ثقافة - سياحة - تراث - Culture - Tourisme - Patrimoine

مصمم تقديم الطعام.. مهنة جديدة فرضتها الحاجة.. والدراسة تصقلها L’art de la table

, بقلم محمد بكري


جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط
الاثنيـن 15 صفـر 1433 هـ 9 يناير 2012 العدد 12095
الصفحة : عين الشرق
القاهرة : مي إبراهيم


تختلف وفقا لطبيعة كل مطعم وتقتحم عالم الإعلانات في مصر


الألوان عنصر جذب مهم على المائدة («الشرق الأوسط»)

«العين تأكل أولا».. هكذا يعتقد كثيرون من محبي الطعام ومن القائمين على أعمال تتعلق بالمنتجات الغذائية أو المطاعم، ومن هنا كان السعي دائما إلى تقديم الطعام بصورة تشبع العين والمعدة معا.

وفي الفترة الأخيرة ازداد الاهتمام بهذا المجال، خاصة مع انتشار الإعلانات والإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة، واستخدامها في الدعاية للمنتجات المتعلقة بالطعام والشراب، لتظهر مهنة «مصمم تقديم الطعام» food stylist، أو مجازا «منسق الطعام». وهذه المهنة، وإن كانت جديدة نسبيا في مجتمعاتنا العربية، فالملاحظ اليوم أنها تحقق نجاحا ملحوظا في مجال الإعلانات وداخل المطاعم.

سارة إبراهيم، إحدى المتخصصات في ممارسة هذه المهنة في مصر، تشير إلى أن هذا التخصص محدود جدا في مصر والدول العربية على الرغم من اتساع نطاقه في الخارج، وتقول: «لقد اكتشفت هذا المجال التخصصي أثناء عملي لفترة في قطاع الإعلانات فانجذبت إليه بقوة، لأنه عالم ممتع وجذاب للغاية. ومن ثم، قررت دراسته والمضي قدما في هذا المجال بشكل محترف. وحقا درست هذا التخصص في الولايات المتحدة الأميركية لانعدام وجود مكان متخصص بتدريسه في مصر. وبعدها عملت لبعض الوقت في نيويورك وتعلمت الكثير. فالوضع هناك يختلف تماما عما نجده هنا. هناك نجد من يتعامل مع الطعام ويتفنن في تنسيقه بصورة جيدة، وكذلك من يهتم بأدوات المائدة والمفارش والديكور المصاحب للطعام، بحيث يظهر الشكل النهائي حصيلة ناجحة التعاون بين الاثنين».

وتضيف سارة: «في عالمنا العربي عادة ما تدار هذه الأشياء بالذوق الشخصي وحده من دون خبرة كبيرة عند كثيرين، لكن بعد عودتي من أميركا بدأت أسعى فعليا للعمل في هذا التخصص، ولا سيما أن ثمة سوقا واسعة له، مثل المطاعم سواء في الإعلانات أو في قوائم الطعام الخاصة بها على اختلاف تخصصاتها، وإعلانات المنتجات الغذائية المختلفة».

وتوضح سارة أنه، بشكل عام، مَن يعمل في هذا المجال التخصصي لا بد أن تتوافر فيه مجموعة من الصفات؛ منها الذوق والتدريب والدراسة، وأن تكون لديه القدرة على العمل في إطار فريق جماعي، بحيث يتقبل الملاحظات ووجهات النظر المختلفة التي ستصب في النهاية في صالح التصميم النهائي أو الشكل النهائي الذي سيظهر عليه الطعام.

أما عن الاختلافات في التصاميم المختلفة للطعام، فتشرح: «لكل نوع من أنواع الطعام حالة معينة تتناسب معه، فتنسيق الطعام للمطاعم يختلف تبعا لطبيعة كل مطعم. مثلا، بالنسبة لمحلات الوجبات السريعة مثل الساندويتشات (الشطائر) غالبا ما يجري تصوير المنتج على خلفية بيضاء ويصار إلى التركيز على الساندويتش نفسه، ليظهر بشكل وحجم يقنعان المستهلك بجودته. مع ساندويتش الهامبرغر، مثلا، يستحسن التركيز على مسألة الحجم السميك لقطعة الهامبرغر، والشكل الشهي للساندويتش مع الإضافات الأخرى».

وتتابع سارة: «أما في ما يخص المطاعم الكلاسيكية فإن الأمر يختلف، لأنه الاهتمام الأبرز يجب أن يتركز على الإطار العام الذي يقدم فيه هذا الطعام، وبالجو المحيط بتقديم الطعام الذي يميز هذا المطعم عن غيره من المطاعم. وبناء عليه، يكون التركيز على الإطار العام بنفس أهمية، بل ربما أكثر من أهمية الأطباق نفسها وأدوات المائدة وديكورات الطاولة، مثل المفارش والزهريات. ولكن لا بد، طبعا، أن تكون هي نفسها المستخدمة في المطعم والتي سيراها ويستعملها من يتوجه إلى هذا المطعم. ولا بد أيضا من إنجاز هذا العمل بالتنسيق مع (الشيف) الخاص بالمطعم، لكي تتناسب الكميات التي يصار إلى استخدامها في العمل الدعائي أو في قوائم الطعام، مع الكميات الحقيقية التي تقدم في المطعم حتى تكون الصورة واقعية وصادقة».

أما في حالة الإعلانات، كما أوضحت سارة إبراهيم، «فغالبا ما يكون التركيز على الفكرة أو الإطار العام الذي يهدف إليه المُنتج. فإذا كان المطلوب الاهتمام أكثر بفكرة الصحة والرشاقة والريجيم، فيجب أن يوضع المنتج مع أشياء تدعم هذه الفكرة، مثل الخضار والخبز البني (الأسمر) مثلا، أما إذا كان موجها للأطفال فيجب عندها التركيز على ألوان معينة جذابة، مثل الألوان الفاتحة عموما، مثل اللون الوردي واللون اللبني، مع استخدام أكواب وأطباق خاصة بالأطفال، ووضع بعض الألعاب في الإطار مثلا».

وتوضح «منسقة» أو مصممة تقديم الطعام «أنه للحصول على شكل نهائي مميز للطعام ينبغي مراعاة تنسيق الألوان أحدها مع الآخر، ذلك أن وجود أكثر من لون عند تقديم الطعام يضفي على المائدة مظهرا جميلا، ناهيك عن أهمية توافر ملمس مختلف للأطعمة المستخدمة أيضا يضفي شكلا أفضل، مثل البروكلي مع الجزر مع الكوسة، ثم إن طريقة تقطيع الخضار نفسها عليها عامل كبير في الشكل النهائي الذي يظهر عليه الطعام».

وتستطرد سارة: «ثمة أمر آخر غاية في الأهمية هو المصور الذي سيلتقط الصورة في النهاية، ويعكس المجهود الذي بذله مصمم تقديم الطعام للجمهور. لا بد أن يكون هذا المصور محترفا وعلى مستوى عال جدا من المهارة الحرفية، وإلا راحت كل الجهود هباء ولن تكون النتيجة جيدة في النهاية، لأن حصيلة التعاون بين الاثنين في النهاية تضمن النتيجة المتوخاة».

سارة إبراهيم، في هذا السياق، تختتم كلامها بنصح كل من يرغب في تقديم الطعام بشكل جميل ومبتكر أن يعتمد بصورة أساسية على مزيج من الذوق والحس الشخصي من ناحية، وحسن التنسيق من ناحية أخرى، وتقول إنه في حال إعداد وليمة في المنزل، مثلا، بل حتى عند تقديم الطعام لأفراد الأسرة العاديين، يستحسن تقديم الطعام في أطباق لا تحمل أي زخارف أو نقوش، ويفضل أن تكون بيضاء اللون وذلك لإبراز جمال الطعام المقدم فيها وألوانه.

كذلك ترى سارة أنه يستحسن التركيز على الألوان في «السلاطات»، فالأخضر مع الأحمر مع بعض إضافات من ألوان أخرى مثل الأصفر، في صنف كالذرة، وحتى درجات الأخضر المختلفة التي يمكن الحصول عليها من الخس والفجل والجرجير وكل النباتات الخضراء، تضيف الكثير للطبق. وفي حالة تقديم الأرز، مثلا، يفضل إضافة بعض الألوان لتعطيه مظهرا أفضل، كإضافة البسلة أو الجزر أو المكسرات.

عن موقع جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط، صحيفة عربية دولية رائدة. ورقية وإلكترونية، ويتنوع محتوى الصحيفة، حيث يغطي الأخبار السياسية الإقليمية، والقضايا الاجتماعية، والأخبار الاقتصادية، والتجارية، إضافة إلى الأخبار الرياضية والترفيهية إضافة إلى الملاحق المتخصصة العديدة. أسسها الأخوان هشام ومحمد علي حافظ، وصدر العدد الأول منها في 4 يوليو 1978م.
تصدر جريدة الشرق الأوسط في لندن باللغة العربية، عن الشركة السعودية البريطانية للأبحاث والتسويق، وهي صحيفة يومية شاملة، ذات طابع إخباري عام، موجه إلى القراء العرب في كل مكان.

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)