مسيرة الفنان العالمي الراحل عمر الشريف مع بعض أفلامه شكري سرحان (1932-2015)

, بقلم محمد بكري


 الحلقة الأولى


إيلاف


الأحد 12 يوليو 2015
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
أحمد طه


عمر الشريف هدد والدته بالإنتحار ليحترف التمثيل


عمر الشريف في شبابه


تلقي إيلاف الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف عبر حلقاتٍ عدة تنشر فيها معلومات ذكرها في حواراتٍ سابقة له على مدار أكثر من 50 عاماً، وفي الحلقة الأولى نرصد علاقته بعائلته، وحبه الكبير لوالدته التي كانت تثق في أن ابنها سيكون له شأن كبير رغم معارضتها في البداية لاحترافه التمثيل.

بيروت: تُلقي “إيلاف” الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف من خلال نشر معلومات وتفاصيل حياته التي ذكرها في مقابلات صحافية على مدار أكثر من 50 عامأ، اطلعت “إيلاف” عليها لترصد حياته في مصر التي عاش فيها أكثر من 70 عاماً.

البداية:

ينحدر عمر الشريف من عائلة ميسورة الحال، فهو ينتمي لأسرة مسيحية كاثوليكية وإسمه الحقيقي ميشيل ديمتري جورج شلهوب فوالداه درسا في مدارس الراهبات، ووالده كان أحد كبار تجار الأخشاب في الإسكندرية، أما والدته فكانت سيدة معروفة في الوسط الإجتماعي، وكان الإبن المدلل لأسرته. لكن الدلال الذي قدمته الأسرة لإبنها الوحيد لم تحل دون القسوة عليه إذا اخطأ، حيث تمت تربيته بطريقةٍ صحيحة. فعائلته كانت أسرة سعيدة بحسب ما ذكره في مقابلاته، ولم يكن يعكر صفوها أي شيء، خاصةً وأن والدته كان يصفها دائما بأنها منبع للحب، وأنها أحبت والده وكانت تستطيع حل أي خلاف بينهما. فكانت سيدة ذكية وعلى الرغم من ذلك، كانت تخسر كثيراً في لعب القمار الذي أدمنته وكان تقوم بممارسته يومياً، لكن والده لم يعترض على ذلك لأنه كان يكسب الكثير من تجارته.

رفاهية:

وكان “الشريف” يتردد على النادي الرياضي الملكي ونادي محمد علي وهي الأماكن التي لا يدخلها إلا أبناء الأثرياء. وعاش مع أسرته في فيلا صغيرة بمنطقة كليوباترا بالإسكندرية، والتي قضى فيها سنوات طفولته الأولى قبل أن ينتقل للقاهرة مع والده الذي قرر نقل تجارته الى العاصمة مع نهاية الثلاثينات.

أيام الدراسة:

وبدأت حياة العائلة في القاهرة ميسورة أيضاً. حيث إستأجر والده شقة لهم في الطابق الثاني عشر قبل أن يشتري بيتاً في حي Garden city الراقي ليقيم فيه مع زوجته وابنه عمر، والذي ظهرت علامات البدانة عليه بوضوح نتيجة تناوله كميات كبيرة من الشكولاته آنذاك. ودرس في بداية حياته بالمدارس الأجنبية لكن والدته وجدت في زيادة وزن نجلها تهديداً لصحته ومستقبله أيضاً، خاصة مع شعورها أنه سيكون شخصاً له مكانة كبيرة في المستقبل، فقررت إلحاقه بمدرسة “فيكتوريا كولدج” بالإسكندرية، وهي أكبر مدرسة داخلية في مصر آنذاك وتُعلِّم الطلاب اللغات ويمارسون فيها الأنشطة المختلفة. والتحق الشريف بها في سنه الحادي عشرة، بينما تولى عمه المقيم في الاسكندرية مهمة زيارته في الإجازات الأسبوعية حيث كانت والدته تذهب إليه مرة كل شهر تقريباً لتراه وتعرف تقييمه العلمي.

وكانت والدته بحسب ما ذكره تعنّفه إذا لم يكن الأول على زملائه، لأنها كانت ترى أن العلم هو السلاح الرئيسي لنجلها حتى يكون له شأن مهم في المجتمع، بينما حاول هو الإستمتاع بالمدرسة التي لم يكن مرحباً بها في البداية لكونها تقيد حريته وتجعله بعيداً عن أهله. وتعرّف في هذه المدرسة على يوسف شاهين، أحمد رمزي، عادل أدهم وغيرهم، فكانت بداية عشقه للفن من مسرح المدرسة الذي قدّم عليه عروضاً كثيرة مع “شاهين ورمزي” ليكون المسرح سبباً في حبه للفن الذي قرر أن يحترفه بعد الحصول على شهادة البكالوريا ومكتفياً بالأعمال المسرحية التي يقدمها بالمدرسة. وأفادت المدرسة “الشريف” كثيراً في اتقان اللغتين الإنجليزية والفرنسية، الأمر الذي ساعده في سن صغيرة على احتراف التمثيل خارج مصر. إلا أن عائلته رفضت بعد نجاحه في البكالوريا عمله بالتمثيل، وألحقته والدته بكلية التجارة نظراً لإجادته الحسابات، وعمل مع والده في تجارة الأخشاب لفترة، لكنه بمجرد الانتهاء من دراسته عاد ليتمسك بحلمه في التمثيل مهدداً بالإنتحار إذا لم توافق والدته على دراسته للتمثيل في بريطانيا، وهو الطلب الذي وافقت عليه مضطرة استجابة لرغبة نجلها الوحيد، رغم نظرتها الدونية للممثلين في تلك الفترة.

المزيد في الجزء الثاني:

موافقة الأم أسعدت “الشريف” فكان أن استعد للسفر، لكن مفاجأة كبرى حولت الحلم الذي طال انتظاره إلى سعادة لا توصف، والتفاصيل في الجزء الثاني من سيرة “لورانس العرب” عبر “إيلاف” مع مزيدٍ من التفاصيل حول عدوله عن السفر لدراسة التمثيل في انجلترا.

عن موقع ايلاف على الإنترنت



 الحلقة الثانية


إيلاف


الإثنين 13 يوليو 2015
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
أحمد طه


أول لقاء وقبلة بين عمر الشريف وفاتن حمامة


عمر الشريف وفاتن حمامة


تُلقي “إيلاف” الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف عبر حلقات عدة تنشر فيها معلومات ذكرها الفنان العالمي في حواراتٍ سابقة له على مدار أكثر من 50 عاماً. وفي الحلقة الثانية نرصد بدايته في مجال التمثيل وحصوله على دور البطولة في أول أفلامه مع سيدة الشاشة العربية.

بيروت: تُلقي “إيلاف” الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف من خلال نشر معلومات وتفاصيل حياته التي ذكرها في مقابلات صحافية على مدار أكثر من 50 عامأ، اطلعت “إيلاف” عليها وتقدمها على أجزاء لترصد حياته في مصر التي عاش فيها أكثر من 70 عاماً.

إنطلاقة محلية مميزة:

أسرع عمر الشريف في استخراج أوراق الدراسة والإقامة في إنكلترا كي يتعلم التمثيل ويدرسه أكاديمياً مستغلاً إتقانه اللغتين الإنكليزية والفرنسية، وهي الفترة التي استغرقت نحو 6 أشهر حتى بقي له أسبوع واحد على موعد السفر الذي حصل فيه على دعمٍ مالي من والده كي يتمكن من الدراسة هناك. ولم يكن يؤمن بالدجل والعرافات. ولكن خلال زيارته إلى أثينا مع والدته، أخبرته عرافة يونانية بأنه سيكون نجماً لامعاً في مجال الفن، وأن حبه الأول لن يكتمل وهو ما حدث لاحقا عندما أحب فتاة فرنسية في باريس كانت تتردد على الإسكندرية، لكن والده رفض زواجهما لكونها تنتمي إلى طائفة البروتستانت بينما تنتمي العائلة للمذهب الكاثوليكي لتنتهي علاقته بالفتاة قبل أن يبدأ مسيرته السينمائية.

وكانت صداقة عمر الشريف وأحمد رمزي مستمرة من أيام الدراسة في فيكتوريا كولدج في الإسكندرية ودائما ما كانا يجلسان معاً في محل “غروبي” في وسط القاهرة الذي كان يعتبر ملتقى أبناء الطبقة الراقية وتأخذهم أحاديث السمر لفتراتٍ طويلة.

في هذه الفترة كان زميلهما الأكبر سنا ً يوسف شاهين قد بدأ مسيرته الإخراجية وقدم عدة أفلام ناجحة، في السينما من بينها أعمال مع سيدة الشاشة العربية ونجمة مصر الأولى آنذاك فاتن حمامة. فوجِئ عمر الشريف قبل أسبوعٍ واحد من سفره وخلال لقائه مع “رمزي” بدخول يوسف شاهين عليهما ليخبرهما بأنه يرغب في إسناد دور البطولة له في فيلم سينمائي جديد سيبدأ تصويره قريباً مع فاتن حمامة، شرط أن يقنعها بأدائه التمثيلي خلال لقائهما. فدخل “الشريف” في دوامة من التفكير لم تستغرق وقتاً طويلاً بين الإستمرار في تحقيق رغبته في الدراسة في بريطانيا التي انتهى من جميع أوراقها وبين فرصة الظهور الأول له مع سيدة الشاشة العربية كبطل لأحدث أفلامها السينمائية.

يوسف شاهين يُطلِق عليه اسم “عمر الشريف”:

وكان “شاهين” قد قدّم 5 أفلام سينمائية من قبل وحققت نجاحاً جيداً من بينها 3 مع فاتن مع حمامة، لذا لم يكن لشاهين دور كبير في التأثير على “حمامة” التي رفضت مشاركة شكري سرحان لها بطولة فيلم “صراع في الوادي” حتى لا تقع في الثنائيات خاصةً وأن فيلمهما الأخير “ابن النيل” كان قد حقق نجاحاً كبيراً. وأدرك صعوبة مهمته في إقناع سيدة الشاشة العربية بالممثل الشاب، فظل يعدد لها في محاسنه من أنه وسيم ورياضي ومهذب ولديه قدرة على التمثيل بشكلٍ جيد. وعندما سألته عن اسمه رد قائلا “ميشال شلهوب” وهو الإسم الذي اعتقدت “حمامة” أنه لشابٍ أجنبي وليس مصريا، لكنه أخبرها بأنه من مواليد الإسكندرية وتم اختيار اسم عمر الشريف له ليكون اسمه الفني الذي سيُقدّم به للجمهور. وقرر شاهين الإسم لـ"عمر الشريف" دون إرادته ليظل ملاصقاً له حتى وفاته، لكن “حمامة” تمسكت برؤيته أولاً قبل الموافقة على إشراكه في بطولة الفيلم، فوعدها المخرج المصري بزيارتها في منزلها في اليوم التالي لرؤيته خاصة وأنهما كان يريدان البدء سريعاً في تصوير الفيلم. في صباح اليوم التالي كان عمر الشريف ويوسف شاهين يتناولان الشاي مع فاتن حمامة التي جلست تتأمل الفنان الشاب وتحدثت معه كثيراً إلى أن طلبت منه القيام بأداء مشهد تمثيلي أمامها، وهو ما جعل عمر الشريف يتلعثم ليس فقط لعدم استعداده ولكن لخوفه من ملاحظة “اللدغة” التي اصابت لسانه بسبب كثرة حديثه بالانكليزية والفرنسية والتي أثرت في نطقه بعض ألفاظ اللغة العربية، فقرر تقديم مشهد من رواية “هاملت”(Hamlet) بالإنكليزية اعتقاداً منه أنها لا تجيدها. ففوجئ بتفاعلها معه ووصفت أداءه بأنه هائل، لتوافق على اشتراكه في الفيلم السينمائي معها ويبدأ الفنان العالمي مسيرته الفنية من أوسع أبواب السينما المصرية.

وكان أحمد رمزي صديق “عمر ويوسف” يرغب أيضاً في التمثيل معتمداً على وسامته التي كانت جزءاً أساسياً من شخصية البطل السينمائي في منتصف الخمسينات. وحزن كثيراً بسبب اختيار شاهين عمر الشريف وعدم اختياره، خاصةً وأن عمر لم يكن يفكر في الأمر على العكس من رمزي الذي ظل يبحث عن الفرص. لكنه أخفى حزنه وفرِح لصديقه. بل ذهب ليحضر التصوير ويتعلم أصول السينما خلال الشهر الذي قام فيه فريق الفيلم بالتصوير والإقامة في قلب الصحراء. وخلال تصوير الفيلم كانت علاقة “حمامة” سيئة مع زوجها المخرج عز الدين ذو الفقار، الذي تزوجته في بداية مسيرتها الفنية رغم الفارق العمري الكبير بينهما، بينما كان يحبها المخرج يوسف شاهين دون أن يصرّح لها بذلك.

القبلة الأولى:

وبدأ التصوير الذي اعتمد غالبيته على الإقامة في الصحراء ليزداد اختلاط" فاتن وعمر" بصورةٍ كبيرة ويزداد تقربهما من بعضهما البعض إلى أن حان موعد تصوير قبلة كانت مكتوبة في السيناريو من البطلة إلى البطل، وهو المشهد الذي فاجأت به “شاهين” بالموافقة على تصويره رغم أنها كانت ترفع شعار “لا للقبلات” في جميع أفلامها السابقة. والمفاجأة أن فاتن حمامة لم توافق فقط على تصوير مشهد القبلة، ولكن في إعادة تصوير المشهد 11 مرة بناءً على رغبة “شاهين” الذي أراد إحساساً معيناً تمكن من الوصول له في النهاية، علماً أنه بإحساس الحب بين “فاتن وعمر” قد شعر بالغدر لنفسه لكونه هو من قام بتعريف كل منهما على الآخر، فشعر وكأن عمر قد خانه.

المزيد في الجزء الثالث:

والجدير بالذكر أن هذه القبلة لم تكشف الحب أمام يوسف شاهين فحسب، ولكن أيضا أمام العاملين في الفيلم، فكانت نقطة تحول مهمة في حياتهما معاً. والحلقة المقبلة تحمل تفاصيل كل ما حدث بعد محاولة يوسف شاهين الإنتحار.

عن موقع ايلاف على الإنترنت



 الحلقة الثالثة


إيلاف


الثلاثاء 14 يوليو 2015
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
أحمد طه


حب عمر الشريف لـ"فاتن حمامة" دفع يوسف شاهين للإنتحار


فاتن حمامة بين عمر الشريف ويوسف شاهين


تُلقي “إيلاف” الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف عبر حلقات عدة تنشر فيها معلومات ذكرها الفنان العالمي في حواراتٍ سابقة له على مدار أكثر من 50 سنة. وفي الحلقة الثالثة ترصد “إيلاف” قصة زواجه من الفنانة فاتن حمامة.

القاهرة: تلقي “إيلاف” الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف من خلال نشر معلومات وتفاصيل حياته التي ذكرها في مقابلات صحافية على مدار أكثر من 50 سنة، إطلعت عليها “إيلاف” وتقدمها على أجزاء لترصد حياته في مصر التي عاش فيها أكثر من 70 عاماً.

يوسف شاهين يحاول الإنتحار:

في مشهد القبلة الذي أعيد 11 مرة بتعليمات من المخرج العالمي يوسف شاهين، شعر الأخير بالخيانة له من عمر الشريف. وذلك لأنه كان يحب فاتن حمامة بشدة ويمنعه عنها زواجها من عز الدين ذو الفقار، لكن بحكم صداقتهما كان يعرف أن هذه الزيجة اقتربت من الفشل وتواجه عقبات عدة ستجعلها تنتهي قريباً، فكان يحاول أن يدفع سيدة الشاشة العربية لتشعر بحبه الجامح لها. لكنه احتفظ بسرّ الحب الخالد لـ"حمامة" لأنها لم تبادله نفس الإحساس لكن حبها لعمر الشريف سبب له إحساساً بالخيانة من صديقه الذي وضعه على أول طريق الفن، خاصةً وأنه كان سبب معرفتهما ببعضهما البعض، لدرجة أن يوسف شاهين حاول الإنتحار وفشل بعد انتهاء تصوير الفيلم، وأعلن عن ذلك في لقاءات صحافية بنهاية ثمانينات القرن الماضي.

نجاح محلي والخطوة الأولى نحو العالمية:

وكانت صورة القبلة قد دفعت الجمهور للغضب من عمر الشريف الذي اعتبر أن تقبيله للملاك البريء فاتن حمامة إهانةً لهم، خاصةً وأنها كانت أكثر الفنانات محافظةً في تلك الفترة. وبدأت كاميرات الصحف تلاحقهما أينما تواجدا سوياً، بينما حقق فيلمهما إيرادات كبيرة ونجح نجاحاً لم يكن متوقعاً لفريق العمل بالكامل.

ومنح فيلم “صراع في الوادي” عمر الشريف أولى الخطوات نحو العالمية حيث شارك في مهرجان كان السينمائي الدولي وكان بمثابة الفرصة الأولى ليتعرف عمر الشريف على السينما الفرنسية ويلتقي بمنتجيها ومخرجيها دون أن يكون بينهما أي حواجز وساعده في ذلك إتقانه للحديث بالفرنسية.

إنفصلت فاتن حمامة عن زوجها عز الدين ذو الفقار، وهو الإنفصال الذي كانت القبلة في الفيلم أحد أسبابه خاصة وأن عز الدين لم يعجبه ما أصبحت الصحف تكتبه عن علاقة زوجته الغرامية. ومع انتهاء أشهرة العدة في الطلاق بين فاتن وزوجها الأول، كانت العلاقة بينها وبين عمر الشريف قد بدأت في التطور بشكلٍ كبير. لكن مشكلة الديانة كانت عائقًا كبيرًا بالنسبة لهما. فهو مسيحي وهي مسلمة، لكن هذه المشكلة لم تدم طويلاً بسبب قرار عمر الشريف تغيير ديانته إلى الإسلام حتى يستطيع الزواج من محبوبته. ولم يكن الأمر سهلاً على عائلة عمر الشريف التي رفضت قبل أشهر طلباً لنجلها بالزواج من مسيحية مختلفة المذهب، وهو ما جعله يغير ديانته ويسرع بالزواج منها. واتفق “عمر وفاتن” على الزواج سريعاً، بينما شهد على عقد الزواج المخرجان فطين عبد الوهاب وصلاح أبو سيف، في حفل عائلي بسيط، وقضى العروسان أسبوع عسل في فندق مينا هاوس بالهرم قبل أن يخرجا ليعلنا خبر الزواج للرأي العام.

غضب العائلة والجمهور من العروسين:

ونجح الحب بينهما في مواجهة العديد من المواقف الصعبة التي تعرضا لها فور إعلان نيتهما الزواج. يقول عمر الشريف في سيرته التي صدرت عام ١٩٧٧ في كتاب بعنوان «الذكر الخالد.. قصتي»: “عندما سمع أبى بخبر زواجى أصابته «كريزة» سكر، برغم ذلك، بعد ثلاثة أيام، تزوجت فاتن، واحتفلنا في بيتها، وحضرت أسرتي، وما زلت أذكر وجوههم الحزينة ليلتها، ولكن عندما كان أبى يغادر الفيلا توقف قليلا وقال: من الآن فصاعدا أريد أن يكون الجميع سعيدا..وبارك الزواج، لقد تزوجت أنا من والد فاتن، فالتقاليد الإسلامية ترى أن الأب هو الذي يتولى مسألة الزواج ويبارك هذا الاتحاد. كان ذلك يوم ٥ فبراير ١٩٥٥، وكانت نادية، ابنة فاتن من زوجها الأول، عمرها خمس سنوات، وقد أصبحت في مقام ابنتى عندما توفى والدها بعد ذلك بعدة أعوام».

والمفاجأة جاءت من جمهور”العروسين" حيث دعا البعض لمقاطعة أفلامها عبر جمعية “مقاطعة أفلام حمامة”، حيث اعتبر البعض أن الشريف قد أساء لها عندما غيّر ديانته من أجلها.

وأحب “الشريف” فاتن حمامة بجنون. فكان يرافقها ويشعر بالغيرة عليها بالإستمرار، لدرجة أنه طلب منها الإلتزام بعدم التقبيل في أعمالها وأن تظل قبلاتها له هو فقط على الشاشة، وهو الأمر الذي لم يكن بحاجة لأن يطلبه لكنه أراد إيصال رسالة لها بأن عشقه لها يجعله يغير عليها من أي شخص.

صدفة “أيامنا الحلوة”

وكانت العلاقة بين أحمد رمزي وعمر الشريف مستمرة كأصدقاء يلتقيان باستمرار في “غروبي” بوسط القاهرة. وفي إحدى المرات كان المخرج حلمي حليم قادماً للقاء عمر الشريف للحديث معه عن فيلم سينمائي جديد، وعندما شاهد أحمد رمزي أعجب ببنيانه المفتون وقرر ضمه لفريق عمل الفيلم خاصةً بعدما وجد حماساً منه لاقتحام مجال التمثيل. وربما كان لاسم الفيلم نصيب من حياة عمر الشريف وفاتن حمامة، اللذين كانا يعيشان أسعد أيام حياتهما خاصةً بعد نجاح الشريف باحتواء ابنتها نادية ذو الفقار ومعاملتها مثل والدها.

وتعاهد “الشريف” وأحمد رمزي على عدم العمل دون بعضهما البعض في أي فيلم سينمائي بعد النجاح الذي حققاه في “أيامنا الحلوة”، بينما كان فريق العمل يخفف من آلام العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذي عانى من المرض في تلك الفترة. لكن العهد لم يستمر طويلاً، في فيلمهما التالي “صراع في المينا” الذي كان آخر تعاون مشترك بينهما لمدة 8 سنوات تقريباً، فالفيلم الذي أخرجه يوسف شاهين واشتركت معهما فيه فاتن حمامة عام 1956 شهد العديد من الكواليس بعضها كوميدي، والبعض الآخر تحول لعلاماتٍ فارقة في حياة عمر الشريف. حيث أنه تم تصوير المشاهد الخارجية في الإسكندرية، فاستغل تواجده فيها، وذهب بزوجته إلى عائلته التي رحبت بهما، بل أنهما عاشا مع العائلة في المنزل خلال فترة التصوير، وهو ما كان له أثر كبير في تقريب وجهات النظر. ونشأت علاقة قوية بين زوجته ووالدته، لتذيب عزلة استمرت عدة اشهر منذ الزواج.

إنتقام “الشريف” من أحمد رمزي:

وفي المشاهد الخارجية التي صُوِّرت بميناء الإسكندرية، كانت الكواليس بينه وبين رمزي مليئة بالود والحب بحضور فاتن وغيابها، لكن هذا الود تعثر في اليوم الأخير من التصوير عندما أبلغه أحد مساعدي يوسف شاهين بأنه شاهد صديقه رمزي وهو يغازل فاتن حمامة بعيداً عن الكواليس، فانتفض عمر الشريف من مكانه وفوجئ بالشاب الذي لا يعرفه يتمسك بكلامه ويؤكد أنه شاهد واستمع لذلك بأذنه.

في البداية، فكر “الشريف” بمواجهة صديقه وزوجته، لكنه وجد فرصةً أفضل للإنتقام لكرامته التي شعر أن صديقه أهانها. فقرر أن يكون ذلك عبر مشهد الأكشن الذي صادف يوم سماعه الخبر بآخر أيام التصوير. والجزء المقبل يخبرنا كيف انتقم “الشريف”، وماذا فعل مع صديقه “رمزي”. التفاصيل في الحلقة المقبلة.

عن موقع ايلاف على الإنترنت



 الحلقة الرابعة


إيلاف


الأربعاء 15 يوليو 2015
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
أحمد طه


عمر الشريف ينتقم من أحمد رمزي وينطلق للعالمية


عمر الشريف ويبدو بدوره في “لورانس العرب” وأحمد رمزي


تُلقي “إيلاف” الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف عبر حلقات عدة تنشر فيها معلومات ذكرها الفنان العالمي في حواراتٍ سابقة له على مدار أكثر من 50 عاماً. وفي الحلقة الرابعة نرصد فترة زواجه من الفنانة فاتن حمامة وانفصاله عنها.

القاهرة: تُلقي “إيلاف” الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف من خلال نشر معلومات وتفاصيل حياته التي ذكرها في مقابلاتٍ صحافية على مدار أكثر من 50 عامأ اطلعت “إيلاف” عليها، وقسمتها لترصد حياته في مصر التي عاش بها أكثر من 70 عاماً.

علقة ساخنة مع أحمد رمزي:

شعر عمر الشريف أن صديقه أحمد رمزي قد خانه بمغازلة زوجته حسب الراوية التي نقلها له مساعد المخرج في فيلم “صراع في الميناء”. فلم يجد مفراً من الإنتقام منه دون الحديث معه أو حتى سؤاله. وما زاد من شكوكه هي العلاقة الطيبة التي جمعته بهما، خاصةً وأنه كان يحاول بإستمرار التواجد معهما، بسبب محبته لعمر الذي كان بمثابة صديق عمره. وفيما كان يفترض أن يقوم “الشريف” بضرب أحمد رمزي في أحد المشاهد، قرر الإنتقام فيه من صديقه لمغازلته زوجته، فقام بتلقينه علقة ساخنة بالميناء، ولم يلتفت إلى أي شيء حوله حتى أسقط “رمزي” في البحر من كثرة الضرب وقوته، وهو ما لم يكن مقرراً في المشهد، الأمر الذي أثار استغراب “رمزي” وزاد من إعجاب المخرج يوسف شاهين بالمشهد ولم يقم بإعادته. فما لبث أن قال “Stop” حتى غادر “الشريف” سريعاً عائداً إلى منزل عائلته.

وأصيب “رمزي” بالتهاباتٍ في الوجه والجسد بسبب سقوطه في مياه البحر التي كانت مخلوطة بالديزل المنبعث من السفن الراسية فيه، قبل أن تتم معالجته ويستعين “شاهين” بالمشهد كما هو في الفيلم السينمائي الشهير. وعندما حاول “رمزي” أن يفهم من صديقه سبب العنف والجفاء بينهما الذي لاحظه الجميع، لم يعطِه فرصةً للإجابة، فكان دائم التهرب منه، وهو نفس السلوك الذي اتبعه مع تساؤلات زوجته فاتن حمامة فلم يخبرها بأي شيء مما حدث، مكتفياً بتأكيده أنه لن يعمل معه مرةً أخرى، وهو ما حدث بالفعل عندما رشحا معاً لبطولة فيلم “إحنا التلامذة” حيث استبعد أحمد رمزي وحل مكانه يوسف فخر الدين.

وإٍستمر الجفاء بين الصديقين حتى إعترف مساعد المخرج (عاطف سالم ) بأنه خدع الشريف بقصة المغازلة ليضمن منه إداءً جيداً في المشهد.

ولقد أحب “عمر وفاتن” بعضهما بجنون، ورزقت منه بابنهما الوحيد طارق الذي حرصا على الإهتمام به حتى بعد الإنفصال، بينما كانت تحرص على زيارة عائلته بالإسكندرية في كل فترة، ولم تقطع أواصر الصلة معهم.

بداية العالمية:

كانت مشاركة عمر الشريف في مهرجان كان بوابته نحو العالمية التي بدأها بأدوارٍ صغيرة في فيلمي “صاحبة القصر الملكي” و"مرحبا أيها الحزن" في السينما الفرنسية، قبل أن يشترك في بطولة فيلم “جحا البسيط” عام 1957 مع المرج الفرنسي جاك بارتييه وهو الفيلم الذي لم يحقق نجاحاً كبيراً.

وفي تلك الفترة شارك “الشريف” مع زوجته في فيلم “لا أنام” ثم قدما فيلم “نهر الحب” والذي يعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية وأخرجه زوج زوجته السابق عز الدين ذو الفقار ليرسخ شخصية البطل الرومانسي في السينما المصرية، ويتبعه بمجموعة من أنجح الأفلام منها “لوعة الحب” و"بداية ونهاية" مع صلاح أبو سيف، “في بيتنا رجل” مع هنري بركات و"إشاعة حب" مع فطين عبد الوهاب.

وفيما كان يبحث باستمرار عن العالمية، لم ينسَ عمله في السينما المصرية. كما أنه تحدث في لقاءٍ سابق مع مجلة الإذاعة والتلفزيون بأنه كان يشعر بالضيق أحياناً من شهرة زوجته التي كانت ملازمة لنجاحهما معاً في أي عمل سينمائي، لكنه كان يتغاضي سريعاً عنها بسبب ذكاء فاتن وحبها له.

وسعى “الشريف” لخوض تجربة الانتاج من خلال رواية “لا تطفئ الشمس” للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس وبدأ في التحضير لها حتى يقدمها مع زوجته لكنه لم يستمر طويلاً بعدما جاءته فرصة عمره في فيلم “لورانس العرب” حيث تواصل معه المنتج الإنجليزي سام سبيجل ودعاه لزيارة الأردن من أجل إجراء الاختبار أمام الكاميرا. فذهب للأردن ونجح في الإختبارات ليقدم الدور الذي رُشِّح به لجائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد عام 1963، وهو الترشيح الذي لم يصل إليه أي فنان عربي حتى الآن.

لقد وقفت “حمامة” إلى جانب زوجها في رحلته نحو العالمية كما وقف بجانبها في السينما المصرية. وتحملت ظروف سفره لفتراتٍ طويلة وغيابه عن المنزل وغيرها من الأمور التي تسببت مع الزمن في حدوث فجوةً بينهما. فقد كانت كواليس تصوير الفيلم صعبةً كما يرويها “الشريف”، خاصةً وأن المخرج حرص على التصوير في البيئة البدوية البكر، فكانت الإمدادات تصلهم بالطائرات يومياً والمسافة بينهم وبين أقرب طريق تصل إلى أكثر من 200 كم بالإضافة إلى أن مقر إقامتهما بالصحراء كان أبعد عن نقطة التصوير بأكثر من 30 كلم، فضلاً عن الإستعانة بمجموعة كبيرة من الكومبارس.

وبما أن إنتاج “لورانس العرب” كان الأضخم في أفلام السينما الأميركية آنذاك، شهد “الشريف” وقتها تقنيات حديثة في التصوير وتجهيزات لراحة الممثلين، بالإضافة إلى نشأة صداقة بينه وبين عدد من الفنانين العالميين بحكم البقاء لفتراتٍ طويلة في مكان التصوير.

ربح العالمية، فماذا خسر في مصر؟

ورغم أن الفيلم أوصله إلى العالمية، أفقده الكثير في مصر، خاصةً مع بداية عروض المنتجين التي جاءته بعد نجاحه في “لورانس العرب”. ويبقى السؤال كيف خسر عمر الشريف الكثير وانفصل عن فاتن حمامة وعاش المرحلة الاخيرة من حياته؟ التفاصيل في الحلقة الخامسة والأخيرة غداً..

عن موقع ايلاف على الإنترنت



 الحلقة الخامسة


إيلاف


الجمعة 17 يوليو 2015
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
أحمد طه


طلاق وملاحقة ومقاطعة وحلمه يتحقق بدفنه في مصر


عمر الشريف يحصل على جائزة Golden lion lifetime award ولقطة من شبابه


ألقت “إيلاف” الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف عبر حلقات عدة نشرت فيها معلومات ذكرها الفنان العالمي في حواراتٍ سابقة له على مدار أكثر من 50 عاماً. وفي الحلقة الأخيرة نرصد تركيز عمر الشريف على السينما العالمية وانفصاله عن الفنانة فاتن حمامة بالإضافة إلى السنوات الأخيرة في حياته.

القاهرة: ألقت “إيلاف” الضوء على مسيرة الفنان العالمي عمر الشريف من خلال نشر معلومات وتفاصيل حياته التي ذكرها في مقابلاته الصحافية على مدار أكثر من 50 عامأ اطلعت “إيلاف” عليها وقدمتها على أجزاء لتستعرض حياته عبر المحطات.

شهرة عالمية:

زاد نجاح فيلم “لورانس العرب” من نجومية عمر الشريف في الخارج على العكس من زوجته فاتن حمامة التي حافظت على مكانتها كسيدة للشاشة العربية في السينما المصرية. وعاش الزوجان سنوات هادئة نسبياً ومستقرة مع استمرار تواجده لفتراتٍ طويلة في القاهرة. وكانا يقيمان في ضاحية الزمالك بالقاهرة، ونشأ ابنهما طارق حياةً هادئة، في منزل مليء بالحب. لكن الحب الخالد بينهما بدأ يتأثر بانشغاله وتواجده في الخارج لفتراتٍ طويلة.

أزمة الثنائي مع المخابرات:

كانت نجومية الثنائي الشهير في أوجهها بعد زواجهما، وهو ما دفع رجل المخابرات الأول صلاح نصر إلى زيارتهما بشكلٍ مفاجئ في منزلهما من أجل طلب تعاونهما لنقل أخبار الفنانين له بالإضافة إلى خدمات أخرى. وهو الطلب الذي لم يُرحب به. فقد رفضته “حمامة” بشدة وأبدت امتعاضاً أكثر صرامةً من زوجها، الأمر الذي تسبب لاحقاً في مضايقتها ودفعها لتترك مصر لنحو 4 سنوات. أما هو فتجدد له العرض بعد سنوات، وقبل على مضض خلال إقامته في أوروبا وهي الفترة التي تلت انفصالهما.

الإنفصال الحتمي:

حاولت “حمامة” التضحية بعملها من أجل زوجها وأسرتها فكانت تحرص على مرافقته خلال تواجده في أوروبا حيث كانت تشعر بالقلق على أسرتها خاصةً مع إحاطة الفتيات الجميلات لزوجها باستمرار، بينما جاء خروجها من مصر لأسبابٍ سياسية في نهاية الستينات وحتى عام 1971 ليساعد في التقرّب بينهما. لكن مع عودتها مجدداً كان الإنفصال بينهما هو الحل النهائي الذي توصل إليه أحد أبرز ثنائيات السينما المصرية. وكان لهذا الإنفصال أثراً كبيراً على كل منهما. فقد طوت “حمامة” صفحة عمر للأبد، ولم تفتحها مجدداً بل أنها كانت تتحاشى ملاقته حتى وفاتها حتى لا يُفهم لقائهما بشكلٍ خاطئ أو أن يثير بلبلة إعلامية ليست بحاجةٍ لها، بينما واصل “الشريف” مسيرته العالمية بتميّز لدرجة أنه لم يأتِ إلى مصر لأكثر من 10 سنوات متصلة. وخسر الثنائي بعضهما على المستوى الفني أيضاً، فلم يقدما أي عمل فني مجدداً، خاصةً بعد زواج فاتن من الدكتور محمد عبد الوهاب والذي جمعته صداقة مع عمر في ظل اهتمامه بابن زوجته الدكتور طارق الذي كانا قد اتفقا على تربيته بينهما رغم الإنفصال. وفيما قال “الشريف” في مقابلات عدة تم نشرها بعد الإنفصال أنه قرر الإبتعاد عن فاتن حمامة كي لا يخونها ويحتفظ بعلاقتهما الطيبة، تشير بعض التقارير الصحافية أن أحد الاسباب الرئيسية في الإنفصال هو تأكدها من خيانته لها خلال سفره للخارج.

وبدأ عمر الشريف في ممارسة عمله متنقلا بين أفلام أوروبا وهوليوود وهي الفترة التي انتقلت فيها عائلة عمر الشريف للإقامة في مدريد مما زاد من ابتعاده عن مصر.

أزمة سياسية. فهو رغم ابتعاده عن السياسة إلا نادراً، تورط في أزمةٍ كبرى من خلال فيلم “أشانتي” الذي عُرِضَ عام 1979. فبعد موافقته على الفيلم فاجأه المنتج بأن التصوير سيكون في إسرائيل وليس في صحراء المغرب. وهو الطلب الذي رفضه من منطلق عروبته وتوصل للمنتج مع اتفاق يتضمن قبوله بدور أقل يتم تصوير مشاهده في جزيرة صقلية الإسبانية، خاصةً وأن المنتج قد وضع اسم الشريف ضمن أبطال الفيلم. ووافق على مضض لأكثر من سبب منها التزامه بتعاقداته واحتياجه للمال في تلك الفترة. لكنه، بمجرد عرض الفيلم تعرض لمقاطعة عربية بسبب اشتراكه في فيلم صُوِّر في اسرائيل. ووصل الهجوم عليه إلى ذروته مع تبني بعض الكتاب لحملة ضده من أجل المطالبة بسحب الجنسية المصرية منه، وهو الطلب الذي تعامل معه بسخرية نظراً لاعتزازه بمصريته ومقولته الدائمة بأنه يرغب في أن يدفن في مصر بعد وفاته، وقد كان له ما أراد.

ولقد نجح بتجاهل كل ما يضايقه، وعاش سنوات حياته الباقية متنقلاً بين القاهرة وباريس حيث يعمل نجله، فيما كانت اختياراته الفنية لاحقاً هي الأقل تأثيراً في مسيرته السينمائية باستثناء فيلم “حسن ومرقص” الذي قدمه عام 2008 مع الفنان عادل إمام. علماً أنه قدم تجربةً وحيدة في الدراما التليفزيونية في مسلسل “حنان وحنين” والذي حرص فيه على رد الجميل لصديق عمره أحمد رمزي بعدما علم باحتياجه للمال حيث قام بتخفيض أجره في مقابل زيادة أجر رمزي وكذلك أجر مديرة أعماله مؤلفة ومخرجة المسلسل إيناس بكر.

لقد عمل “الشريف” على إسعاد المحيطين به حتى لو كان ذلك على حساب تاريخه الفني. فكان يقول دائماً في السنوات الأخيرة من حياته أنه يعمل من أجل توفير المال. وهو ما ذكره في مقابلة تليفزيونية قبل سنوات، مؤكداً على أنه لا يعرف متى سيموت لذا سيظل يعمل حتى يوفر لنفسه ما يضمن له حياةً كريمة في نهاية حياته. ولقد شكلت آراؤه في الفن صدمةً باستمرار. فكانت صراحته تسبب له العديد من الأزمات. وكذلك حديثه عن حبه لمعشوقته فاتن حمامة التي لم ترد عليه إعلامياً. فكان له رأيه في الفن بأنه عمل لا يستحق التكريم وغيرها من التصريحات النارية التي خرجت بعفوية وسببت له أزماتٍ كبيرة، علماً أنه لم يبخل على بلده بشهرته العالمية، فشغل منصب الرئيس الشرفي لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ونجح بعلاقته بنجوم السينما العالميين في إقناعهم بالحضور والمشاركة في المهرجان الأقدم سينمائياً بالشرق الأوسط على المستوى الدولي.

عن موقع ايلاف على الإنترنت


حقوق النشر

ايلاف المحدودة للنشر جميع الحقوق محفوظة ايلاف المحدودة للنشر ترخص باستخدام هذه المقالة. لا يمكن إعادة نشر هذه المقالة دون التوافق مع شروط وبنود شركة ايلاف المحدودة للنشر.

تم نقل هذا المقال بناء على ما جاء في الفقرتين 4-2 و4-3 من حقوق الملكية الفكرية المذكورة في شروط الأستخدام على موقع إيلاف :

  • مسموح لك بنسخ أو تنزيل المقالات المنشورة على الموقع من أجل إعادة عرضها على مواقع أخرى بشرط أن تعرض تلك المقالات بنفس تنسيقها وشكلها.
  • يجب وضع رابط للموقع بين عنوان المقالة والفقرة الأولى منها.
  • كما يضاف البيان التالي في نهاية المقالة : ايلاف المحدودة للنشر جميع الحقوق محفوظة ايلاف المحدودة للنشر ترخص باستخدام هذه المقالة. لا يمكن إعادة نشر هذه المقالة دون التوافق مع شروط وبنود شركة ايلاف المحدودة للنشر.


 مقتطفات من سيرته الذاتية 1


إيلاف


2017 الجمعة 3 نوفمبر
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
أحمد طه من القاهرة


عمر الشريف : الملك فاروق كان يقامر في منزلنا


عمر الشريف في شبابه


تسلط إيلاف الضوء على مسيرة الفنان العالمي الراحل عمر الشريف من خلال استعراض مقتطفات من سيرته الذاتية التي كتبتها الصحفية الفرنسية ماري تيريز جينتشار ونشرت تحت عنوان “الرجل الخالد في منتصف عام 1975 حيث تحدث بصراحة عن أمور كثيرة في حياته.

الولادة والنشأة

ولدت في العاشرة من أبريل 1932، فأنا من مواليد برج الحمل وتحت تأثير برج الميزان، وقد رأيت النور في مدينة الإسكندرية، تلك المدينة الساحرة التي خلفت المزيد من الذكريات الحلوة للذين عبروا أرضها طوال الأجيال، الإسكندرية بمنارتها التي تشع بالضوء، فتهدي السفن البعيدة، الإسكندرية التي طالما غمرت العالم بضوء المعرفة بواسطة مكتبتها القديمة التي كانت تضم أكثر من ستة الاف مليون من المخطوطات القيمة علي لفات ورق البردي قبل أن تلتهمها نيران غادرة، المدينة التي حفرت في بطن رمالها قبل مئات السنين القنوات التحتية لتنقل ماء النيل العذب الي قصورها التاريخية، فوق تلك الارض التي ورثت عن الإغريق أرقى ما في حضارتهم، عاش والدي رجل الاعمال الناجح الذي ينحدر من أصل لبناني سوري، وهي حياة رغدة في الغالب بعيدة عن التعقيد.

كان مركز والدي ورصيده يسمحان له بأن يؤم تلك النوادي الكبري التي تتردد عليها علية القوم، وهي نواد ذات طابع انجليزي وتقاليد انجليزية، لأن اغلبها اقيم أصلا بمعرفة الانجليز من بينها نادي سبورتنج الذي يشتهر بأراضي الجولف وملاعب الكريكت، وهناك نادي السيارات الملكي حيث اعتادت النخبة تناول الطعام على أنغام الموسيقي، أما نادي محمد علي فكان اقرب الي النوادي الخاصة المغلقة، ولعل من أسباب تضييق دائرة أعضائه أن الملك السابق فاروق كان يلعب الورق علي موائده كل ليلة، وبمبالغ طائلة حتى لو كانت اللعبة الكونكان، مائدة اللعب الواحدة كانت تضم ليلاً من تتشعب بهم الدروب صباحاً، الملك وكبار الانجليز العائلات الكبيرة ورجال الأعمال اللبنانيين والسوريين المسلمين والمسيحيين.

وسط هذه المجموعة كانت أمي نجمة متالقة، أحوال ابي كان يرعاها نجم سعد وبالتالي كانت مسيرته الى فلك وازدهار وكان مستوى معيشتنا يرتفع مع كل صفقة جديدة رابحة، أمي تسعد اكثر من غيرها بما يحققه ابي من مكاسب لانها كانت تحصل على نصيب منه فتلعب اكثر واكثر.
وبدات ظروفنا الجديدة التي تتحسن يوماً بعد يوم، تدفع بأمي الي مخالطة النخبة ومعاشرة الطبقة الارقى، وساعدها في هذا أن تلك الفئة تقامر أكثر من غيرها، وأنا أرى أمي اليوم بنفس الصورة التي كانت عليها من قبل وهي صورة قريبة جدا مما كانت عليه ممثلات السينما في الثلاثينيات، الطول المتوسط والجسد الملئ في غير ترهل، أما سحرها ومكمن جاذبيتها فكان شعرها الطويل الضارب الى الحمرة.

وككل حمراء الشعر كان على أمي أن تدفع ضريبة، والضريبة هي حبات النمش التي تملا بشرة الوجه، وهي قلما تنال من وجه جميل إلا ان البعض يتضايقن منها وأمي كانت من هذا البغض، فقد حاولت ذات مرة أن تزيل النقاط الميالة الى الأسود والمتناهية في الصغر فلجأت الي خبيرة تجميل قامت بكي كل واحدة من النمش على حدة ولكنها تعذبت كثيرا، بعدها خلفت كل نمشة ندبة صغيرة وراءها من اثار الحروق وتطلب الامر وقتاً طويلاً حتى عاد الوجه الى صفائه. وهي أيضاً كانت أنيقة ... جذابة ... حلوة الكلمة تعرف متى تتكلم ومتى تلوذ بالصمت، وتعرف ايضاً ماذا تقول ومتى تقوله، ومتي تصفع الجميلة أو تدعمها بنظرة عين أو رفة جفن.

أما أبي فكان طويلاً رشيقاً وبالرغم من أنه لا يزيد عني في الطول إلا بمقدار نصف بوصة، إلا اني لم اعتبر أبداً من طوال القامة، في حين كانت النظرة إليه دائما على أنه كذلك. وانا أعتقد ان المسالة تقديرية تختلف من نظرة الى اخرى ومن شخص الى اخر، وشعر أبي كان اسود قبل ان يزحف البياض إليه مع السنين، وقبل ان تزيد نفس تلك السنين من وزنه بطريقة كانت تفقده رشاقته المعهودة، ولكنه كان رجلا طيبا للغاية.

تعلم أبي في مدارس الفرير ودرست أمي عند الراهبات ومن هنا ترسبت في نفسيهما تقاليد موحدة وقوية وظلا مرتبطين دائما بذلك الوشاح القوي الذي يتولد عن التربية الدينية ويجعل المثالية هي القبلة والمسلك القويم هو الطريق المختار ولم يحدث أبدا أن سمعت أبي يتلفظ مرة واحد بلفظة نابية، كما لم يحدث ان اغتاب والدي أحداً، فقد كان كل منهما ملتزما بالمبادئ القويمة في قوله وتصرفاته.

وبالرغم من أن حرفة أبي هي التجارة وهو ميدان قد يتطلب أحيانا المداهمة أو المراوغة وربما الكذب، إلا أنه نأي بنفسه عن كل هذا حتى أدى به الأمر إلى الخسارة في واحدة من الصفقات، أما أمي فكانت أكثر لينا من أبي وتفهما، في حين أن ذكاءها يتجاوز كل حد، ولم يكن من السهل علي وأنا صغير وحتى بعد أن كبرت أن أحاورها أو أكذب عليها أو أضللها على عادة الأبناء، فقد كانت نظرة واحدة من عينيها في أعماق عيني، تكفي للكشف عن كل ما يدور بخاطري، وكان علي والحالة هذه أن أحالفها وأهادنها بدلاً من أن أحاول التغلب عليها لأن الأمر الأخير صعب جداً.
كنا في الإسكندرية نعيش في منزل صغير من طابقين بضاحية كيلوباترا الحمامات وقد طاب لي ان أزوره مؤخراً، فوجدته على حاله وأن بدت على جدرانه بعض التجاعيد. كانت حياتي في ذلك البيت بل في الاسكندرية كلها وادعة سعيدة هنية، أبداً لم يحرمني أبي من شئ، ولم تكن أمي تضن علي بطلب مهما غلا، ومن هنا شببت بلا حرمان وربما بلا عقد، فقد شعرت دائما إني اسبح في بحرين، بحر الاسكندرية الأزرق الصافي المياه وبحر الحب الاعمق والاقل تعرضا للأنواء.

وانتقلنا إلى القاهرة

كنت في الرابعة من عمري عندما قرر أبي أن ينقل مركز عمله الرئيسي إلى القاهرة ، وانتقال تجارة أبي إلى العاصمة وانتقالنا معها بالتالي يضع أكثر من علامة هامة في دفتر حياتي، ففيها بدأنا نصعد السلم الاجتماعي درجات ودرجات، وكانت العلامات المحسوسة لهذا الصعود هو انتقالنا من بيت إلى آخر أكبر وأفخم، سكنا في البداية في عمارة من اثني عشر طابقا ثم انتقلنا الى أخري أكبر وأحدث وأغلى.

وتحول أبي من تاجر ناجح إلى تاجر ثري جداً، والثروة التي هبطت عليه أغلبها إبان الحرب العالمية الثانية، فإذا كانت ظروف الحرب قد جعلت ميدان تجارة الأخشاب شبه راكدة لفترة غير قصيرة، فإن ابي بذكائه وخبرته عرف كيف يحول نشاطه بصورة مؤقتة إلى ميدان آخر وفير الكسب، اتجه أبي إلي المخلفات التي تبيعها القوات المتحالفة وخاصة الانجليز وأمكنه أن يشتري كمية هائلة من الأسلاك الشائكة المستغنى عنها وبسعر متهاود وقد حول أبي السلك إلى مسامير صغيرة للأحذية، ومتوسطة للخشب، وطويلة لأغراض آخرى، وامكنه بالتالي أن يسد نقصاً كبيراً في السوق وأن يجني أرباحاً طائلة مرة آخرى.
غيرنا السكن إنتقلنا في هذه المرة إلى فيلا مستقلة تحيط بها حديقة كبيرة تطل على النيل، وكانت الفيلا في أرقى احياء القاهرة جاردن سيتي، وفي أجمل بقعة منها بين سفارتي إنجلترا وأميركا.
أبي كان يكسب كثيراً وأمي كانت تخسر كثيراً، كانت تنفق المبالغ الطائلة، بعضها صرفته على إعادة تأثيث الفيلا بصورة أقرب إلى الكازينو منها إلى المسكن العائلي، والبعض الأكبر كانت تلتهمه موائد القمار وكان رفاق اللعب كثيراً ما ينقلون النشاط إلى بيتنا في الفترات التي تغلق فيها النوادي بسبب الأجازات، وكان في مقدمة هولاء الرفاق الملك فاروق.

ورغم مرور عشرات السنين فلازالت صورته أمام عيني، أتذكره، تصرفاته بعيدة عن الكياسة، مفلوت اللسان، وربما كانت الظروف هي التي صبته داخل ذلك القالب الذي لم يكن ليرضي الكثيرين فقد تولى العرش وهو أقرب إلى الحدث منه إلى الرجل الناضج، حل محل أبيه فؤاد الأول في حكم مصر بعد وفاة الأب وهو لايزال في السادسة عشرة من العمر، وبالرغم من أنه تلقى تربية قوية في إنجلترا إلا أن صغر سنه سرعان ما حوله إلى عجينة طيعة في يد بعض المنحرفين من رجال الحاشية والبطانة. فقد رأوا في إشباع رغباته والخضوع لنزواته أقصر الطرق إلى النفوذ والإستغلال.

صبي في السادس عشرة لا يمكن أن يصمد طويلاً أمام دوامة الإغراء خاصة إذا كان هذا الصبي يملك الكثير مما لا يملكه غيره، الدوامة اجتذبته الى حافتها، ثم إلى اعماقها، وانتهت به الى قاعها.

واذكر أنه في أول مرة حضر فيها الي منزلنا وكان ذلك بناء على دعوة وجهتها إليه أمي، أذكر انه كان يقضي بعض الوقت على مائدة الطعام يأكل بشراهة، ينتقل بعدها إلي طاولة اللعب فيقامر بجنون، ثم يعود ثانية إلى مائدة الطعام، وهكذا طوال السهرة التي لم تكن تنتهي إلا مع شروق الشمس.

وكان يحلو لفاروق أن يقدم السيجار الطويل الفاخر إلى والدتي، ولم يكن في وسعها أن ترد هدية ملكية، فكانت تضطر مرغمة أن تشعله وتجذب منه النفس بعد الآخر وفي كل مرة تسعل بشدة ويبدو أن فاروق كان يعرف جيداً اثر السيجار على والدتي، فكان يصر على أن يقدمه لها لأنه كان يلذ له أن يراها تسعل.

عن موقع ايلاف على الإنترنت



 مقتطفات من سيرته الذاتية 2


إيلاف


2017 السبت 4 نوفمبر
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
أحمد طه من القاهرة


عمر الشريف : طفولةٌ صعبة في العلاقة مع شقيقته!


عمر الشريف


تسلط إيلاف الضوء على مسيرة الفنان العالمي الراحل عمر الشريف من خلال استعراض مقتطفات من سيرته الذاتية التي كتبتها الصحفية الفرنسية ماري تيريز جينتشار ونشرت تحت عنوان”الرجل الخالد في منتصف عام 1975 حيث تحدث بصراحة عن أمور كثيرة في حياته.

طفولة صعبة

طفولتي كانت محمية، كان هناك حاجز أمان يحيط بها ويصد عنها كل الضربات، والصدمات القادمة من الخارج التي كانت تتلاشي وتخف حدتها كالأمواج على صخور الشاطئ لأن اسرتي كانت دائما في يقظة من أمرها لامتصاص كل صدمة قبل ان تطالني او تصل إلي. لكن، حين كنت في السادسة وفدت على بيتنا زائرة جديدة وأطالت الإقامة، كنت في تلك السن المبكرة. ولكنها أختي التي جاءت إلى الدينا ضعيفة هزيلة إلى درجة أن الأسرة كانت تعتقد أنها لن تعيش طويلاً.

ولقد احاطها والدي بكل ما كان يملك من حنان، وكان من الطبيعي أن يفسدها التدليل مع الأيام وأن تتحول إلى إنسانة صعبة لا تطاق أحياناً. ورغم كل هذا كان والدي يتصدى لأي انسان يحاول ردها أو ردعها. وكانت أختي من الذكاء بحيث اتخذت من حب أبي ذريعة تصد بها كل ما لا يؤيدها. ولقد استخدمته أحيانا كدرع لتحمي به نفسها مما تتوهم أنه خطر عليها. بحيث كانت تحاول فرض نزواتها علي. فحين كنت أدير مفتاح الراديو لاستمع إلى موسيقي أحبها، كانت تسارع إلى إسكاته. وهذا مثال بسيط لمضايقاتها المتتالية لي، والتي لم تكن تتوقف لحظة. وعليه، لم تعد الحياة تقاس بيننا بالأيام وإنما غدت سلسلة معارك صغيرة متتالية.

لقد كنت الأقرب إلى أمي في حين كونت هي جبهة مع أبي الكاثوليكي المتمسك بأحكام دينه. فأصبحت أختي إنسانة متعصة للغاية ترى في أغلب الأفعال العادية خطايا مميتة. وهي انطلاقاً من هنا، كانت تدين جميع تصرفاتي سواء في البيت أو خارجه. وعندما غيّرت ديني بسبب الزواج، كان الأمر في نظرها كارثة كبيرة.

أما أنا بطبعي، ومنذ نشأتي كنت غير متمسك بالمعتقدات الدينية. لذا جاءت معارضة أختي لتقوى في أعماقي، من باب صدها أو مقاومة ميولها العدائية. أنا اليوم أحب اختي جداً لأنها شقيقتي. فالروابط الأسرية لها أهميتها وقيمتها عندي. ثم نحن اليوم على وفاق، ولم يعد لصدامات الأمس ولا خلافاته أي وجود أو ذكر.

سرقة بريئة

وبستعيد ذكرياته: “في ليلة من الليالي البعيدة، خرجت فيها للسهر كعادتي في فندق سميرامس الفاخر في القاهرة، والذي لا يبعد كثيراً عن منزل الأسرة. وفي الثالثة صباحاً، كاد المحل عندها أن يُغلِق أبوابهه، تقدم إلي الساقي بورقة الحساب، واكتشفت ساعتها أنني لم أكن أحمل نقوداً على الإطلاق فسألت صديقي: هل معك مبلغ ما؟ فرد: ابداً. وكذلك فعل الصديق التالي! ورحت أسال الرفاق الواحد بعد الآخر لأسمع الجواب ذاته. فقد كنا جميعاً مفلسين. ويبدو أن كل منهم كان يعتمد على الآخرين. أو لعلهم جمعياً كانوا يعتمدون علي. فخطرت لي فكرة، وقلت للجميع انتظروني هنا لن أغيب أكثر من دقائق، كان من غير المعقول طبعا أن أوقظ أبي أو أمي في مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل لأطلب مبلغاً من المال، ولكني كنت أعرف جيدا أن أختي تدخر مبلغاً تضعه بداخل وعاء خزفي على هيئة حبة كمثري وتخبئه في مكانٍ أمين، وكانت الفكرة في البداية بدافع أن أوقظها من النوم لأسالها قرضاً. ولكني رددت الفكرة لأني كنت أعلم تمام العلم أنها بدافع العناد، لن تستجيب لرجائي أبداً.

وما أن وصلت إلى البيت حتي خلعت حذائي وتسللت بخطى لا تسمع إلى غرفتها وأمكنني بعد قليل أن أهتدي إلى المكان الذي تخفي فيه كنزها الثمين وحطمت حبة الكمثري الخزفية خارج الغرفة واستوليت على كل ما بداخلها من قطع نقدية وأوراق مالية ثم عدت إلى الأصدقاء لأطلب لهم كؤوسا جديدة وأدفع للساقي بسخاء.

وصحوت في اليوم التالي مبكراً ولم أكن دخلت في النوم إلا منذ ساعاتٍ قليلة على صراخ أختي العالي. فقد اكتشفت السرقة وانحصر الإتهام في شخصي غير الكريم. وعذرتها لتصرفها. ولكني لمتها فقط لأنها لم تحاول التفاهم معي بهدوء قبل أن تثير الفضيحة وسط العائلة. كان في نيتي أن أرد لها ما أخذت وأكثر. ولقد فعل هذا والدي فعلاً، سترا لفعلة ابنه النكراء. لكنني ظلت لسنين طويلة آخذ على أختي عدم تعاونها معي وربما أيضا عدم تسترها على.

ويضيف:”ليست خلافاتي مع أختي وحدها هي التي كانت تبعدني عن محيط الأسرة، وإنما هناك ظروف آخرى منها ثقافتي الإنجليزية وحبي للمسرح وعمي الفرنسي وأصدقائي الكثيرون الذين غالباً ما كنت أقضي في بيوتهم عطلات نهاية الأسبوع. فقد كنا شلة من الصبية تنمو معا وتكبر معا، أما البنات فلم يكن لهن وفقا لتقاليد الشرق أي وجود إلى جانبنا.

العلاقة الأولى

وبالرغم من أنني أتممت السادسة عشرة إلا أن البنات ظلت من المحظورات في حياتي. وكان يحدث أحيانا أن نقيم الحفلات الراقصة فكان لابد من أن يحضرها قريب حتى تنتهي فترة الإختلاط المؤقتة بسلام، أما النساء بمعنى الكلمة، فلم تكن أمامنا فرص سانحة لمشاهدتهن إلا في الأوبرا حيث الفرق الغربية تقدم عروضها، أو ضمن أعضاء الفرق المسرحية الفرنسية الزائرة. أو عندما كنا نخرج للبحث عنهن في الشوارع في أماكن معينة شاحبة الضوء، كليلة المصابيح. حيث كان من الممكن أن نتجمع بقلةٍ منهن لأسبابٍ معروفة.
وعلاقتي الأولى وعبارتي استعيرها من لغة الأطباء فكانت مع “قطة ليل” مع بعض الأصدقاء من ضاحية مصر الجديدة. ومصر الجديدة أو “هليوبوليس” شهيرة بمواقع كثيرة منها المعركة التي هزم فيها سلطان المماليك سليم، وكانت على أرضها ومنها إنتصار كليبر على فيلق تركي. أما معركتي أنا مع نفس الضاحية فكانت في التقاط بقايا إمرأة ألقت بها المقادير في شارع معتم من شوارعها.

ويتابع سرده أن “البداية هي ذاتها في كل أرض وزمان. ولقد طلبت القطة مني بدراية أن أقود سيارتي إلى مكانٍ ناء قريب من المطار القديم. حيث أقام شخص وسط الصحراء كشكاً صغيراً لبيع المرطبات وكان ذلك الشخص يمنح زبائنه الرعاية والحراسة مقابل شراء بعض زجاجات سعرها زهيد للغاية.

إنضممت إلى القافلة. ركبت سيارتي وسط عشرات السيارات في منطقة نفوذ بائع الكوكاكولا الهمام ومصر أيام حكم فاروق لم تكن متزمتة إلى حدٍ بعيد. ولكنها رغم هذا لم تكن أبدا لتسمح بممارسة الحب في سيارة متوقفة بالقرب من المارة. أما الصحراء البعيدة فلها حكمها ولها حاميها بائع المشروبات الغازية!

ووسط قافلة السيارات التي قدرتها بخمسين على الأقل كنت انا ألتقي لأول مرة في أول سيارة وأول إمراة، وبعين المحروم رأيت أول إمراة جميلة إلى درجة أن صورتها بقيت لفترة قصيرة محفورة في مخيلتي. ولم أكتشف انها لم تكن جميلة فعلاً إلا بعد ان ولت تلك الأيام التي يطرز فيها الخيال أحلامنا أكثر مما يفعل الواقع.

التمثيل حلم حياتي

لقد نصحني أكثر من مدرس تعرّف بي بأن اتجه بدراستي إلى الإختصاص بمادة الرياضيات لأنني كنت موهوباً في مجالها، وماهراً للغاية في الحساب. إلا أني لم آخذ بمشورتهم. فالكل كان يعرف أن قبلة عمري هي التمثيل، عدا أسرتي التي تجاهلت الأمر رغم علمها بميولي الفنية.

تابعت دراستي، وتقدمت إلى امتحان الجزء الأول من شهادة البكالوريا ثم الجزء الثاني من بعده وكان على أوراق الإمتحان أن تطير إلى إنجلترا ليتم تصحيحها هناك، ولتعتمد في النهاية من جامعة أوكسفورد حتي أستطيع ان أكمل دراستي في الجامعات الإنجليزية.

وحصلت في النهاية على درجات تفوق تؤهلني لمتابعة الدراسة في إحدى جامعات إنجلترا فعلاً. ولكن كان هناك ما شدني بعيداً عن تلك المعاهد، وهو شعوري بعدم الرغبة في تكملة التعليم بصرف النظر عن تذكية أساتذتي وحثهم لي على المتابعة. وبعدها بعامين كونت أول فريق مسرحي برئاستي. وكان كل أعضائه من الهواة. واخترت رواية للمؤلف الفرنسي الكبير جان أنوي لتكون أول ما نقدمه،

أما عن سبب اختيارنا لقصة انوي بدلاً من راسين أو موليير مثلاً، فيعود لغياب الدعم المالي. لذا كان علينا أن نستعيد الكلاسيكيات، لأنها لا تتطلب الكثير من المال لإعداد الديكورات والملابس. وأنا أذكر أن والدي في عيد ميلادي السادس عشر أهداني سيارة جديدة خاصة، ودار على المشارب والمقاهي التي اعتدت التردد عليها أو السهر فيها ودفع جميع ديوني، وطلب مني أن اخرج مع أصدقائي، وأتمتع على حسابه، فعل كل هذا عن طيب خاطر، لكني لو طلبت منه مبلغا صغيرا لدعم فرقتي المسرحية لما استجاب، ذلك لأنه كان يرى أن الفن سوف يختطف منه ابنه الوحيد، عماده مستقبلاً في تجارة الاخشاب. ولهذه الأسباب اكتفيت من الروايات بابسطها كلفة، ولجأت إلى الهواة من تلاميذ مداس الفريروالجيزويت، لأكون من أبرعهم، فكنت أدير الانتاج، وكنت أخرج الرويات وأيضا كنت البطل.

وعلى مايبدو، فأن شكلي ومظهري أوما يصفونه اختصاراً بوسامتي كان له الفضل في انطلاقتي الأولى. فقد بدات ألاحظ اهتمام البنات بي وأيضا إعجاب الزملاء بأدائي. فالناس دائما على استعداد لأن تتقبل شخصاً وسيماً أكثر من آخر حرمته اأاقدار من عطايا الجمال.

المرأة الجميلة

ولا بد من القول هنا أن معظم الناس يرددون أن المرأة الجميلة غبية والأمر ليس قاعدة، ولا هو صحيح في الغالب. ولعل ما يروج عن الجميلة من غباء راجع إلى قلة المجهود الذي تبذله من أجل جذب الرجل لها. ولأن الجميلة لا تبذل جهداً حيث غيرها تفعل، اعتبرت كسولة ثم غبية وهي في الواقع لا هذه ولاتلك.

تهنئة قيمة

ولقد كنت وأفراد فريقي نتدرب في الغرف الخالية من بيوت الأصدقاء. أما التمرينات النهائية فكانت تتم في إحدى قاعات المسرح الجامعية التي كنا نستأجرها أيضا لتقديم الرواية، ولم تكن أي من رواياتنا لتعرض أكثر من ثلاث حفلات، ليس لعيبٍ فيها أو فشلٍ منا، وإنما لأن عدد الجماهير المتذوقة للفن الفرنسي في القاهرة كان قليلاً.

وأذكر ذات مرة، وبعد أن توفرت لنا الخبرة بممارسة العمل لمدة عامٍ ونصف، أنني دعوت سفير فرنسا في مصر إلى افتتاح مسرحيتنا. ولقد هنأني السفير في فترة الإستراحة بجدارة، فشعر والدي الذي كان بين الحاضرين بالزهو، فكاد يوافقني على اتجاهي، ولكنه تذكر تجارة الأخشاب فجأة، فسحب اعترافه قبل أن يخرج من شفتيه ويسجل عليه!

عن موقع ايلاف على الإنترنت



 مقتطفات من سيرته الذاتية 3


إيلاف


2017 الأحد 5 نوفمبر
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
أحمد طه من القاهرة


في الجزء الأخير من سيرة شبابه حتى البطولة الأولى

عمر الشريف يعترف : خدعتُ فاتن حمامة !


عمر الشريف وفاتن حمامة


تسلط إيلاف الضوء على مسيرة الفنان العالمي الراحل عمر الشريف من خلال استعراض مقتطفات من سيرته الذاتية التي كتبتها الصحفية الفرنسية ماري تيريز جينتشار ونشرت تحت عنوان”الرجل الخالد في منتصف عام 1975 حيث تحدث بصراحة عن أمور كثيرة في حياته.

بداية العمل

وفقا للتقاليد والعرف الإبن يعمل في مهنة أبيه خاصةً إذا كانت المهنة ناجحة ومربحة. وكان أبي يريدني أن أحذو حذوه، وكعادتي جعلت أمي الوسيطة في مثل هذه الأمور الحيوية والهامة. قلت لها محاولاً انتقاء العبارة التي تجذبها إلى صفي: “أمي أنا لا أشعر في نفسي ميلاً إلى مزاولة الأعمال التجارية، أريد أن أكمل دراستي في لندن، وقالت أمي التي انحازت إلى جانبي كعادتها ودون جهدٍ كبير:”سوف أفاتح والدك في الأمر وأقنعه. ولكن ماذا تريد أن تدرس في لندن".

وكانت أمي تتوقع مني أن أقول الكيمياء أوالعلوم الطبيعية علي أساس أنني موهوب في الحساب والرياضيات. ولكن ردي كان المسرح. أمي نظرت إلي طويلاً، وظهر في عينيها اليأس. فجأة قالت لي صراحة، أنها لا تمانع في أن أحترف التمثيل ولا ترى عيباً في الممثل، إلا أنها أكدت عدم قدرتها على إقناع والدي بأن يوافق علي أن يصبح ابنه الوحيد “مهرجاً متجولاً”.

هكذا وصفت أمي التمثيل ولعلها التقطت الوصف من حوارٍ سابق مع أبي في نفس الموضوع. انسحبت أمي بانتظام وحيث تفشل أمي لا يستطيع أحد أن ينجح مع أبي. ووضعت علي كتفي معطفاً أبيض ونزلت إلى متجر أبي. وبدأت المرحلة بدرسٍ طويل ومبسط منه. حاول به أن يفسر لي الفوارق بين نوع من الخشب والأنواع الأخرى وأن يعود عيني علي قياس الألواح مبدئيا بالنظر كما قدمني إلى عملائه الذين كان مقدراً لهم أن يصبحوا عملائي. وقال لي أبي شارحاً أساس التجارة أن تبيع بأحد عشر قرشا ما تشتريه بعشرة.

البيع بالخسارة

وأقول الحق بأنني لم أجد متعةً في ممارسة ذلك العمل الذي لا يناسب استعدادي الطبيعي وإن كان غيري يسعد بممارسته. وهنا أعترف باني صدمت نوعاً ما في أبي. كيف يقبل هو الرجل المتدين أن يخدع الناس؟ اتهمته بيني وبين نفسي في نزاهته بالرغم من أن هذه هي قواعد التجارة المعروفة في العالم أجمع. وعبثاً حاول أبي إقناعي بأن ربح التجارة حلال، وأنه لولا هذا الربح لما استمر متجر واحد مفتوح الأبواب. ولكن كل شيء بدا لعيني غير قانوني وغير أخلاقي، أو لعلني بالغت في تصوير الموقف وجسمته حتي أوفر لنفسي المبرر الكلي للانسحاب.

ولكي أقنع أبي بأني لم أخلق للتجارة كان علي أن ابدأ عملي بالبيع بالخسارة وكان الأمر بسيطاً للغاية. القاعدة قلبتها وعكستها. ما كنت أشتريه بعشر قروش كنت أبيعه بتسعة تارةً متعللاً بأن العميل شكا من مرض زوجته المكلف وتارةً أخرى معتذراً بأن له إبنة عاجزة أو حماة مقعدة. أمي كانت تصيح بي “حذار فهم يخدعونك بقصص وهمية” وكنت أتكتمها في أعماقي ولا أقول لها إنما أنا هو الذي يخدع.

ولم أكتفِ بهذا، بل كنت أبيع للمحتاج بالأجل أو بالدين وحاولت أن أبرر موقفي لأبي فقلت له أن الأغنياء من التجار لا يحتاجون البيع الآجل بل هو ضرورة للفقراء، واستمرت المهزلة عامين ولعل ظروف ثورة جمال عبد الناصر جاءت العامل المساعدة لأن يقول لي ابي تلك العبارة التي توقعت أن يتفوه بها مرارا “حسنا إفعل ما شئت وما شاءت الأقدار”.

أقنعت أبي

ونجحت والدليل وقفة أبي نفسه الذي كان يصف الفنان بأنه “مهرج متجول” وقف تحت المطر يوماً وفي طابور طويل لشراء تذكرة لفيلمي العالمي الأول “لورانس العرب”. واليوم تغيّرت ظروف كثيرة وتبدلت أحوال عدة بعضها عائلي، أختي مثلاً أصبحت أما وكان هناك إسباني التقي بها إبان عمله في القاهرة وأُعجِب كل منهما بالآخر. فلما تزوجا رحلت معه إلى اسبانيا واستقرا هناك.

ولقد تغيّرت أختي بدورها بعد الزواج. فقد استوى فيها عود الأنثى. فاصبحت أكثر أناقة وأكثر رشاقة. ولعل أجمل ما فيها شعرها الطويل بلون النحاس ونظرتها الجذابة الوديعة. ولكن، رغم مهادنتها لي، استمرت بطباعها المختلفة عن طباعي. أنا انفق كثيراً وهي حريصة. فهي تزن كل الأمور بتعقل، وانا أتصرف باندفاع. وأصبحت أيضاً أكثر تمسكا بالدين بنفس المقدار الذي ابتعدت به أنا عنه. ومع الأيام يزداد شبهها بأبي في تضاعف الأيام نفسها من التقارب والتآلف بيني وبين أمي.

إلى إسبانيا

وكان من الصعب على أبي وأمي وقد تقدمت بهما السن أن يبقيا في القاهرة بعيداً عن ولديهما. لذا اتخذت في العام 1965 قراراً بأن انقل مقرهما إلى مدريد ليكونا على مقربة من أختي. فمقرها هي ثابت مستقر، أما أنا فدائم التنقل بحكم مقتضيات العمل.

وفي المدينة الاسبانية الكبرى عاد والدي إلى دنياه الحبيبة إلى الأخشاب، وافتتح فعلا متجراً كبيراً يصادف كل نجاح ورواج. وكان راضٍ وسعيد. أما أمي فلا أشك بأنها وجدت من الصديقات والأصدقاء من يكمل معها شلة اللعب.

نمر في قفص

نادية ذو الفقار إبنة زوجتي فاتن حمامة في هذه الفترة كانت تدرس في سويسرا وكذلك طارق نجلنا والدارسة في ذلك البلد الأوروبي المحايد كانت شديدة الغلاء ومكلفة جداً. لذا كانت أعبائي المالية من الكبر بحيث كنت اضطر أحياناً إلى قبول فيلم ما كنت لأرضى عن دوري فيه لولا الحاجة إلى المال. وهذا لا يعني أنها كانت أفلاماً رديئة أو سيئة وإنما لنقل أنها لم تكن ملائمة لي تماماً. أما اليوم وأنا أتجول في أرجاء شقتي الباريسية المطلة علي تلك الغابة الخضراء المحيطة كالسوار الرباني بالجانب الشرقي من العاصمة، إنما أشعر أني نمر وحيد في قفص ضخم. وهذا الشعور يجعلني أحن إلى حياة الأسرة والعيش وسط عائلة أنا ربها. لقد كانت شقتي خالية أوشبه خالية. لقد انتهت أعمال الديكور بها أما الأثاث ذاته فلا زال ناقصاً، أولعلها بلا أثاث، إذا ما استثنينا حجرة نومي والحمام الملحق بها وهي المساحة الأقل التي يمكن أن اعتبرها قد اكتملت.

لكن، لماذا أترك شقتي خالية أوشبه خالية؟ السبب أني كنت أريد أن أترك لزوجتي تلك المهمة. فالمرأة وخاصة الزوجة تحب أن ترسم بذوقها الخاص ومزاجها خلفية الصورة في القصة التي هي بطلتها. لذلك، إدراكا مني لطبيعة المرأة، قررت أن أترك لرفيقة ما تبقى من العمر مهمة تأثيت الغرف المخصصة لها وللأولاد الذين أود من صميم قلبي ان أرزق بهم مستقبلاً ليكونوا أخوة لطارق وأيضا لنادية.

لكن وحدتي تعرّضت لفتراتٍ قصيرة من التقطع والغرف الخالية تنشغل احيانا لفترات متفاوتة المدي والمدة والذين كانوا يشغلونها هم أبي وأمي عندما يزوران باريس وأيضاً فاتن حمامة عندما تحلّ ضيفة علي.

البطولة الأولى

كنت في العشرين من عمري عندما التقيت بفاتن حمامة للمرةِ الأولى. ذلك اللقاء الذي قدر له أن يكون منعطفاً هاماً في طريق حياتي سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد المهني. لقاؤنا تم بتدبير من يوسف شاهين ويوسف صديق من أصدقاء الطفولة. جمعتنا معاً مقاعد المدارس الإنجليزية قبل أن تتشعب بنا الطرق فيسافر هو إلى أميركا لدراسة الإخراج وأبقى أنا علي أرض الوطن أزرع شتلات البكور في أرض الفن بالقيام بأدوار البطولة في مسرحيات تقدم ضمن إطار الهواية المدرسية. ولقد عدنا إلى الإجتماع بعد أن انتهي يوسف من دراسته وبدأ يمارس الأخراج فعلاً في مصر. لقد كان صديق الأمس البعيد يستعد ليقدم للشاشة فيلمه الرابع عندما عرض علي أن يجري لي اختياراً سينمائياً. فنزلت عند رغبته ووقفت أمام الكامير لأول مرة.

كان الفيلم الذي يستعد له يوسف بعنوان “صراع في الوادي” وكانت بطلته فاتن حمامة. ولم تكن هناك من عقبة أمامه. ولقد رضي تماماً عن الإختبار. ولم يبقَ إلا أن توافق البطلة الكبيرة. ولقد دعتنا فاتن حمامة لتناول فنجان قهوة في بيتها، وكانت نقطة البداية أن تشاهد نموذجاً من أدائي التمثيلي.

وأعترف هنا بأني خدعت فاتن في ذلك اللقاء وحده. ولقد اخترت مشهداً من مسرحية هاملت لشكسبير لأني كنت أعرف تماماً أنها لم تفهم كلمة واحدة من الحوار، وأن محاولتها متابعته قد تصرفها عن التدقيق في أدائي. وفعلا راحت فاتن تتابع تمثيلي وهي تتظاهر بالإهتمام ثم أبدت مواقفتها، ففزت بالبطولة.

عن موقع ايلاف على الإنترنت


حقوق النشر

ايلاف المحدودة للنشر جميع الحقوق محفوظة ايلاف المحدودة للنشر ترخص باستخدام هذه المقالة. لا يمكن إعادة نشر هذه المقالة دون التوافق مع شروط وبنود شركة ايلاف المحدودة للنشر.

تم نقل هذا المقال بناء على ما جاء في الفقرتين 4-2 و4-3 من حقوق الملكية الفكرية المذكورة في شروط الأستخدام على موقع إيلاف :

  • مسموح لك بنسخ أو تنزيل المقالات المنشورة على الموقع من أجل إعادة عرضها على مواقع أخرى بشرط أن تعرض تلك المقالات بنفس تنسيقها وشكلها.
  • يجب وضع رابط للموقع بين عنوان المقالة والفقرة الأولى منها.
  • كما يضاف البيان التالي في نهاية المقالة : ايلاف المحدودة للنشر جميع الحقوق محفوظة ايلاف المحدودة للنشر ترخص باستخدام هذه المقالة. لا يمكن إعادة نشر هذه المقالة دون التوافق مع شروط وبنود شركة ايلاف المحدودة للنشر.


 أفلام عمر الشريف


أفلام شكري سرحان على صفحة يوتيوب


صفحة أفلام عمر الشريف على اليوتيوب


فيلم الاراجوز




فيلم ارض السلام



فيلم شاطئ الأسرار



فيلم فضيحه فى الزمالك



فيلم غلطة حبيبي



فيلم التاريخي جنكيزخان



فيلم أيوب



فيلم في بيتنا رجل



فيلم السيد إبراهيم



فيلم سيدة القصر




عن الصورة المرفقة بهذا المقال

عمر الشريف على ويكيبيديا


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)