في حضرة سلطان العاشقين ابن الفارض

, بقلم محمد بكري


موقع رصيف 22


موقع رصيف 22
الأحد 26 أبريل 2020
خالد محمّد عبده


كلّ شيءٍ في الوجودِ يمثّل صورة الحبيب... في حضرة سلطان العاشقين ابن الفارض



في السابع من تموز/ يوليو 1928، سجلت ميّ زيادة زيارتها لضريح ابن الفارض، في مقال نُشر في جريدة الأهرام المصرية، بلغةٍ سرت كهرباءُ ابن الفارض فيها، وبدت مفتونة به فتنة جعلتها تصف سلطان العاشقين بالفريد، ليس بين شعراء العرب فحسب، بل بين شعراء الغرب كذلك، فقد أغمض عينيه عن جميع شؤون العالم ليحدّق في لب الحياة، وأعرض عن أغراض الدنيا وهوس المطامع، ليخلق من شعره صيحة واحدة، من الحب للحب، وهي كل الحب، فهو القائل:

إذا لاحَ معنى الحُسنِ في أيّ صورَة/ وناحَ مُعنّى الحُزنِ في أيّ سُورَةِ

يُشاهِدُها فِكري بِطَرفِ تَخيّلي/ ويسمعُها ذكرى بمسمَعِ فِطنتي

ويُحضرها للنَّفسِ وهمي تصوُّراً/ فيحسَبُها في الحِسّ فَهمي، نديمتي

فأعجبُ من سُكري بغيرِ مُدامة/ وأطربُ في سرِّي ومني طربتي

فيرقصُ قلبي وارتعاشُ مفاصلي/ يصفِّقُ كالشَّادي وروحيَ قينتي

كلّ شيءٍ في الوجودِ يمثّل صورة الحبيب

شهد ابن الفارض لنفسه بالسلطنة الوجدانية في مواضع كثيرة من شعره، فجعل نفسه إمام العاشقين ومحبوبه إمام الملاح، فهل كان حامل لواء الشعر الصوفي ورائده العربي؟ أم أنه مدين بخلود شعره لنزعته الصوفية، ولولا التصوف لانطمس ذكره وانصرف الناس عن الاهتمام به، كما تساءل زكي مبارك في بحثه الذي أنجزه عام 1934؟ هل وجهّت دراسة زكي مبارك أنظار القراء لدراسة أشعار ابن الفارض كما تمنّى؟

لماذا نالت دراسة محمّد مصطفى حلمي عن “ابن الفارض والحب الإلهي” ذيوعاً وشهرة رغم صدورها عام 1940؟ هل لأنها مكتوبة فوق روحها العلمية، بذوق المؤمن وأدب المتصوف، ويلمس فيها القارئ نفحات روحية صادقة استمدها المؤلف من روحية شاعرنا الصوفي، كما يصفها محمد خفاجي، الأديب الصوفي عام 1950؟ أو كما يقدّرها أبو الوفا التفتازاني، حسب إعلانه عن سبب إقباله على دراسة التصوف، قائلاً: “وقد حبّبني هذا الكتاب وأنا طالب بقسم الفلسفة بكلية الآداب في التصوف الإسلامي، ودفعني بعد تخرّجي إلى التخصص فيه، ولعل هذا نفحة من نفحات الحب سرت إليّ من ابن الفارض وباحثه المتصوف”، ومن هنا عاد للكتابة عن فتنة الحب لابن الفارض عام 1973.

ابن الفارض: قراءات لنصّه عبر التاريخ

عاش ابن الفارض حياة الحب الإلهي وتغنى به في رياض التصوف حتى أضحى لقبه بين الناس سلطان العاشقين. كتب عنه أهل الشرق والغرب، وترجم شعره إلى لغات عديدة، وتناول الباحثون ديوانه بالقراءة والتحليل والكشف عن مواطنه الجمالية وأبعاده الصوفية، وردّ منابته إلى الشعر العربي القديم، لذا من الصعب الحديث عما كُتب حول هذا الصوفي في مقالة أو بحث، وليس من باب المبالغة أن نقول إن عملاً إحصائياً لما كُتب عن ابن الفارض وشعره يستحق كتاباً مستقلاً، لذا ستركز هذه المقالة على قراءة غير مشهورة لابن الفارض وشعره، هي قراءة وحيد بهمردي، الأستاذ بالجامعة اللبنانية الأميركية.

عن موقع رصيف 22

حقوق النشر

تم نقل هذا المقال بهدف تربوي وبصفة غير تجارية بناء على ما جاء في الفقرة الثانية من الفقرة 5 من شروط استخدام موقع رصيف 22 الإلكتروني على الموقع الإلكتروني “رصيف 22” :

... علماً أن الموقع يحترم، بالقدر الذي نقتبس فيه المواد من حين لآخر من مصادر أخرى بغية دعم مختلف التفسيرات والمؤلفات الواردة في هذا السياق، حق الآخرين في “الاستخدام العادل” للمواد التي يتضمنها الموقع؛ وبناءً على ذلك، فإنه يجوز للمستخدم من حين لآخر، اقتباس واستخدام المواد الموجودة على الموقع الإلكتروني بما يتماشى مع مبادئ “الاستخدام العادل”.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)