قصر السلاملك في الإسكندرية

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


الخميس، ٤ فبراير/ شباط ٢٠١٦
جريدة الحياة
الإسكندرية – سامر سليمان


قصر السلاملك في الإسكندرية يرتدي ثوب الحداثة


ينجذب السياح إلى القصور الأثرية بفضل فـــضاءاتـها الــتاريــخـية وأجوائها المخملية التي تعيد الزوّار إلى قرون مضت، فتتحرر عقولهم من ذاكرة اللحظة، للاستمتاع بكل ما تمثله من قيمة تاريخية وسياسية ومعمارية، أو حتى من باب الفضول للتعرف إلى طريقة عيش الأثرياء أو الزعماء أو الملوك.

وفي إطار تطوير هذه السياحة، يجري العمل في مشروع ترميم قصر السلاملك الأثري بمنطقة المنتزه السياحية في الإسكندرية.

يعد قصر السلاملك أحد أجمل قصور أسرة محمد علي وأقدمها، بناه آخر خديوي لمصر والسودان عباس حلمي الثاني (1874-1944)، وقد أمر مهندس القصور الخديوية اليوناني ديمتري فابريشيوس ببناء القصر عام 1892 ليكون استراحة له ولصديقته الهنغارية الكونتيسة ماي توروك هون زندو التي أغرم بها وتزوجها واعتنقت الإسلام وسمّاها «جاويدان هانم».

لم يستمر الزواج طويلاً، وعملت «الهانم» ممثلة عقب طلاقها في العام 1913، لكنها لم تتكيف مع التقاليد الشرقية التي طالما انتقدت فيها حياة الحريم وعزلهن. عقب الطلاق تحول القصر إلى المقر الصيفي الملكي للخديوي وزوجته الأولى إقبال هانم، وفي عهد الملك فاروق خصص ليكون مكتباً للملك ومقر الضيافة الخاصة.

يقول الباحث في التراث المصري الدكتور عبدالستار خليفة: «السلاملك كلمة أصلها السلاملق وهو لفظ عثماني يقصد به مكان أو جناح في القصر، يعد لاستقبال الضيوف والزوار الأجانب واجتماع الرجال». ويلفت إلى أن القصر بني فوق تلة صغيرة في مكان هادئ وسط أشجار غابة الجزورينا الكثيفة الخضراء على الطراز المفضل للكونتيسة، وهو الطراز النمسوي. ويتميز القصر بقبابه المتعددة وأبراجه المستدقة من أعلى على الطراز القوطي وفتحاته وتجليد الخشب على طراز النهضة السائد في تلك الفترة. وفيه ديكور أوروبي ومجموعة متنوعة من الأثاث الذي وُزّعت قطعه بالطريقة الإمبراطورية الفرنسية. ويضم القصر ست غرف فخمة و14 جناحاً أهمها الجناح الملكي الذي تبلغ مساحته 120 متراً مربعاً، والمصمم على الطراز الروماني، والحجرة البلورية التي صممت للملكة الجميلة ذات العينين الزرقاوين، وسميت بهذا الاسم لما تحويه من أثاث من البلور والكريستال الأزرق النقي.

ويضيف خليفة: «تظهر معالم الفخامة بوضوح في الجداريات والتحف وثريات الكريستال الضخمة. وتتمتع الغرف بإطلالة رائعة مباشرة على حدائق المنتزه التي تطل على صخور وخلجان طبيعية. وما زال القصر يحتفظ ببعض مُقتنيات الأسرة الملكية، وأهمها سرير الملكة نازلي وكرسيان ظهراهما على شكل الفيل من طراز نابليون. كما يضم القصر المكتب الملكي الرسميّ الخاص بفاروق».

وتضم حديقة القصر عدداً من المدافع الإيطالية التي أحضرها الملك أحمد فؤاد من إيطاليا لصد أي هجوم من جهة البحر، بحسب المدير العام لمنطقة الإسكندرية للآثار الإسلامية والقبطية محمد متولي. وخلال فترة الحرب العالمية الأولى استخدم القصر كمستشفى ميداني للجنود الإنكليز، عقب عزل الخديوي عباس في كانون الأول (ديسمبر) 1914.

مشاهير في القصر

استقبل القصر العديد من المشاهير والفنانين العالميين والنبلاء والأمراء من دول أوروبية وعربية حتى ثورة 1952 التي أطاحت الملك فاروق، ثم انتقلت ملكيته إلى وزارة الثقافة. وفي عهد الرئيس جمال عبدالناصر تسلمته شركة إيطالية لتطويره، فأضافت كبائن للاصطياف وتحول قصر السلاملك إلى «الفُندق الملكي لحضور التاريخ» من فئة 5 نجوم.

ومن أشهر من نزل في القصر الأمير لودفيغ الثالث أمير بافاريا، ورئيس وزراء بريطانيا هارولد ويلسون، ونائب ملك الدنمارك فردريك التاسع، والممثلة البريطانية جوان كولينز أثناء تصويرها فيلماً في مصر، والفنانون هند رستم ومريم فخر الدين وعمر الشريف وأحمد رمزي...

ويقدر أن تتجاوز كلفة مشروع الترميم 120 مليون جنيه، بهدف تحديث المنظومة السياحية مع مراعاة الأبعاد التراثية والثوابت المعمارية والجمالية. وتشمل أعمال التطوير، إضافة إلى ترميم القصر وتجديده، تطوير حديقة «قطر الندى» وتحويلها منطقة احتفالات مفتوحة، وتطوير الكازينو القديم الملحق بها ليصبح فندقاً جديداً بسعة ١٦ جناحاً، تحت اسم «القصر الصغير». كما سيجري تطوير منطقة «قصر الحلواني» في المنطقة ذاتها، وتحويله إلى أكبر قاعة احتفالات ملكية في المنطقة، وترميم مدافعه الأثرية لعرضها في الباحة الخارجية للقصر.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عن الصورة

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)