رقية فوزية أول عراقية تعمل في بيع الكتب في شارع المتنبي في بغداد

, بقلم محمد بكري


جريدة القدس العربي


24 مارس (آذار) 2015
جريدة القدس العربي
تحقيقات
بغداد ـ رويترز


ظل بيع الكتب في شارع المتنبي في بغداد حلما يراود رقية فوزية في سنوات عمرها الأولى إلى أن نجحت أخيرا في تحقيقه.

تخرجت الناشطة الحقوقية رقية (22 سنة) في كلية الحقوق وصار لها مكانها في سوق الجمعة بشارع المتنبي لتكون أول امرأة تبيع الكتب في الشارع الذي ارتبط اسمه بالأدب والثقافة منذ القدم.

وقالت رقية “منذ صغيري كنت دائما أحلم أن يكون لدي يوما مكتبين. في الصباح مكتبة أبيع الكتب والعصر مكتب محاماة. فكنت أتوقع أن يأتي يوم ويتحقق هذا الحلم. أنا في الوقت الحاضر حققت هذا الحلم وأنا اليوم أبيع الكتب في شارع المتنبي.” لكن تحقيق الحلم لم يكن أمرا سهلا فقد واجهت الفتاة معارضة قوية من أسرتها لكنها أصرت على المضي قدما.

وقالت رقية “في البداية ليس فقط الأهل.. فأي شخص كنت اخبره انني أفكر في بيع كتب في شارع المتنبي كان يرى الموضوع غريبا أو أنه يقول لي مالك ولهذا الأمر. لكن عندما رأوني أدخل بهذا العالم شجعوني.” وتشهد جنبات شارع المتنبي زيادة كبيرة في النشاط في أيام الجمعة حيث يمتليء بباعة الكتب وهواة القراءة في سوق مفتوحة للقصص وكتب الفلسفة والتاريخ والعلوم ومختلف فروع المعرفة الأخرى.

تقف رقية بين صفوف الكتب في المتنبي بثقة كبيرة وحماس شديد ولا تبالي كثيرا بدهشة البعض من وجود امرأة تزاول عملا لا يزال مقصورا على الرجال.

قالت المحامية الشابة “مضايقة؟ أنا ما أشهد مضايقة من المقبلين على شارع المتنبي. لكن هناك أشخاص يبقون مندهشين.. غير متوقعين أنه تقف فتاة تبيع الكتب على الرصيف.”

رغم شجاعة رقية في اقتحام مجال جديد يحتكره الرجال ما زالت بعض العراقيات في سوق الجمعة للكتب بشارع المتنبي يفضلن التعامل مع رقية لأنها امرأة. قالت عراقية تدعى آسيا تشتري الكتب من شارع المتنبي “طبعا أكيد نتعامل مع امرأة أفضل وأكثر راحة لنا. من الممكن أحيانا وفي مجتمع منغلق أن تشعر بعض الفتيات بالخجل من التعامل مع الرجل.. لذلك البعض يفضل التعامل مع المرأة”

تحظى رقية بتقدير وثناء أصحاب دور النشر وطباعة الكتب بشارع المتنبي وعلى رأسهم بلال ستار مدير دار سطور للنشر التي تبيع الفتاة مطبوعاتها في الشارع.

وقال ستار “هي تقرأ.. قارئة جيدة وأحبت هذه المهنة. أقترحت علينا أن تعمل بالدار. أنا بصراحة رحبت بالموضوع. هي شجاعة وسط هذا الشارع. هذا الشارع ما به عاملة واحدة تشتغل بشارع المتنبي. هي شجاعة. الأولى هي التي بادرت. نحن بالأيام العادية موجودون في المكتبة. هي بشجاعتها قالت أنا أريد أنزل للشارع.. للبسطة.. بسطة الكتب.” ويحرص محمد عباس زوج رقية على مصاحبتها إلى سوق الكتب في شارع المتبني أسبوعيا.

وقال عباس “شفتها بمبادرة. أنا عراقي. أنا أقرأ. تقرأ الكتاب بنهم. أعجبت بها. أصبحنا أصدقاء. تزوجنا. مهرها كان 500 كتاب بألف كتاب”. ويقول ان قبلها أول مرة التقيا وتحدثا بها كانت في شارع المتنبي أيضا عن طريق الصدفة. واضاف عباس “تزوجنا وحاليا هي أحبت تعمل بمجال الكتب وتستمر بمجال الكتب. أنا أشد على يدها وأنا وإياها وأي شيء تحتاج وأتمنى في المستقبل أن تعتمد بالكامل على نفسها دون الاعتماد على الآخر.”

وذكر ستار محسن علي صاحب دار سطور للنشر أن الدار حرصت منذ اللحظة الأولى على دعم رقية ومساندتها.

وقال “وجود رقية ببسطة في شارع المتنبي أثار فضول الجميع والنساء بشكل خاص. مجتمعنا لم يعتد على نساء تعمل بهكذا مهن ولذلك نحن نصر على استمرارها بالرغم من بعض التعليقات من ضعاف النفوس على اعتبار أنه وجودها يساهم في عملية البيع وتوسيع الإقبال على الكتاب.”

وتراجعت سوق الكتب في العراق إلى حد بعيد في ذروة أعمال العنف الطائفية في عامي 2006 و2007. لكنها عادت إلى الازدهار الآن على نحو لم يسبق له مثيل.

وتعرض شارع المتنبي قبل تسع سنوات لضربة قوية عندما انفجرت فيه سيارة ملغومة في هجوم قتل فيه 26 شخصا.

وكان شارع المتنبي الذي يحمل اسم الشاعر العباسي الكبير الذي عاش في القرن العاشر الميلادي مركزا للمكتبات والمطابع في بغداد وكانت مقاهيه مثل مقهى الشابندر مراكز للإشعاع الثقافي يتلاقى فيها المثقفون. وعادت أيام الجمعة موعدا أسبوعيا لباعة الكتب للالتقاء بزبائنهم في شارع المتنبي.

عن موقع جريدة القدس العربي


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)