ثقافة - سياحة - تراث - Culture - Tourisme - Patrimoine

متحف أمازيغي في قلب حديقة ماجوريل بمراكش Un musée amazigh au coeur du Jardin Majorelle à Marrakech - Maroc

, بقلم محمد بكري


جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط
الاربعـاء 12 محـرم 1433 هـ 7 ديسمبر 2011 العدد 12062
الصفحة : عين الشرق
مراكش : عبد الكبير الميناوي


يعرض على زواره منسوجات وأسلحة وأدوات زينة وآلات موسيقية تبرز تنوع الموروث المغربي


«المتحف الأمازيغي» في البيت الأزرق الشهير وسط حديقة «ماجوريل» بمراكش («الشرق الأوسط»)

شكل افتتاح المتحف الأمازيغي، في قلب حديقة ماجوريل، بمدينة مراكش المغربية، حدثا غير مسبوق، باعتباره الأول من نوعه في المغرب، الذي صمم لكي يكون مكانا للاحتفاء بالثقافة وفن العيش والتقاليد الأمازيغية في عدد من جهات المغرب. وللعلم، يضم المتحف نحو 600 تحفة حول الثقافة الأمازيغية في ملكية بيير بيرجيه، رئيس مؤسسة «بيير بيرجيه - إيف سان لوران».

بيرجيه، صديق المصمم الفرنسي العالمي الراحل الشهير وشريكه التجاري، كان قد أُعجب، عند زيارته إلى مراكش عام 1966، برفقة المصمم العالمي الراحل، مالك بيت ماجوريل وحديقته، بالثقافة والفنون الأمازيغية المغربية إعجابا كبيرا. ومنذ ذلك التاريخ، وعلى امتداد العقود التالية، حرص على جمع كل ما له علاقة بها، وذلك قبل أن تتبلور لديه فكرة تجميعها في متحف.

حفل افتتاح المتحف الأمازيغي حضره مؤخرا كل من: بنسالم حميش، وزير الثقافة المغربي، وفريديريك ميتران، وزير الثقافة الفرنسي. وجرى على هامش افتتاح المتحف وضع لوحة تذكارية على باب البيت الخاص ذي اللون الأزرق المميز الذي عاش فيه إيف سان لوران بالمدينة الحمراء. ولقد أشرف على وضع اللوحة كل من ميتران وبيرجيه، رئيس مؤسسة إيف سان لوران. وقال الوزير الفرنسي، بهذه المناسبة: إن جاك ماجوريل – المالك الأساسي للبيت والحديقة - وإيف سان لوران «عشقا المغرب، حتى أصبحا سفيرين له عبر العالم». وأشار إلى أن «الأول اهتم بصورة المغرب وتراثه، سواء من خلال الحديقة التي تحمل اسمه أو من خلال أعماله الفنية التي أسهمت في التعريف بالمغرب، وشجعت عددا من الفنانين على زيارته، بينما عشق الثاني المغرب وعاش فيه لفترة طويلة إلى حد أنه بادر بجمع الكثير من التحف والمجموعات الفنية المغربية»، مشيرا إلى أنه منذ وصوله إلى مدينة مراكش أعجب بالمغرب وبثقافته المتنوعة، التي استلهم ووظف الكثير منها في أعماله الفنية.

المتحف الأمازيغي صُمم لكي يحتضن مجموعة من التحف الفريدة من نوعها، وفق المعايير المتحفية الدولية وشروط التقديم والحفاظ الملائمة، ضمن مساحة 200 متر مربع، وبشكل يعطي نظرة شمولية تظهر جمالية وروعة الثقافة الأمازيغية في المغرب؛ حيث توجد بطاقات ونصوص للشرح بالعربية والفرنسية والإنجليزية، مع لوحات وصور وأفلام من الأرشيف وبرامج ووثائق سمعية بصرية خاصة بالمتحف، ترافق الزائر في قاعات المتحف الأربع. وتقدم الأولى لـ«العالم الأمازيغي»، والثانية لمهارات الصناعة التقليدية والأدوات اليومية أو تلك الخاصة بالأعياد والحفلات، بينما تختص الثالثة بالملابس والحلي، والرابعة بالحياكة والنسج والزرابي (السجاد) واللباس والأسلحة والأبواب الخشبية والآلات الموسيقية الأمازيغية. وفوق هذا كله، يقترح المتحف على زواره دخول مكتبة المتحف التي تقدم مجموعة من الكتب المرتبطة بالثقافة الأمازيغية.

جدير بالذكر أنه أشرفت على عملية تصميم المتحف الأمازيغي مجموعة من الباحثين المتخصصين، بينهم نعيمة الناجي، وهي مهندسة معمارية متخصصة في الأنثروبولوجيا، ورومان سيمينيل، وهو إثنولوجي وباحث بمعهد البحث والتنمية بالرباط، وأحمد أسكونتي، وهو مختص في الأنثروبولوجيا بالمعهد الوطني العلمي والأركيولوجي.

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال أسكونتي: «إن فتح المتحف الأمازيغي يعد لحظة مهمة؛ لأنه يقترح على الزوار فضاء يجدون فيه فرصة يتعرفون من خلالها على مكون مهم من الحضارة المغربية متعددة الروافد».

وشدد أسكونتي على أن «المتحف يعرض التحف الأمازيغية بشكل علمي وموضوعي، خاصة أنه يجمع عددا مهما من التحف التي تلخص غنى وتنوع وعمق الثقافة المادية للمغاربة في بعدها الأمازيغي، الذي يرجع إلى آلاف السنين، وهي تحف متنوعة تشمل الخشب والنسيج والمواد المعدنية، التي كانت تؤدي وظائف مختلفة في المجتمع القروي، وبشكل خاص في الجبال والمناطق شبه الصحراوية». وتابع: «واليوم، وبما أن نسبة عالية من التحف الأمازيغية كان مصيرها الاندثار، فإن من حسنات هذا المتحف أنه جمع الكثير منها لكي يعرضه على زوار حديقة ماجوريل والمدينة الحمراء، وليعطي المثال لما يمكن أن تقوم به جهات عمومية أو خاصة في المغرب للحفاظ على الثقافة المادية للبلد».

من ناحية أخرى، من شأن فتح المتحف الأمازيغي في قلب حديقة ماجوريل، منحه فرصة كبرى للتعريف به في أوساط السياح. وتعد حديقة ماجوريل، اليوم، من أهم معالم مراكش السياحية، وكانت قد سميت بهذا الاسم نسبة إلى الرسام الفرنسي جاك ماجوريل، الذي ولد في مدينة نانسي الفرنسية عام 1886، قبل أن يأتي إلى مراكش لأول مرة عام 1919، ويومذاك وجد فيها السحر اللازم والفضاء الملائم ليستقر وليواصل مهنته وهوايته كرسام. وكان المارشال ليوتي، المقيم العام الفرنسي أيام الحماية الفرنسية على المغرب، هو من نصح ماجوريل بالسفر إلى مراكش، المشهورة بمناخها الجاف، وذلك بعدما وقف على حقيقة إصابته بمرض الربو. وبالفعل، اقتنى ماجوريل عام 1924 قطعة أرض، ليجعل منها حديقة غناء اشتهرت لاحقا باسم حديقة ماجوريل، عنوانا ووجهة سياحية، وهي الحديقة التي افتتحت عام 1947.

وبعد فترة من وفاة ماجوريل، في حادث سير عام 1962، امتلك إيف سان لوران وشريكه بيير بيرجيه الحديقة؛ حيث عملا على ضمان استمرارها فضاء مفعما بالحياة. أما المرسم، الذي بناه ماجوريل لنفسه عام 1931، فحمل اسم «متحف الفن الإسلامي»، قبل أن يتحول اليوم إلى المتحف الأمازيغي.

ويرى البعض أن اسم جاك ماجوريل، كـ«عنوان فني» للحديقة، التي توجد في زقاق يتوسط شارعي جليز وعلال الفاسي بمراكش، أعطى طويلا طابعا «نخبويا» للزيارة، بعكس زيارة باقي حدائق مراكش، مثل «عرصة مولاي عبد السلام» وحدائق «أكدال» و«المنارة»، وغيرها.

عن موقع جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط، صحيفة عربية دولية رائدة. ورقية وإلكترونية، ويتنوع محتوى الصحيفة، حيث يغطي الأخبار السياسية الإقليمية، والقضايا الاجتماعية، والأخبار الاقتصادية، والتجارية، إضافة إلى الأخبار الرياضية والترفيهية إضافة إلى الملاحق المتخصصة العديدة. أسسها الأخوان هشام ومحمد علي حافظ، وصدر العدد الأول منها في 4 يوليو 1978م.
تصدر جريدة الشرق الأوسط في لندن باللغة العربية، عن الشركة السعودية البريطانية للأبحاث والتسويق، وهي صحيفة يومية شاملة، ذات طابع إخباري عام، موجه إلى القراء العرب في كل مكان.

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)