مقال صحفي - Article de presse

مؤسّسة الفكر العربي تُطلق النسخة العربية من أوضاع العالم 2012 L’Etat du Monde 2012 en arabe

, بقلم محمد بكري

جريدة الحياة

االأحد، 19 شباط/ فبراير 2012
بيروت - «الحياة»

يلاحق التقرير الفرنسي «أوضاع العالم 2012»، الذي تُصدره مؤسّسسة الفكر العربي في بيروت للسنة الخامسة على التوالي بنسخته العربية المترجمة، بالتعاون مع «دار لاديكوفرت» الفرنسية، التغيرات العميقة الحاصلة في العالم، وواقع الأنظمة الدولية ووضع المجتمعات في المرحلة الجديدة. ويواكب التقرير بالتحليل المسهب «الربيع العربي» وتداعياته، محاولاً الخوض في الإجابة عن أسئلة محورية ينشغل بها العالم عبر ثلاثين مقالة لكبار الباحثين والأكاديميين والإعلاميين الأوروبيين، تعالج التطورات التي حصلت في العام 2011 وتداعياتها الممتدة حتى اليوم.

ثلاثة محاور كبرى يتناولها التقرير الفرنسي هذه السنة، هي: شروخ واهتزاز في العالم القديم، ومراحل انتقالية جمود ومقاومة المؤسّسات، والنزاعات والمسائل الإقليمية.

في المحور الأول يُثير أستاذ معهد الدراسات السياسية في باريس برتران بادي المشرف على التقرير، تنامي الوعي السياسي والاجتماعي لدى الشعوب العربية، وواقع الأنظمة العاجزة على المستوى الإصلاحي، والتي طالها الربيع العاصف في أعماق كيانها بعد أن جمّدت المجتمعات المدنية وأوقفت بناءها وقمعت الحريات ومارست الإذلال والفساد الذي وحّد مشاعر الضغينة تجاهها، في الوقت الذي جاء فيه رد فعل الأنظمة السياسية بطيئاً وخاطئاً وقمعياً، إذ ازدادت المسافة خطورة بين الزمن الاجتماعي والزمن السياسي، فلم يعد متصلاً بالواقع، كما أظهرت الانتفاضات الشعبية أن إيقاع الحياة الدولية أصبح يستجيب للضغوطات الاجتماعية أكثر مما يستجيب لمخططات القوة.

وركز برتران بادي على الدور الحاسم للثورة الرقمية والفضائيات وغيرها في بناء الأحداث، وإنتاج روابط اجتماعية جديدة وإعادة إحياء الروابط التقليدية التي امتدت مع الثورات، لافتاً إلى التغييرات الشاملة التي أحدثها الواقع العربي الجديد، وبالتالي دفع الديموقراطيات الغربية بدورها إلى إدراك أزمة الحكم التمثيلي لديها وسوء نوعية الطبقة السياسية التي تقودها، بعد أن هزّت هذه الثورات أنظمة اشتهرت بقوتها ودفعت بعضها إلى إجراءات إصلاحية وزرعت حالة من الشك في غير دولة.

وفي «تشريح فصول الربيع العربي»، رأى العالم السياسي جان ماري كلير، أن الشتاء الأوتوقراطي العربي الطويل أنهى حقبة ممتدة من التسلط العربي، مؤكداً أن تغييراً عميقاً طرأ على صورة العالم العربي السلبي وغير المنسجم ثقافياً مع التطلعات الديموقراطية في سائر أنحاء العالم، لافتاً إلى دور التدخلات الخارجية في تدويل الأزمة وإعادة توزيع الأوراق.

«اللاعبون المعاندون في النظام الدولي»، مقال تناول بإسهاب الذين يعارضون النظام الذي تفرضه القوى المسيطرة ويستفيدون من عثرات الأجهزة السياسية. وتطرّق التقرير إلى «وثائق ويكيليكس وتخريب الدبلوماسية الدولية»، أو الكابوس الذي عاشه الدبلوماسيون عبر الكشف عن مضمون أكثر من 250 ألف برقية دبلوماسية أميركية، وهو كشف عن التسارع في عملية عبور الأوطان القائمة في العالم، رابطاً ما بين جدلية السرية والشفافية في مجال السياسة الدبلوماسية الخارجية.

وتضمن المحور الثاني من الكتاب الذي جاء تحت عنوان «مراحل انتقالية جمود ومقاومة المؤسّسات» مقالات عدّة أبرزها «الطاقة النووية المدنية: أي منطق وراءها»، مشيراً إلى وجود 441 مفاعلاً نووياً في 27 بلداً من أصل 192 بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إضافة إلى النتائج الصحية المثيرة للخوف والآثار الخفية على المدى الطويل. وخصّص التقرير مساحة للشبكات الاجتماعية ودورها في إحداث التغيير، إذ اعتبر الصحافي في «لوموند ديبلوماتيك» فيليب ريفيير، في مقال له تحت عنوان «هل الشبكات الاجتماعية أدوات تخريب؟»، أن شبكة الإنترنت كانت بمثابة السلاح في هذه الانعطافة التاريخية التي أسقطت في وقت واحد ديكتاتوريات قائمة منذ أكثر من 40 عاماً، وشكّلت الشبكات الاجتماعية رموزاً للتمرد، وأصبحت غوغل وفايسبوك وتويتر تفخر جميعها بأنها تجمع الجمهور الأكبر، إذ أعلنت فايسبوك عن وجود أكثر من 700 ألف مستخدم، أما تويتر فجمهورها أقل ثلاث مرات، فيما تعتبر غوغل نفسها قائد محركات البحث بلا منازع، باستثناء الصين.

كما ضمّ الكتاب موضوعات ذات طابع اقتصادي مؤثّر تتعلق بـ «الإصلاح الفارغ في صندوق النقد الدولي»، وهو الصندوق الذي تأسّس بعد الحرب العالمية الثانية وكان يُفترض أن يشكّل حارساً لاستقرار النظام النقدي العالمي الجديد، إلا أن الأزمات المالية التي يشهدها العالم تشير إلى علّة وجود هذا الصندوق، في حين اهتزّت شرعيته نتيجة الفشل المتكرّر في تطبيق السياسات التي وضعها والانتقادات الموجهة ضدّه باستمرار.

ويتناول مقال دبلوماسية البلدان الناشئة مفهوم «البلد الناشئ»، الذي جاء من الاقتصاد وتم تطبيقه في التسعينيات على الاسواق التي شهدت نمواً سريعاً وقدّمت فرص استثمار للبلدان الثرية، إضافة إلى مقال حول الجهات الفاعلة البديلة في مجال البيئة وآخر يتعلق بالمصاعب والتساؤلات التي تواجهها المنظمات غير الحكومية.

وألقى القسم الثالث الضوء على قضايا إقليمية ساخنة في محور عنوانه «النزاعات والمسائل الإقليمية»، وتناول موضوع العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والأزمة الباكستانية المستمرة، إلى تركيا الحائرة بين البحث عن الهوية والبراغماتية حيال الاتحاد السوفياتي السابق، كما عالجت بعض المقالات واقع دول المخدرات المكسيكية، ومرحلة الاستقرار التي تعيشها جمهورية الكونغو الديموقراطية بعد نزاع طويل، وأيضاً ردة فعل بلدان أوروبا الوسطى والشرقية إزاء الاتحاد الأوروبي.

تجدر الإشارة إلى أن التقرير الفرنسي يندرج ضمن الإصدار الشهري من سلسلة «معارف» التي تصدر عن مركز الفكر العربي للبحوث والدراسات التابع لمؤسّسة الفكر العربي، ويضم إضافة إلى المقالات والتحليلات المتنوّعة، قاعدة بيانات واسعة تشمل 51 مؤشراً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والعلمية تغطي غالبية دول العالم.

عن موقع جريدة الحياة


صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة"الحياة" جريدة عربية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988 .

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)