معاناة الواحات التونسية

, بقلم محمد بكري


جريدة القدس العربي


11 كانون الثاني (يناير) 2016
جريدة القدس العربي
تحقيقات
قبلي – توزر (تونس)


الواحات التونسية تصارع شح الماء وأزمات التسويق


من عائد عميرة ـ من خلال الغوص في مشاكل واحات الجنوب التونسي تظهر المخاطر التي تهدد واحات وفرت إمكانية استمرار “العمران البشري ” في صحراء تونس، فظلالها الوارفة وتمورها الطيبة، تينع تحت ظلال النخيل وهندسة مياه ابتدعها “ابن شباط ” منذ قرون وكانت نقطة جذب لسكان مروا منها.
وليد عميرة (31عاما) متحصل على شهادة جامعية عليا منذ سنة 2006، لم يتمكن من الحصول على وظيفة لا في القطاع العام ولا الخاص، فاختار التوجه إلى الواحات حيث النخيل والعمل وان كان موسميا.

يقطن وليد في إحدى الواحات بقرية “الدبابشة” (شمال محافظة قبلي )، ويشرف على مجموعة من العمال تتكون من 6 أشخاص تجني البلح، يقول “منذ 2006 اشتغلت في الواحة و أصبحت مورد رزقي..في السنوات الأولى كانت الأمور جيدة لكن الآن نعيش أزمة ترويج للتمور وانخفاض ثمنها مقارنة بمواسم سابقة”.

وعن أسباب هذه الأزمة يؤكد وليد، “لا نعرف الأسباب، كل شخص يقدم أسبابًا، واحد يقول البنوك لم توفر سيولة من خلال الإقتراض لانجاز مشاريع زراعية في الواحات والبعض يقول أن السبب رجال الأعمال“.

ولم يخف عميرة تخوفه من تأثير الصراعات السياسية التي تشهدها البلاد في ازمة التمور التي تحدث عنها، كذلك الصراعات السياسية أصبحت مشكلة لاقتصاد الدولة، كما يقول.

بدوره قال محمد مزهود (24 عاما) أحد الشباب الذين يشتغلون مع وليد، “في قبلي ليس عندنا أي مورد رزق سوى الواحات وأشجار النخيل، لكن هذه السنوات أسعار التمور تشهد تراجعا ملحوظا،وكذلك تنقصنا مياه الري”.

و بنبرة ملؤها اليأس والحسرة يضيف محمد “ليست هناك أي تشجيعات من الدولة ولا توجد سوى المشاكل والعراقيل”.

ووفقا لإحصائيات رسمية بلغ إنتاج التمور التونسية هذا الموسم الزراعي حوالي 245 ألف طن مقابل 223 ألف طن الموسم المنقضي بزيادة في حدود 9%..

من جهته، يقول العامل الخمسيني، عبد الله بن بلقاسم حبيق ” يجب على الدولة توفير مياه الري و التخفيض من سعره حتى نتمكن من مواصلة العمل في الواحات لزيادة إنتاج أشجار النخيل وعلى رأسها دقلة النمور (أجود أنواع التمور)”.

وتبلغ مساحة الواحات التونسية أكثر من 40 ألف هكتارا فيها قرابة 5.4 مليون نخلة منها 3.55 مليون نخلة من الأصناف الجيدة لانتاج التمور ، وتعتبر واحات “نفزاوة” و”الجريد” أهم الواحات المنتجة للتمور التونسية الجيدة، حيث تنتج واحات منطقة “نفزاوة” (محافظة قبلي) قرابة 60% من الإنتاج التونسي، وتأتي واحات الجريد (محافظة توزر) في المرتبة الثانية، ثم تأتي واحات أخرى أقل أهمية بمحافظات قفصة وقابس وتطاوين.

أمام مجمع مياه الواحة، جلس عبد الله، مزارع في الثمانين من عمره، يراقب مياه الري و يتحسس حرارتها.

عبد الله قال للأناضول، ”بفضل هذه المجمعات تحسنت مياه الري،الآن أصبح الوضع مختلف عن السابق،حرارته تقلصت بعد أن كانت تتسبب في موت الأشجار،و كمياته ازدادت و طريقة توزيعه في تحسن متواصل،الأمر الذي ساهم في ارتفاع الإنتاج”.
و تبلغ نسبة مساهمة قطاع التمور من القيمة الإجمالية للإنتاج الزراعي التونسي 5% وبنسبة 16% من القيمة الإجمالية للصادرات الزراعية، كما يوفر القطاع مليوني يوم عمل ومورد رزق لقرابة 50 ألف عائلة.

وارجع مسئولون محليون أزمة التمور من خلال تراجع التصدير وتراجع تبعا لذلك الأسعار في السوق المحلية، إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ككل و نقص السيولة لدى البنوك، الأمر الذي أثر على رجال الأعمال ولم يعد قطاعا جاذبا للأستثمار، حسب قولهم.

وتحتل تونس حسب المنظمة العالمية للتغذية والزراعة، المرتبة الأولى عالميًا في قائمة البلدان المصدرة للتمور باعتبار العائدات المالية للتصدير، حيث بلغت صادرات تونس من التمور في 2015 حوالي 100 ألف طن، بعائدات تناهز 460 مليون دينار (حوالي 230 مليون دولار)، مقابل 87 ألف طن بقيمة 382 مليون دينار (حوالي 191 مليون دولار) خلال موسم 2014.

وتصدر تونس تمورها الى حوالي70 سوقا عالمية واستأثرت السوق المغربية وحدها بنحو 24.5 ألف طن مقابل 21 ألف طن موسم 2014.(الأناضول)

عن موقع جريدة القدس العربي


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)