قطط إنستغرام، باسمة العنزي (الكويت)، رواية دار العين - 2015

, بقلم محمد بكري


جريدة القدس العربي


السنة الثامنة والعشرون العدد 8477 الجمعة 27 أيار (مايو) 2016 - 20 شعبان 1437هــ
جريدة القدس العربي
ثقافة
سعاد العنزي ـ أستاذة النقد الأدبي الحديث في جامعة الكويت


الهوية الاستهلاكية للمجتمع الكويتي في رواية «قطط إنستغرام» لباسمة العنزي


تتطرق باسمة العنزي إلى الفساد الذي بدأ يستشري في المجتمع الكويتي في روايتيها «حذاء أسود على الرصيف»، و«قطط إنستغرام»، إذ تطرح في الرواية الأولى فكرة الاستعداد لدخول سلم الفساد، الذي هو استعداد متوارث عند الأفراد في أي مجتمع، كما يصفه الفيلسوف الفرنسي بيير بورديو من خلال نظرية التطبيع وتبادل أدوار الفساد المتوارث في أي شبكة اجتماعية بشكل نمطي ثابت عبر أجيال متعاقبة.

هذا النموذج للفساد المجتمعي المقدم في رواية «حذاء أسود على الرصيف» سيتمدد بشكل أوسع في الرواية الثانية «قطط إنستغرام» التي يتضح من عنوانها مدى ارتباطها بمعطيات الثقافة التكنولوجية الراهنة وتصوير دقيق لهوية المجتمع الكويتي الحالية كما هي معروضة في وسائل التواصل الاجتماعي.
رواية «قطط إنستغرام» من أكثر الروايات اقترابا من الهوية الاجتماعية الكويتية الآنية، فقد قامت الكاتبة باسمة ولأول مرة بالاقتراب بعمق من نبض المجتمع بشكل موسع وتفاصيل الحياة اليومية للمجتمع الكويتي أصبحت المدار الحكائي لهذه الرواية، التي تنطلق من الواقعية التسجيلية والنقدية بأخبار كثيرة وتفاصيل أكثر عن يوميات المجتمع الكويتي، متمثلا في عدة سيدات يمثلن شرائح متعددة للكويت. أحلام وصديقاتها هن شخصيات الرواية متوزعات بين الأدوار الرئيسية والثانوية، وكل منهن لها دلالتها الخاصة في تشكيل الهوية المجتمعية واختلافاتها الطفيفة، التي تقوم الساردة/ البطلة وصوت المؤلفة الضمني في الرواية بنقد هذه السلوكيات بشكل علني ومباشر، من دون أن يؤثر على موضوعيتها، لأنها اختارت لها دور الناقدة الاجتماعية والسياسية التي تقوم بتحليل الواقع ونقده بشكل جدي.

الرواية تصور سلوكيات المجتمع الكويتي الغارق في الماديات والاستهلاك بشكل كبير من دون وعي جدي بهشاشة واقعه الاجتماعي اليوم بحيث أن: «المجوهرات التي أصبحت موضة رغم سعرها المرتفع، لفتت انتباه الكل من طالبات الجامعة والموظفات وسيدات المجتمع، يتسابقن للحصول على قطعة منها. تعرف أحلام أن خاتم مضاوي الأبيض أصلي، وكذلك قرطي مريم، بينما قلادة نورية ذات الفص الأخضر من المجموعة نفسها اشترتها من صائغ مجوهرات معروف في منطقة الشويخ يجيد تقليد الماركات العالمية وبيعها بسعر أقل».

وهذا الاستهلاك الاستعراضي حقيقة يعبر عن نظرة الشعب للسعادة التي تتحقق بالاستهلاك الاستعراضي إذ يؤكد أدورنو: «الإنسان يرى أنه من غير الممكن فصل السعادة عن الاستهلاك الاستعراضي». فأحلام سيدة أربعينية ذات حسب ونسب وماض ثري تحاول أن تساير الزمن بصورة اجتماعية مؤرشفة من ماضيها الجميل، حيث الثراء الحقيقي، وقت ندرة لبس الماركة، والمجوهرات، تتخلى عن السمعة والصيت اللذين ورثتهما عن أبيها، لترتبط بمنصور لافي ذلك التاجر المرابي، بسبب رغبتها الحقيقية في أن تعيش وفق نسق حياتها في الماضي، وهذا يعني أن علاقة سيدة مثل أحلام بالماضي هي مجرد علاقة مادية محضة، لذا تنازلت عن فكرة المحافظة على اسم والدها العريق والمعروف بأخلاقه، ولوثته بالارتباط بإنسان فاسد. ولهذا حقيقة دلالة عميقة في الإشارة إلى تخلخل القيم الأصيلة في المجتمع وتحولها وانحرافها، بحيث يصبح من السهل الاستغناء عنها في سبيل العيش في حياة مادية مترفة.

وهذه تقودنا إلى الحديث عن شخصية منصور الذي يمثل طبقة من الأثرياء صعدت بسرعة البرق، بسبب تصرفاتها غير الأخلاقية ورشوتها وفسادها، مما يغطي شريحة من المجتمع ظهرت مؤخرا بثرائها غير المبرر، والأدهى من هذا أن المجتمع يعلم بتفاصيل هذا الثراء الفاحش، ولكنه لا يتورع عن التعامل مع هذه الشخصيات ما دامت تحقق لها مصالحها المادية الملموسة، ما يعني أن المجتمع يفكر في تحقيق الغاية من دون الالتفات إلى نوعية هذه الوسيلة، صالحة أم فاسدة أخلاقية أم غير أخلاقية. وهو ما يعبر بشكل صريح عن الهوية الأخلاقية للمجتمع الكويتي كما هو معروض في الرواية. فمن مفاهيم الهوية أيضا ما يستند إلى مجموعة الأخلاق التي تنظم سلوك الفرد. ومن أسوأ نتائج هذه الثقافة الفاسدة هو أن شخصيات مثل منصور لافي تنجح اقتصاديا وسياسيا في صعود قبة البرلمان وتمثيل المجتمع، وهو بالطبع مكان يفترض فيه أن من يصعد إليه يكون على قدر من الأخلاق والمبادئ والعلم الذي يؤهله لقيادة أمة. إذ ترصد الساردة: «يا للسخرية! منصور المرابي خارج السجن يعد لحملته الانتخابية، ويتفاوض لشراء برج (السراب)، وحسين الشاب المؤدب الذي انزلق في درب القروض فتورط، مجرم مخدرات يقضي عقوبة مدتها عشر سنوات في السجن المركزي!».

ومثل هذا الصعود يقود أيضا إلى معضلة أسوأ بكثير من الأولى، وهي أن قضية الديمقراطية تتطلب شعبا واعيا قادرا على ممارسة الديمقراطية والاختيار المناسب لمن يمثله، فمن يمثل الشعب في البرلمان يعني أن يقود البلد داخليا وخارجيا، فلا بد أن يكون هذا ممتلكا للوعي السياسي الكافي للدور الريادي الذي يقوم به، كما يعني أن يكون حاصلا على مؤهل علمي يجعله ثقة من الثقات، والأهم من هذا وذاك يكون حسن السير والسلوك ليكون أمينا على استلام شؤون البلاد وإدارتها بشكل جيد، وإلا هذا يعني سقوطا وتراجعا في الدولة على وجه الخصوص، إن كثرت عينات مثل هؤلاء الأشخاص الفاسدين، وكثر من يشجعهم ويطبل لهم من أفراد الشعب الكويتي، الذي بات يشكل مجتمعا متخاذلا عن قضايا وجوده وقيمه التي تشكل هويته، ويمرر مرشحين فاسدين بجهل منهم أو تواطؤ ضمني بينهم وبين هذا المرشح الفاسد، من أجل تبادل الخدمات والمصالح المشتركة. الرواية كذلك تعرض لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الشعب الكويتي من أكثر من جانب، فأول هذه النقاط:

1- سهولة اندماج المجتمع مع وسائل التواصل الاجتماعي: «إنستغرام» من ثم «سناب جات» من دون أدنى قيود، ما يقود لمفهوم مرونة المجتمع الكويتي في الاندماج مع معطيات الحضارة التقنية، مع وجود أفكار تقليدية صلبة تخص موضوعات الشرف والعقيدة، وهنا يكمن التناقض بين الشكل والمضمون، بين المادة والروح: «قليل من يتابع الأرواح الجميلة المغموسة بمحبرة الأدب، في الوقت الذي تحصد فيه (الفاشينستا) ذات السيقان الطويلة والعدسات الملونة والشفاه الممتلئة (لولو بريتي) استحسان الآلاف، كل صورة تعرضها تلقى صدى، ولو كانت لقنينة مياه فارغة ملقاة قرب إطار سيارتها الرياضية».

2- إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مرآة عاكسة لسطحية المجتمع الكويتي وإغراقه في الماديات، وحرصه على الانغماس في ثقافة الاستهلاك من دون مساءلة جادة في نمط هذه الحياة الجديدة، وما شخصيات الرواية إلا جانب منها. أما الجانب الآخر الذي تغطيه الرواية بنجاح أيضا فهو تصوير هوية الشعب الفضولي والتابع لما يلقى من أخبار في وسائل التواصل الاجتماعي صحيحة أم كاذبة، ذلك الفضول المجتمعي الهش الذي ينبني على الثرثرة والقضايا السطحية، بدلا من الفضول المعرفي الذي يؤسس ثقافة المجتمعات الناجحة: «صرنا فضوليين جدا وتابعين، نراقب الأغراب، ونظن أننا نعرفهم جيدا! نتكلم عنهم ونتبرع في الترويج لهم، نتبنى مواقفهم ونردد نكاتهم وتعليقاتهم وأكاذيبهم، نتسلى بهم كدمى متحدثة، ما إن نسأم منها حتى نلقيها في صندوق التجاهل».

3- إن وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة بديلة للدعاية والتأثير على الآخرين، واستقاء الأخبار، ما يعني تنويع وسائل المعرفة بين رسمية وغير رسمية، وإمكانية تقديم المعلومة حتى ولو حجبتها وسائل الإعلام الرسمية، ولكن هذا يقود إلى إشكاليات متعددة، تكمن في فوضى تقديم المعلومات، وعدم مصداقية البعض، مما يعني الاختراع والتلفيق والكذب من جانب، ونشر معلومات من غير الأخلاقي نشرها بسبب انعدام الوعي الأخلاقي الكافي عند من يملكها. وهذه الرؤية مرتبطة بتحليل المنظرين النقديين الذين «لم يروا في الثقافة الحديثة سوى الخداع والتلاعب، وفي البشر سوى سذج تخدعهم المنظومة وتستغفلهم».

من أهم الأمثلة على ذلك محاولة الفريق الإعلامي لمنصور لافي التعاقد مع صاحبة موقع «قطط إنستغرام»، لعمل دعاية انتخابية له، من باب تقديم عمليات تجميلية لتاريخ منصور لافي المليء بالنقاط السوداء، مما يفتح باب العديد من الأسئلة على ما تروجه وسائل التواصل الاجتماعي من مصداقية بعض الشخصيات، أو زيفها. الجميل أنه رغم هذه النظرة النقدية الواقعية للمجتمع المتفسخ في قيمه ومبادئه تصر بطلة إنستغرام على رفض عرض منصور لافي المغري انتصارا لمبادئها وقيمها: «سبايس هل ترضى أن تكون مفتاحا انتخابيا لكلب أجرب؟»، وهذا أمر يحسب للكاتبة التي أرادت أن تخلق شخصيات قادرة على الفعل الإيجابي رغم سلبية معطيات الحياة الاجتماعية المعاصرة.

فكان البديل هو وكالة (هابي تايم) التي ستقوم بالترويج لمنصور لافي ما دام قادرا على الدفع: «وكالة (هابي تايم) تعتمد على حقيقة أننا في مجتمع استهلاكي نصف أفراده تحت سن العشرين، نجومها الثلاثون أغلبهم شباب من الجنسين لا تتعدى أعمارهم الخامسة والثلاثين، يملكون ما هو مشترك رغم اختلاف شخصياتهم، استعدادهم للتضحية بأشياء كثيرة لقاء الشهرة والمال».

حقيقة مثلما كانت غاية أدورنو في نقده للثقافة الجماهيرية «أن يحرض قراءه على تحدي الوضع القائم، وليس على أن يذعنوا لذلك الوضع»، أرى باسمة العنزي تحــرض قراءها على الالتفات إلى ما آلت إليه الهوية الكويتية وبالتالي التفكير الجاد في تغييرها.

عن موقع جريدة القدس العربي

عدد القدس العربي للمقال بالـ pdf


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.



جريدة الحياة


السبت، ٢٣ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٦
جريدة الحياة
أحمد مجدي همام


«قطط إنستغرام» رواية الواقع عبر فضاء افتراضي


كأنّ الكاتبة الكويتية باسمة العنزي أرادت أن تحفر في علم نفس الـ «سوشيال ميديا» أثناء كتابتها روايتها الجديدة «قطط إنستغرام» (دار العين). في العمل، نجد ثلاثة خطوط متوازية، فالراوية صاحبة موقع «القطط السمينة»، تنشر دورياً صورة لقطها الرمادي «سبايس» وترفق تعليقاتها مع كل صورة، وفي تلك التعليقات تخوض في ما يمكن أن نسميه «النقد المتجمعي»، إذ تعلّق على الوضع الاقتصادي في الكويت، أو بعض التشريعات التي تراها في حاجة إلى تعديل، أو تضخم ثروة أحد الفاسدين... . وتمضي أحداث هذا الخط باعتماد الضمير الأول، أو ضمير «الأنا». الخط الثاني، والمروي بضمير الغائب، يتناول حكاية «أحلام»، المرأة الأربعينة الجميلة، سليلة الأسرة العريقة، والتي جار عليها الزمن، فلم يبق لها سوى بقايا من الجمال، ومنزل يمتلكه مجموعة من الورثة وقد يُباع في أي لحظة، وراتب تقاعدي بالكاد يكفي متطلباتها ويسمح لها بالعيش في مستوى تحاول أن تجعله شبيهاً بأيام عزها وشبابها. وفي الخط نفسه يظهر منصور لافي؛ المراهق المشاغب الذي يكتب كلماته البذيئة على حيطان البيوت، ويثير المشاكل في الشارع والمدرسة، ويحب «أحلام» في صمت. يتحول منصور إلى رجل أعمال ممن يصح أن نسميهم «الحيتان»، بحيث يعمل بالربا الفاحش، يقرض المتعثرين، ثم يسترد منهم أضعاف ما أقرضهم أو يلقي بهم في السجن اعتماداً على قانون تجريم الشيكات من دون رصيد.

يتمثّل الخط الثالث، العالق بين العالمين السابقين، في الفصول القليلة التي جاءت مروية على لسان حامد، شقيق المدوّنة صاحبة القطة، وضحية منصور لافي، حيث تمّ الزج بحامد في السجن لثلاث سنوات إثر قضية بسبب شيك من دون رصيد لحساب منصور لافي.

يجري حامد، من سجنه، بحوثاً على المساجين واستقصاءات ويعد بعدها تقريراً احترافياً يقدمه إلى الجهات المعنية، بدعم من أبي شافي؛ مأمور السجن، ليتم على إثره مناقشة قانون عقوبة الشيك من دون رصيد. وبصعوبة بالغة ينجح التقرير في انتزاع تعديل تشريعي يخفّض درجة تلك القضايا من جناية إلى جنحة.

بعد الإفراج عنه، يغادر حامد إلى الأردن ويعمل كوسيط عقاري للخليجيين، وعبر سبع سنوات - بخلاف الثلاث اللواتي قضاها في السجن - يعمل على تسديد ديونه، ويبقى هارباً خائفاً في الأردن لا يستطيع العودة إلى وطنه للدفاع عن سمعته وسمعة عائلته.

اللافت في «قطط إنستغرام» هو استخدام الروائية لمواقع التواصل الاجتماعي كفضاء للعمل، حيث تدور الكثير من المناوشات، بل ونطل على المدينة (الكويت العاصمة) من هذه الكوة. لتلك المواقع قواعدها وأعرافها وشروطها، تمنح صاحبها الحق في تقييم الآخرين من وراء ستار، وتغريه بالتغوّل والانفصال عن شخصيته الحقيقية، وربما هذا ما حدث مع صاحبة صفحة «القطط السمينة»، والتي اتخذت قطها «سبايس» كشخصية تتخفى خلفها لتنتقد القطط السمينة الحقيقية، تلك التي لها كروش تبتلع خيرات البلاد، رسالة هجاء بيّنة ضد الرأسمالية المحليّة. وعليه، فإن الهم المجتمعي، كان جزءاً مما شغل بال العنزي عند كتابتها النص.

«قطط إنستغرام»، رواية تشتبك بالواقع، وتلتحم بالراهن، عبر نافذة افتراضية تخييلية، هذه المفارقة بين التخييل الافتراضي، والواقع الراهن، منحت العمل عنصر التشويق، وجعلت الفصول تتعاقب بإيقاع هادئ لكنه يتسم بسلاسة ونعومة تشبه التجوّل في ما يسمى مواقع «السوشيال ميديا».

تمتلك باسمة العنزي لغة سائلة بلا فقدان للتناغم الداخلي، إلا أن ذلك لم يمنع بعض الارتباك من التسلل إلى المتلقي عندما يرى أن السرد فصيح، والحوار كذلك بالفصحى البيضاء، بينما في الفصل (18) مثلاً، والذي يرويه حامد عن حياته في الأردن تختلط اللهجات الشامية والعراقية والأردنية والمصرية. وربما لو اختارت العنزي أن تجعل الحوار في أغلبه وكذلك تعليقات رواد إنستغرام متفرّقة بين اللهجات في شكل أكثر وضوحاً، لمنح ذلك العمل قدراً أكبر من الصدقية.

تمضي الخطوط الدرامية حين يمضي خط المدوّنة وخط منصور لافي وأحلام إلى الأمام، بينما يمضي خط حامد إلى الخلف، حيث يستعيد ذكريات سنوات السجن وانتصاره في تعديل القانون والإفراج عنه والفرار إلى عمّان وما استتبع ذلك من إحساسه الدائم بالخذلان وفقدان حياته. بينما بتعاقب الفصول تتلقى المدونة عرضاً من «زيد البيّاع»، سكرتير منصور لافي، لتنخرط ضمن حملة الدعاية الانتخابية لحساب لافي الذي ينوي الترشح إلى البرلمان. وعندما ترفض المدوّنة ذلك، بسبب فساد لافي. ولأنه الشخص الذي حبس شقيقها، يقوم المليونير الفاسد بفضح أمرها ويكشفها أمام أحلام والأخريات، فيتم نبذها، وتخسر المنصة التي كانت تطل منها.

أما علاقة الحب التي تجمع منصور بأحلام، وهي من المناطق المثيرة للتأمل والإعجاب في الرواية، نظراً الى الطريقة التي يتم بها عرض شخصية منصور لافي في مساحة رمادية غائمة، فهو من جهة رجل ذو نفوذ وحظوة ويستطيع سحق الآخرين من دون رحمة، ومن الجهة الأخرى هو عاشق رقيق، يجيد الغزل ولغة العيون، ويسهر الليالي في وصال حبيبته.

ينجح لافي في الفوز بعضوية مجلس الأمة، ويتزوج من حبيبة طفولته أحلام، وفي المقابل، تخسر المدوّنة الشابة كل شيء: «سبايس» الذي يخرج من المنزل ولا يعود اليه بعد أن تسممه البلدية في حملتها ضد قطط الشوارع، وصديقتها أحلام التي تزوجت من لافي، ومنصتها على الإنترنت. هكذا ينتصر رأس المال، ليواصل المليونير الشاب مساعيه لشراء «برج السراب»؛ أحد معاقل الاقتصاد الكويتي وجزء من شخصية المدينة. الموضوع هنا يتجاوز الإشارات والإيماءات، ويصل إلى الإقرار المباشر بنتيجة الصراع بين رأس المال الفاسد والمتغوّل، وبين بعض الأصوات المعارضة التي لا تمتلك سوى كلماتها مدعّمة بما هو متاح من وثائق وأرقام رسمية.

رواية «قطط انستغرام» - وهي الثانية في رصيد كاتبتها - نصٌ يؤمن بدور مجتمعي للرواية، أو على الأقل يشتغل على صياغة الشأن العام في شكل جمالي فني، وبطرائق سردية ناجزة.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)