Etude - دراسة

من الرواية إلى الشاشة، إبراهيم العريس (لبنان)، دراسة Du roman à l’adaptation cinématographique

, بقلم محمد بكري


 وكالة سانا

سانا، الوكالة العربية السورية للأنباء
دمشق - 2 يوليو/تموز 2011

(من الرواية إلى الشاشة) كتاب يرصد علاقة الأدب بالسينما

يعالج إبراهيم العريس في كتابه “من الرواية إلى الشاشة..تاريخ للأدب تحت سطوة الفن السابع” أساليب التعامل السينمائي مع هذا الفن الأدبي بمختلف أنواعه سواء أكان تاريخيا أم بوليسيا أم أدب خيال علمي.

ورأى العريس أن الفن السينمائي أصبح يبدو وكأنه مجرد ترجمة لتاريخ الأدب المكتوب والدليل على هذا يكمن في أن النصوص التي أبدعها الإنسان في تاريخه منذ فجر البشرية صارت أفلاما.

وأشار إلى أن الأدب غذى الفن السينمائي إلى درجة ندر معها أن تجد اليوم عملا أدبيا لم يؤفلم من دون أن يعني أن الأفلمة كانت دائما موفقة مشيرا إلى أن أفلمة كل نص أدبي تعتبر بشكل أو بآخر خيانة لهذا النص لأنه نقل من فن لآخر يختلف عنه لغة ومضمونا وأسلوبا وجمهورا.

وبين أن النصوص الأدبية الكبيرة عصية على الاقتباس من النص المكتوب إلى الفيلم المصور وحتى حين يجازف مبدع باقتباسها لا ينتج أعمالا سينمائية كبيرة إلا إذا كانت خيانة النص اكبر.

ووضع العريس لائحة تقريبية لأسماء أشهر الكلاسيكين الذين اقتبست منهم السينما فوضع ويليام شكسبير على رأس القائمة ومن بعده يأتي الكتاب المقدس ثم فكتور هوغو واميل زولا وارنست همنغواي والكسندرتوماس وديستوفسكي.

وانتقل العريس للحديث عن سينما الأدب البوليسي فرأى أنه مع استثناء بعض أفلام الفريد هتشكوك وفريتزلانغ وغيرهما من كبار محققي الأفلام البوليسية والتشويقية في سينما هوليوود يمكن القول إن العدد الأكبر من أفلام هذا النوع أتى مقتبسا من روايات سبق نشرها أو أفلمتها.

ومن الأدب البوليسي انتقل الكاتب إلى أدب التجسس فأكد على أن أدب الجاسوسية كان الأدب الأقرب إلى السينما دائما ومن النادر أن نجد رواية من هذا النوع لم تحول إلى فيلم أو أكثر على مدى قرن ونيف كما أنه من النادر أن نجد فيلم تجسس سينمائيا غير مأخوذ من رواية أو قصة نشرت قبل ظهوره.

وارجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب تتمثل في أن أدب الجاسوسية يتمتع بقدر من التشويق وبأبعاد بصرية ومواضيع سياسية وصراعية وملامح غموض تجعله صالحا كي يحول إلى أعمال بصرية.

ولم يغفل العريس التطرق في كتابه إلى دور الأدب في سينما الخيال العلمي مبينا أن واحدا من أول وأهم الأفلام الروائية في تاريخ الفن السابع كان فيلما خياليا علميا وهو تحفة جورج ميلياس الرحلة إلى القمر وكان مقتبسا من نص أدبي وهو رواية فيرن المعروفة بالاسم نفسه.

وأشار إلى أن هذا الواقع المبكر سجل البداية القصوى للعلاقة ليس بين السينما وأدب الخيال العلمي بل بين السينما والأدب بشكل عام.

وتطرق العريس كذلك في كتابه إلى دور الأدب في السينما التاريخية مشيرا إلى أن السينما التاريخية في مختلف فروعها وأنواعها تنهل من وقائع حدثت بالفعل وهذه الأحداث والوقائع أخذت من بطون الكتب ما يجعله جزءا من التراث الأسطوري وتوصل إلى نتيجة تفيد إلى أن العلاقة بين السينما التاريخية والكتابة التاريخية أكثر من وثيقة.

وتحدث عن الحضور المصري اللافت في مجال السينما الأدبية في مقابل المشاركة العربية الضعيفة حيث أن من بين الأفلام المئة التي تعد الأفضل في تاريخ السينما المصرية مأخوذة من روايات لكتاب كبار.

ورأى أن العلاقة بين السينما المصرية والأدب القصصي في مصر كانت على الدوام علاقة وثيقة على الرغم من السقوط المدوي للسينما المصرية في أحضان الهزل وسينما المغامرات التي من الصعب تصور تحدرها من نصوص أدبية جدية.

كما استعرض العريس خمسين فيلما يمكن اعتبارها في السينما العربية والعالمية نماذج تمثل خير تمثيل ذلك التزاوج بين الأدب القصصي والروائي في تاريخ الفن السابع.

وختم الكتاب بملحق يتضمن عرضا للسيرة الذاتية والفنية لأربعة من أهل نوبل في عالم السينما وهم جان بول سارتر ونجيب محفوظ وغابريال غارسيا ماركيز وهارولد بينتر.


 جريدة الحياة

وفي جريدة الحياة يعلق فجر يعقوب فجر يعقوب (شاعر ومترجم وناقد ومخرج سينمائي، عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وعضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو في جماعة السينما الفلسطينية) على هذا الكتاب بمقال بعنوان : “إبراهيم العريس يبرر خيانة السينما للرواية”.

جريدة الحياة

جريدة الحياة
الأربعاء 7 سبتمبر/أيلول 2011

إبراهيم العريس يبرر خيانة السينما للرواية

ليس ثمة إحصاء دقيق حول عدد الأفلام التي جرى اقتباسها عن الأعمال الروائية. هذه مسألة صعبة ومكلفة ولا يمكن الجزم بأمرها، وإن تراوح بين ثلاثين أو أربعين بالمئة منها ما جرى اقتباسه عن أعمال أدبية. ويبدو دائماً إن أعلى نسبة مبيعات للكتب الأدبية هي تلك التي جرت «أفلمتها» يوماً للسينما.

لكن المسألة الأهم التي يثيرها الناقد والكاتب اللبناني إبراهيم العريس في كتابه الجديد «من الرواية إلى الشاشة» (المؤسسة العامة للسينما، دمشق) هي وجود تاريخ فعلي موثق للأدب يقع جزء مهم منه تحت سطوة الفن السابع وصناعه، وليس تاريخ الأدب، ففيه تكمن أيضاً معالجات سينمائية لا تقل خصوبة عن الشرائط المصورة، حتى وإن لم تصوَّر حتى يومنا هذا.

ما يثيره الناقد العريس هنا هو أحقية تناول الأدب (وخيانته) إن أمكن عند أفلمة هذه الرواية أو تلك. بالتأكيد لن ينتظر المشاهد الذكي من هذا المخرج إن كان يمتلك رؤية خاصة به، الاستسلام الكامل أمام النص الأدبي. واذا كان هذا يمثل الأمانة والدقة في الاقتباس، ففيه تكمن الخيانة لرؤية المخرج السينمائي الذي يمتلك ادوات متكاملة تختلف تماماً عن أدوات المؤلف، لجهة اللغة والمعالجة ورؤية العالم وطريقة تصويب النظر إليه بما يضمن إعادة تأهيله فنياً وجمالياً.

واذا كانت كلمة الترجمة في معظم اللغات اللاتينية تعني الخيانة، فإنها هنا تعني تماماً ضرورة خيانة النص الأدبي الذي تجري «أفلمته». هنا الرائحة بحسب العريس تعبق في كل مكان، وهذه الخيانة -الايجابية بالطبع- تبدو ضرورية أحياناً، فبعض أهم الأعمال التي جرت ترجمتها سينمائياً تعرضت لهذه الخيانة، سواء كانت تعود بملكيتها إلى كتاب كلاسيكيين أو إلى مؤلفي الدرامات البوليسية، أو حتى الى كتّاب الخيال العلمي. ونادراً ما وافق المخرج السينمائي صاحب الرؤية الثاقبة، على أن يستسلم أمام عظمة النص.

وبعض هذه الأعمال بالطبع كانت مخيبة سينمائياً، ولم ترتق إلى المستوى الأدبي الذي جـاءت منه، والعكس كذلك صحيح، فثمة ما يـفيـد أيضاً بوجود أفلام قامت بتخليد هذا الأثر الأدبي أو ذاك. ربما يحتل الكاتب الإنكليزي وليم شكسبير العدد الأكبر هنا، لسبب بسيط قد يبدو مفاجئاً، وهو وجود معظم أعمال هذا الكاتب في حالة «سبات سينمائي» انتـظرت قروناً ليجري النبش فيها في المشرق والمغرب من الكرة الارضية بما يرضي غرور المؤلفين السينمائيين وطموحاتهم. وإن جاءت النتائج أيضاً مدهشة وغريبة بعض الشيء، فيكفي معرفة مثلاً أن كوزنتسيف (هاملت الروسي) جاء متقدماً على هاملت في نسخته الانكليزية التي تقدّم بها يوماً مواطنه السير لورانس أوليفييه، في واحدة من أكبر المفارقات السينمائية التي لا تزال تشكل لغزاً، وبخاصة أن وجود الممثل الروسي سموكتونوفسكي في إهاب الدور–الأحجية، جاء ليكرس إمكان القراءة المختلفة للشخصية الشكسبيرية التي لا تزال تشكل اغراء للسينمائيين الكبار حتى يومنا هذا، وإن كنا لا نعتقد بإمكان أن تخف هذه الرغبة في «أفلمتها» في المستقبل على أيدي مخرجين آخرين في وسعهم القراءة المختلفة، بما يشي بوجوب أن تعبق الخيانة في عروق هذا النص الأدبي الملهم، حتى يجـيء هـاملت شـاعراً أو منتقماً أو محارباً، بحسب ما يعبق هنا وتتردد أصداء هذه الترجمة في ربوع عمل بصري يختلف شكلاً ومضموناً عما سبق، وإن كان بإمكانه الاستغناء عن الأدب نهائياً، على عكس المسرح الشكسبيري نفسه، الذي لا يمكنه الافتكاك من الأدب نهائياً، وعليه مسايرته كثيراً، لأنه يحتاج للبعد الأدبي في طريقة عمله، فيما يمكن السينما أن تتوقف نهائياً عن الاقتباس، وإن لم يكن هناك إشارات جدية في هذا الصدد. ولا تزال الأعمال الأدبية تقدم نوعاً من إغراء لا يمكن تخطيه ويجد له هنا صدى كبيراً ومهماً في سَوْق العريس أمثلة عن ذلك في كتابه هذا.

كثيرة هي الأعمال التي تصرف بها المخرجون الكبار ولم يستسلموا أمام إغراءاتها مهما عظمت أدبياً.يسوق الكاتب أمثلة هنا، ففي حين اعتبر الروائي الجماهيري الأميركي ستيفن كينغ أن المخرج ستانلي كوبريك قد أساء كثيراً إلى روايته «اشراق» عندما «أفلمها»، رأى انطوني بارغس أن أفلمة «البرتقالة الآلية» جاءت لتقدِّم عملاً سينمائياً رائعاً، وإن لم يجد نفسه أمام النص الذي كتبه.

المهم في المثلين هنا أنه يمكنهما ببساطة الكشف عن ذلك التناحر الذي ينشأ عن التصادم الإجباري الذي يقع لحظة أفلمة عمل أدبي، ففي حين تشكل قراءة الأمير الدانمركي (هاملت) بالنسبة للمخرج الروسي غير ما تعنيه للمخرج الإنجليزي نفسه، بما يمكن تفسيره على أنه إعادة قراءة له على ضوء الزمن الراهن، وربما الزمن الواقعي المتمثل أيضاً بحاضر الزمن السينمائي الذي لا يمكن أن يتواجد إلا في الزمن الحاضر، فإن أفلمة «إشراق» قد تثير ستيفن كينغ، وهو كاتب مستغرق عموماً في زمن مستقبلي مفارق، لا يمكن الركون إلى آنيته والاستسلام له، على عكس صاحب «البرتقالة الآلية»، يمكنه أن يتفهم عصرنة كوبريك للزمن السينمائي الذي يستغرق عمله. ونحن إن فهمنا أسباب هذا التناحر الدائم بين الشكل السينمائي والشكل الأدبي، فإنه يقود في بعض الأحيان نحو تسطيح للعمل الأدبي يدفع الى التساؤل بحسب العريس عن الأسلوب الذي بقي من نقل» ثلاثية» محفوظ مثلاً إلى الشاشة على يد حسن الإمام، باعتبار أن المبدع هو في الدرجة الأولى الاسلوب.

ربما تجيء قراءة فرنسيس فورد كوبولا لرواية «قلب الظلام» لجوزيف كونراد لتدفع نحو انشاء تعبير كثيف في كيفية الأفلمة السينمائية والاقتباس عن نص أدبي. وحين امتص كوبولا في فيلمه «القيامة الآن» روحية النص الأدبي فقط، وطعَّمه مراوغاً بنص «الرجال الجوف» للشاعر ت. س. أليوت، فإنما ليشكل طريقة حرة في الاقتباس يمكن التأسيس عليها في طريقة عمل المخرج السينمائي على رواية أو قصة أو مسرحية، بحيث ينسب لنفسه ضميراً سينمائياً قد لا تعرفه الكتابة الأدبية يوماً.

«من الرواية إلى الشاشة» ينتصر بدوره لتلك «الخيانة» التي تعبق في كل مكان، تمثله الشاشة حين تضيء ويلمع المخرج في سماواتها الكثيفة زمناً ولغة بصرية محلقة، ويقرر الانحياز إلى حق المخرج السينمائي في استخلاص ما يشاء من النص الأدبي شريطة أن يسمو به عالياً ويقدم من خلاله قراءة مختلفة لعصر محمل بأزمنة ماضية أو مستقبلية يقوم بتحويرها وتطعيمها بالزمن الحاضر، وهو الزمن الذي يميز الفن السابع حين تتم معاينته من خلال الشاشة وحدها.

عن موقع جريدة الحياة

يقدم موقع دارالحياة.كوم، إضافة إلى المحتوى الخاص به الذي ينشر على مدار الساعة، محتوى المطبوعات التي تنتجها« دار الحياة »، بنسخها الإلكترونية، وهي : الصحيفة اليومية « الحياة » الطبعة الدولية على العنوانين الأول أو الثاني، والحياة السعودية الطبعة السعودية، والمجلة الأسبوعية لها. ويضم دارالحياة.كوم أيضاً حاضنة للخدمات الرقمية على العنوان.

دارالحياة.كوم محطة تزود الزوار بالمستجدات والتقارير والتحليلات وبمواد أدبية، من صحافيين ومراسلين من الحياة، ومتعاونين آخرين. ويسعى إلى تأمين التواصل بين القراء وكتاب المطبوعات. كما يؤدي دور الواجهة التي تروج لمحتوى المواقع الثلاثة الأخرى. كذلك، يرعى دارالحياة.كوم مشاريع صحافية مستقلة ويستضيفها.


 آفاق سينمائية

وقد كانت مجلة آفاق سينمائية، الالكترونية الأسبوعية التابعة للمؤسسة العامة للسينما في وزارة الثقافة السورية، قد علقت على هذه الدرسة بمقال بعنوان :"من الرواية إلى الشاشة تاريخ للأدب تحت سطوة الفن السابع ورعايته بقلم إبراهيم العريس".

مجلة آفاق سينمائية الاكترونية الأسبوعية
الأحد 24 يوليو/تموز 2011

من الرواية إلى الشاشة تاريخ للأدب تحت سطوة الفن السابع ورعايته بقلم إبراهيم العريس

السؤال الأبرز عند صناعة أي فيلم مأخوذ عن عمل أدبي هو مدى أمانة الفيلم للنص الأدبي، بغض النظر عن نجاح الفيلم ، هناك بعض الآراء التي تقول أن أي رواية هي أجمل من الفيلم الذي صورها مهما بلغ من الروعة ومن قدرة المخرج الإبداعية فلا شيء يوازي خيال القارئ.

ما يزيد عن نصف الأفلام التي حُققت في العالم كله مأخوذ من نصوص أدبية روائية أو مسرحية ولكن يمكن القول أن من بين المائة أو المائتان فيلم الأفضل في تاريخ السينما ، نادرة هي الأفلام التي أًخذت عن أصول أدبية ومن الصعب القول أن الأفلام التي تحتل المرتبة الأولى في رصيد المخرجين الكبار هي التي اُقتبست عن الأدب . لكن لا يمكن إلا الاعتراف أن الأدب أغنى الفن السينمائي، حتى إن من النادر أن نجد عملا أدبيا لم يُحول إلى فيلم وليس بالضرورة أن يكون هذا الفيلم ناجحا ، على الرغم من أن الآداب الكبرى لا تزال حتى اليوم عصية على الاقتباس وحتى حين يجازف مبدع ما باقتباسها لا ينتج أعمالا سينمائية كبيرة إلا حين تكون خيانة النص أكبر ، ومن ابرز الكتاب الذين رفدوا السينما بنصوصهم الأدبية وليام شكسبير الذي يصفه اورسون ويلز بأنه أعظم كاتب سيناريو فأعماله الأدبية نقلت عشرات المرات إلى الشاشة حتى الثانوية منها.

عرف الفن السابع أنواعا أدبية متنوعة اقتبس عنها أروع الأفلام ومنها الأدب البوليسي التشويقي ، ولم يكن غريبا أن تقدم السينما الأمريكية عند بداياتها على اقتباس عملين أساسيين من أعمال ادغار ألن بو وهما ( جرائم في شارع مورغ ) و ( سقوط منزل آل آشر) ، لم تكف السينما منذ ذلك الحين عن اقتباس هذين العملين وسرعان ما انعكس طوال القرن العشرين على اهتمام السينما بهذا النوع من الأدب وازدهار كتابته وصولا إلى أعمال كبيرة ، ومن الصعب القول أن ثمة سينما بلد ما تتميز عن سينما بلد آخر ، ففي كل السينمات وكل اللغات توجد أعمال تنتمي إلى النوع البوليسي وفروعه على الرغم أنها قد لا تبدو للوهلة الأولى أفلاما بوليسية وهذه السينما لها أسماء مخرجين محددين بالإضافة إلى كتاب محددين أشهرهم ( اغاثا غريستي ، ادغار الن بو ، سير ارثر كونان دويل ، موريس لوبلان ) والمتميزين رايموند تشاندلر وداشيل هاميت اللذين كتبا أهم روايتين في السينما البولسية الأمريكية وهما الصقر المالطي لـ هاميت والسبات العميق لـ تشاندلر.

ولكن الأدب الأقرب إلى السينما كان أدب الجاسوسية فمن النادر أن نجد رواية من هذا النوع لم تحول إلى فيلم أو أكثر وهذا لما يتمتع به أدب الجاسوسية من تشويق وأبعاد بصرية ومواضيع سياسية وصراعية وملامح غموض تجعله صالحا كي يتحول إلى أعمال سينمائية ، ومن جانب آخر فإن عددا كبيرا من روايات التجسس وقصصه أخذ من الواقع ونُوع عليه ، ولُعب فيه ، وغالبا على يد كتاب كان سبق لمعظمهم أن خاضوا مهنة التجسس خصوصا في بريطانيا وأمريكا.

إن من بين الأفلام التي تلقى رواجا كبيرا هذه الأيام هي أفلام الخيال العلمي، وهذا المصطلح ترسخ ليصبح نوعا سينمائيا قائما بذاته منذ ستينيات القرن الماضي على الأقل لا سيما منذ فيلم اوديسا الفضاء ، وهذا الفيلم أعطى سينما الخيال العلمي قيمتها واحترامها بعد أن ظلت لوقت طويل تحت مسمى الأفلام الثانوية ، ومن بين أهم هذه الأفلام في تاريخ الفن السابع هو رائعة جورج ميلياس الرحلة إلى القمر عام 1902 وهو مقتبس عن نص أدبي هو رواية جول فيرن المعروفة بالاسم نفسه ، إضافة لفيلم ( أي تي ) لـ ستيفن سبيلبرغ ، الذي يعتبر الفيلم الأكثر إنسانية لأنه يتحدث تحديدا عن التسامح والمحبة وقبول الأخر على عكس الغالبية العظمى في الأفلام التي تجهد لتصوير أي آت من الفضاء على أنه عدو للإنسان معتديا عليه ، ونال سبيلبرغ عددا كبيرا من الجوائز على هذا الفيلم أهمها بالنسبة إليه وسام السلام الأمريكي الذي منح له لإنسانية فيلمه وليس لتميزه الفني والتقني.

منذ بداياتها اهتمت السينما بالتاريخ وتحديدا التاريخ المدون ابتداءً من مسرحيات شكسبير التاريخية ومن ثم الكتب التاريخية التي احتوت على أنواع من التأريخ متنوعة بين الحكايات الدينية المأخوذة من الكتب المقدسة وسير الزعماء والأبطال والرؤساء وصولا إلى سير الفنانين وقصص الحروب الكبرى والمعارك والغزوات ، لتشكل ما يسمى السينما التاريخية وهو نوع على تحدد ملامحه يشكل نحو ربع عدد الأفلام التي حُققت في تاريخ الفن السابع وتحدثت حتى الآن عن معظم الأحداث التي عرفها تاريخ البشرية من ( حروب النار ) و( مليون عام قبل المسيح ) إلى حروب الخليج والأيام الأخيرة من حياة فرنسوا ميتران وحروب فيتنام وما شابه ، ومن الجلي أن العدد الأكبر من الأفلام التاريخية اقتبس من نصوص ومسرحيات كما من روايات تاريخية كتب بعضها في زمن الأحداث نفسها وكتب البعض الآخر في أزمان لاحقة.

عند العودة لتاريخ السينما المصرية نجد أنها عرفت كيف تنهل من التراث الرائع والعريق للأدب الروائي والقصصي المصري حتى أن بعض الكتاب الكبار نقلت معظم أعمالهم إلى السينما كـ إحسان عبد القدوس وهناك كتاب كبار كتبوا مباشرة للسينما مثل نجيب محفوظ حين كتب ( درب المهابيل ) لـ توفيق صالح ، وأمين غراب كتب ( شباب امرأة ) لصلاح أبو سيف ثم حولها إلى رواية منشورة ، وبالنتيجة فإن العلاقة بين السينما المصرية والأدب الروائي والقصصي في مصر علاقة وثيقة حتى اليوم ، ولا يمكن نسيان أن السينما المصرية اقتبست أمهات الروايات والمسرحيات العالمية أيضا وكل أنواع الأدب المكتوب ، وعرف طريقه إلى الشاشة الكبيرة بما في ذلك النصوص الأكثر تجريبية مثل ( مالك الحزين ) لـ ابراهيم أصلان والنصوص الأكثر صعوبة ( الجبل) لـ فتحي غانم ، لكن الحال في باقي البلدان العربية ليس كما في مصر إذ أن النصوص الأدبية لا تزال تنتظر من ينقلها إلى الشاشة الكبيرة ، ففي سوريا نقلت بعض النصوص لـ حنا مينه ونص أو أكثر لـ حيدر حيدر ، وفيصل خرتش ( تراب الغرباء ) إلى السينما ، لكن هناك نصوص كثيرة جدا تنتظر أن تجد طريقها إلى الشاشة.

نماذج لأفلام تمثل التزاوج بين الأدب القصصي والروائي في تاريخ الفن السابع :

  • (ساغا غوستا برلنغ ) العاطفة والطبيعة
    حقق موريتس ستيلر هذا الفيلم عام 1923 عندما كانت السينما لا تزال صامتة وهو عن رواية للكاتبة السويدية سلمى لاغرلوف
  • ( الأم ) لبودوفكين : السينما في خدمة الوعي النضالي عام 1926 عن رواية الكاتب الروسي الكبير مكسيم غوركي
  • (المال) لمارسيل ليربييه من زولا الماركسي إلى كارثة البورصة عام 1924 عن رواية للكاتب الفرنسي أميل زولا
  • ( الملاك الأزرق ) بورجوازية ألمانيا تهبط إلى الجحيم عام 1929 للمخرج النمساوي الأصل جوزف فون سترنبرغ عن رواية للكاتب توماس مان
  • (كل شيء هادئ على الجبهة الغربية ): ضد الحرب بالمطلق للكاتب الألماني اريك ماريا ريماركه اخراج لويس مايلستون
  • (كوهل فامب) : بريخت السينمائي يسال من يملك العالم ؟ عام 1931 للكاتب برتولد بريخت وإخراج البلغاري سلطان دودوف
  • ( بول دي سويف ) لميخائيل روم : البرجوازية وأخلاقها عام 1934 عن رواية للكاتب الفرنسي غي دي موباسان.
  • ( تشاباييف ) : فيلم عن فعل البسطاء في الأحداث الكبيرة عام 1934 لمخرجان أخوان هما سيرج وجورج فاسيلياف والكاتب السوفييتي ديمتري فورمانوف .
  • ( زوجة الخباز ) لمارسيل بانيول : ملحمة الناس البسطاء عام 1938 للكاتب الفرنسي جان جيونو
  • (طفولة غوركي ) ثلاثية سينمائية لتغيير العالم : عام 1938 للمخرج مارك دونسكوي عن رواية للكاتب مكسيم غوركي
  • ( الأمل ) مالرو يتساءل عن الحرب والثورة والبطولة وكان هذا الفيلم الوحيد من إخراج الكاتب اندريه مالرو عام 1938 عن نص له أيضا
  • ( ذهب مع الريح ) معركة امرأة وتغييب مخرج : عام 1939 للمخرج فيكتور فلمنغ عن رواية للكاتبة مرغريت ميتشل
  • ( ريبيكا ) لألفريد هيتشكوك : الماء والنار والمعرفة المستحيلة عن رواية لدافني دو مورييه
  • ( عناقيد الغضب ) فيلم الانهيار الاقتصادي الأمريكي وروايته عام 1939 أخرجه جون فورد عن رواية للكاتب جون شتاينك
  • (الحسناء والوحش ) أسطورة كوكتو حلم واقف : عام 1946 إخراج جان كوكتو عن رواية كتبتها مدام لوبرانس دي بدمان .
  • ( الرجل الثالث ) لكارول ريد الديمقراطية وساعة الكوكو عام 1949عن رواية للكاتب الانكليزي غراهام غرين
  • ( الليالي البيضاء ) دوستويفسكي على طريقة فيسكونتي عام 1957
  • ( الملكة الإفريقية ) لجون هستون الطيبة والأفاق في الأدغال عام 1951 إخراج جون هستون عن رواية من تأليف سي اس فورستر
  • ( ثلاثية آبو ) شاعرية الواقع عبر كاميرا معلم كبير عام 1955 إخراج الهندي ساتيا جيت راي عن رواية لبيبوتي بانرجي
  • ( شباب امرأة ) لصلاح أبو سيف : الريف ينتقم من فساد المدينة عام 1956 عن سيناريو مشترك بين أمين يوسف غراب ونجيب محفوظ وسيد بدير والفكرة لصلاح أبو سيف
  • ( دعاء الكروان ) لهنري بركات : التحفة المقتبسة من طه حسين
  • ( بداية ونهاية ) من واقعية محفوظ إلى وعظية صلاح أبو سيف عام 1960
  • ( لورنس العرب ) أحداث التاريخ لتفسير قلق الفرد عام 1963 إخراج دافيد لين سيناريو روبرت بولت
  • ( طفل روزماري ) لرومان بولانسكي مملكة اللاعقل : 1968 عن رواية لـ آيرا ليفين
  • ( فهرنهايت 451) لراي برادبري القمع حول البشر كتبا متنقلة : اقتبس الرواية المخرج الفرنسي فرانسوا تروفو
  • ( الحرام ) ليوسف إدريس : السينما في قلب آلام الريف المصري إخراج هنري بركات
  • ( قنديل أم هاشم ) ليحيى حقي : العلم والإيمان عام 1968 إخراج كمال عطية
  • (ثلاثية العراب ) لكوبولا من المافيا إلى السلطة الأمريكية عن رواية للكاتب ماريو بوزو
    عناوين الكتاب الرئيسية
  • الروايات والمسرحيات على الشاشة
  • سينما الأدب البوليسي ، بدايات صامتة
  • الحرب الباردة ويقظة الضمير
  • الخيال العلمي
  • الفيلم التاريخي : أنواع لا تعد وخيال لا يحد
  • حضور مصري في السينما الأدبية ومشاركة عربية ضعيفة
  • خمسون رواية لخمسين فيلما
  • ملحق : أربعة من أهل نوبل في عالم السينما

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)