ثقافة - تراث - سياحة - Culture - Patrimoine - Tourisme

سوق الورق وخان الرز تحفتان دمشقيتان تائهتان بين الثقافة والسياحة Damas - Souk Al Waraq et Khan Al ruzz

, بقلم محمد بكري


جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط
الاربعـاء 01 ذو القعـدة 1432 هـ 28 سبتمبر 2011 العدد 11992
الصفحة : عين الشرق
دمشق : هشام عدرة


أسعد باشا العظم بنى السوق في القرن الثامن عشر على جدار خانه الشهير


جانب من خان الرز في سوق الورق القديمة بدمشق («الشرق الأوسط»)
جانب من خان الرز في سوق الورق القديمة بدمشق («الشرق الأوسط»)

في وسط سوق البزورية الدمشقية القديمة والشهيرة يوجد مبنى خان أسعد باشا، الذي يعتبر أجمل خانات الشرق بشهادة الأديب الفرنسي لامارتين، الذي زاره أواخر القرن التاسع عشر وأدهشته عمارته الفريدة التي تعود للقرن الثامن عشر، وقال عنه: «من أجمل خانات الشرق.. وإن شعبا فيه مهندسون لهم الكفاءة لتصميم مثل هذا الخان، وعمال قادرون على تنفيذ مثل هذا البناء، لجدير بالحياة والفن».

وإذا كان والي دمشق آنذاك؛ أسعد باشا العظم، قرر بناء أروع خان في العالم، فإنه قرر أيضا بناء سوق ملاصقة له وعلى جداره الشرقي، التي انطلقت مع الخان، وجاءت دكاكينها متنوعة تبيع كل ما يلزم لنزلاء الخان من تجار كانوا يأتون لدمشق من مختلف البلاد الإسلامية بقصد التجارة أو للتوقف فيها وهم منطلقون للحج نحو الديار المقدسة.

والسوق القديمة، التي عمرها من عمر خان أسعد باشا، تخصصت في الورق، منذ تنامي تجارة الورق ومستلزمات الطباعة قبل مئات السنين، وعرفت في دمشق باسم «سوق الورق»، حيث ما زالت متخصصة في هذه المنتجات، على الرغم من منافسة أسواق أحدث منها ظهرت خارج سور المدينة القديمة تبيع الورق، مثل الحلبوني والبحصة. ولمسايرة الواقع المعاصر وتحديات المنافسة، فقد قرر أصحاب دكاكين السوق تنويع عرض منتجاتهم الورقية. ويوضح رسلان شموط لـ«الشرق الأوسط»، وهو أحد أقدم تجار «سوق الورق»، حيث يمتلك محلا ويعمل به منذ ستين عاما، قائلا: «تخصصت السوق منذ عشرات السنين في بيع منتجات الورق وأكياس تعبئة المواد الاستهلاكية وورق السيلوفان والمحارم الورقية وكل ما تقدمه معامل الورق من منتجات عصرية، وعلى الرغم من صغر السوق حيث لا يتجاوز طولها المائتي متر، وعدد محلاتها نحو 80 محلا مع الخان، فهي تستقطب زبائن كثيرين وسياحا وزوارا؛ باعتبارها منشأة تاريخية وأثرية. وتتميز السوق، كحال معظم أسواق دمشق القديمة، بسقفها المعدني المصنوع من التوتياء لحماية المتسوقين والزوار من حر الصيف وأمطار الشتاء».

و«سوق الورق» على الرغم من صغرها، فهي تضم أيضا منشأة تاريخية مهمة، وهي خان الرز، الذي يؤكد الكثير من الباحثين أنه أقدم خان بني في دمشق وما زال قائما، أي أنه أقدم من خان أسعد باشا المجاور له. وخان الرز يعاني، كما هو حال سوق الورق، من تهالك بنائه وحاجته الماسة لإجراء مشروع ترميم واسع فيه، كما حصل في خان أسعد باشا قبل سنوات قليلة. ولكن، وكما يشرح بعض أصحاب المحلات في سوق الورق وفي الخان الذي تحولت غرفه لمستودعات لتجار السوق، هناك مشكلة تعيق إطلاق مشروع ترميم السوق والخان الذي يتطلب حلّه إجراء حكوميا؛ حيث كانت وزارة السياحة قد قامت بتملك خان الرز لتحويله لمنشأة سياحية تراثية سنة 1986، ولكن لم تقم الوزارة المذكورة بترميم الخان واستثماره، مما جعل مجلس الشعب السوري يصدر توصية في عام 1991 لإلغاء الاستملاك عن العقارات التي مضى على امتلاكها عشر سنوات (حيث ينطبق القرار على مبنى خان الرز). وكرر التوصية ذاتها عام 2005، وحتى الآن لم تقم وزارة السياحة بإلغاء الاستملاك، وبالتالي غياب إمكانية قيام مشروع ترميم للخان والسوق بإشراف مديرية الآثار، أو من قبل مكتب مدينة دمشق القديمة، وبالتعاون مع أصحاب محلات السوق والخان.

وينتظر أصحاب دكاكين السوق تحرك وزارة الثقافة أو وزارة السياحة لتنفيذ مشروع الترميم، خاصة أن السوق، وحسب الواقع الحالي، يقع ترميمها على عاتقي الوزارتين. ففي قسمها الملاصق لخان أسعد باشا تشرف عليه وزارة الثقافة، في حين القسم الآخر، الذي يضم خان الرز، يتبع وزارة السياحة المملوكة للموقع.

ويقول بعض أصحاب سوق الورق إن وزارة الثقافة التي رممت خان أسعد باشا قبل نحو خمس سنوات كانت تشكل في عام 1976 مع السياحة وزارة واحدة، ولذلك قررت تمليك خان أسعد باشا في ذلك العام لتحويله لفندق تراثي شرقي. وبعد قيام وزارتين؛ ثقافة وسياحة، أواخر سبعينات القرن الماضي، قررت وزارة الثقافة إلغاء مشروع الفندق في خان أسعد باشا ورممته ليتحول إلى منشأة ثقافية تقام فيها المعارض والمناسبات التراثية في حين ظلت سوق الورق وخان الرز ينتظران الترميم حتى الآن.

عن موقع جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط، صحيفة عربية دولية رائدة. ورقية وإلكترونية، ويتنوع محتوى الصحيفة، حيث يغطي الأخبار السياسية الإقليمية، والقضايا الاجتماعية، والأخبار الاقتصادية، والتجارية، إضافة إلى الأخبار الرياضية والترفيهية إضافة إلى الملاحق المتخصصة العديدة. أسسها الأخوان هشام ومحمد علي حافظ، وصدر العدد الأول منها في 4 يوليو 1978م.
تصدر جريدة الشرق الأوسط في لندن باللغة العربية، عن الشركة السعودية البريطانية للأبحاث والتسويق، وهي صحيفة يومية شاملة، ذات طابع إخباري عام، موجه إلى القراء العرب في كل مكان.

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)