Samarcande, Amin Maalouf (Liban/France), roman Le Livre de Poche - 1989

, par Mohammad Bakri


Editeur


Amin Maalouf
320 pages
Date de parution : 09/11/1989
Editeur d’origine : JC Lattès
Langue : Français
EAN / ISBN : 9782253051206
Éditeur : Le Livre de Poche (01/01/1989)
ISBN : 2253051209


Le Livre de Poche


Samarcande, c’est la Perse d’Omar Khayyam, poète du vin, libre-penseur, astronome de génie, mais aussi celle de Hassan Sabbah, fondateur de l’ordre des Assassins, la secte la plus redoutable de l’Histoire.

Samarcande, c’est l’Orient du XIXe siècle et du début du XXe, le voyage dans un univers où les rêves de liberté ont toujours su défier les fanatismes. Samarcande, c’est l’aventure d’un manuscrit qui, né au XIe siècle, égaré lors des invasions mongoles, est retrouvé des siècles plus tard.

Une fois encore, nous conduisant sur la route de la soie à travers les plus envoûtantes cités d’Asie, Amin Maalouf nous ravit par son extraordinaire talent de conteur.

A la suite d’Edgar Allan poe, il nous dit : "Et maintenant, promène ton regard sur Samarcande ! N’est-elle pas reine de la Terre ? Fière, au-dessus de toutes les villes, et dans ses mains leurs destinées ?"

Samarcande a obtenu le Prix des Maisons de la Presse 1988.

Depuis bien longtemps que Samarcande fascine les peuples de la terre et plus spécialement ceux de l’Occident jadis la route de la soie la ville était très prospère dans la culture et bien d’autres choses ...

En savoir plus sur le site de l’éditeur

Sur babelio

Lire un extrait




سمرقند، أمين معلوف (لبنان - فرنسا)، رواية

دار الفارابي - 2013 - ترجمة د. عفيف دمشقية


سمرقند، أمين معلوف (لبنان - فرنسا)، رواية


جريدة القدس العربي


جريدة القدس العربي
السنة التاسعة والعشرون العدد 8989 السبت 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2017 - 8 صفر 1439 هـ
نسرين بلوط - كاتبة لبنانية


سيرة الخيام والإمبراطورية السلجوقية في « سمرقند »


بقلم الرحّال، يجوب الروائي أمين معلوف صرح الماضي الأندلسي في روايته « سمرقند »، من خلال الإضاءة السيرية لحياة العالم والشاعر والفيلسوف عمــــــر الخيام، ويشرع النوافذ الأدبية على مصراعيها لتلقف كل شاردة وواردة عاشــــها الخيام في ظل الصراعات السياسية والطبقية القائمة آنذاك، وقد صدرت النسخة العربية من رواية « سمرقند » مترجمة عن النسخة الفرنسية عام 1977 في لبنان.

نجح الكاتب في تقسيم « سمرقند » إلى أربعة أجزاء، يحبكها الانسجام بدقة متناهية، ولا تتسربل بالعوامل الخارجية، أو تتداخل بطريقة شائكة. وبهذا جمع بين ومض الشعر في قلب شاعر يبرق بالإبداع، وفلسفة الوجدان والفكر المتأصـــلة في نفس فيلسوف، ارتقى بشكل تصاعدي للظاهر والمخفي، وسياسة في الملك تضجّ بها الرواية وتحفر في أخاديد تفاصيلها ساقية من التطورات المتتـــالية، بدون أن يتورّط الخيام في الخوض في خضمها المتلاطم باللجج الثائرة، حيث نراه ينتقد السائد والشائع، ويقول لعشيقته بشكل قاطع : « بحق الله يا جيهان هل تسعين إلى هلاكي؟ اتتصورينني قائداً لجيوش الامبراطورية، قاطعاً رأس أمير، قامعاً ثورة عبيد، دعيني لنجومي ».

وتتناول الرواية جانباً مهمّاً لطالما تنازعت عليه الأقلام في شخصية الخيام، حيث اعتبره البعض كافراً جاحداً، منغمساً في دنيا اللهو والعبث والخمر، واعتبره الآخرون إنساناً يعيش على سجيّته دون أن يمسّ بالأذية غيره. هنا يبرز موقف أمين معلوف الذاتي في تحليل هذا الجانب الغامض، حيث يدسّ عبارات تدلّ على النفي المطلق لما أشيع عن الخيام من العربدة والإلحاد، ويبرّر له في مفاصل سردية كثيرة من الرواية مواقفه من الله الذي لغط فيه الكثيرون بدون طائل.

ويتطرّق معلوف للفرق العقائدي من خلال سرده لقصة صديق الخيام، حسن الصباح، من المذهب الإسماعيلي، الذي أسّس فرقة الحشاشين، ولُقّب بشيخ الجبل، فأمعن قتلاً وواظب على نشر عقيدته من الجبل بدون أن يبارحه، وشرح عن علاقته المباشرة بعمر الخيام، والخيط الواهي الذي ربطهما، رغم اختلاف عقيدتيهما، ومسيرة دربهما، الذي نُسج من وهج الفكر العميق فقط لا غير. ثمّ يستفيض في سرد ما قاساه الخيّام الذي يرتبط بكل بطلٍ من أبطال الملحمة التاريخية من حوله، سواء بعين الرصد المرئي أو اللامرئي، من قتل المعارضين لحكم الملك ملكشاه لجيهان زوجة الخيام وعشيقته، إلى تشريده من دياره، ومن ثمّ قتل مدوّن مخطوطه « ورطان ». وقد قال في ذلك : « لقد شربنا المدامة نفسها، غير أنهم سكروا قبلي بدورة أو دورتين »، أي عاجلهم كأس الردى، وفضّهم من حوله بعد عشرة.

الحوار تأجّج في الرواية كرمزٍ للصراع الذاتي والغيري، وانقسم إلى طرائق شكلية خاصة في الملفوظ وتشخيصه. وعُرضت وجهات النظر بشكل متصاعد من المنطق إلى الفلسفة والغوص في الوجدان الإنساني. ونلحظ استخدام مصطلحات عربية قديمة للتوغل أكثر في أدغال التاريخ، حيث سادت الفصاحة والتبجّح بإتقان مفرداتها الصاخبة.

ما يضعف الرواية رغم صلابتها، فرض الكاتب رأيه الشخصي في الجدلية السائدة فيها، وإرغامنا على التأثر به بتحايلٍ خفي على منهجية السرد، وغياب عنصر التشويق في كثيرٍ من الفصول، حيث طغت عليها بلاغة وفصاحة اللغة المكتوبة بديباجة متكاملة ومتناسقة إلى حدٍّ يعيي القارئ من شدّة كماله.
مظاهر الشعرية غائبة عن الرواية، رغم أنها تتناول سيرة شاعر مهم جداً من العصر الأندلسي، وهو ما يتلافاه عادة أمين معلوف في رواياته التي يمتها للواقعية بشكلٍ صلب ومتناسق.

العنصر الأنثوي يلعب دوراً فعّالاً في سيرة تهيئة القارئ لعالمٍ أسطوري بزغ بين ثنايا التاريخ وولجه بمخيلته، حيث تتجلّى فانتازية الشرق بتورّطها السلس في البيئة التاريخية، التي كانت سائدة آنذاك. في البنية السردية تناسقٌ، وفي الوصف ترابط، يذكرنا هذا بالترتيب المحكم الذي اعتمده الشاعر فيكتور هوغو » في سرده وتوصيفه لبطله « جان فالجان »، وتصاعدٌ دراماتيكي للأحداث بدون أن ننسى الفرق في زمن وقوع الروايتين.

وأخيراً، في الفصل الأخير من « سمرقند »، ينتقل بنا أمين معلوف إلى زمن الراوي « بنيامين عمر لوساج » الذي ينتهي مع غرق الباخرة تيتانيك في أبريل/نيسان 1912 في أعماق المحيط الأطلسي، مع ضياع نسخته الأصلية للخيام في أعماق البحر.

عهد الإمبراطورية السلجوقية التي اتّسمت بالفوضى المضطرمة والأحداث المحتدمة، سطّرها أمين معلوف بأحداث أسطورية ما كانت لتعبر الزمن إلينا إلا من خلال كاتب متمرّس مثله، له دلالة على التاريخ والتنقيب فيه. فقد وظّف التاريخ في سبيل حبك الفن والخيال للتوعية والكشف عن قناع الزمن الغابر.

عن موقع جريدة القدس العربي

عدد المقال بالـ pdf في جريدة القدس العربي

عن صحيفة القدس العربي

القدس العربي”، صحيفة عربية يومية مستقلة، تأسست في لندن في نيسان/أبريل 1989. تطبع في الوقت نفسه في لندن ونيويورك وفرانكفورت، وتوزع في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا وأوروبا وأمريكا. يتابع موقع الصحيفة يوميا على الانترنت مئات الآلاف من أنحاء العالم كافة.
اكتسبت الصحيفة سمعة عربية ودولية طيبة، بسبب نشرها للاخبار الدقيقة ولتغطيتها الموضوعية للأحداث، والتحليل العميق للقضايا العربية والعالمية، معتمدة في ذلك على مجموعة من المراسلين والكتاب المميزين.

تواصل الصحيفة تطورها خلال الاشهر القليلة الماضية، حيث انضم الى طاقمها مجموعة جديدة من المحررين والمراسلين الاكفاء والكتاب المرموقين. وتحرص الصحيفة على التواصل مع قرائها، ونشر تعليقاتهم وآرائهم على صفحات نسختها الورقية وعلى موقعها الألكتروني و”فيسبوك” و”تويتر”.


جريدة الرياض السعودية


النسخة الإلكترونية من صحيفة الرياض اليومية
السبت 6 رمضان 1437 هـ- 11 يونيو 2016م
« ثقافة اليوم » - د. عبدالله إبراهيم


تاريـخ سـردي لـربـاعـيـات الـخـيــام


بدأت رواية "سمرقند" لـ"أمين معلوف" بالجملة الآتية المعبّرة عن غرق رباعيات الخيّام : "في أعماق المحيط الأطلسيّ كتاب، وقصّته هي التي سأرويها". ذلك ما تفوّه به بنجامين لوساج، آخر مَنْ آل إليه أمر مخطوط الرباعيات. نسخة فريدة فقدت بغرق الباخرة "تيتانك" ليلة 14 إبريل/ نيسان1912 في عرض المحيط قبالة الأراضي الأميركيّة. أبدى مالك المخطوط حزنًا، وتأسّى لفقدان ذلك الأثر النفيس "مذّاك زاد تسربُل العالم بالدم والظلّ يومًا إثر يوم، وأصبحت الحياة لا تبتسم لي قطّ. وكان عليّ أن أبتعد عن الناس كيلا أصغي إلى غير صوت الذكرى، ولكي أداعب أملاً ساذجًا، رؤيا ملحّة : غدًا سيُعثر عليه. وإذا كان صندوقه المصنوع من الذهب يحميه، فسوف يبرز من الظلمات البحرّيّة، وقد اغتنى قَدَرُه بمغامرة جديدة، ولسوف تستطيع بعض الأصابع ملامسته وفتحه والإيغال فيه؛ وتتابع عيون مأسورة من هامش إلى هامش وقائع مغامرته، فتكشف الشاعرَ وأبياته الأولى وسكراته الأولى ومخاوفه الأولى وفرقة "الحشّاشين". ثم تتوقّف غير مصدَّقة أمام رسم بلون الرمل والزُمُرّد". هذا مدخل شائق لرواية كتبت عن مخطوط شعري نفيس.

لم يحمل المخطوط الغريق تاريخًا، ولم يوقّع عليه الشاعر، وتألّف من مجموع من الأوراق الصينيّة البيضاء بملمس الحرير، عددها أكثر من مائتين وخمسين ورقة متغضّنة يلفّها جلد خشن، ومدعم من جوانبه بشكل يشبه ذيل الطاوس، صنعه ورّاق يهوديّ بناء على طلب قاضي قضاة سمرقند أبي طاهر. لا توجد في المجموع الورقيّ قصائد، ولا رسوم، ولا تعليقات، ولا زخارف، بل صفحات خالية تنتظر منْ يكتب عليها. أهداه لعمر الخيام القاضي أبو طاهر، حينما جيء به مكبّلاً من طرف الجماعات الدينيّة المتشدّدة بتهمة الزندقة، كونه مشتغلاً بالكيمياء، وبدل أن يعاقبه القاضي صرف الغلاة عنه، وأبقاه وحيدًا معه، ثم قال له "احتفظ بهذا الكتاب. وفي كلّ مرّة يتشكّل فيها بيت من الشعر في خاطرك، ويقارب شفتيك ساعيًا للخروج، فاكبِتْه بلا تحفّظ، واكتبه في هذه الأوراق التي ستبقى طيّ الكتمان". لم يكن كتابًا، إذ لم يخطّ عليه شيء بعدُ ليكتسب هُويّته، ولكن ما أن أصبح بحوزة الخيّام حتى بدأ يتشكّل بوصفه كتابًا، فكلّ رباعيّة دوّنت على أوراقه المتغضّنة كانت ترسِّخ من تلك الهُويّة.

أخذ عمر الخيّام بوصيّة القاضي ما تبقى له من عُمْرٍ، فقد وضع أبو طاهر تحت تصرّفه مشروعًا لتدوين رباعيّاته، وطلب أن يدوّن فيه خطراته الشعريّة، وبذلك وهب الحياة لأكثر أسرار تاريخ الآداب استغلاقًا، ففي طيّات ذلك المخطوط تنامت الرباعيّات سنة بعد أخرى، ثم ظلّت مدفونة "مدة ثمانية قرون قبل أن يكتشف العالم شعر عمر الخيّام الرفيع، وقبل أن تبجَّل الرباعيّات على أنها أكثر الأعمال طرافة على مرّ الزمن". لم يحرّر القاضي المتهمَ، ولم يرمِه في المعتقل، إنّما وضعه في مقصورة خشبيّة فوق تلّة في بيته ليكتب فيها أشعاره، فطردت هذه الضيافة الغريبة النوم عن الخيّام، وظلّ ساهرًا يراقب المنضدة الواطئة، وعليها قلم ودواة ومصباح مطفأ، ثم الصفحات البيض المفتوحة بانتظار أن يضع عليها أولى رباعيّاته.

مرّ زمن قبل أن يدوّن الخيّام شيئًا في دفتر أبي طاهر. فقد شُغلت سمرقند بتهديدات السلاجقة، وأُلحق الخيّام في بلاط الخان "نصر" بفضل القاضي الذي عرض عليه رعايته، ثم اقتحمت حياته أرملة طروب تدعى "جهان"، فكانا يمضيان الليل معًا في مقصورة الخيّام. وحينما نجح الشاعر في نظم رباعيّتين، عرفت "جهان" بالأمر، وهي شاعرة أيضًا، فندّت عنها صيحة استنكار أشبه ما تكون بزفرة احتقار؛ وأنحت باللائمة على الشاعر؛ لأن الرباعيّات "فنّ أدبيّ ثانويّ خفيف، بل سوقيّ، يليق أكثر ما يليق بشعراء الأحياء الوضيعة"، فلا يجوز للخيّام نظم رباعيّات لا قيمة لها في تاريخ الأدب. ثم حذّرته أن يتحاشى إطلاع الخان على شيء ممّا كتب؛ فهو لا يقدّر هذا الضرب من الشعر، ولا يرعى أصحابه، وإذا ما جازف عمر ووضع الرباعيّات بين يديه، فلن يدعوه قطّ للجلوس معه على سرير الملك بوصفه شاعرًا ذا شأن. لم يخطر ببال الخيّام كلّ ذلك، إذ لم يتمرّس في أن يكون شاعرًا في بلاط أحد كما هو أمر "جهان"، فجاء ردّه عليها "ليس في نيّتي تقديم هذا الكتاب إلى أيٍّ كان، ولا أرجو أن أجني منه أيَّ ربح، ولا أملك شيئًا ممّا يطمح إليه شاعر من شعراء البلاط".

كان الخيّام عزوفًا عن طلب المجد من غير نفسه منذ بداية أمره، وقد شغل باكتشاف ذاته وباكتشاف العالم. لكنّ حدثًا جللاً انتزعه من تأمّلاته، وهو ظهور الوزير "نظام الملك" والداعية "حسن بن الصباح". الأوّل بوصفه حاكمًا حصيفًا، والثاني باعتباره قاتلاً محترفًا، وما لبث أن نشب النزاع بينهما على الرغم من عهد الصحبة الأبدية الذي اتفقا عليه في زمن الصبا. حدث ذلك في "أصفهان" حيث انتهى الأمر بالخيّام، فنتج عنه تغيير كامل في أسلوب حياته، إذ فقد حُماته الكبار في خضمّ الصراع الدمويّ على الحكم، فأصبح طريدًا يدوّن بين وقت ووقت، في هذه المدينة أو تلك، رباعيّة وأخرى على صفحات مخطوطته.

وكان أن أصبح أحد حرّاس نظام الملك، واسمه ورطان، مريدًا للخيام بعد مقتل مولاه، فلازمه ملازمة القرين مخلصًا على أمل أن يقوده الشاعر من حيث لا يقصد إلى قلعة حسن الصباح للانتقام منه، لأنه تسبّب في قتل سيّده، لكنّ مصاحبته للشاعر أحالته تابعًا مخلصًا، ثم شارحًا لرباعيّاته، وساردًا لسيرته في حواشٍ تركها على هامش المخطوط، فأصبح بذلك مؤرّخًا للرباعيّات التي كانت تنموّ بتطواف الخيّام في دار الإسلام، وكان معه حينما تلقّى الخيّام وهو في "مَرْوَ" دعوة من حسن الصباح ليقيم معه محميًّا في قلعة "ألَمُوت". وفي موقف ملتبس دفع ورطان حياته ثمنًا لحواشيه على رباعيّات مولاه. وانتهى الأمر باختطاف الكتاب والاحتفاظ به في القلعة، وذلك في محاولة لإغراء الخيّام بتعقّب رباعيّاته إلى حيث أصبحت. ماذا يفعل الشاعر وهو في منأى عن رباعيّاته؟ قرّر أنّه "لن يسعى أبدًا للاحتفاظ بأثر عن المستقبل، لا مستقبله هو، ولا مستقبل قصائده". فقفل عائدًا إلى "نيسابور" مسقط رأسه. وهنالك قرّر "التوقف عن الكتابة". حينما يمتنع شاعر مثله عن الكتابة ينبغي أن يموت، وكان كذلك، وهو يقرأ كتاب "الشفاء" لابن سينا. توفي في نيسابور عن أربع وثمانين سنة، وكان تنبأ قبل موته بعشرين عامًا أن قبره سوف يكون في "مكان تَنثر فيه ريح الصّبا الأزهار في كلّ ربيع". وبموته شقّ ديوانه طريقه للحياة، فقد وصل إلى قلعة "ألَمُوت" لكن حسن الصباح أبى أن يودعه في المكتبة الكبرى للقلعة، بل حفظه في منزله، "داخل مشكاة محفورة في الجدار ومحروسة بشبكة ثخينة من المعدن".

وحينما توفّي الحسن بن الصباح عن نحو تسعين عامًا، لم يجرؤ خليفته الإقامة في عرينه، ولم "يجسر على فتح الشبكة العجيبة" التي يقبع فيها المخطوط محبوسًا، ولجيل آخر لم يغامر أحد فيقترب إلى ملاذ الرباعيات، حتى ظهر أحد الأحفاد المتمرّدين على تعاليم الجدّ الكبير، فخرق قدسيّة المكان وانتزع المخطوط، ثم نفض الغبار عنه، وعكف في بيته يقرأ رباعيّاته، ويعيد القراءة، وبتأثير منها حرّر أتباعه من نواهي الشريعة، معلنًا يوم الخلاص من تركة المؤسّس الصباح، ثم أمر بإجلال المخطوط بوصفه كتابًا عظيمًا من كتب الحكمة، وعَهد إلى بعض الفنانين بزخرفته : برسوم بالزيت وزخارف وصندوق من الذهب المنقوش المرصّع بالحجارة الكريمة، بل إنّه أصدر أمره "بمنع نسْخه حفاظًا على فرادة النسخة التي أصبحت بحوزته".

آخر ما انتهى إليه أمر المخطوط أنّه حفظ في قلعة الحشّاشين، فصار محلّ تنازع، إذ كلّ يريد الاستئثار به، وحينما ترجم إلى اللغات الحديثة في القرن التاسع عشر، أصبح الموضوع الأثير في الثقافة العالميّة، فتتبّع الأصل رجل أميركيّ من أمّ فرنسيّة، يدعى "بنجامين عمر لوساج" وتمكن من الحصول عليه، وحينما حاز عليه كان مصيره الغرق، فلا يعيش كتاب استبطن ملذّات الشرق في سياق لا صلة له به.

عن موقع جريدة الرياض السعودية

المقال في جريدة الرياض بالـ Pdf

عن جريدة الرياض السعودية

جريدة الرياض أول جريدة يومية تصدر باللغة العربية في عاصمة المملكة العربية السعودية صدر العدد الأول منها بتاريخ 1/1/1385ه الموافق 11/5/1965م بعدد محدود من الصفحات واستمر تطورها حتى أصبحت تصدر في 52 صفحة يومياً منها 32 صفحة ملونة وقد أصدرت أعداداً ب 80-100 صفحة وتتجاوز المساحات الإعلانية فيها (3) *ملايين سم/ عمود سنوياً وتحتل حالياً مركز الصدارة من حيث معدلات التوزيع والقراءة والمساحات الإعلانية بالمملكة العربية السعودية، ويحررها نخبة من الكتاب والمحررين وهي أول مطبوعة سعودية تحقق نسبة (100٪) في سعودة وظائف التحرير.

Partager

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)