محمية جبل موسى في جبل لبنان

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


الإثنين، ٢٦ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٦
جريدة الحياة
بيروت - عبدالله ذبيان


«محمية جبل موسى» في جبل لبنان : فسيفساء بيئية ومقصد سياحي نادر


يعتبر جبل موسى في كسروان الفتوح (جبل لبنان) إحدى محميات المدى الحيوي الثلاث الموجودة في لبنان، والأربعة والعشرين الموجودة في منطقة الشرق الأوسط برمتها.

ومحمية المدى الحيوي في جبل موسى، المشرفة على غرب البحر الأبيض المتوسط، تشكل فسيفساء من الأنظمة البيئية. وتمتاز الطبيعة هناك بتنوعها البيولوجي، فهي تحتوي على 215 نوعاً من الشتول المختلفة، و20 نوعاً من الأشجار بينها 11 نوعاً من الأشجار المتفردة. وتم اكتشاف أكثر من 16 نوعاً من الثدييات، منها الضبع والذئب والطبسون. كما تم تصنيفها (Global Important Bird Area)، نظراً إلى كم الطيور المهاجرة التي تعبر فوقها خلال فصلي الخريف والربيع.

وقد تمكنت جمعية حماية جبل موسى من المحافظة على البيئة الطبيعية للجبل المذكور من خلال عدد من الخطوات لتأهيله وحمايته.

تقع المحميّة في منطقة كسروان الفتوح، وهي محاطة بنهرَي إبراهيم والذهب. وتبعد مسافة 45 كيلومتراً إلى الشمال من بيروت، وتبلغ مساحتها 6500 هكتار، وترتفع عن سطح البحر بين 350 متراً في الغرب و1700 متر في الشرق.

أمّا القرى الرئيسيّة المحيطة بها فهي قهمز ويحشوش ونهر الذهب وغباله وعين الدلبة والعبره وشوان.

في العام 2007 تمّ إنشاء «جمعيّة حماية جبل موسى» (APJM)، وهي منظّمة غير حكوميّة ولا تهدف إلى الربح المادي، بل إلى الحفاظ على التنوّع البيولوجي وإحياء التراث الثقافي والأثري في جبل موسى والقرى المحيطة، إضافة إلى تأمين الدعم المحلي للتنمية الريفيّة المستدامة وتعزيز الوعي البيئي وقدرات السكان المحليين على التعامل مع السياحة البيئية.

ونظراً إلى نشاطاتها الرائدة، حصدت الجمعية العديد من الجوائز. فقد فازت في شباط (فبراير) 2013 بجائزة المملكة العربية السعودية الدولية للإدارة البيئية، وحلّت خلال الدورة الخامسة لهذه الجائزة في المركز الأوّل عن فئة أفضل الممارسات الريادية في مجال الإدارة البيئية لجمعيات النفع العام والجمعيات الأهلية. ومُنحت الجمعية هذه الجائزة عن أفضل الممارسات البيئية من أجل تنمية مستدامة في مواجهة التحديات الناشئة في محمية جبل موسى، التي تعمل ضمن إطار برنامج الإنسان والمحيط الحيوي التابع لليونيسكو.

تشتهر محمية جبل موسى بطبيعتها شبه البكر وبغاباتها المختلطة ما بين أشجار السنديان والصنوبر والعزر والشرك والصنوبر البروتي والحور والتفاح البري والدفران وغيرها... فضلاً عن العديد من النباتات ذات الأهمية الاقتصادية كالصعتر، والزهور البرية النادرة مثل كف الدب والأقحوان وبخور مريم والسحلبية والمردكوش اللّبناني.

ويوجد في محمية جبل موسى حوالى 727 نوعاً من النباتات (من بينها 7 أنواع تتفرد بها المحميّة)، إضافة إلى الحشرات والطيور التي تعيش أو تمرّ فيها، وحوالى 25 نوعاً من الحيوانات كالطّبسون والذئب الفضّي والخنزير البرّي والسناجب والضباع والنيص وغيرها.

إحدى أهم ميزات محمية جبل موسى الطبيعية هو التكامل بين الإرثين الثقافي والطبيعي. فأسطورة أدونيس وعشتروت تطوف أرجاء وادي أدونيس وأعماقه المثير للفضول. وتتوافر آثار شاهدة على حقبة الإمبراطور الروماني هادريان (117 - 138 ق. م) الذي أمر بتشجير جبال لبنان. كما يفاجأ زائر جبل موسى عند بلوغه القمة بوجود ثلاثة منازل ريفية تظهر الهندسة التقليدية القديمة اللبنانية.

ومن التراث الثقافي المتواجد في جبل موسى، أجزاء أساسية من الطريق الرومانية القديمة (الدرج الروماني) التي كانت تستخدم بين العامين 64 ق.م و249 ب.م كشبكة طرق تربط الشاطئ بالداخل مروراً بالجبال. إلى جانب نقوش منذ عهد هادريان، وهي تعرف بأنها أول محاولة لحماية الأشجار لأنها نقوش تمنع قطع 4 أنواع من الشجر من غابات لبنان. فضلاً عن البيوت القديمة والصهاريج إذ يبدي الزوار حماسة كبيرة لرؤية منازل أثرية قديمة تظهر الهندسة التقليدية اللبنانية أحدها يطلق عليه اسم «بيت البطريرك»، وقد تم ترميم هذه البيوت. وهناك خزان مياه تحت الأرض وآبار قديمة.

تحول جبل موسى إلى مقصد للسياحة الدينية، إذ تستقطب تلة الصليب في يحشوش عدداً كبيراً من المؤمنين من أبناء المنطقة وخارجها في 14 أيلول (سبتمبر) كتقليد سنوي. ومن تلة الصليب سيجد الزوار أنفسهم أمام لوحة طبيعية خلابة إذ ينكشف على مدى النظر وادي أدونيس وعشتروت، إضافة إلى نهر إبراهيم. ويقع في نطاق المحمية أيضاً دير مار جرجس الذي شيّد في القرن الرابع عشر على يد راهب من آل زوين. كل هذا جعل من هذا المكان ملتقى فريداً من نوعه سواء من ناحية التنوع البيولوجي أو التاريخي الثقافي والديني.

وأعلنت جمعية «حماية جبل موسى» مؤخراً أن علماء فنلنديين من جامعة هلسنكي اكتشفوا في المحميّة، بالتعاون مع الجمعية، ثلاثة أنواع من رتبة قشريات الجناح (Lepidoptera)، أحدها لم يسبق أن عُرِف مثيل له في كل أنحاء العالم، وهو يُعتبر جديداً على العِلم. وأوضحت الجمعية أن النوعين الأول والثاني ينتميان إلى فصيلة السوسيات الفراشية (Tineidae) وتشمل العث الفطري المسمّى كذلك لكونه يتغذّى على الفطريّات والأشنات والحتات. وهذان النوعان هما «العث الفينيقي» و»العث الشامي». وأشارت إلى أن من أنواع العث المعروفة في لبنان ثمّة 32 نوعاً، بينها سبعة أنواع سجّلها علماء جامعة هلسنكي للمرة الأولى في لبنان من خلال تسجيلها في محمية جبل موسى. أما النوع الثالث الذي تمّ اكتشافه ويُعتبر جديداً للعلم والعالم، فهو عث جبل موسى القصير الأجنحة Micropterix jabalmoussae. وقد سمّي كذلك تيمناً بجبل موسى، علماً بأنه النوع الخامس الذي ينتمي إلى جنس العث الصغير الأجنحة في العالم.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


موقع محمية جبل موسى في جبل لبنان

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)