رواية أغنية رقيقة للكاتبة الفرنسية - المغربية ليلى سليماني تفوز بجائزة غونكور الفرنسية لعام 2016 Goncourt 2016 à Leïla Slimani pour “Chanson douce” (Gallimard)

, بقلم محمد بكري


جريدة الأخبار اللبنانية


العدد ٣٠٢٥ الجمعة ٤ تشرين الثاني ٢٠١٦
جريدة الأخبار
ادب وفنون


«غونكور» مؤنث بجذور عربية: الصراع الطبقي على طريقة ليلى سليماني


عثمان تزغارت


مُنحت جائزة «غونكور» الفرنسية، ظهر أمس، للروائية المغربية ليلى سليماني (1981)، عن إصدارها الثاني «أغنية رقيقة» (منشورات «غاليمار»). بذلك تكون صاحبة «في حديقة الغول» رابع امرأة تحرز هذه الجائزة الفرنسية المرموقة، خلال ربع قرن، وثالث مؤلف عربي ينالها بعد الطاهر بن جلون («الليلة المقدسة» ـ 1987) وأمين معلوف («صخرة طانيوس» ـ 1993).

حين حطت الرحال في باريس، عام ١٩٩٩، وهي في سن الثامنة عشرة، كانت ليلى سليماني تتطلع إلى دراسة العلوم السياسية. لكنها سرعان ما هجرت المعهد الفرنسي للعلوم السياسية، بالرغم من أنّ اقتحام هذه المؤسسة المرموقة لم يكن بالأمر الهين بالنسبة الى شابة مثلها قادمة من الضفة الأخرى للمتوسط. بعد ذلك، قررت أن تغيّر الوجهة جذرياً، لتلتحق بمعهد «فلوران» الباريسي لتدريب الممثلين. لكن بعد بدايات واعدة على خشبة المسرح، عادت وغيّرت الوجهة ثانية، نحو الصحافة. بعد دبلوم في الإعلام حصلت عليه من المعهد العالي للتجارة سنة 2008، التحقت بمجلة «جون افريك» كمحررة متخصصة في الشؤون المغاربية. ولفتت الأنظار بالأخص بكتاباتها وتحقيقاتها ذات النبرة النسائية.

ثم جاء الأدب كنقلة ثالثة في حياتها، بعد التمثيل والصحافة. باكورتها الروائية «في حديقة الغول» (منشورات «غاليمار» – 2014) كان لها وقع القنبلة في الأوساط الثقافية الفرنسية. لم يكن مرد ذلك فقط الى مضمونها الجريء، الذي طرق تابو الإدمان الجنسي المرضي، بل أيضاً ــ وأساساً ــ إلى سماتها الأسلوبية وبنيتها السردية ذات المنحى النفسي المتقن، الذي استطاع أن يشد أنفاس أكثر من 80 ألف قارئ فرنسي أولعوا ببطلتها القلقة والمعذبة «أديل»، حتى إن صحيفة «ليبراسيون» قارنتها بـ«مدام بوفاري» !

أوجه المقارنة مع رائعة فلوبير كانت بالفعل متعددة. على غرار صاحب «التربية العاطفية» الذي كان يقول: «مدام بوفاري هي أنا»، كان بإمكان ليلى سليماني أن تقول: DSK هو أنا! فالروائية المغربية استوحت موضوع «في حديقة الغول» من الفضيحة الجنسية التي أودت برئيس صندوق النقد الدولي، دومينيك شتروس ــ كان. لكنها اختارت مقاربة مغايرة، ذات نفس نسائي، جعلتها تحوّل الوحش الجنسي من ذكر إلى أنثى! من منطلق أن كون مدمنة الجنس امرأة سيسهّل حتماً على أصحاب العقليات الذكورية استيعاب مدى بشاعة هذا الوحش النفسي الكاسر الذي ينخر صاحبه من الداخل، بالقدر نفسه من القسوة التي يدمر بها الآخرين.

أضف الى ذلك أن ليلى سليماني، على غرار أي مؤلف يكتب عمله الروائي الأول، زرعت في «في حديقة الغول» كثيراً من تفاصيل طفولتها وحياتها المعيشة، ما جعل «الالتباس البوفاري» مضاعفاً: بينها وبين بطلتها «أديل» (كلتاهما صحافية حسناء، عازبة، تعيش في باريس)، ثم بين هذه الأخيرة ودومينيك شتروس ــ كان، بخصوص إدمان الجنس المرضي!

على المنوال الصادم ذاته، وبالقدر نفسه من روح الابتكار والمغايرة، عادت سليماني لتضرب من جديد في روايتها الثانية «أغنية رقيقة». ضربة معلم (ة) خوّلتها افتكاك الـ«غونكور». منذ الفقرة الأولى، تكشف الرواية كل أسرار حبكتها التراجيدية المستوحاة من حادثة فعلية جرت وقائعها في الولايات المتحدة: «خادمة بيضاء» (لويز) تقوم بقتل الطفلين (ميلا وآدم) اللذين كانت تتولى رعايتهما، ثم تحاول الانتحار. لكنها تفشل في «منح نفسها الموت الذي أتقنت كيف تمنحه للغير، وتجد نفسها في العناية الفائقة، بعدما قطعت شرايين معصميها وغرزت سكيناً حادة في عنقها».

هكذا، من خلال هذا الكسر العمدي والمبكر للحبكة الظاهرية للقصة، تراوغ الكتابة قارئها لتستدرجه نحو إشكالية نفسية، تحتل تدريجاً موقعاً مركزياً في الرواية. وهي عقدة الذنب التي تتولد لدى والدَي الطفلين القتيلين (ميريام وبول): كيف لم ينتبها الى الجانب المظلم في شخصية الخادمة؟ ولماذا فشلا في التنبؤ بأنها يمكن أن تقدم على جريمة بمثل تلك الدموية ؟

شيئاً فشيئاً، يسترجع الوالدان قرائن وتفاصيل تبدو لهما، بأثر رجعي، مثيرة للقلق (تقول الأم، مثلاً: كانت لويز تشد شعر ميلا الى الخلف، عندما تربطه، بقدر من العنف كان يجعل عينيها تستطيلان جانبياً، فتبدو كأنها طفلة صينية!). لكن كل تلك الوقائع (الفعلية أو المفترضة؟) التي يسترجعها الوالدان ويسعيان، من خلالها، لإيجاد تفسير عصابي لفعلتها الشنيعة، لا تلبث أن تتساقط، لتتكشف الدوافع الفعلية للجريمة، والناجمة عن شكل بوست ــ حداثي من «الصراع الطبقي» بين الوالدين الميسورين اللذين لا ينتبهان ــ بالرغم مما يحملانه من أفكار يسارية ــ الى معاناة خادمتهما المسحوقة، ولا يفطنان الى ما راكمته من حقد وغضب إلا بعد فوات الأوان !

عن موقع جريدة الأخبار اللبنانية


مقالات «الأخبار» متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، ٢٠١٠
(يتوجب نسب المقال الى «الأخبار» ‪-‬ يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية ‪-‬ يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص)
لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا



جريدة الأخبار اللبنانية


العدد ٣٠٢٥ الجمعة ٤ تشرين الثاني ٢٠١٦
جريدة الأخبار
ادب وفنون


ليلى سليماني: لولا «أغنية رقيقة»... لأصابها الجنون !


جمال جبران


كانت نبرة واثقة، تلك التي قرأ بها بيرنار بيفو رئيس لجنة جائزة «غونكور» أمس إسم الروائية المغربية ليلى سليماني (1981) لتصبح رابع امرأة تنال الجائزة الفرنسية الرفيعة.

لقد عكست تلك النبرة حالة الاجماع التي كانت عليها اللجنة عند الاختيار وقد أتى ذلك على نحو متوافق مع القبول اللافت، نقدياً وجماهيراً، للعمل الفائز الذي تصدر قائمة المبيعات منذ لحظة صدوره في مفتتح الموسم الأدبي ليتفوق في النهاية على الروايات الثلاث التي أتت في القامة النهائية القصيرة: «بلد صغير» (غراسيه) لغاييل فاييه، «الآخر الذي عشقناه» (غاليمار) لكاترين كوسي، «آكلو لحوم البشر» (سوي) لريجي جوفري. أعمال أظهرت سمتها الانسانية الغالبة نزوع لجنة الحكم لترجيح كفة النصوص البعيدة عن التنظيرات السياسية التي كانت غالبة في دورة العام الفائت.

لقد قرأت ليلى سليماني (35 عاماً) عن جريمة اقترفتها مربيّة أميركية في عام 2012 قتلت طفلين كانا في رعايتها. دخلت هذه الكاتبة المغربية في غابة من أسئلة الخوف والشك، التي كادت أن تخنقها. كانت وقتها قد صارت أمّاً لصبي في شهره السادس، وعليها أن تتركه في يد مربيّة لتعود إلى عملها التي تصرف منه على حياتها. «لو لم أكتب «أغنية رقيقة»، كُنت سأصبح مجنونة» قالت سليماني وقد نجحت في السيطرة على مخاوفها. قبل هذا، كانت قد أنجزت روايتها الأولى «في حديقة الغول» (غاليمار-2014) على الطريقة نفسها. كانت تتابع ما يجري لدومينيك شتروس كان، مدير صندوق البنك الدولي الذي ترك منصبه بعد فضيحة التحرش الجنسي بعاملة فندق كان يقيم فيه، مما دفعه لترك منصبه. لقد رأت سليماني القصة من زاوية أخرى، بعين إمرأة افترضت أن الفاعل سيدة مُصابة بالإدمان الجنسي لتخرج روايتها الأولى على هذه الصورة.

لم تذهب سليماني خلف إغراءات وسهولة الغرف من بئر السيرة الذاتية لتدوين روايتها الأولى. لقد وضعت حياتها الشخصية وراء ظهرها، ولم تفعل مثل غالبية من المغاربة الشباب الذين يكتبون بالفرنسية، ولا يقدرون على ترك حياتهم، فيجعلونها مادة لإنجاز روايتهم الاولى. مع ذلك، لا تتردد هذه الصحافية السابقة في مجلة «جون افريك» عن ردّ الفضل لأبيها الذي منحها الشجاعة لتكتب ما تريد دون خوف. وعلى الرغم من ذلك، فقد اضطرت لجعل بطلة «في حديقة الغول» سيدة غربية لا مغربية، إذ «ليس من المقبول أن نكتب عن إمراة عربية مُصابة بالإدمان الجنسي، هذا مرض يصيب الغربيات، العربية لا تملك غرائز أو رغبات، كما يعتقدون». من هنا كان من الصعب تقبل القارئ لشخصية عربية لتأخذ مهمة بطولة الرواية.

«لقد ماتت الصغيرة». هكذا تُفتتح الرواية على نحو مباشر يكاد يبدو متطابقاً مع افتتاحية «الغريب» لألبير كامو (البارحة ماتت أمي) من باب الرغبة في شدّ الانتباه منذ العبارة الأولى. تقديم النهاية على التفاصيل المؤدية إليها. مُغامرة كبرى لن يكون من السهل خوضها دون اعتبارات واحتمالات الخسارة ، ضياع قارئ لن يكون مجبراً على إكمال القراءة ما دام قد عرف نهاية الحكاية منذ بدايتها. لكن ليلى سليماني ما قررت فعل هذا إلا وقد امتلكت قدرتها على إجبار قارئها على البقاء حتى السطر الأخير من أغنتيها الهادئة.

لقد ماتت الصغيرة ميلا إذاً وإلى جوارها آدم الشقيق الأكبر، في حين يعثرون على جسد لويزا المربيّة في مكان آخر من البيت، وقد حاولت الانتحار بعدما أنهت جريمتها. تأتي المرحلة التالية، مع تعريفنا بوالدة الضحيتين، ميريام، المرأة المشتغلة في مهنة المحاماة وقد تخصصت في الدفاع عن جرائم القتل. لم تكن تعلم أن الدور سيأتي عليها لتكون ضحية. توقفت لفترة عن العمل حين قررت التفرغ والاهتمام بتربية نجليها، في حين كان زوجها، بطبعية الحال متفرغاً تماماً لأشغاله، كما يفعل كل الرجال في الحياة العائلية، إنه دورهم ولا شيء غيره.

عودة ميريام إلى شغلها، سيفرض الاحتياج لمربيّة سيكون على عاتقها تربية الولدين وتقمّص دور الأم البديلة. ستتقدّم طلبات ترشيح للوظيفة التي سُيعلن عنها وسيقع الاختيار على لويز، الخمسينية الأرملة التي تعاني من ضائقة مالية خانقة. لكنها بسلوك صارم وقدرات على جذب الانتباه تنجح في الدخول إلى قلب العائلة وتصير جزءاً منها مع كسب محبة الولدين ورضاهما عنها.

هكذا تبدو خامة الرواية الأساسية في حين تأتي الأسئلة لاحقاً وتضعها ليلى سليماني من زاوية رؤية امتلكتها عبر خبرة اكتسبتها من تجربة أمومة مرت بها وكانت مضطرة خلالها لأن تترك طفلها بين يدي مربيّة لتذهب هيّ متفرغة لأشغالها في الحياة. مواجهة الطرق المناسبة لفعل ملائمة بين دور المرأة العاملة وواجبها كأم. سيكون لهذه الحالة أن تؤدي لتبعات لا يكون من المتاح الانتباه إليها في الوقت المناسب. وعبر هذا الخلل تأتي الكارثة لتحلّ على الضحايا المُفترضين.

لا تغفل سليماني الفوارق الاجتماعية التي لا تضعها عائلات الطبقات الراقية في تفكيرها عند تعاملها مع المربيّات القادمات من الطبقات الدنيا وفي دواخلهن أزمات نفسية ومالية لا أول لها ولا آخر. كمّية الاهانات التي تنزل عليهن دون انتباه، ولو حتى بدت قليلة وتحدث من وقت إلى آخر. مع الوقت وتراكماته، تحدث لحظة الانفجار. كما أن الكثير من المربيّات يتركن أولادهن في مواجهة مصائر مختلفة ويذهبن للانشغال بتربية أولاد الآخرين. لا تبدو الحياة نزيهة في حقهن من هذه الناحية، إضافة إلى ملاحظة الفارق الماديّ بين الحياتين، الحياة القامة هنا بين يديّ المربيّة، والحياة البائسة التي تحيط بأهلها وأطفالها في البيت الذي تركته يواجه مصيره منفرداً وهي في حالة انشغالها بجمع المال اللازم للجميع هناك.

وفي الغالب حين تأتي لحظة الانفجار المرتقبة، فإنها تأتي لتصيب الطرف الأضعف، أي الأطفال في هذه الحالة.

عن موقع جريدة الأخبار اللبنانية


مقالات «الأخبار» متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، ٢٠١٠
(يتوجب نسب المقال الى «الأخبار» ‪-‬ يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية ‪-‬ يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص)
لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا



إيلاف


الجمعة 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
إيلاف من الرباط - عبد المجيد ايت مينة


فوز الروائية ليلى سليماني بجائزة “غونكور” يبهج المغاربة


“خبر مفرح” .. “خبر جيد” .. “فوز مشرف”، بمثل هذه العبارات استقبل الكتّاب المغاربة إعلان لجنة “غونكور” الأدبية، اليوم الخميس، فوز الكاتبة ليلى سليماني (35 سنة) بهذه الجائزة الرفيعة، عن “أغنية هادئة”، روايتها الثانية، بعد “في حديقة الغول” (2014)، روايتها الأولى، التي استلهمت أحداثها، سنة 2011، من قضية دومينيك ستروس كان، عقب اتهامه باغتصاب عاملة في فندق أميركي، لتقرر تناول قضية الإدمان الجنسي، لكن من خلال المرأة.

وسبق لسليماني أن فازت، عن عملها الروائي الأول، بـ"جائزة المامونية" الأدبية، في نسختها السادسة، الخاصة بالكتّاب المغاربة الفرنكوفونيين، والتي يمنحها فندق المامونية الشهير بمراكش. كما سبق لها أن نشرت، بالدار البيضاء، سنة 1913، أول مؤلفاتها، عبارة عن دفتر سفر، تحت عنوان “خليج الداخلة: التجول الساحر بين البحر والصحراء”.

"أغنية هادئة" .. بعد “ليلة القدر”

تأتي ليلى سليماني، بفوزها بجائزة “غونكور” لهذه السنة، لتنضاف إلى الطاهر بن جلون، الذي كان أول كاتب مغربي وعربي يفوز بهذه الجائزة الرفيعة، عام 1987، عن روايته “ليلة القدر”، قبل أن يفوز بها، عام 1993، الكاتب اللبناني أمين معلوف، عن روايته “صخرة طانيوس”.

ومن الكتّاب المغاربة، سيفوز بالـ"غونكور"، في فئة الشعر، الشاعر عبد اللطيف اللعبي عن مجمل أعماله الشعرية، عام 2009؛ كما فاز بها فؤاد العروي، في فئة القصة القصيرة، عام 2013، عن “القضية الغريبة لسروال داسوكين”.

وتروي رواية سليماني، المتوجة بالـ"غونكور"، قصة جريمة قتل طفلين على يد مربيتهما، متناولة، في العمق، العلاقات الاجتماعية، حين تقوم على الجمع بين السيطرة والبؤس.

ودرست سليماني في الرباط، قبل أن تواصل دراستها في باريس، لتعمل خمس سنوات في مجلة “جون أفريك”، قبل أن تستقيل لتتفرغ للكتابة.

ونقل عن سليماني، التي ولدت عام 1981 في الرباط، من أم من أصول جزائرية وأب مغربي، أنها “تنفر من مسائل الهوية”، طارحة وجهة نظرها، بقولها: “عندما تنشر امرأة مغاربية شابة روايتها الأولى، يذكر الإسلام والهوية والمغرب العربي والهجرة. أردت أن أظهر أن مغاربياً يعيش في فرنسا يحيط، أيضاً، بثقافة عالمية جامعة وليس مجبراً على ذكر كثبان الرمل والجمال والمساجد”.

فوز للمرأة المغربية

عن دلالات فوز ليلى سليماني، قال المعطي قبال، الكاتب والمسؤول عن اللقاءات الثقافية والمنسق العلمي للملتقيات التاريخية بمعهد العالم العربي بباريس، في تصريح لـ"إيلاف المغرب"، إن “ليلى سليماني واحدة من الكاتبات ذات الأصول المغربية والتعبير الفرنسي اللواتي خلقن المفاجأة في الحقل الأدبي والإبداعي الروائي الفرنسي. إليها تنضاف كل من كوثر الحرشي، مايدو حميد سلطان، بشرى عزوز والتي توظف اللغة الفرنسية كغنيمة حرب، على حد تعبير كاتب ياسين”.

ورأى قبال أن “حكي ليلى سليماني ينضح، من خلال روايتيها، وبالأخص رواية”أغنية هادئة"، بالألم وعذابات المرأة. وقد وظفت قصة واقعية، لتقول لنا إنها تنطبق على كل نساء العالم".

وقال قبال إن فوز سليماني بالــ"غونكور" هو “فوز للمرأة المغربية، ثم ثانياً، للآداب المغربية عامة”، مشيراً إلى أن هذه الجائزة ستعطي شفافية أكبر لأصوات روائية نسائية شابة وقد تشجع الشباب على القراءة والكتابة".

من جهته، قال عبد الرحيم الخصار: “أن تحصل ليلى سليماني هذه السنة على الجائزة، فمعنى ذلك أن لجنة”غونكور" تنتصر بالأساس للأدب، بغض الطرف عن الاعتبارات الخارجية؛ أقصد سن الكاتب وشهرته ومكانته في الوسطين الأدبي والإعلامي".

اعتراف نبيل

من جهته، قال الكاتب والباحث والإعلامي حسن نرايس، إن فوز سليماني بالـ “غونكور” هو “خبر مفرح”، خاصة “في ظل الأجواء المكهربة جداً حول الهوية والاندماج واحتقار المرأة العربية التي يقال إن النقاب مفروض عليها، وحول علاقة الإسلام بالإرهاب، كل هذه الأشياء وأخرى، تجعل من هذا الفوز يكتسي صبغة قوية في الظروف الراهنة”. وتابع كاتب “الضحك والآخر .. صورة العربي في الفكاهة الفرنسية”، قائلاً: “ما أحوج الأغلبية الساحقة والساحقة جداً من العرب بفرنسا إلى هذا الاعتراف النبيل”.

ورأى نرايس أن “موضوع الرواية عميق جداً ومؤثر جداً”، مشدداً على أن “طريقة كتابتها المتميزة جداً”، تؤكد أنه سيكون لسليماني “مستقبل روائي على المستوى العالمي”.

وعن انعكاس هذا الفوز على الأدب المغربي، بشكل عام، قال نرايس: “لا ينعكس. هو مجهود وطموح وكفاءة فردية لأديبة واعدة”.

قصة الجائزة

تعنى جائزة “غونكور” بالأدب المكتوب باللغة الفرنسية، وتَمنحُها أكاديمية “غونكور”، سنوياً، “للعمل النثري، الأفضل والأخصب خيالاً في العام”. كما تمنح الأكاديمية أربع جوائز أخرى، هي جائزة “غونكور” للرواية الأولى، وجائزة “غونكور” للقصة القصيرة، وجائزة “غونكور” للشعر، وجائزة “غونكور” لأدب السيرة الذاتية. ويعود إنشاء أكاديمية “غونكور”، حسب الموسوعة العالمية، إلى إدمون دو غونكور (1822 _ 1896)، الذي كان مؤلفاً ناجحاً وناقداً وناشراً، حيث وقف كل أملاكه على تأسيس أكاديمية “غونكور” وتمويلها لتخليد ذِكرى شقيقه وشريكه جول ألفريد هوت دو غونكور (1830 _ 1870)، فقرر أن تُباع كل ممتلكاته، بعد وفاته، وتخصص فوائد هذا المبلغ الضخم لأكاديمية “غونكور” وتمويلها لمنح الجائزة، سنوياً، لأفضل عمل أدبي في العام. ويبقى مارسيل بروست وجون فايار وسيمون دي بوفوار وجورج دوهاميل وألفونس دي شاتوبريان وأنطونين ماييه، من أشهر الفائزين بهذه الجائزة الرفيعة.

حسنات الجائزة

يرى الشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار أن “”غونغور" تواصل تميزها وسط مختلف الجوائز الأدبية في العالم. فهي جائزة غريبة، حقاً. لا تمنح مقابلاً مادياً مباشراً لمن يفوز بها. لكنها، في الآن ذاته، تمنحه الكثير من المال. حيث أن من حسنات هذه الجائزة العريقة أن تصل مبيعات الرواية الفائزة إلى حوالي 350 ألف نسخة. ولنا طبعاً أن نتوقع أرباح المؤلف من رقم كهذا".

قيمة مضافة للأدب المغربي

أثار الأدب المغربي، في المهجر، اهتماماً لافتاً ومتابعة متواصلة، مشكلاً قيمة مضافة للأدب المغربي ومؤكداً حضوره على أكثر من صعيد، هو الذي ارتبط، في بداية الأمر، بالإقامة في بلد ولغة المستعمر، قبل أن تتعدد وتتمدد بلدان ولغات الإقامة، لتشمل مهاجر موزعة بمختلف قارات العالم، وتتنوع الأسئلة والهواجس، ليصير للمهجر معنى آخر.

وفي ظل التحولات التي مست مفهوم “المهجر” ودلالات “الهجرة”، ستتناسل الأسئلة، بخصوص راهن الأدب المغربي في المهجر، ومن ذلك كيف تحافظ الهجرة على قيمتها كـأفق للكتابة، والقيمة المضافة التي يجتهد مغاربة العالم، من الكتاب، في إضفائها على الإبداع المعاصر، وأوجه المقارنة بين إبداعات الجيل الأول ومنجز الأجيال اللاحقة.

على صعيد قيمة المنجز، يجمع المتتبعون لمسيرة الأدب المغربي على أن “أدب المهجر” يشكل رافداً ومكوناً أساسياً ضمن هذا الأدب، مع تفاوت ملحوظ عند المقارنة بين مساهمة كل جيل، وفي الكيفية التي يتم بها رصد التحول الجذري الذي طال مسألة الهجرة والكتابة، مقارنة بما كان متداولاً في سبعينيات القرن الماضي، على الأقل.

ويرى طه عدنان، الشاعر المغربي المقيم في بلجيكا، أنه “مهما تعدّدت لغات الكتابة، فالإبداع المهجري هو إبداع مغربي، أيضاً. إبداع يرصّع شجرة الأدب المغربي المتحركة ويغنيها بالموضوعات الفنية والمقترحات الجمالية. كما أنه يقرّب القارئ المغربي من عوالم الهجرة خارج الصور النمطية الجاهزة التي يروّج لها الإعلام بشكل موسمي. إنه قيمة مضافة أكيدة للأدب المغربي.

كما أنه منذور للتطوّر تبعًا لتطوّر الهجرة. وأتوقّع شخصياً مفاجآت أدبية في بلدان ولغات تظلّ غير مطروقة من طرف الكتّاب المغاربة، كإيطاليا التي تعتبر الهجرة إليها حديثة نسبياً. فمن الطبيعي أن تنتج الهجرة هناك أقلاماً تروي سيرة هذه الهجرة بلغة إيطالية ووجدان مغربي. وتنتج أدباً يؤكد التعددية اللغوية كقيمة مركزية في الأدب المغربي المعاصر ويوسّع من مدار الأدب المغربي ويعزّز حضوره العالمي”.

عن موقع ايلاف على الإنترنت


ايلاف المحدودة للنشر جميع الحقوق محفوظة ايلاف المحدودة للنشر ترخص باستخدام هذه المقالة. لا يمكن إعادة نشر هذه المقالة دون التوافق مع شروط وبنود شركة ايلاف المحدودة للنشر.

تم نقل هذا المقال بناء على ما جاء في الفقرتين 4-2 و4-3 من حقوق الملكية الفكرية المذكورة في شروط الأستخدام على موقع إيلاف :

  • مسموح لك بنسخ أو تنزيل المقالات المنشورة على الموقع من أجل إعادة عرضها على مواقع أخرى بشرط أن تعرض تلك المقالات بنفس تنسيقها وشكلها.
  • يجب وضع رابط للموقع بين عنوان المقالة والفقرة الأولى منها.
  • كما يضاف البيان التالي في نهاية المقالة : ايلاف المحدودة للنشر جميع الحقوق محفوظة ايلاف المحدودة للنشر ترخص باستخدام هذه المقالة. لا يمكن إعادة نشر هذه المقالة دون التوافق مع شروط وبنود شركة ايلاف المحدودة للنشر.


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977


جريدة العرب
نُشر في 04-11-2016، العدد: 100445، ص(14)
الصفحة : ثقافة
العرب - العرب أبو بكر العيادي


’أغنية هادئة’ للمغربية ليلى سليماني تفوز بغونكور 2016


تعنى جائزة غونكور بالأدب المكتوب باللغة الفرنسية وتمنحها أكاديمية غونكور سنويا “للعمل النثري، عادة ما يكون رواية، الأفضل والأخصب خيالا في العام، حيث تعتبر غونكور أرقى الجوائز الأدبية الفرونكفونية. وفي دورتها لهذا العام، التي أعلن الخميس عن نتائجها، فازت بالجائزة الكاتبة المغربية ليلى السليماني نظير روايتها “أغنية هادئة”، لتكون بذلك ثاني كاتب مغربي ينال هذه الجائزة الرفيعة، بعد الطاهر بن جلون الذي نال الجائزة نفسها سنة 1987.

بعد رواية أولى “في حديقة الغول”، 2014 وضعت الكاتبة المغربية المقيمة في باريس منذ سبع عشرة سنة ليلى سليماني قدمها على درب الكتابة السردية، لتنشر رواية ثانية عنوانها “أغنية هادئة” حازت إعجاب النقاد والقراء على حدّ سواء، ووصلت إلى القوائم القصيرة للجوائز الفرنسية الكبرى، وأهمها غونكور التي منحتها جائزتها لهذا العام. وهي العربية الثالثة التي تفوز بها بعد المغربي الطاهر بن جلون واللبناني أمين معلوف.

امرأة محطمة

تنتمي رواية “أغنية هادئة” إلى جنس القصص السيكولوجية المثيرة، التي تقوم على التشويق والمواقف المتشابكة، وهي هنا لا تتوقف عند الحدث، بل تبحث عن الدوافع التي أدت إليه، والعوامل النفسية والاجتماعية التي مهدت لوقوعه. فمنذ الصفحات الأولى يُصدم القارئ بجريمة قتل فظيعة راح ضحيتها طفلٌ وَأخوه الرضيع، والمكان بيتهما الذي يفترض أن يكون مرفأ آمنا، والقاتل حاضنُتهما التي عافها الموت بعد محاولة انتحار فاشلة. وينتأ في ذهنه سؤال محيّر: “لماذا؟” ذلك السؤال الأزلي منذ بدء الخليقة كما يقول أمبرتو إيكو، هو ما سوف تجهد الرواية في تلمس إجابته، والإيحاء بأسبابه، وتضع الإصبع على بعض أدْواء حياتنا المعاصرة، والعلاقات المريبة بين السّيّد والمسود في مجتمع مديني متطور.

المفارقة أن هذه “النونو”، كما تسمّى في العائلات الموسرة، اختارها الأبوان بول ومريم ماسّيه بعناية، واشترطا ألا تكون “عجوزا ولا محجَّبة ولا مدخِّنة”، فكانت لويز ملبية لتلك الشروط وزيادة، حيث وجدا فيها منذ الأيام الأولى “لؤلؤة نادرة”، حازت كل صفات المربّية الرؤوم، والخادم النشيطة، التي تدبر شؤون البيت وحاجة الطفلين كأحسن ما يكون التدبير، في غيابهما. ذلك أن الأب المنتج في غياب دائم لظروف العمل، والأم المحامية قررت بعد إجازة الولادة أن تلتحق بمكتب محاماة. وكان الزوجان يقابلان رعايتها بالبيت وبطفليهما بحنان بالغ، حتى صارت لديهما فردا من أفراد العائلة، لا يترددان في دعوتها إلى مرافقتهم جميعا حتى خارج فرنسا في أوقات العطل.

بمرور الأيام، صارت لويز لا غنى عنها، خصوصا بالنسبة إلى مريم الموزعة بين أمومتها ورغبتها في النجاح المهني. ولكن ما لبثت حالة الحاضنة النفسية أن تأزمت، واستبد بها شعور حاد بالوحدة، فبدأت تستعيد أحلامها المجهضة، وتوازن بين وضعها كخادم تأتمر بأوامر سيّديها، وتلبي رغباتهما، ووضع هذه العائلة المحظوظة، فتنقم على هذه الفوارق الاجتماعية التي تميز بين خلق الله، وتستحضر شتى الأحكام المسبقة لتغذي غيرة سرعان ما تحولت إلى حسد ثم إلى حقد، وتنغلق على نفسها شيئا فشيئا، وتمعن في هذيان سوف يدفعها إلى تلك العاقبة الوخيمة، ما يعني أن جدلية السيد والعبد تستند دائما إلى شيء غير سويّ. فخلف المظاهر الخداعة، تختفي في الواقع امرأة محطمة، كانت تنحدر يوما بعد يوم إلى قيعة مظلمة، في غفلة من الأبوين اللذين لم يلحظا في سلوكها ما يريب، لانشغالهما بحياتهما المهنية، وفي سقوطها أوقعت الطفلين معها. والقارئ، في هذه المأساة المعلنة، يتقدم يقظا، موتورا، يدفعه الفضول إلى أن يتلمّس في هذا التوازن الظاهر العلائم المنذرة بالكارثة.

أغنية للتهديد

تحيلنا شخصيات الرواية على قبح المجتمعات الغربية، التي تتغذى من الفراغ، فمريم التي تركت بيتها وطفليها من أجل المحاماة، لا تدري عمن سوف تحامي ولا عن أي قضية سوف تدافع. وبول الذي فعل الشيء نفسه لتحقيق حلمه بإنتاج موسيقيين أيّا ما يكن لونهم الفني أو هويتهم، لا يسترعي اهتمامه غير ساعة الروليكس التي يحاول إخفاءها عن أمه سليلة جيل مايو 68 المتمرد على البورجوازية والليبرالية. ولكن الانحراف الأكبر تمثله لويز، تلك الأربعينية الهزيلة والمحبطة، التي تعيش وحيدة في بيت قذر، وكانت قد ضاقت ذرعا بابنتها، بعد أن هجرها زوج كان لا يتورع عن تعنيفها، وآثرت تربية أبناء الموسرين. وكانت عند لقائها ببول ومريم مثقلة بالديون، فقبلاها بحفاوة دون أن يكلفا نفسيهما البحث عن أصلها وفصلها قبل أن يوكلا إليها أعز ما يملكان، وكأنهما سعيدان هما أيضا بالتخلص من حمل ثقيل يعرقل طموحهما.

والكاتبة لا تقع في مانوية مبسطة، تضع في جانب أُمًّا لم تلحظ شيئا ولم تتوقع من خادمتها شيئا، وفي الجانب المقابل امرأة يسوقها قدرها إلى الجنون، بل تضع المرأتين في علاقة غير متناظرة، تجعل كليهما في طرفي نقيض من السلّم الاجتماعي، حيث تراقب إحداهما الأخرى وتغبطها على حظوة مزعومة. الأولى تُخضع أمومتها لما يشبه التعاقد من باطن، فتوكل للثانية أغلى ما عندها، دون أن تعرف شيئا عنها، أو تتحدث إليها. والثانية تعمل على إخضاع العائلة كلها لمشيئتها بتصرفات تبدو في الظاهر بريئة، ولكنها تنمّ في الواقع عن نية مضمرة.

“أغنية هادئة” تنتمي إلى جنس القصص السيكولوجية المثيرة، التي تقوم على التشويق وكشف أعماق الشخصيات

“أغنية هادئة” هي في الأصل أغنية تهدهد بها الأمهات أطفالهن، ولكنها هنا أشبه بموسيقى جنائزية، تصور من خلالها الكاتبة الأمومة واستلاب الخدم في عصر التحرر الأنثوي، وهي ثيمة لم يهتم بها الكتاب الفرنسيون منذ أوكتاف ميربو في “يوميات خادمة” وجان جينيه في “خادمات” إلا عرضا. إنها رواية الغوص في دهاليز النفس المظلمة، وسبر جرائر الوحدة وآليات الإذلال والهيمنة الاجتماعية، والتأكيد على أن الإنسان يمكن أن يكون جلاّدا وضحية في الوقت نفسه.

عن موقع جريدة العرب اللندنية

المقال بالـ PDF


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977

صحيفة العرب© جميع الحقوق محفوظة

يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر



جريدة القدس العربي


جريدة القدس العربي
السنة الثامنة والعشرون العدد 8636 الجمعة 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 - 4 صفر 1438 هـ
باريس - هشام حصحاص


المغربية ليلى سليماني تفوز بـ«الغونكور» أرقى جائزة أدبية في فرنسا


أعلن في باريس يوم أمس الخميس، عن فوز الكاتبة المغربية الشابة ليلى سليماني بجائزة «الغونكور»، وهي أرقى جائزة أدبية في فرنسا، عن روايتها «أغنية هادئة» التي صدرت مؤخرا عن دار النشر غاليمار. وفازت ليلى سليماني المتوجة من الدورة الأولى للتصويت وهو أمر نادر، بعد نيلها ست أصوات مقابل صوتين لمنافسها الكاتب الفرنسي من أصل رواندي غاييل فاي.

وتحكي الرواية قصة أسرة بورجوازية، تعاني بعض المشاكل الزوجية، وقررت الأم استقدام خادمة من أجل العناية بطفليها، وحظيت الخادمة بعطف الأسرة، ووضعت ثقتها فيها، وأصبحت تعرف جميع أسرار العائلة، لكن النهاية ستكون مأساوية، بحيث ستقدم هذه الخادمة على قتل الطفلين. وكان الناقدون والمتخصصون أثنوا على الرواية، على اعتبار أنها تسرد بلغة قوية ووصف دقيق للفقر والبؤس الاجتماعي فيما يخص العلاقات الإنسانية في عصرنا الحالي. وقال برنار بافو رئيس لجنة التحكيم والأديب الفرنسي المعروف إن «سرد رواية أغنية هادئة متقن بشكل ممتاز».

وفي أول تصريح لها بعد الإعلان عن فوزها، عبرت ليلى سليماني عن سعادتها الغامرة وأهدت فوزها لوالديها قائلة «إلى روح أبي الذي توفي قبل عشر سنوات وإلى والدتي التي ربتني وعلمتني حب القراءة والأدب». وأضافت «أن أمي أخبرتني أمس أن حدسها يقول لها بأنني سأفوز وبالتالي قررت السفر من المغرب إلى باريس ليلة أمس، وأنا فخورة جدا لأنني لم أخيب ظنها».

وعن سبب اختيارها لهذا الموضوع، أقرت الكاتبة أن الرواية وليدة عدة أشياء، من بينها طفولتها في المغرب حيث «كنت طفلة صغيرة وكانت عندنا خادمة في المنزل، كنا نحسبها أما ثانية بالنسبة لنا، وفي الوقت نفسه كانت امرأة أجنبية، وكانت تتعرض أحيانا للإهانات، وعندما جئت إلى باريس اكتشفت أن علاقة الخادمة بالأطفال تختلف كثيرا عما عرفته في صغري». وبهذا التتويج، أصبحت ليلى سليماني رابع اسم مغربي يتوج بهذه الجائزة القيمة والرفيعة بعد الكاتب المعروف الطاهر بن جلون الذي فاز بها عام 1987 عن روايته «ليلة القدر»، كما تعتبر رابع امرأة تفوز بالغونكور منذ انطلاقها عام 1903. وللإشارة فإن الجائزة هي الخامسة أيضا بالنسبة للعرب بعد نيلها أيضا من طرف الكاتب اللبناني أمين معلوف عام 1993 عن روايته «صخرة طانيوس».

و»أغنية هادئة» هي ثاني رواية لليلى سليماني بعد رواية «في حديقة الغول» التي لاقت نجاحا كبيرا وقرر أحد المخرجين الفرنسيين تحويلها إلى فيلم سينمائي. وتأهلت رواية «أغنية هادئة» إلى المرحلة النهائية إلى جانب ثلاث روايات أخرى، لكتاب فرنسيين، وهي رواية «الآخر الذي نعبد» لكاترين كاسييه، و»متوحشون» ليريجيس جوفرا، و«بلد صغير» لغايل فاي.

يشار إلى أن الغونكور تعطي للفائز دفعة قوية على المستويين المادي والمعنوي، فمن جهة ترتفع نسبة المبيعات وقد تصل مئات الآلاف من النسخ، تعرض في كل المكتبات الفرنسية، وبالتالي يكون العائد المادي ضخما للفائز، كما أن دور النشر تتهافت عليه لنشر رواياته التي سيصدرها فيما بعد، ومن جهة أخرى تمنح الغونكور شهرة على الساحة الدولية للكاتب.

وتقيم ليلى سليماني في باريس منذ 17 سنة، حيث رأت النور في العاصمة المغربية الرباط عام 1981، من أب مغربي يعمل موظفا في بنك وأم جزائرية فرنسية تعمل طبيبة. وفي 1999 رحلت إلى باريس من أجل استكمال دراستها الجامعية في العلوم السياسية. وفي بداية مشوراها المهني اشتغلت عام 2008 صحافية في مجلة «جون أفريك» التي تعنى بشؤون القارة الأفريقية وتصدر في باريس، لتقرر بعدها التفرغ للكتابة الأدبية.

عن موقع جريدة القدس العربي

عدد المقال في جريدة القدس العربي بالـ pdf


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.



جريدة السفير اللبنانية

جريدة السفير
نشر هذا المقال في جريدة السفير بتاريخ 04-11-2016 على الصفحة رقم 7 - السفير الثقافي
القاهرة - وئام يوسف


«غونكور 2016» للمغربية ليلى سليماني: «أغنية هادئة» عن قتل عنيف


المغرب مرة أخرى على عرش غونكور للرواية. فبعد جائزة الطاهر بن جلون العام 1987، عن روايته «ليلة القدر»، فازت أمس الكاتبة المغربية ليلى سليماني بالـ«غونكور» عن روايتها «أغنية هادئــة» الصادرة عن منشورات «غاليمار»، وبذلــك تخلــف ماتياس إينار الذي فاز بالجــائزة العــام الماضي عن روايته «بوصلة» (منشورات أكت ـ سود»).

هي الرواية الثانية فقط لهذه الكاتبة المغربية الشابة، مواليد 3 تشرين الأول (أوكتوبر) العام 1981، أي انها أفضل هدية بمناسبة عيد ميلادها الخامس والثلاثين وأفضل من أن تكون على عرش الرواية الفرنسية، وهي بذلك المرأة الثانية عشرة فقط التي تحوز هذا التقدير العالي في تاريخ الجائزة. بينما فازت، من جهة أخرى، الكاتبة الإيرانية الأصل ياسمين رضا بجائزة «رونودو» عن كتابها «بابل»، وبذلك تكون النساء قد قبضت هذه السنة على جمر أهم جائزتين أدبيتين في فرنسا.

من أسابيع عديدة، واسم ليلى سليماني يتبوأ قائمة المرشحين للفوز، حتى أن الصحافة الفرنسية تحدثت كثيرا عن قوة الرواية وعن أسلوب الكاتبة، معتبرة أنها المرشحة الأكثر حظا. وبالفعل لم يخيّب أعضاء الأكاديمية هذا الانتظار، إذ اختاروها من دورة الاقتراع الأولى بنسبة 6 أصوات مقابل صوتين لغايل فاي (عن روايته «بلد صغير») وصوت واحد لكل من كاترين كوسيه (الآخر الذي نعشقه») وريجيس جوفريه («آكلو لحوم البشر»).

لفتت ليلى سليماني الأنظار لها ولكتابيها، منذ روايتها الأولى التي صدرت العام 2014 بعنوان «في حديقة الغول» التي رشحت لجائزة «فلور»، والتي عالجت فيها موضوع «الإدمان الجنسي عند النساء». بينما عالجت في روايتها هذه قصة والدة أسرة وقصة حاضنة أطفال قاتلة تبحث في أسرار زوجين بورجوازيين لم يكن زواجهما موفقا. هي الحياة التي تغيّر كل شيء. المرأة المنهمكة والطافحة بمشكلات الحياة، السأم الزوجي، الحب الذي يخمد تدريجــيا ما يدفع الزوج إلى الغرق في العمــل كي لا يفــكر بأي أمر آخر.

شيئا فشيئا تبدأ حاضنة الأطفال بكسب ثقة الزوجين اللذين شعرا بالسعادة لحصولهما على هذه اللؤلؤة، التي لم تكن سوى مأساة في نهاية الأمر، إذ تقتل الحاضنة طفلَي الزوجَين. لهذا لا تصدقوا العناوين دائما، فالأغنية الهادئة ليست سوى الرعب الخالص في هذه الرواية.

منذ صدورها في منتصف أيلول الماضي، حظيت الرواية بمتابعة القراء أيضا ـ مع النجاح النقدي ـ إذ بيع منها في أيام قليلة ما يزيد عن 35 ألف نسخة، وبالطبع فهي ستصل إلى بضع مئات الآلاف، إذ مثلما هو معروف، أقل رواية حازت غونكور في تاريخ الجائزة، بيع منها 350 ألف نسخة.

ولدت ليلى سليماني في مدينة الرباط لأب مغربي وأم جزائرية/ فرنسية (من أب جزائري وأم فرنسية من الألزاس). تلقت دراستها في «الليسيه الفرنسية» في الرباط. والدها يعمل مصرفيا وأمها طبيبة. في العام 1999، جاءت إلى باريس لمتابعة دراستها الجامعية في «معهد الدراسات السياسية في باريس»، حاولت أن تصبح ممثلة لكنها سرعان ما عادت لمتابعة الدراسة. التقت بكريستوف باربييه الذي كان عراب دفعتها، فعرض عليها القيام بدورة تدريبية في مجلة «الاكسبرس»، لتصبح في العام 2008 صحافية في مجلة «جون أفريك» وتكتب عن موضوعات خاصة بشمال أفريقيا.

عن موقع جريدة السفير اللبنانية


صدر العدد الأول من جريدة السفير في 26 آذار 1974، وكانت ولا تزال تحمل شعاري “صوت الذين لا صوت لهم” و “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”.
اليوم، وبفضل تقنيات الاتصال الحديثة والإنترنت، تخطت السفير مصاعب الرقابة والتكاليف الباهظة للطباعة في الخارج وتمكنت من الوصول إلى قرائها في القارات الخمس.
تتضمن صفحات السفير الأخبار والتغطية الميدانية للأحداث في السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع والرياضة والترفيه، بالإضافة إلى التحقيقات الميدانية والعلمية والبيئية.
وتتولى تغطية الأحداث اليومية مجموعة صحفيو السفير ومراسلوها في واشنطن وباريس ولندن والقاهرة وفلسطين ودمشق وعمان وموسكو وروما وبون، مستعينون كذلك بالخدمات الإخبارية التي توفرها وكالات الأنباء العالمية.
لقراءة المزيد



إيلاف


الخميس 22 يونيو (حزيران) 2017
إيلاف - أول يومية إليكترونية صدرت من لندن عام 2001
بقلم كه يلان مُحمَد


أُغنية هادئة: تشيؤ الإنسان وثأرٌ من البرآةِ


غلاف الترجمة العربية الصادرة عام 2017 عن المركز الثقافي العربي


"مع تطور الحياةِ وتقديم النظام الرأسمالي لمزيد من الإحتياجات المُفتعلة تتكاثر مشاكل الإنسانِ وتذوي عاطفتهُ ويُصبحُ قريباً من صورة الكائن الذي قدمته (ماري شيللى) في روايتها (فرانكشتاين)، إذ لم يَعُد له إهتمام خارج الأعمال الوظيفية فالبتالي لايوجد مايبعث على الإستغراب إذا تَحولت المشاعر الإنسانية إلى سلعة مُتداولة في سوق العمل، تُواكبُ الكاتبة الفرنسية من أصل مغربية (ليلى سليماني) في روايتها (أُغنية هادئة) التي فازت بجائزة غونكور 2016وصدرت ترجمتها العربية مؤخراً تداعيات تفشي ظاهرة المربيات المستأجرات في المُجتمع الفرنسي بوصفه نموذجاً لمجتمعات حديثة حيث تُشخصُ حالة النساء اللائي يتكفلنَ برعاية الأطفال الذين عندما يشبَون عن الطوق لايتعرفُون عليهُنَّ كأنَّ بالكاتبة تُشيرُ إلى نوع جديد من العمال وهم مُغْتَربون بما ينتجونهُ، وهذا يبدو واضحاً حين تتحدثُ صاحبة (في حديقة الغول) عما تتخيله بعض المربيات التي كلما صادفن مراهقين ربينَهُمْ لما كانوا صغاراً بأنهم يعرفونها لكن الخجل هو مايمنع التواصل بين الطرفين، لا مراءَ أن هذا الأمرُ له تأثير على الجانب النفسي لدي طبقة النساء القادمات من بلدان اسيوية وأفريقية، وبذلك تتجاوز ليلى سليماني الدائرة الضيقة لموضوعات راهن عليها الكُتاب الذين هاجروا إلى الغرب من بلدان ذات هوية إسلامية إذ إعتمدوا المشكلات المنتشرة في بيئة المنشأ تيمات لأعمالهم الروائية بينما إستقت الفائزة بجائزة غونكور مادة مسرودها داخل المجتمع الذي تحتك به دون أن يؤدي ذلك إلى إنسلاخ الرواية من أبعادها الإنسانية العميقة.

بداية درامية

لايمكن توصيف ما تستهل به الروايةُ إلا بأنه صادم لإنَّ المشهد الذي يصورُ مسرح الجريمة يأتي مناقضاً مع مايوحي به العنوان، إذ ماتراهُ يذكرك ببدايات أفلام الجريمة التي يغيبُ فيها الحوارُ وينقلُ لك الكاميرا صور سيارات الإسعاف ورجال الشرطة وأشرطة تُعزل مكان الحادث عن المارة تمهيداً لإجراء التحقيقات، تبدأُ رواية ليلى سليماني على هذا المنوال أيضاً حشد من الناس ومقتلُ طفلة ونقلُ أخيها إلى المستشفى فالأخير يعانى ضيقاً في التنفس، والأُمُ في حالة الإغماء ومن ثُمَّ يتوالى عرض الظروف التي إختارت فيها الأسرة لويز مربية لطفليها إذ إتصل بولُ بمشغيلتها السابقة لمعرفة المزيد عن شخصية المربية يبدو أن مايسمعه والد الطفلين مُشجعاً فعلاً أن تعامل المرأة مع (ميلا، آدم) يفيضُ بالمودة وتملأُ ما يتركه غياب مريم من الفراغ العاطفي، فالاخيرة قررت مزاولة العمل عقب لقائها بزميلها الجامعي باسكال وتجاذبا أطراف الحديث وتلقيها رسالة نصية منه بعدما عرفت بأنَّ باسكال تدير مكتباً للمحاماة مبدياً إستعداده لمناقشة فكرة عودة زميلته إلى العمل إن هي لديها رغبة في ذلك الأمر، وجدت مريم في عرض باسكال فرصة للخروج من رتابة حياتها العادية سرعان ما إنغمست في تفاصيل عملها أحياناً تقتضي طبيعة العمل بأن تغادرَ البيت للإحتجاج على قرار الإعتقال أحد المتهمين وبذلك تطول أوقات العمل ما يجعلُ اللقاء بينها وبين زوجها بول أمراً نادراً فهو بدوره يقضي جُلَّ وقته في إستديوهات ملبياً مطالب المغنيين في تسجيل الأصوات وتوزيع الموسيقى، لذا تنظمُ المربية شؤون البيت بل تعوض الوالدين في حضور الإجتماعات المدرسية تقوم لويزحتى بما ليس ضمن لائحة واجباتها، ويذيعُ صيتها كطباخة ماهرة بين أصدقاء بول، على الرغم من توبيخ مديرة مدرسة (ميلا) لمريم متهمة الآباء والأمهات بالإهمال كما حملتها حماتها مسؤولية مرض الإبنة غير أن كل هذا لم يَعُدْ يؤثر على مسار المحامية النشيطة، لكن بجانب الهدوء الذي يسودُ عالم أسرة (بول ومريم) حيثُ ساهمت لويز في بنائه ثمة عالم آخر مشحون بالتوتر والتوجس من تضخم المشاكل تتداعي أركانه يوما بعد اليوم هذا هو شكل الحياة الخاصة للمربية لويز، إذاً يتنقلُ الراوي العليم الذي هو وجه آخر من الذات الكاتبة بين حيوات لويز، ويستبطنُ سرائر شخصيتها، إضافة إلى ذلك يمتازُ أُسلوب الكاتبة بالتناوب بين المشاهد بحيثُ لايسترسلُ السردُ في رصد موقف معين إنما يتحولُ من مشهد إلى آخر بعدما يصحَبُك الراوي في رحلة أسرة (بول) إلى اليونان برفقة المربية والإستجمام في جزيرة سيفنوس سينطلقُ الراوي من وجهة نظر السيدة روزغرينرغ لوصف شخصية لويز والإنطباع الذي ستأخذه منها بساعات قبل وقوع الحادث، كما يتضحُ في السياق نفسه مصير إبنة المربية (ستيفاني) التي هربت إلى الجنوب ويُذكرُ سبب إختفاء ستيفاني فوجودها لم يعجبْ زوج الأمِ جاك مع أنها أخذت تساعدُ الأم في بعض الأمور الخاصة برضاعة الأطفال، أخيراً تغادرُ هذه الأجواء الخانقة، مُثيرة السؤال هل تنجح في صناعة حياة أخرى مغايرة لما تعيشهُ الأمُ؟ بهذا يكون الضوءُ مُركزاً على شخصية لويز وعلاقاتها مع فرانك الرسام الذي أبى الإقرار بإن سيتفاني إبنته من المرأة التي تخدمُ أُمه العجوز جونيفيف بل هو نصح لويز بإسقاط الجنين، زدْ على ذلك فإنَّ الكاتبة تُمرر المواقف التي تَنُمُ عن الشعور بالإستعلاء لدى الأُسر التي تشتغلُ لديها لويز، فآل روفيي لايعجبُ لهم وجود ستيفاني إبنة المُشغَلة في بيتهم ولا إختلاطها بإطفالهم كما يتضايقون عند رؤية أمارات الشعور بالإستمتاع بادية على ستيفاني كأن الإستمتاع ليس مهنة لهذه الطبقة المسحوقة، ضف إلى ذلك ماتم إيراده في سياق هذا العمل من مقاطع سردية بصيغة خبرية كلها تهدف إلى إبانة التناقضات التي تُفندُ صحة الصورة التي تخليناها عن الغرب بإعتباره قطعة من الفردوس.

بابل حديثة

بما أنَّ لويز تستقطبُ إهتمام المتلقي وتظل محوراً لكل الوحدات السردية لذا ما إنفكَّ السؤالُ عن الدافع وراء إرتكاب الجريمة يشغلُ ذهن القاريء وذلك يعتبرُ عاملاً للحفاظ على عنصر التوتر الدرامي طوال الرواية إذ أنَّ شبح الجريمة يلوح في تلافيف كل مفصل، وما تندمجُ في بناء القصة الأساسية من قصص أخرى مثل ماترويه وفاء عن رحلتها من الرباط إلى باريس وعملها في أحد الفنادق ومن ثم زواجها التمويهي بيوسف للحصول على مستندات ضرورية لمطالبة بالجنسية الفرنسية، إذ إختارت الكاتبة الحديقة كونها مكاناً مفتوحاً وعاماً للقاء بين وفاء ولويز وغيرها من المربيات من الأجناس والألوان المُخْتَلِفة بحيثُ تبدوالحديقة بابل العصر الحديث وسوقاً للبحث عن المربيات، كل ذلك يُقربُك أكثر من الحدثِ الذي يستندُ إليه البرنامجُ السردي، كما تعولُ الكاتبةُ على مشاهد وامضة لتعزيز القناعة بتفاقم ظاهرة التمييز العنصري حيثُ يتعجبُ أفرادُ أسرة بول حين مصادفتهم لويزفي الشارع تمشي لوحدها وتنظر إلى واجهة المحلات مايعني أن هؤلاء لايتصورون وجود حياة أخرى لمربيات خارج مايحددونه لها في منازلهم، كما تتعرض لويز للتوبيخ من صاحب المنزل الجشع الذي يستغلُ المغتربين بطريقة أخرى، تتراكم المشاكل ما ينعكس على طبيعة العلاقة بين مريم ولويزهذا من جانب وماتمرُبه المربية من سوء الأوضاع والإحتقان النفسي من جان آخر.يقودكَ من جديد إلى النقطة التي إنطلقت منها الرواية، إذ تبدأُ النقيبة نينا دورفال في شارع هوتفيل بإعادة تمثيل الجريمة، ولحظة مقتل ميلا على يد المربية التي كانت تُهْدهدُ بأغنياتها الطفلين قبل أن يدفع بها الغضب الثاوي في أعماقها إلى دائرة الإجرام، تُحسبُ للكاتبة دقة الإختيار للموضوع ومن ثُمَّ أبانت مشكلة لم يسبق لغيرها مُقاربتها بهذا الأسلوب المُكثف والمشوق كما برعت الكاتبة في توزيع مادتها بطريقة تولد فائضاً من المتعة أثناء قراءتها.

عن موقع ايلاف على الإنترنت


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)