Présente absence de Mahmoud Darwich Actes sud - Avril 2016

, par Mohammad Bakri


Editeur


Auteur(s) : Mahmoud Darwich
Titre : Présente absence
Editeur : Actes Sud
Traduit de l’arabe (Palestine) par : Farouk MARDAM-BEY, Elias SANBAR
Parution : Avril, 2016 / 13,5 x 21,5 / 128 pages
ISBN 978-2-330-06078-7


Actes Sud


Ce livre en prose poétique est probablement l’ouvrage le plus exigeant et le plus troublant écrit par le poète. Il a été unanimement salué comme un chef-d’œuvre de la littérature contemporaine. Il y est question de grands thèmes tels que l’amour, la mort, l’exil, la nature, la poésie, comme un prolongement en prose de Murale.

En savoir plus

4ème de couverture



جريدة الحياة


الخميس، ٢٣ يونيو/ حزيران ٢٠١٦
جريدة الحياة
مايا الحاج


الغائب محمود درويش حاضراً في مرآة الفرنسية


تقرأ نصّاً في لغته الأصلية فيأسرك بسطوة لغته وإيحاءاته، ثمّ تقرأه مترجماً فيستحوذك كأنّك تقرأه للمرّة الأولى، وهذا يعني أنّ النصّ يحمل من الإبداع ما قد يُدهشك مرّة تلو أخرى، وأنّ المترجم تجاوز مهمة النقل إلى الفعل، معيداً إنتاج النصّ- لغوياً وفنياً وجمالياً- بدلاً من الاكتفاء بتأمين عبوره من ضفة إلى أخرى.

ومع قلّة- إن لم نقل ندرة- الترجمات الشعرية التي تخلّف في نفس قارئها مثل هذا الانطباع، على اعتبار أنّ ترجمة الشعر تبقى من أصعب الترجمات وأكثرها التباساً، يأتي نصّ محمود درويش البديع « في حضرة الغياب »، بترجمته الفرنسية، تزامناً مع الذكرى العاشرة لصدوره بالعربية، كي يمنح القارئ فرصة التعاطي مع نصّ (معلوم)، على أنّه نصّ (مجهول)، يستقلّ عن الأصل، وإن كان ملتصقاً به. ترجمة تُعيد الرغبة في اكتشاف مسارات جديدة في كلمات درويش المتنزهة بين النثر والشعر.

قد لا يكون مغرياً الحديث عن كتاب قيل فيه بالعربية كلّ شيء تقريباً، فهذا النص الذي كتبه درويش (2006) ليكون خاتمة أعماله، حين اعتقد أنّ الموت لن يمنحه فرصةً أخرى للكتابة، وضع فيه أجمل ما لديه، بل كلّ ما لديه. لكنّ الترجمة الفرنسية الجديدة تُشكّل مناسبة جميلة لإعادة قراءة العمل الذي كاد أن يكون الأخير، لولا أنّ القدر منح كاتبه سنتين إضافيتين كتب خلالهما ديوان « لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي ».

ارتأى المترجمان- الصديقان المقربان جداً من محمود درويش- الكاتب والناشر فاروق مردم بيك والكاتب والمؤرخ الياس صنبر، أن يعقدا مع القارئ وثيقة قراءة تعطيه منذ البداية إشارات على « انشقاق » ما عن الأصل، من دون المساس بأناقة الجملة الدرويشية وروحها. فإذا كان العنوان وفق تعبير فانسان جوف يمثّل « أفق التوقّع »، فعلى القارئ أن يتوقّع إذاً تدخّل المترجمين في نصّ صاحبهما الراحل، في مرحلة تسبق القراءة.

« غياب حاضر »

عمد المترجمان إلى تغيير العنوان الأشهر بين عناوين محمود درويش « في حضرة الغياب »، فصار « غيابٌ حاضر ». ويأتي هذا التعديل الطفيف في العنوان ليُشرّع أمام النص معاني جديدة تُضاف إلى معناه الأول. ففي الأول، يُسجّل الشاعر حضوراً مُضمراً خلف الحضور الطاغي للغياب، بمعنى أنّه هو من يستحضر الغياب (مكاناً وزماناً وذاكرةً وجروحاً)، بينما يُسطّر العنوان الفرنسي، بلفظتيه المتضادتين، غياب الشاعر « الفعلي » (موته)، ليُعمّق حضوره « الشعري »، فكأنّما الأشياء تغدو في غيابها أشدّ حضوراً.

ومع الإنتقال من العنوان إلى النص المترجم « غياب حاضر » (أكت سود/ سندباد)، تعتريك رغبة في الانفصال عن النصّ الأصلي، كي تستمتع بجمالية اللغة الفرنسية في وصف المشهد/ الحالة بمزاج شرقي، عربي، فلسطيني، درويشي. والمعلوم أنّ ترجمة الشعر ليست سهلة على الإطلاق، وهي في معظم الأحيان معركة خاسرة للمترجم. ذلك أنّ لغة الشعر منكفئة على ذاتها، والشعر خلافاً للنثر « يُشير إلى نفسه بنفسه، ومن هنا تتأتى صعوبته »، وفق ما تقول ماريان لودورير، أستاذة ومديرة سابقة للمدرسة الفرنسية العليا للمترجمين.

ويُمكن لغة درويش أن تزيد إلى مشقة الترجمة الشعرية مشقّات أخرى، تبدأ بالصور الإيحائية ولا تنتهي بالموسيقى الداخلية للأبيات. وإن نجح المترجم في نقل اللفظ والمعنى، فهل يفلح في نقل غنائية الشعر، وهي خاصّة أساسية في شعر درويش؟ قد يستغرب أحدهم أسباب الحديث عن شعرية « في حضرة الغياب »، وهو في الأساس نصّ نثري، وليس ديواناً شعرياً. لكنّ درويش العاشق للنثر والمأخوذ بأرستقراطيته لا ينطق إلاّ شعراً، وهو الذي قال مرّة « لا يخرج مني إلاّ الشعر ». ولو عدنا إلى « توطئة » الكتاب بالعربية لوجدنا : « هذه نصوص بين النثر والنثر، أو بين النثر والشعر، بل هي في صميم الكتابة الشعرية المتعددة الإيقاع والنبرة، في مناخ غني، متجدد، خصب، كأنّه بين الاعتراف وبين الجرح وبين الغياب وبين الحدود القصوى للتجربة ».

في هذا الكتاب، يقطع الشاعر السجال الطويل حول الشعر والنثر، هو الذي كان من أشدّ المدافعين عن قصيدة الوزن (التفعيلة)، بأن لم يعد مهماً إن كان المنطوق به شعراً أم نثراً، بل الأهمّ أن يخرج المعنى في إيقاعٍ « يتطلّع فيه النثر إلى رعوية الشعر والشعر إلى أرستقراطية النثر ». وهذا ما يتبدّى جلياً في قوله : « النثر جار الشعر ونزهة الشاعر... الشاعر حائر بين النثر والشعر ».

انعتاق وأمانة

قد لا يصحّ الحديث عن « انعتاق » مطلق في ترجمة الياس صنبر وفاروق مردم بك لنصّ صاحبهما الراحل، لكونهما حاولا التقيّد باختيارات درويش اللفظية والإيقاعية حين كانت تسمح لهم اللغة الفرنسية بذلك، وحافظا على تعادل الأشكال والأفكار، بلا زيادة أو نقصان، لكنّهما تحرّرا أحياناً من حرفية الترجمة « المفرداتية » بالاتكاء على الفهم والاستيعاب، وهما العارفان الخبيران بعوالم درويش الشعرية والإنسانية. ولا ريب في أنّ هذه المعرفة « الشخصية » العميقة بمحمود درويش، الإنسان والشاعر، أدّت دوراً وسيطاً في عملية الترجمة، وتحديداً بين فهم النصّ وإعادة التعبير عنه باللغة الثانية.

تمكن المترجمان في أحيانٍ كثيرة من الإمساك بإيقاع الجملة (الشعرية أو النثرية) عند محمود درويش، عبر استخدام مفردات سجعية تُعزّز الموسيقى الداخلية للأبيات، كما في : « لِدني من حبة قمح لا من جرح » (Fais moi naitre du grain de blé/ non d’une plaie). وفي أحيان أخرى، بدا الأمر صعباً عليهما، بل مستحيلاً، فافتقدت بعض النصوص الغنائية التي طالما اعتبر درويش سيّدها، كما في هذا المقطع الذي أفقدته الترجمة إيقاعه الداخلي : « أنت مسجّى أمامي/ كقافية غير كافية لاندفاع كلامي إليك/ أنا المرثي والراثي/ فكنّي كي أكونك/ قم لأحملك/ اقترب مني لأعرفك/ ابتعد عني لأعرفك ». لكنّ الترجمة تظلّ في كليتها أمينة لروح النص وحريصة على أناقته.

من جهة أخرى، حافظت الترجمة على بنية النصّ (النصوص) الممتدة على عشرين فصلاً، يخاطب فيها الشاعر أناه الآخر، مستعيداً اللحظات الحاسمة في حياته، من الطفولة المبكرة حتى الموت المرتقب، موت يراه الشاعر أقرب إليه من حبل الوريد. هذه المرثاة بلحنها الجنائزي الحزين تدعو القارئ الفرنسي/ الفرنكوفوني إلى عالم محمود درويش الذي زاوج فيه بين الهذيان والحقيقة، بين النزق والصوفية، بين التأمّل والتذكّر، والأهمّ بين الشعر والنثر. ومثلما تتسّم البنية الخارجية للنصّ بدائريتها، بحيث يبدأ الفصل الأخير بما بدأه في الفصل الأول « سطراً سطراً أنثرك أمامي بكفاءة لم أوتها إلاّ في المطالع... »، فإنّ المعنى أيضاً ينتهي من حيث بدأ، عند نقطة « الزمن ». ولا ننسى أنّ محمود درويش هو ابن الحكاية الأولى، وشاعر البدايات المأخوذ دوماً بتحولات الماضي، وهذا ما عبّر عنه في نصوص « في حضرة الغياب » قبل أن يتبلور في ديوانه الأخير بقوله : « إن المستقبل منذئذ، هو ماضيك القادم ».

عن موقع جريدة الحياة


"الحياة" صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت "الحياة" سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت "الحياة" لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت "الحياة" منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت "الحياة" وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل "الحياة" رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم "الحياة" نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


Partager

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)