نور القبطية : رحلة الوجدان، عيد طبوش، رواية الفرات للنشر والتوزيع

, بقلم محمد بكري


جريدة رأي اليوم الإلكترونية


الإثنين 9 ديسمبر/كانون الأول 2014
جريدة رأي اليوم الإلكترونية
خليل القاضي


نور القبطية : رحلة الوجدان.. اكثر من رواية انها رسالة انسانية في مواجهة التطرف والتعصب


يقول “سي عيد” بطل الرواية وكاتبها ما أصعب الكتابة عن نفسك. قد أصابني شيء من الخوف في أن أقع في النرجسية ، نرجسية لن يلحظها القارئ لصفحات روايته “نور القبطية: رحلة الوجدان” لأنه بكل بساطة سيكون امام تجربة انسانية مفعمة بالأحاسي والمشاعر العفوية التي اختزنها الكاتب قرر وضعها امام القارئ لعل الفائدة تعم خصوصا وان “سي عيد” كان ومازال حاملاً لقضية لطالما عانى منها الشرق العربي نتيجة للجهل في فهم تعاليم الاديان السماوية التي دعت الى التعايش فيما بينها في حين لجأت قوى الجاهلية الى اعادت افكرها المظلمة ، فكانت رحلة وجدان “سي عيد” نبراس مضيء في وجه العادات والتقاليد البالية، فكان صانع الفرح في اكثر من مفصل من رحلة وجدانه، التي تقاطع معها رحلات وجدانية، وبالعودة الى تفاصيل الرواية نجد ان “سي عيد” كان متأثراً بثلاث سيدات يجمعهم اسم واحد وهن رسمن حياته بالفرح والحزن والامل والرجاء ، وهذه السيدات هن السيدة مريم العذراء ام النور ومعلمته مريم التي وضعت حداً لحياتها بين افراد عائلتها لدى خروجهم من الكنيسة بسبب رفضهم لزواجها من حبيبها كريم جارها المسلم ، ومريم الثالثة هي خالة نور القبطية حبيبته وعشقه وشريكته في رحلة الوجدان حيث كانت الخالة كما يقول عنها انها مهندسة لقائه بحبيبته التي غيرت مسار حياته، حيث انطلقت من منزلها في الكويت شرارة العشق ومنه انطلقت رحلة الوجدان، فالكاتب الذي اتقن لعبة الكلمات في وصف تفاصيل رحلة وجدانه الى حد يخيل للقارئ ان “سي عيد” لا يكتب وانما يحمل كاميرا لم يصل عقل المخترع الالكتروني الى تفاصيل صنعها حيث ان كاميرة “سي عيد” تنقل الاحاسيس والمشاعر ويظن القارئ المرتحل على رحلة الوجدان انه يقف في خلفية المشهدية التي يرويها “سي عيد” وليس ذلك فقط بل يشعر وكأن شخصيات الرواية تنتظر من القارئ ان يدخل في رحلة وجدانهم، التي لا شك سيشعر انه في رحلة وجدانه الخاصة، فقد نجح الكاتب عيد طبوش في جعل رحلة وجدانه جزءاً من رحلة وجدان القارئ، وتلك الرحلة التي يرويها عن نور القبطية وجمالها وعشقها له وخوفها عليه وكيف تحولت الى كيان متوحد في “سي عيد” حيث اصبح ايمانها ايمانه وقضيته قضيتها ، الى حد انها خالفت وصية جدتها نور القبطية ملكة الفيوم ، وكيف انهارت حصونها امام عشقها لـــ “سي عيد”، الذي انصاع لعشقه ولإنسانيتها وهو المفعم بالانسانية حيث مد يد العون لأسرة الخالة ام محمود طباخة عزبة الفيوم، وكيف وصل اتحادهم الفكري الى درجة توافقوا على ترتيب لقاء جمال صديق “سي عيد” الكويتي بـ “ورد” إبنة الشيخ صدقي امام مسجد الفيوم الذي ظلم نفسه واسرته وتحديداً أم ورد وبناتها فاطمة وزينب وتكللت مساعي نور القبطية وسي عيد زواجاً بين جمال و ورد ، ولم يكتف سي عيد في سرد تطوافه في رحلة وجدانه ونور القبطية ، بل كان أميناً لنقل رحلة وجدان سراج البحار اللبناني الذي عشق كارينا الهندية. فالرواية دعوة حية الى تقبل الآخر ومحاورته دون فرض آراء مسبقة، وان العشق والحب يجمعان ما يعمل على تفريقه البشر و الجهل ولعل القيمة الانسانية تتجلى في ابهى صورها حين دخل “سي عيد” الكنيسة المرقسية ليلة الميلاد للقاء اسرة نور القبطية وحين دخلت نور القبطية مسجد سيدنا الحسين.

في النهاية لايسع اي قارئ او كاتب في تفنيد كل ما جاء في رواية نور القبطية : رحلة الوجدان حيث بالتأكيد سيقع في النرجسية لجهة ادخال رحلة وجدانه الى رحلة وجدان نور القبطية و”سي عيد” ، غير ان الامل في غد افضل موجود اقل تطرف وتعصب خصوصا وان منتهى الحفيدة ثمرة الحب الكبير خير مثال على تكامل الاديان في الله، فرواية نور القبطية رحلة الوجدان رسالة انسانية صارخة في وجه التطرف والتعصب الذي يغزو الشرق العربي فهل يترى نكون امام استعادة لقصة عشق سي عيد لنور القبطية ، ما اشقاك ايها الشرق خرجت منك الاديان ولم تفهم جوهرها.

عن موقع جريدة رأي اليوم الإلكترونية


من تقديم مؤسس ورئيس تحرير جريدة رأي اليوم الإلكترونية :

سياستنا في هذه الصحيفة“رأي اليوم”، ان نكون مستقلين في زمن الاستقطابات الصحافية والاعلامية الصاخب، واول عناوين هذا الاستقلال هو تقليص المصاريف والنفقات، والتمسك بالمهنية العالية، والوقوف على مسافة واحدة من الجميع بقدر الامكان، والانحياز الى القارئ فقط واملاءاته، فنحن في منطقة ملتهبة، تخرج من حرب لتقع في اخرى، في ظل خطف لثورات الامل في التغيير الديمقراطي من قبل ثورات مضادة اعادت عقارب الساعة الى الوراء للأسف.

اخترنا اسم الصحيفة الذي يركز على “الرأي” ليس “تقليلا” من اهمية الخبر، وانما تعزيز له، ففي ظل الاحداث المتسارعة، وتصاعد عمليات التضليل والخداع من قبل مؤسسات عربية وعالمية جبارة تجسد قوى وامبراطوريات اعلامية كبرى، تبرخ على ميزانيات بمليارات الدولارات، رأينا ان هذه المرحلة تتطلب تركيزا اكبر على الرأي المستقل والتحليل المتعمق، وتسمية الامور باسمائها دون خوف.

لقراءة المزيد


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)