فن الأفيش في السينما المصرية، سامح فتحي (مصر)، تاريخ

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


الجمعة، ١٩ يونيو/ حزيران ٢٠١٥
جريدة الحياة
القاهرة - خالد عزب


«فن الأفيش» ذاكرة «السينما المصرية»


صدر في القاهرة كتاب «فن الأفيش في السينما المصرية» للكاتب سامح فتحي. الكتاب حفل بمئات من نماذج أفيشات السينما المصرية، ما يمكّن من اعتباره سجلاً حافلاً ووثائقياً لها. في الكتاب تتبع سامح فتحي رحلة الأفيش، كما توصل الى العديد من النتائج منها تأثر الأفيش المصري بالأجنبي، وهو ما يعكس سيطرة الغرب على كثير من مناحي الحياة المصرية، حيث أن الفنان المصري يضيف لمسات لتمصير الأفيش، وتكاد هذه الظاهرة تركز على الاقتباس من السينما الأميركية لما لها من تأثير عالمي، فأفيش فيلم «عريس مراتي» الذي أنتج العام 1959 م، مثلاً أخذ من ملصق الفيلم الأجنبي «الطبقة الأرستقراطية» الذي أنتج العام 1956 م، الذي قام ببطولته فرانك سيناترا مع غريس كيلي وبنغ كروسبي.

ويرى سامح فتحي أن الفضل في صناعة الأفيش وفنه يعود إلى الأجانب من الجنسية اليونانية الذين لهم الفضل في وصول فن الأفيش إلى مستويات عالية، إضافة الى أن هؤلاء حملوا تلك الصناعة من بلادهم، وكانت لهم علاقة قوية بفني التصوير الفوتوغرافي والرسم. ومن هذا المنطلق بدأ هؤلاء الذين كانوا في البداية يتمركزون في الإسكندرية بمواكبة ذلك الفن الجديد، وهو فن السينما الذي جاء إلى مصر بعد انطلاقة مباشرة في باريس في كانون الأول (ديسمبر) 1895 فكان أول عرض سينمائي في مدينة القاهرة في 28 كانون الثاني (يناير) 1896. ويسجل للإسكندرية أيضاً صدور أول مطبوعة مهتمة بالفن السابع الوليد آنذاك عام 1924، حين نشر الناقد والمؤرخ السينمائي السيد حسن جمعه مجلة «معرض السينما». ثم شهدت المدينة أيضاً نشرة أخرى بعنوان «مينا فيلم» قبل أن تطلق في القاهرة مجلة «نشرة أولمبيا السينماتوغرافية» عام 1926.

بداية اسكندرانية

وكما شهدت الإسكندرية البداية الأولى لفن السينما، كذلك شهدت بداية فن الإعلان عن السلعة السينمائية باستخدام اللوحة الورقية التي يرسم عليها بعض من مشاهد وأبطال ومواقف مختلفة من الفيلم، الأمر الذي يكون له أثره في جذب الجمهور لدار العرض. وقد أطلق على تلك اللوحة اسم ملصق الفيلم أو الأفيش باللغة الفرنسية والبوستر باللغة الإنكليزية. وقد كانت بداية الأفيش في الإسكندرية على يد هؤلاء اليونانيين الذين كانوا يعيشون بها ويتسمون بمهارات كبيرة في فن الرسم، الأمر الذي مكنهم من الإجادة في فن الأفيش، وامتلاك كل مقوماته. وكان من أشهر هؤلاء اليونانيين، «الخواجة نيكولا» الذي أسس أول ورشة إعلان في مصر كلها، وعلى يديه تخرجت أجيال من الرسامين والخطاطين، وتأسس فن الأفيش «اليدوي». أما مواطنه الخواجة ديمتري، فكانت مساحة ملصقاته الأولى صغيرة (90x 60سم) أي «فرخ» ورق أو «واحد فوليو» بلغة اليونانيين الذين برزوا في هذا الفن. وكان من مميزات هذا الأفيش الأولى أنه سهل اللصق على أي مساحة جدارية في العاصمة أو الأقاليم.

ومع افتتاح أستوديو مصر في العام 1935، كأحد مشاريع شركة مصر للتمثيل والسينما التي أسسها طلعت حرب عام 1925، انتقل الثقل السينمائي إلى القاهرة ولم يطل بعدها المقام بالملصق السينمائي قبل أن ينتقل فنانوه إلى القاهرة بفعل مغريات شركات الإنتاج الموجودة فيها، ليؤسسوا ورشاً عدة ورثها عنهم المصريون لاحقاً بعدما تشربوا سر الصنعة. وكان من أشهر الورش في هذا المجال، ورش إعلان ضخمة مثل ورشة إعلان الثغر (وصاحبها خميس الثغر السكندري أصلاً) وورشة محمد مفتاح، وورشة عبده محمد، وورشة علي جابر، وورشة المصري لصاحبها وحيد شعير، و «مطابع السينما العربية» للفنان جسور، وهي مؤسسة أهلية عملت عشرات الأعوام على تنفيذ ملصقات لمئات الأفلام.

ويؤكد سامح فتحي أن بداية صناعة الملصق المصري بأيد مصرية كانت على يد جيل الرواد المصريين الذي عمل مع اليونانيين متمثلاً في الفنانين راغب وعبدالرحمن. راغب الذي عمل في مجال التمثيل وظهر كشخصية ثانوية مع أنور وجدي في فيلم «العزيمة» رسم العديد من الملصقات من مثل ملصقات أفلام «يحيا الحب» و «شاطئ الغرام» و «قطار الليل» و «سلوا قلبي». وقد تخرج في مدرسته الكثير من رسامي الأفيشات لعل أشهرهم الفنان جسور. كما أن الفنان عبدالرحمن من رواد رسم الأفيش المصري مع راغب، وقد قام برسم العديد من ملصقات الأفلام مثل أفيشات أفلام: «الجريمة والعقاب» و «النمرود» و «قلبي يهواك» و «الهاربة» و «ثمن الحرية « و «غصن الزيتون» و «الأشقياء الثلاثة».

وقد كان الخواجة ديمتري اليوناني الأصل منفذاً لأفيشات عبدالرحمن بعد أن كان متخصصاً في تنفيذ أفيشات مواطنه فاسيليو الذي يعد من أفضل رسامي الأفيش اليونانيين، وظهر مع جسور الذي جعل من الفنان أحمد فؤاد منفذاً أساسياً له، في أواخر الأربعينات، ثم ظهر بعدهما عبدالعزيز ومرسيل اليوناني الأصل، وكان هؤلاء الأربعة هم أهم رسامي الأفيشات المصرية في فترة الخمسينات والستينات. وقد قام مرسيل برسم الكثير من أفيشات السينما المصرية من مثل أفيشات أفلام «لقاء في الغروب» و«حب وحرمان» و«النظارة السوداء» و قصر الشوق» و«بلا عودة» و«أميرة العرب» و«أنا وأمي».

أجيال متلاحقة

ثم تلى هذا الجيل جيل الفنان أنور علي الذي ظهر أواخر الخمسينات ورسم أكبر كم من الأفيشات بداية من السبعينات إلى التسعينات. ثم ظهر الفنان مرتضى أوائل السبعينات، وكان تلميذاً لعبد العزيز الذي اتخذ من الفنان وهيب فهمي منفذاً أساسياً له. وبداية وهيب فهمي في فن الأفيش مع جسور الذي علم وهيب فهمي فن تنفيذ الأفيش على الزنك، وهيب فهمي نفذ في بداياته أفيشين لجسور هما «الغجرية» و «النغم الحزين»، ثم عمل في تنفيذ كل أعمال عبدالعزيز. ومن أوائل الستينات ظهر الفنان خليل الذي رسم أفيشات أفلام عديدة، مثل أفيشات أفلام «المراهقات» و «الحقيقة العارية» و «هجرة الرسول» و «المصيدة» و«العمر أيام» و «بنات في الجامعة» و «حكايتي مع الزمان» و «آه يا ليل يا زمن» و «سقطت في بحر العسل» و«أسياد وعبيد».

ثم ظهر من أواخر السبعينات الفنان أنيس والفنان سامي، وفي أوائل الثمانينات ظهر الفنان آزم (سيد آزم)، وهو من تلاميذ عبدالعزيز، وله بعض الأفيشات الشهيرة مثل أفيشات أفلام «البيه البواب» و«التوت والنبوت». كذلك انضم إلى هؤلاء في مرحلة لاحقة بعض الأسماء المعروفة في الفن التشكيلي، وإن كان بمساهمات أقل كمية، مثل ناجي شاكر الفنان التشكيلي الذي صمم الكثير من الأفيشات من مثل أفيشات أفلام: «جنة الشياطين» و«الأراجوز» و«المصير» و«العاصفة».

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)