل أن تُنَصب القوة العظمى حكاماً يبيعون بلدانهم، تصور نهب الغرب لثروات الشرق الأوسط، تخيل ظهور مقاومة للمحتل وتخيل طرق المحتل الوحشية في قمعها، مثل إلقاء القنابل على الأحياء الفقيرة الآهلة بالسكان. كما تصور ظهور طرق أخرى للقضاء على الشعوب، مثل نشر فيروسات جديدة قاتلة ونشر البغض السام المدجن والمعدل جينياً. تصور مجتمعاً منهاراً، مفلساً ومنهكاً بالأمراض، تصور أن من لا ينبطح للمحتل يعد إرهابياً ويساق إلى غوانتنامو، ليكون فأراً في مخابر القوة العظمى، ثم تستأصل أعضاؤه لتكون قطع غيار للمرضى من منظور هذه القوة، وتخيل الكاتب ما سيطرأ على البيئة والمحيط من تغيرات مناخية كالتصحر، وتلوث المائدة المائية.

في رواية مرايا الساعات الميتة، يعيش الشعب في خضوع تام للحاكم، ذلك أن مصانع الأوكسجين في يد حكومة شمولية خاضعة بدورها لحكم دولي، يتمتع حاكمها “النسناس الأكبر” بدعم مطلق من الأنظمة الدولية. إن الكابوسية تنشأ في هذه الرواية من غياب المنشقين والثائرين، وغياب مفهوم الثورة أو المعارضة، ويغيب الفن الذي يهدد طبيعة الحكم

"مرايا الساعات الميتة"

في توصيف العلاقات الدولية التسلطية، يورد المؤلفان أيضاً رواية “مرايا الساعات الميتة” 2004، للكاتب مصطفى الكيلاني. تاخذنا هذه الرواية إلى عام 2725 في مدينة من بلدان الجنوب شديدة التلوث. يسير الناس في الشوارع وهم يتنفسون عن طريق كمامات موصولة بقوارير أوكسجين. تلوث الهواء هو نتيجة لمشروع وقع تحقيقه في إطار الإتفاق مع بلدان الشمال مقابل تدعيم الاستبداد. الشعب يعيش في خضوع تام للحاكم، ذلك أن مصانع الأوكسجين في يد حكومة شمولية خاضعة بدورها لحكم دولي، يتمتع حاكمها “النسناس الأكبر” بدعم مطلق من الأنظمة الدولية.

إن الكابوسية تنشأ في هذه الرواية من غياب المنشقين والثائرين، وغياب مفهوم الثورة أو المعارضة، ويغيب الفن الذي يهدد طبيعة الحكم. يمكن قراءة هذه القصة أيضاً من ممارسات تعتبر العالم الثالث قربان تطور البلدان المتطورة، حيث تتحول إلى مقبرة نفايات حضارات الشمال.

لقد بينت الأعمال الأدبية المذكورة، أن غاية الإبداع والابتكار للكتاب والكاتبات العرب في هذا المجال، ليست لغاية تحقيق شرط النوع الفني، أو إجادت تشكيل عناصره، بل لقد وظف الأدباء والأديبات العرب هذا النوع الأدبي لطرح أسئلة وجودية، إنسانية وسياسية.

صور المقال من أعمال الفنان أيهم جابر.

عن موقع رصيف 22

حقوق النشر

تم نقل هذا المقال بهدف تربوي وبصفة غير تجارية بناء على ما جاء في الفقرة الثانية من الفقرة 5 من شروط استخدام موقع رصيف 22 الإلكتروني على الموقع الإلكتروني “رصيف 22” :

... علماً أن الموقع يحترم، بالقدر الذي نقتبس فيه المواد من حين لآخر من مصادر أخرى بغية دعم مختلف التفسيرات والمؤلفات الواردة في هذا السياق، حق الآخرين في “الاستخدام العادل” للمواد التي يتضمنها الموقع؛ وبناءً على ذلك، فإنه يجوز للمستخدم من حين لآخر، اقتباس واستخدام المواد الموجودة على الموقع الإلكتروني بما يتماشى مع مبادئ “الاستخدام العادل”.

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)