قبل الحب بقليل، أمين الزاوي (الجزائر)، رواية منشورات ضفاف - منشورات الإختلاف - 2015

, بقلم محمد بكري


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977


جريدة العرب
نُشر في 11-06-2016، العدد: 10303، ص(16)
الصفحة : ثقافة
العرب - الجزائر


مساءلة المثقفين والسلطة في رواية جزائرية


أبطال رواية ’قبل الحب بقليل’ يتداولون حكاياتهم المحملة بالحب والهم السياسي والإنساني من خلال رصد التغيرات السياسية والثقافية القاسية للجزائر.

يستدعي الكاتب والروائي الجزائري أمين الزاوي في أثره الأخير “قبل الحب بقليل” وهو عمل أقرب إلى أن يوصف بأبجدية للعشق والسلطة، شخوصه من نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات عبر متتالية حكائية مميزة تسائل أراء النخبة السياسية آنذاك.

تمضي حكاية هابيل وسارة -وهما البطلان الرئيسيان- في الرواية، الصادرة في نشر مشترك بين الاختلاف الجزائرية وكلمة التونسية وضفاف اللبنانية، وهما يرصدان التغيرات السياسية والثقافية القاسية للبلاد عبر حكايتهما والحكايات المجاورة لها.

هابيل الذي يجد نفسه بمحض الصدفة بائع كتب يقيم في مستودع (كاراج) عند البابا سليمان يتحول تدريجيا إلى قارئ بعد أن يتأثر بمضيفه، في غضون ذلك يحكي حبه المبكر لهاجر أولا ثم لسارة.

حكى البابا سليمان حبه للسيدة دانييل ديفا التي اختارت الوقوف إلى جانب الثورة الجزائرية، ويستغرق في قراءة رواية “الطاعون” لألبير كامو الذي “اختار أمه” بينما يتكرر الحديث عن “جرذان الأفكارالجديدة” التي تنهش وهران وتغير وجهها.

تبدو علاقة حب هابيل بسارة ضبابية تتخللها تفاصيل كل منهما على حدة أكثر من تفاصيلهما معا، حيث تتزوج سارة بالجنرال سي سفيان وهو عسكري ومجاهد سابق يحمل الكثير من الأسرار التي لا يفكر في تحريرها بعد أن يصيبه الزهايمر.

يتداول أبطال الرواية حكاياتهم المحملة بالحب والهم السياسي والإنساني، فالبابا سليمان والجنرال سي سفيان رغم مسارهما التاريخي المشترك يفترقان، إذ تعلو مراتب سي سفيان بينما يجد القارئ والمثقف سليمان نفسه حارس مستودع.

ويمثل المخرج هيتشكوك نموذجا للفنان والمثقف الذي يحمل مشروعا حقيقيا في جو غائم ومفلس، وعشية تغيرات أيديولوجية يعيشها المجتمع كله بظهور طبقة من المتدينين الذين يرفضون هذا النموذج، في النهاية يقتل الفنان على يد مجهولين.

لا يقف الزاوي على حكاية واحدة؛ فهو يقترح دوامة حكايات بأصوات متعددة يستعيدها في كل مرة هابيل، بدءا من فتاة القرية سارة التي تركب شاحنة تقلها بعيدا عن قريتها نحو وهران، إلى فتاة العم التي تستعيد حبيبها بعد فرار زوجها ليلة دخلتها فيكون بديله، إلى ليلى التي تحب الفنان المهووس بهيتشكوك وتتزوجه وتنجب له أطفالا فيفر منها في سبيل فنه.

لا تخلو رواية الزاوي من رموز السلطة، بل ربما كان من أبرز ما بنيت عليه هو السلطة وحبها فالجنرال تماما كما الكرسي الذي التصق به والد الراوي هابيل رمزا سلطة.

لا يكف الزاوي عن استعادة وهران التي حضرت بكثافة نوستالجية أحيانا، بشوارعها وطقوسها وحالاتها، بصباحاتها ومساءاتها ونصفيها اللذين يتداولان الليل والنهار وبتناقضاتها الصارخة أيضا.

عن موقع جريدة العرب اللندنية

المقال بالـ PDF


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977

صحيفة العرب© جميع الحقوق محفوظة

يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)