فيلم اميركي طويل، زياد رحباني (لبنان)، مسرحية وفيلم

, بقلم محمد بكري


 فيلم اميركي طويل - تعريف


تدور أحداث المسرحية في مستشفى المجانين و تتواجدا لشخصيات في مجموعة كبيرة على خشبة المسرح بتناغم رائع وكل شخصية تعبر عن فئة من فئات المجتمع اللبناني. والمسرحية تتكلم بشكل أساسي عن الحرب الأهلية بلبنان وعن فترة لحرب الصعبة والفرز الطائفي... يتخلل المسرحية مجموعة من الأغاني يغنيها جوزيف صقر.

ﺇﺧﺮاﺝ : زياد الرحباني

ﺗﺄﻟﻴﻒ : زياد الرحباني

طاقم العمل : زياد الرحباني - جوزيف صقر - زياد أبو عبسي - سامي حواط - توفيق فروخ - كارمن لبس.

لقراءة المزيد على موقع السينما.كوم



 الاستماع لمسرحية فيلم اميركي طويل كاملة



رابط آخرر




 الاستماع لمسرحية فيلم اميركي طويل ج 1



رابط آخر




 الاستماع لمسرحية فيلم اميركي طويل ج 2



رابط آخر




 الاستماع لمسرحية فيلم اميركي طويل ج 3



رابط آخر




 مقال جريدة الحياة اللندنية


الأربعاء، ١٢ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٦
جريدة الحياة
عبده وازن


فيلم زياد الرحباني «الأميركي» ... لا يزال طويلاً


جمهور مسرحية زياد الرحباني «فيلم أميركي طويل» التي قدمها العام 1980 في أوج الحرب الأهلية التي قسمت بيروت مدينتين، لا يقل بتاتاً عن جمهور مسرحية «بالنسبة لبكرا شو؟» التي قدمها في 1978. الجمهور نفسه، جمهور زياد، سواء المخضرم الذي شاهد المسرحيتين او الشاب الذي لم يتمكن من مشاهدتهما على الخشبة، يكاد يحفظهما غيباً في ما تحملان من «قفشات» ونكات وتعابير ساخرة وأغاني بديعة أداها ببراعته المغني الراحل جوزف صقر. ومثلما خرجت مسرحية «بالنسبة لبكرا شو؟» العام الماضي في صيغة «سينمائية» مرممة وحصدت نجاحاً شعبياً كبيراً، ها هي مسرحية «فيلم أميركي طويل» تخرج ايضاً إلى الصالات، لتحقق حلم الجمهور «الزيادي» الذي ينتظر مشاهدتها ومشاهدة «أبطالها» ولا سيما «رشيد» الذي أداه زياد نفسه.

مشاهدة المسرحية قبل ستة وثلاثين عاماً في قلب الحرب الأهلية تختلف عن مشاهدتها الآن، ولو أن الأسئلة التي تطرحها، سياسياً وطائفياً، ما برحت مطروحة وربما بإلحاح شديد بعدما أضيف الصراع المذهبي الذي كرسه حزب الله إلى الصراع الطائفي الذي عاشه ويعيشه معظم اللبنانيين، علانية أو خلف الأقنعة.

لا تزال المسرحية راهنة جداً، وفكرة المصح النفساني الذي رمى زياد فيه الأشخاص الذين اختارهم وهم يمثلون شرائح كبيرة من الشعب «العنيد» ما زالت ممكنة. فـ «الأمراض» النفسانية في لبنان ازدادت (وفق الإحصاءات الرسمية) وكذلك أحوال الانقسام والكراهية الوطنية والفساد والتنابذ والصراع على الحصص داخل الطوائف والمذاهب وإلغاء الآخر «اللبناني»... ويمكن القول إن «مصح» زياد بات ضيقاً بأشخاصه المرضى وهم تسعة إضافة إلى الطبيب وفريق التمريض.

حتى وإن اختار زياد مرضاه بصفتهم نماذج من مجتمع الحرب، فهو شاءهم في الحين نفسه أشخاصاً حقيقيين أو بشراً من لحم ودم وليس فقط من أفكار. والعقد النفسية أو الانفصامات أو الأمراض التي يعانونها هي حقيقية ولكن «مضخمة» في معنى مسرح الغروتسك أو البورلسك. إنها أولاً وآخراً شخصيات مسرحية، تتراوح بين الكوميديا والتراجيديا، بل هي تدمج بين هذين النوعين لتخلص إلى ملامح طريفة جداً، هزلية ومأسوية. رشيد (زياد الرحباني)، قاسم (بطرس فرح)، نزار (محمد كلش)، عبد الأمير (رفيق نجم)، هاني (سامي حواط)، أبوليلى (جوزف صقر)، عمر (توفيق فروخ)، زافين (غازاروس ألطونيان)، إدوار (زياد أبو عبسي)، الدكتور (بيار جماجيان)... جميعهم شخصيات «زيادية» وممثلون ينضمون إلى ما يمكن تسميته «فريق» زياد وليس فرقته، ومعظمهم وسموا بالأدوار التي أدوها في مسرح زياد ولو لم تكن كثيرة.

ومعروف أن زياد لا يولي العمل على الممثلين اهتماماً كبيراً، ولا يخضعهم كمخرج لمنهج أدائي واضح أو محدد. إنهم يؤدون أدوارهم وكأنهم أسرة واحدة، يفهم الواحد الآخر ويتبادلون جميعاً اللعب بحرية وأحياناً بفوضى، وعلى هوى زياد نفسه. إنهم يحيون أدوارهم لا في المنطق «الواقعي النفسي» الصارم بل عبر منطق مفتوح يتيح لهم أن «يترحرحوا» في الأداء ويتنقلوا بين موقف وآخر وفق مزاجهم الشخصي والمزاج المسرحي العام. ويظل زياد هو العين التي تراقب ولكن ليس عن كثب. ولعل هنا تكمن خصائص مسرح زياد القائم أولاً على: الحوار، القفشات والتراكيب اللغوية أو الكلامية اللامعة، الأغنية والموسيقى، الحركة غير المضبوطة التي تلبي المواقف... ثم يأتي الإخراج والإضاءة والسينوغرافيا (ينجح دوماً غازي قهوجي في ابتكارها)، هذه العناصر جعلت من مسرح زياد مسرحاً شعبياً بامتياز، مسرحاً حقيقياً وحيّاً، ملتزماً، سياسياً و «إنسانوياً»، مسرحاً غنائياً ولكن في مفهوم جديد للغنائية.

ليس المهم أن زياد كان سباقاً في رؤيته التشاؤمية إلى الواقع اللبناني الذي ازداد تأزماً بعد الأعوام الستة والثلاثين، فهو وضع أصابعه على الجروح التي تعتري الجسد اللبناني وفضح الأمراض التي يعانيها معظم المواطنين، من دون أن يؤدي دور المحلل السياسي أو الباحث أو المنظر. وليس العنوان الفاضح الذي اختاره لمسرحيته - في دلالة إلى الدور السلبي الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية - إلا مقولة كانت شائعة ولا تزال وقد أضيف إليها الآن وفي السياق الدور الروسي السلبي وكذلك الإيراني... أميركا وروسيا وإيران والغرب عموماً أصبحت كلها في قفص الاتهام وإن كانت أميركا هي اللاعب الأمهر. ومع أن زياد كان في تلك الآونة ينتمي إلى اليسار وقد هجر المنطقة الشرقية ليقيم في الغربية، فهو لا يتهاون مع الحركة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية التي غرقت في وحول الحرب الأهلية، تماماً مثلما لم يتهاون مع اليمين المسيحي، ساعياً إلى إضفاء الصفة العبثية على هذه الحرب ساخراً من جماعاتها سخرية مرة. فهذا نزار الناشط اليساري في الحركة الوطنية يشعر أن العلاقات الملتبسة بين أطراف النزاع خانت مبادئه والقضية عموماً وأصابت منه عطباً في رأسه ففقد المنطق العقلي. أما عبد الأمير، الأستاذ الجامعي الوطني والمعتدل فيضيع خلال عمله على تأليف كتاب عن المؤامرة، في متاهة التناقضات والحقائق المتضاربة حتى ليفقد الوجهة السليمة.

إدوار المسيحي في المصح الذي يقع في الضاحية الجنوبية (الغربية) يعيش حالاً من الخوف المرضي والهجس من الإسلام وكلما ذكر أمامه أسم محمود يرتجف ويهتز. زافين هو المواطن الأرميني الذي يعيش بين الشرقية والغربية وفيهما يملك متجرين لبيع الأدوات الكهربائية (يردد كلمة ستيريو)، وقد تعرض المتجران كلاهما للنسف والسرقة. يمثل زافين الشخصية الأرمينية المنفصمة الهوية بين انتماء أرمني هو الأصل وانتماء لبناني هو التابع، والتي تتنقل بين الشرقية والغربية لعدم مشاركتها في الحرب. هاني يعاني مشكلة الحواجز على اختلافها وهاجسه المرضي هو إبراز الهوية بطاعة تامة. قاسم يعاني الخوف من الفلتان الأمني والتفجيرات والسيارات المفخخة. أبو ليلى وعمر شخصان مدمنان على المخدرات يعالجان في المصح لكنهما يؤمنان بأن نهاية الحرب لا تتم إلا عبر ترويج المخدرات والتحشيش... أما رشيد الذي أدى دوره زياد فهو شخص معاند وعدائي، ارتكب هفوات عدة في الشارع معتدياً على المارة وشاتماً إياهم... وفي رأي هذا المجنون أن الشعب هو المسؤول عن الحرب أولاً وأخيراً... رشيد يشبه زياد الممثل وهو كتب الدور على قياسه مثلما كتب أدوار كل الممثلين على قياسهمم كممثلين وأشخاص.

قد يكون مصح زياد في مسرحية «فيلم أميركي طويل» عبارة عن وطن هو لبنان، لكنه لم يشأ الترميز المباشر بل ترك للممثلين - الشخصيات أن تحول المصح إلى حيّز للعب والتهريج الجميل والجنون والتداعي. بل هو جعل الدكتور والممرضين والممرضات مرضى بدورهم ومرضهم هو الطائفية فيتضاربون داخل المصح مثل المرضى أنفسهم.

لم تفقد مسرحية «فيلم أميركي طويل» فرادتها وطرافتها وسخريتها اللاذعة وبعدها التراجي - كوميدي البديع، بل إنها لا تزال راهنة جداً وواقعية، خصوصاً في لمسها أعمق الجروح اللبنانية: الطائفية. وختاماً لا بد من توجيه تحية إلى الفنانة الراحلة ليال عاصي الرحباني التي تولّت تصوير المسرحية عبر كاميرا سوبر 8. فلولاها لما تمكن الجمهور من مشاهدة المسرحية في صيغتها الجديدة.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.



 مقال جريدة القدس العربي اللندنية


جريدة القدس العربي
السنة الثامنة والعشرون العدد 8621 الخميس 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2016 - 19 محرم 1438 هـ
حسن داوود - روائي لبناني


زياد الرحباني وفيلمه الأمريكي المستعاد


صالة الدخول الفسيحة في «سينما سيتي» كانت قد استعدّت لعرض مسرحية زياد الرحباني «فيلم أمريكي طويل» عملا سينمائيا. قرأنا اسم زياد واسم مسرحيته مُضاءين في الخارج، باللون الأحمر القويّ. وفي الداخل أزيلت ملصقات الأفلام التي تعرضها صالات سينما سيتي ليحل محلها الملصق الخاص بـ»فيلم أمريكي طويل»، وحده مكرّرا في حوالى عشر نسخ ستضاف إليها عشرات بل مئات النسخ الأخرى ستوزّع على الخارجين من الصالة بعد انتهاء الفيلم.

في الداخل كان الموظفون يستقبلون القادمين استقبالا احتفاليا، أما الحضور فأكثرهم من المدعوّين، وهذا ما يفسّر بقاء الصفوف القليلة الأولى من الصالة خالية. كان عرضا أوليا سبق العرض التجاري الذي سيبدأ بعد نحو أسبوعين من تلك الأمسية. الحاضرون هم من أهل الفن ومن الإعلاميين على الأغلب، وبعض هؤلاء كان أتيح له أن يشاهد المسرحية جارية على الخشبة قبل ما يزيد عن الخمسة والثلاثين عاما. الرجل الجالس إلى جانبي كان من هؤلاء، وهو أقبل على الحضور برغبة عارمة ترجع ربما إلى رغبته في استعادة ما كان أمتعه في ذلك الزمن. لم يتحسب لإمكان تغيّر ذائقته بين 1980 والآن حيث هو في 2016، ذاك أن صورة زياد وحضوره لم يُفوَّتا على الرغم من طول تلك المدّة. فزياد ظلّ حاضرا في تلك السنوات كلّها. ظلّ ظهوره مترقّبا على الدوام، سواء تعلّق ذلك بفنّه أو بشخصه، أو بكليهما معا طالما أن الفصل بينهما، في ما خصّه هو زياد الرحباني، صعب. إنه هو كلّه، مجتمعة فيه مسرحياته وأغانيه وشخصه وطريقته في الكلام التي أصابت اللبنانيين بعدواها فاعتمدوها أسلوبا وطريقة كلما رغبوا في تناول عيشهم بالسخرية.

جاري، الجالس في المقعد الملاصق لمقعدي، كان ينتظر القفشات لكي يرتفع ضحكه، وهو راح يحرّض رفيقه الجالس إلى يمينه على الانتباه إلى ما يسمع. وهذا الأخير كان قليل الاستجابة، ربما بسبب ابتعاده الطويل عن لبنان كما فهمت، وغيابه عما اشترك فيه اللبنانيون في تلك السنوات الماضية الكثيرة. كان قد جاء إلى السينما ظانا أنه إزاء عمل سينمائي قائم بذاته، غير معنيّ بتلك الاستعادة الاحتفالية التي استجلبت فضول الجميع، ابتداء من «بالنسبة لبكرا شو» (وهي مسرحية زياد الأخرى التي سبق تحويلها فيلما سينمائيا). في أحيان كان هذا يردّ على ما يقوله صاحبه باللامبالاة، تلك التي تصاعدت بعد حين لتتحوّل إلى احتجاج هامس يقول فيه إنه جيء به إلى فيلم يُضجره. وهو ما لبث أن غادر بعد نفاد صبره مواعدا صاحبه أن يلاقيه في الخارج.

الفيلم صُنع ليتاح لمن شاهدوا المسرحية أن يعودوا إلى مشاهدتها، أو تذكّرها، مرّة ثانية، وإذا كان ينبغي إضافة آخرين إلى الاهتمام بالفيلم فهم أولئك الذين لم ينقطعوا عن زياد الرحباني الذي أظهر قدرة متميّزة على تجديد جمهوره. فمسرحياته ما تزال حاضرة، لكن بالصوت وحده تذيعها الإذاعات قطعا متفرّقة. وغالبا ما لا يهتم السامع بردّ ما يسمعه إلى المسرحية التي اقتُطع منها فهو يسمع زياد مخلوطا وممزوجا ومضيفا إلى فنه المسرحي مشاهد من فنه الشخصي يظهره في المقابلات التلفزيونية.

أما الدليل على بقاء «فيلم أمريكي طويل» في ذاكرة من أتوا ليشاهدوها فيلما فيلاحَظ من التعليقات التي كانت تصدر من جمهور الصالة، وفي أحيان من الضحك المتردّد الذي لا يصل إلى حد القهقهة. في ذلك الزمن، في صالة المسرح، كان الضحك والتصفيق مستمرّين حتى انتهاء العرض. جاري، الجالس بجواري هنا في السينما، سألني إن كنت قد شاهدت المسرحية في أوانها، ليعود ويقول لي، ونحن في المقاطع الأخيرة من فيلمها، أنه أُحبط. وهو على أي حال لم يُرجع ذلك إلى سوء السماع والمشاهدة، على الرغم من الجهد الكبير الذي بُذل لترميم الشريط القديم غير الاحترافي، بل إلى أن ما كان حفظه هو أكثر إشراقا وقوة مما شاهده لتوّه. وقد أدركت ماذا يعنيه تماما، فذاكرتي التي بقيت حافظة لجمل من المسرحية – الفيلم كانت قد أحاطت قفشات مثل «لبنان الحرب الأهلية صار لحم بعجين»، أو «أحداث حوادث لبنانية» أو «كلهن محمودات» بالقوة التي صدرت فيها بذلك الزمن. أما هنا، وقد أعيدت إلى الذاكرة كما هي، لكن مع تغيّر الزمان والمكان، فبدت أقلّ وقعا مما كانت في مُشاهدتها الأولى، ثم أن الفيلم الذي أُعلن في مقدّمته أن ما تحمله المسرحية لا يقتصر على زمن واحد، طالما أن مشكلات لبنان باقية لا تحول ولا تزول، جعلنا نتذكّر كيف أن كثيرا من الشخصيات آنذاك، في مطالع الثمانينيات، لم تصل إلى هنا حيث سنة 2016. من هذه مثلا نموذج الشاب اليساري المهموم بمكافحة الإمبريالية، وكذلك الشاب المكتشف لتوّه أن المسلمين (المحمودات) هم في كل مكان حوله، ثم ذاك الثالث المهووس بالبحث عن سبب للمشكلة التي أودت بلبنان إلى الحرب. لكن الأهم بين ما لم يعد موجودا هو القابلية لتناول كل شيء بالفكاهة والضحك. ولأولئك الذين مثل جاري ومثلي كان أكثر ما يجذب النظر والتفكير هو ما خلّفه الزمن على كلام الممثلين، كما على وجوههم أيضا. كانوا صغارا جميعهم، وكانت مشاهدتهم وقد قطعوا شوطا نحو الكهولة تدعونا إلى أن نتذكّر أن أكثر من خمس وثلاثين سنة قد مرّت على ذلك. كانوا صغارا جميعهم، وكنا كذلك نحن أيضا. وهذا ما لم يتوقّف العرض عن تذكيرنا به.

*بعد سنتين من العمل أمكن نقل مسرحية زياد الرحباني «فيلم أمريكي طويل» إلى السينما. كانت الراحلة ليال الرحباني قد صوّرت المسرحية بكاميرا Super 8 عند عرضها في 1980، وها هي تستعاد فيلما بمبادرة من M. MEDIA وقد تولت إنتاجها شركة Mercury.

عن موقع جريدة القدس العربي

المقال في جريدة القدس العربي بالـ pdf


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.



 مقالات جريدة الأخبار اللبنانية


العدد ٣٠١٥ الاثنين ٢٤ تشرين الأول ٢٠١٦
جريدة الأخبار
ادب وفنون


«فيلم أميركي طويل» إلى الشاشة : «العصفورية» باقية وتتمدّد !


مقالات «الأخبار» متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، ٢٠١٠
(يتوجب نسب المقال الى «الأخبار» ‪-‬ يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية ‪-‬ يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص)
لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)