عبده جبير يستعيد صداقته وحكاياته مع صاحب “أولاد حارتنا” في ذكرى ميلاده الـ103

, بقلم محمد بكري


جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط
الأحد - 22 صفر 1436 هـ - 14 ديسمبر 2014 مـ
الصفحة : فضاءات
القاهرة : داليا عاصم


عبده جبير : محفوظ.. أنصفته “نوبل” ولم ينصفه النقاد

يستعيد صداقته وحكاياته مع صاحب “أولاد حارتنا” في ذكرى ميلاده الـ103


«بفضل كل الخيال»، كما يعبر، جمع الأديب عبده جبير، ابن جيل السبعينات، أقصوصات من حياته كان بطلها أديب نوبل نجيب محفوظ ونشرها في كتاب صدر أخيرا عن دار «آفاق» للنشر والتوزيع، يجسد فيه محفوظ كما لو كان يعيش فيه، بابتسامته العذبة وروحه النقية، بل كشف لنا عبر 186 صفحة عن «محفوظ» الذي لا نعرفه. «الشرق الأوسط» شاركته استعادة هذه القصص في الذكرى الثالثة بعد المائة لميلاد نجيب محفوظ.

ظهر محفوظ في حياة جبير عام 1966، حينما كان طفلا في المرحلة الثانوية يعيش في مدينة أسوان بصعيد مصر، حينما وقعت عيناه على رواية «ثرثرة فوق النيل» منشورة في كتاب بعد نشرها مسلسلة في «الأهرام»، وكان في طريقة لشراء دواء السكر لوالده، لكنه لم يفكر بشيء سوى في رغبته العارمة في اقتناء الرواية بالنقود التي في حوزته فكان منه أن ابتاعها على الفور كالمسحور، وبعد أن هام بين صفحاتها فوجئ بأنه لم يأت بالدواء لوالده، وبعدها ضل طريقه للمنزل، وغلبه النعاس حتى وجدته دورية بوليس، ولما علم والده قاطعه لمدة عام، وبعدها رفض أن يكمل تعليمه بالقاهرة رافضا انسياقه لعالم الأدب؛ مما دفعه للهرب إلى القاهرة، وبها عاش على العدس والفول والجرجير والماء حتى ساءت صحته وأصيب بالسل، لكنه تجاوز المحنة، بينما ظلت القطيعة بينه وبين والده لأكثر من 15 سنة. تلك هي القصة الأولى في الكتاب الذي يضم 11 قصة تروي فصولا من حياة جبير ومحفوظ. يتذكر جبير: «محفوظ قرأ أغلب القصص وحدثني عنها وفوجئ بقصتي مع (ثرثرة فوق النيل)، وأذكر أنه قال مازحا: لو كنت أعرف أن الرواية ديه كانت حتتسبب في خناقة بينك وبين والدك مكنتش كتبتها»، ويضيف: «كل القصص نشرتها في حياته وكل قصة كان لها ظروفها، ونشرت متفرقة في صحف ومجلات، وأغلب مادة هذا الكتاب كانت موجودة في حوزتي منذ فترة طويلة، لكن كنت أمر بمرحلة غريبة بسبب الأحداث المريرة التي كانت مصر تمر بها من قبل 25 يناير (كانون الثاني) بعدة سنوات، فقد فقدت قدرتي على الكتابة بشكل مستمر ويومي، لكن أثناء تصفحي لأرشيفي وجدت أنها تصلح لكتاب، ومع ثورة 30 يونيو أحسست بأن روحي عادت إليّ، واستطعت الجلوس وإعادة النظر في أعمالي التي كانت تحتاج للمسات الأخيرة، وتشجيعا لنفسي بدأت بالكتب التي لم تكن تحتاج لأكثر من مقدمة، ووجدت أمامي 5 كتب كان أولها هو كتاب (نجيب محفوظ)، ولم يكن ينقصه سوى إعادة صياغة القصة الأولى والمقدمة، ودفعت بالكتاب إلى المطبعة بعد 20 يوما».

لكن جبير لم يرو تفاصيل أول لقاء حقيقي بمحفوظ في كتابه، فعاد بذاكرته مع «الشرق الأوسط»: «تعرفت على الوسط الثقافي في القاهرة عام 1969 حينما التقيت بصديقي شاعر العامية الكبير نجيب شهاب الدين، فهو الذي أخذني إلى مقهى إيزافيتش ثم مقهى ريش وهناك تعرفت إلى أمل دنقل، ويحيى الطاهر عبد الله، وبهاء طاهر، ومحمد البساطي، وغالب هلسا، وتعرفت على محفوظ في ندوة يوم الجمعة من خلال جلوسي في ريش في ذلك العام، ومن هناك بدأت أكتب في جريدة (المساء) التي كانت منبرا للأدباء الشباب، وقدمت عبد الرحمن الأبنودي ودنقل والكثيرين، ونشرت أول قصة لي عن طريق كاتب القصة المعروف فاروق منيب، المشرف على الملحق الأدبي بها، في أغسطس (آب) 1969، وكان عنوانها (الأمواج). وبعدها، حينما ذهبت إلى مقهى ريش يوم الجمعة، فوجئت بالجمع المحيط بمحفوظ يتكلم عن هذه القصة، وكان هناك صديقي الراحل إبراهيم عبد العاطي الذي أشار إليّ وقال هذا هو عبده جبير، وإذا بمحفوظ يعبر عن فرحته بها وتحدث عنها بترحاب شديد، وكان معجبا بأجواء القصة الصعيدية واللغة البسيطة التي كتبتها بها، وأذكر جيدا كم كان دمث الخلق، وكلما قرأ لي أو لأي شاب كان يشيد بما يعجبه وما لا يعجبه كان يؤثر الصمت».

لكن جبير كشف لنا كيف كان محفوظ يبدو في لحظات غضبه. في قصته الثانية عن المقالة التي أغضبته ووصف كاتبها «بقلة الأدب»، كان جبير قد قام بمغامرة إصدار مجلة شهرية لعروض الكتب اسمها «كتب عربية»، وقرر أن يكون موضوع غلافها الأول رواية «حضرة المحترم»، وكتب عنها الكاتب سليمان فياض. لم يكن يعلم جبير حينما حمل العدد الأول من مجلته فرحا وتلقاها محفوظ بابتسامة عريضة وشكره، إلا أنه في الأسبوع التالي فوجئ بمحفوظ يتجاهله هو وسلميان فياض، فلم يلق عليهما التحية المعتادة. يقول جبير: «لم تكن مرارتي تتحمل الموقف، فغادرت مقهى الحرية قبل أن تميد الأرض بي، ومشيت إلى بيتي». في اليوم التالي حينما ذهب فياض بنفسه إلى مقهى ريش، وكان الحوار حول المجلة، وحينما تحدث عنها أمسك محفوظ بها موجها الكلام لفياض «دي بقه قلة أدب». لم يقو فياض على الصدمة، وغادر محفوظ الندوة ومنذ ذلك الوقت «تغير محفوظ تجاهي لدرجة أنه قاطعني أكثر من 3 سنوات لم يوجه لي التحية حين يهل على المقهى وأكون جالسا، بل إنه تمادى لدرجة أنه لم يرد على تحيتي حين تجرأت». بعدها لم يذهب جبير مرة أخرى إلى ريش، وانتشر الأمر بين المنتديات الثقافية في القاهرة، و«بقت فضيحة بجلاجل» نشر جبير نص المقالة كاملا عله يعرف سبب غضب محفوظ الذي لم يعرفه حتى الآن.

عادت المياه لمجاريها وجمعتهما مواقف كثيرة بعدها، كان أهمها اللحظات الأولى لفوز محفوظ بنوبل، فيعود بنا ليوم الخميس 16 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1988، حينما هاتفه مدير تحرير مجلة «سيدتي»، أسامة الغزولي، من لندن يطلب منه ملخصات قصيرة لكل أعمال محفوظ الـ46 خلال 6 ساعات، صدم جبير، فقد ظن أن محفوظ وافته المنية، لكنه فرح بخبر فوزه بنوبل: «أنا حتى الآن لست مستوعبا ما فعلته. لقد أغلقت علي الباب وظللت أكتب في أعمال محفوظ»، لكنه قدم في كتابه وثيقة رائعة بعنوان «الدليل الكامل لأعمال نجيب محفوظ» تضم حصيلة ما كتبه عن صاحب جائزة نوبل، يقول: «كنت وقتها في منزلي وهو يوم عطلتنا في مجلة المصور، لكن رئيس تحريرها آنذاك، مكرم محمد أحمد، طلب مني الذهاب فورا لمنزل محفوظ، ويروي تفاصيل وصول جحافل الصحافيين والمصورين على الشقة الصغيرة، وبدأ كل منهم يأخذ دورا مساعدا، فقام جبير بالرد على الهاتف وتلقى التهاني، وما قاله محفوظ ليحيى حقي: «الحقيقة أنك تستحقها أكثر مني». ووزع جبير المهمات على الصحافيات لمساعدة السيدة عطية الله إبراهيم، زوجته، وقد أعياها التعب: «كنا جميعا نحس بأن هذا بيتنا، وأننا أبناء الرجل الكبير الذي انتزع لنا جائزة نوبل من فم أسد العالم».

وحول طقوس الكتابة الروائية لدى محفوظ، يقول جبير: «كان قليل الإفصاح عن طقوس أعماله، لكن كلنا كنا نعرف أغلبها. كنا نعلم أنه كان يستيقظ مبكرا، ويذهب للتمشي ويشتري الجرائد ويجلس إلى المقهى ثم يسير من العجوزة حتى جريدة (الأهرام) ويلتقي بالناس ثم يعود لبيته للغذاء والنوم ثم يجلس للكتابة، لكن أهم مبادئه هي أنه كان له نظام صارم، كان يقسو على نفسه حتى يستطيع أن يحافظ على وظيفته الحكومية، لأن الأدب لم يكن يكفل له حياة كريمة».

ويكشف جبير أيضا كيف كان محفوظ «يجور» على رواياته من أجل السينما، لأن «السينما فن آخر غير الرواية، لذا فإنني أعطي الحرية الكاملة للسيناريست والمخرج، ليفعلا ما يشاءان بروايتي». ويكشف لنا أيضا كيف كان يستغل عائد عمله ككاتب سيناريو في الإنفاق على الأدب وكيف دفع من دمه وأعصابه، وأنه لم يكن مرتاحا في التعامل مع السينمائيين، لكنه لم يكن يفرض شروطا في التعامل مع المنتجين والمخرجين.

ويروي جبير قصة نقل أعمال نجيب محفوظ إلى اللغات العالمية وكيف بدأت ومن هو البطل المجهول لكثير من القراء الذي كان وراء ذلك؟ إنه جونسون ديفيز أول من ترجم أعمال محفوظ للإنجليزية في الأربعينات في مجلته «أصوات» التي أصدرها في إنجلترا عام 1960. وقد عانى هذا الرجل كثيرا في سعيه لوضع الأدب العربي على الساحة العالمية، وهو الرجل الذي ارتبط بجبير بعلاقة وطيدة لا تزال قائمة حتى الآن، فهو يقطن إلى جواره في قرية تونس بالفيوم؛ حيث يعيشان على أطلال ذكريات رائعة مع محفوظ. وترجم ديفيز لجبير عدة أعمال كما كتب عنه في سيرته الذاتية المنشورة بالإنجليزية.

ولعل الفصل الأكثر إثارة الذي يرويه جبير من حياة محفوظ هو كيف كان عاثر الحظ فيما يتعلق بالأمور المادية، ويروي قصة المرأة الفرنسية التي «لطشت نصيبه من فلوس جائزة نوبل»، وكان ذلك في عام 1987، إذ احتالت على محفوظ باسم جمعية أدبية وهمية في باريس بحجة نشر أعماله بالفرنسية، لكنها لم تقم بنشر أي شيء، وحينما وقع مع الجامعة الأميركية طالبته بتعويض مادي كان يعادل 80 ألف دولار قيمة نصيبه من الجائزة بعد أن فرقه على أسرته. ويروي كيف نصبت على عدد من أدباء مصر، ومنهم إبراهيم أصلان، وهو شخصيا؛ حيث أقنعتهم بالانضمام لعضوية تلك الجمعية ودفعوا الاشتراكات بالدولار.

القيمة الكبيرة التي يمثلها محفوظ لدى جبير دفعته لأن يبدأ في مشروع موسوعة لنجيب محفوظ ليضم فيها كل ما يتعلق بأدبه وحياته وتاريخ القاهرة من خلال أعماله، واضعا نصب عينيه موسوعة «جيمس جويس» التي أعدها الباحث طه محمود طه، وقد تعاون معه المؤرخ عرفه عبده، وكان ذلك بعد فوزه بنوبل. وبالفعل عقد جبير جلسات عمل مع محفوظ في مكتب توفيق الحكيم بـ«الأهرام»، وآنذاك قال محفوظ: «هذا مشروع ضخم المفروض أن تقوم به مؤسسة كبيرة»، حاول جبير أن يبحث عن منحة تساعده على إنجاز الموسوعة التي تحمل الكثير من نفقاتها، إلا أنه لم يحصل عليها ولم تدعمه وزارة الثقافة في ذلك الوقت وتوقف المشروع.

وحول نيته في استكماله الآن، قال: «بالطبع أرغب في خروج الموسوعة إلى النور، لكن لم يعد لدي الطاقة أو الوقت لها نتيجة أنني أعمل على الانتهاء من عدد من النصوص، لكن لا مانع لدي أن أقدم المادة التي لدي لأي فرد أو مؤسسة لكي تكون مرجعا معتمدا، لأن هناك تواريخ ومفاهيم مختلف عليها في حياة محفوظ، أريدها موسوعة علمية متقنة ويراجعها أدباء ونقاد وباحثون، لكي تكون مرجعا عن محفوظ، لأنه إلى الآن العمل الوحيد الذي أراه قدم نقدا حقيقيا لأعمال نجيب محفوظ هو كتاب إبراهيم فتحي (العالم الروائي عند نجيب محفوظ) الذي تناول المرحلة الأولى من أعمال نجيب محفوظ تناولا عميقا جدا، لكن لا يزال محفوظ مظلوما في النقد والدراسة التي يجب أن تحصل عليها أعماله. وعموما، لا يوجد كتاب جيد عن فن الرواية في العالم العربي، النقد لدينا أغلبه كتابة أكاديمية مدرسية ليس لها مذاق، أو مجرد كتابة صحافية».

ورغم عشق جبير لأعمال محفوظ، فإنه انضم إلى مدرسة أدبية مغايرة وهو ما نجده في أعماله، مثل: «فارس على حصان من خشب»، و«تحريك القلب»، و«سبيل الشخص»، و«عطلة رضوان»، و«رجل العواطف يمشي على الحافة»: «تأثرت بكثير من الكتاب، لكن تأثير محفوظ لم يكن في تجاربي الأدبية، هو كلاسيكي ورائد من رواد الأدب العربي، وقدم لنا مكتبة نستند إليها، لكني أميل للتجريب، وأنتمي لمدرسة مختلفة تماما».

روى جبير كيف «عمدت الرواية المصرية بالدم حتى سال دم محفوظ شخصيا»، وذلك عن حكاية رواها له محفوظ حول ردود الفعل التي صاحبت نشر رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل التي أثارت خناقة بين «طلبة الأزهر» والأفندية واستعملت فيها «النبابيت» وسقط فيها عدد لا بأس به من الشباب المحب للأدب، وكيف كان الاعتراض على وصف رجل لعيني وقوام لفتاة.. إلخ. يقول جبير: «لقد كان سعيدا حينما علم أنني كتبت ما رواه لي حول رواية (زينب) لكنه لم يكن يعلم وهو يروي تعميد الرواية العربية بالدماء أن دماءه هو شخصيا سوف تسيل بسبب رواية (أولاد حارتنا) بسبب تقرير كتبه أحد الفقهاء».

لمقاهي وسط القاهرة مكانة خاصة لدى جبير، وكان المكوث فيها بغرض التعلم وثقل موهبته والتعرف على كل ما هو جديد في عالم الثقافة والأدب والفن، لكنها الآن لم تعد كما عهدها، أصبحت مكانا لـ«خرتية الأدب» الذين يستغلون الأدباء الكبار ويحاولون التطفل عليهم، وتحولت كما يراها «جلسات نميمة»، لذا قام بمقاطعتها، فسألته أثناء مكوثك إبان الثورة المصرية في وسط القاهرة؛ حيث أطلال ذكرياتك مع محفوظ، كيف كان سيرى الأوضاع التي آلت إليها مصر مع حكم الإخوان وموجة التشدد والدماء التي سالت «أظنه كان سيكون مذهولا كما أصابني الذهول، وأصاب كثيرا من الأدباء والمواطنين العاديين، لكنه كان سيكتب عنها كما لم يكتب من قبل».

جسد جبير الثورة بالخيال وكتب «بائعة الزهور» التي نشرها في (الأهرام) حول فتاة تبيع الزهور في ميدان التحرير أثناء الثورة وتصعد فوق مجمع التحرير وتستخدم تنورتها في أن تكون مظلة تحملها أعلى ميدان التحرير لكي ترمي بالزهور على كل من هم فيه، لكن يعترض جبير على اسم «أدب الثورة» فهو يرى أن الأديب يتأثر كإنسان بالأحداث السياسية، فيكتب ما عايشه، لكن «أدب الثورة».. لم يتشكل بعد «ما يمكن أن يطلق عليه ذلك الاسم، فهناك محاولات ناجحة وفاشلة، لكن هناك فارقا بين الكتابة الأدبية التي تقوم على الموهبة والمشاركة في الحياة العامة». ويضيف: «لدي عدة نصوص طويلة حول الثورة ونشرت أحدها، لكن لفت نظري ما طرحته الثورة من لغة جديدة بين الناس لغة مبنية على فكرة الحيرة والحوار والحقيقة بعكس لغة التسلط والاتجار والتدليس، وكتبت مقالة في مجلة (الرواية) عن اللغة التي طرحتها الثورة، ولدي نص بعنوان (إعلان بورسعيد كعاصمة للخيال) كتبته بعد حادثة استاد بورسعيد وعن مرارة أهلها وأنها مدينة ملهمة للأدباء، كما كتبت نصا حول فكر المتشددين من وحي الثورة (نحن في مرآة الإخواني المتسلف) سوف تصدر قريبا في كتاب».

وعن رؤيته لحالة الأدب والإبداع في مصر والعالم العربي، يقول: «الحراك الاجتماعي الحاصل من قبل الثورة، وأثنائها وبعدها، دفع الكثير من الناس في مصر والعالم العربي إلى اللجوء لشكل الرواية للتعبير عن مشاعرهم وعواطفهم وأفكارهم عن النماذج البشرية التي يعيشونها، وهي موجة عامة حدثت أيضا في فترات تاريخية مختلفة. ففي الستينات عدد كبير من البشر يكتبون القصة القصيرة، لدرجة أن غالب هلسا كتب ساخرا: (لو مشيت في أي شارع من شوارع القاهرة، من الممكن أن تسقط على رأسك قصة قصيرة). لمن في النهاية سينسحب عدد كبير، وتتبلور الصورة أكثر وتضم الكتاب الجادين فقط».

ويؤمن جبير بأن «كثيرا من الكتاب سوف يتراجعون إلى الخلف ويأخذون مكانهم الطبيعي، لأنه في المراحل السابقة في الرواية كان هناك ما يمكن تسميته بالكتابة (البيست سيلر). كان إحسان عبد القدوس يطبع أكثر من محفوظ 10 و15 مرة، ولكن محفوظ ظلت له قيمته الأدبية التي لم تبارح مكانها عبر السنين. لست ضد الروايات السهلة التي تسلي الناس، لكن الرواية في النهاية أدب وقيمة أدبية ومجهود ضخم يكاد يحتاج إلى (الرهبنة)، لكن بعد عدة سنوات سوف تصفو الساحة من الأعمال الرديئة وأعمال المتطفلين على الأدب، وتعود إلى الوضع الطبيعي، لأن الفارق كبير بين الأدب الجاد والأدب المسلي، فالبعض يكتب وعينه على الأفلام وعلى المسلسلات، لكنه أمر صحي يؤكد حيوية المجتمعات التي تبرز فيها هذه الظاهرة».

عن موقع جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط، صحيفة عربية دولية رائدة. ورقية وإلكترونية، ويتنوع محتوى الصحيفة، حيث يغطي الأخبار السياسية الإقليمية، والقضايا الاجتماعية، والأخبار الاقتصادية، والتجارية، إضافة إلى الأخبار الرياضية والترفيهية إضافة إلى الملاحق المتخصصة العديدة. أسسها الأخوان هشام ومحمد علي حافظ، وصدر العدد الأول منها في 4 يوليو 1978م.
تصدر جريدة الشرق الأوسط في لندن باللغة العربية، عن الشركة السعودية البريطانية للأبحاث والتسويق، وهي صحيفة يومية شاملة، ذات طابع إخباري عام، موجه إلى القراء العرب في كل مكان.
لقراءة المزيد

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)