حوار مع مخرجة فيلم المُعيلة The Breadwinner

, بقلم محمد بكري


جريدة المدن الألكترونيّة

جريدة المدن الألكترونيّة
الخميس 12-07-2017
المدن - ثقافة
محمد صبحي

مخرجة “المُعيلة” لـ"المدن": نخترع قصصاً تعطي معنى لفوضى حياتنا

نورا تومي: ساندريلا أصبحتْ بمرور الزمن أشبه بقصة رعب بالنسبة إليّ

فيلم The Breadwinner أو “المعيلة”(*) هو أول الأفلام الروائية الطويلة المنتجة بواسطة استديو الرسوم المتحركة “كارتون صالون” الذي يستلهم موضوعاً تدور أحداثه خارج إطار إيرلندا، بلد المنشأ للقائمين على الاستديو. يأتي ذلك بعد نجاحات سابقة للاستديو تحققت عبر أفلام مثل “سونغ أوف ذي سي” و"ذا سيكرت أوف كيلز"، استطاعت عبر استلهام أساطير شعبية محلية الوصول للترشيحات النهائية لجائزة “أوسكار أفضل فيلم أنيميشن” خلال السنوات العشر الأخيرة. “المعيلة” يدور في أفغانستان، وهو مأخوذ عن سلسلة روايات تحمل نفس الاسم للكاتبة والناشطة السياسية الكندية ديبورا إليس (صدرت الترجمة العربية للسلسلة عن دار “كلمات” قبل عامين)، لكنه اقتباس فضفاض بعض الشيء جاء بصورة مختلفة وأكثر موضوعية وصدقاً من الأصل المكتوب.

في كابول الممزقة بفعل الحرب، والتي يسيطر عليها رجال “طالبان” الذين يحتلون الشوارع بفظاظتهم وبنادقهم، يبلغون رسالتهم بالتهديد والوعيد والضرب المبرح، ويحرمون النساء من التعليم والعمل والقراءة لأن مكانهن في البيوت حصرًا.. وسط هذه الأجواء الكئيبة تعيش برفانا، ذات الأحد عشر ربيعاً، وهي ابنة لمدرس سابق ومحارب قديم، حياة صعبة يؤكدها اضطرار والدها لبيع ممتلكاتهم في الأسواق الشعبية في سبيل تغطية نفقاتهم. بعد أن يشغف أحد مراهقي “طالبان” بالفتاة الصغيرة، مدفوعاً برغبة شريرة في الزواج منها؛ يُبلغ عن والدها “الفاسق” الذي يسمح لبناته بالقراءة، لينتهي المطاف بالأخير في أحد المعتقلات، ويكون على بقية الأسرة، الأم مع ابنتيها برفانا وثريا والابن الصغير زكي، التزام البيت. لا أكل، لا ماء، لم يتبق شيء في البيت، لتجد برفانا نفسها مرتدية ملابس سليمان، شقيقها المتوفى، بعد أن تقصّ أختها شعرها، لتتحوّل ولداً يستطيع الخروج إلى الشارع وشراء احتياجات البيت والبحث عن طريقة للوصول إلى الوالد المعتقل.

لكن، على عكس أبطال أفلام “كارتون صالون” السابقة، ممن كانوا يمتلكون شيئاً من السحر؛ لا تستطيع بارفانا سوى استخدام خيالها وموهبة الحكي التي ورثتها عن أبيها.

في باكورتها الإخراجية، تمزج فنانة الأنيميشن الأيرلندية، نورا تومي، الدفء والفكاهة والقتامة، في سعيها لإنجاز فيلم لا يفشل في مطالعة سريعة وكاشفة لتعقيدات بيئة بطلته الأفغانية. السياسة والتاريخ موجودان دائماً في الخلفية، وفي لحظة ما، يلخّص والد بارفانا الواقع الاجتماعي لبلده المنكوب بالغزاة والحالمين بامتلاك العالم: “في زمن الفوضي، يبحث الناس عمّن يمكنه إعادة النظام والسلام، لكن ذلك الخيار كلّفنا غالياً”. ورغم أن هذه قصة عن أحد الناجين من جحيم الحرب والاضطهاد الثيوقراطي، تحمل كافة المعطيات اللازمة لمعالجة نمطية تمرّ حصراً عبر عين أوروبية؛ يُظهر الفيلم جهداً واضحاً من جانب تومي وكاتبة السيناريو آنيتا دورون، اللتين استفادتا من مجموعة متنوعة من شهادات المواطنين الأفغان حول الحياة في ظل حكم “طالبان”، كي تقدّما صورة لا ينقصها الصدق عن حياة فتاة أفغانية تتنكّر في صورة الرجال لتتمكن من العمل وإطعام أسرتها، بعد سجن والدها ظلماً. فتاة تستعين بالحكايات على عبور مآسٍ ونوازل لا ناقة لها فيها ولا جمل، تريد الوصول إلى البحر ذات يوم والعيش في سلام بعيداً من الحرب والجوع والدمار.

في طفولتها، أحبت نورا تومي، الرسم، واخترعت القصص ومالت لأفلام ديزني، مثل بينوكيو وسندريلا. لكن لم يخطر في بالها مطلقاً أنها في يوم من الأيام ستعيش لتحكي قصصاً من خلال الرسوم المتحركة تنتقل من موطنها إيرلندا إلى الشاشات في أنحاء العالم.

“تركتُ المدرسة عندما كان عمري 15 سنة”، تقول تومي في حديثها لـ"المدن"، وتكمل: “توفي والدي في السنة السابقة، فأصبحتُ منطوية للغاية. في إيرلندا السبعينيات والثمانينيات، إذا كنت مختلفاً قليلاً، لم تكن المدرسة هي المكان المثالي لاكتشافك. وظيفتي الأخيرة في ذلك الزمن البعيد، كانت في مصنع حيث كان عليّ النظر إلى سير ناقل تمرّ عبره الخضروات وإخراج تلك الحبّات السيئة غير الصالحة. عملت 12 ساعة في اليوم، واضطررت إلى استخدام سماعات الرأس، ولم أتمكن من التحدث إلى أي شخص لأنه كان علي أن أنظر إلى السير المتحرك، وكان خيالي الشيء الوحيد الذي تبقى لديّ، لذلك ألفت القصص. في لحظة معينة، شعرت أنني جمعت ما يكفي من المال في هذا المصنع، وأن عليّ استخدام هذا المال كي لا أستمر هنا لبقية حياتي. أردت أن أفعل شيئًا مرتبطًا بالفن، وحين عدت إلى استكمال دراستي الجامعية، اكتشفت الرسوم المتحركة”.

هكذا بدأت الرحلة التي ستجعل نورا تومي مخرجة لفيلم رسوم متحركة يترشّح لجائزة الأوسكار هذا العام، ويُعرض حالياً في بيروت بعد جولة طويلة في المهرجانات السينمائية. “المدن” تحدّثت مع المخرجة حول فيلمها، وسحر الأنيميشن، وتعاونها مع أنجلينا جولي، ودور النساء في صناعة السينما حالياً، وكيف استطاعت ضبط ميزان نسيج الأصوات المتداخلة التي يحفل بها الفيلم وحكاياته.

- شاركتِ من قبل في إخراج “ذا سيكرت أوف كيلز” وعملتِ على “سونغ أو ذا سي”، كيف أفادك عملك السابق في إخراج أول افلامك الطويلة؟

* في الحقيقة لقد كان لدي وقت طويل للاستعداد لهذه التجربة. 15 عاماً كاملة قضيتها كي أتمكن من إخراج “ذا بريدوينر” (المُعيلة). بدأت مع فيلمين قصيرين، قبل أن أساعد توم مور في إخراج “ذا سيكرت أوف كيلز”، ثم العمل كمشرفة للتحريك في فيلمه التالي. تلك كانت مقدمات لطيفة للدخول في فن رواية القصص. بحلول وقت العمل على “ذا بريدوينر”، امتلكت الثقة الذاتية اللازمة للعمل بمفردي. أدركت أن فكرة الإخراج لا تتعلق بفرض وجهة نظرك، بل تتعلق أساساً بقدرتك على تشجيع فريق العمل على الإحساس بامتلاكهم لمهاراتهم ومواهبهم. وقد أثمرت هذه الطريقة بصورة مدهشة في الحقيقة. كانوا يهتمون حقاً بالشخصيات، وعندما يعودون إلى منازلهم في الليل، يستمرون في التفكير في العمل، ثم يأتون في اليوم التالي بالحلول إلى الطاولة. لقد قلتها سابقاً، “ذا بريدوينر” هو تتويج لسنوات عديدة من سرد القصص، والتجريب والخطأ، والتعلم من الأخطاء.

- هل تعتقدين أن القصص تساعدنا في التعامل مع واقعنا؟

* بكل تأكيد. عندما قدّمنا “ذا بريدوينر” في مهرجان تورونتو، حضرت إحدى ممثلات الفيلم مع والدها الذي عاش في أفغانستان أثناء الغزو الروسي، ولم يتحدث قط عما شاهده في ذلك الوقت. بعد مشاهدة الفيلم، وبينما تمسك ابنته بيده، تحدث بلسان والدته عن الذكريات التي أثارها الفيلم في ذاكرته. أعتقد أن رؤيته لابنته تشارك في شيء له علاقة بالحفاظ على ذاكرة معاناة شعبه، ساعدته على التذكر والإخبار. إنها القدرة التحويلية (transforming power) للقصص التي نراها كل يوم. حتى عملية تصوير فيلم ما، هي طريقة لتنظيم فوضانا الخاصة. إنه شيء مثير للاهتمام لأبعد الحدود بالنسبة اليّ، ليس لدي جميع الإجابات لكني مازلت أستكشفها.

- ما الذي يجذبك إلى الرسوم المتحركة بشكل عام، والتحريك البيني التقليدي على وجه الخصوص؟

* دائماً كنت مهتمة بحقيقة أنه إذا ما أخذوا صورة لي، وإذا رسموني، فإن النتيجة ستكون مختلفة تماماً. من الصعب تفسير ذلك بالكلمات. هناك شيء ما في الهيئة البشرية يعطيها حساسية إضافية، إذا ما تُرجمت عبر أيدي فنان. القيام بذلك بمعدل 12 رسمة في الثانية (المعدل المعتاد في الرسوم المتحركة التقليدية) طوال مدة فيلم ما، أمر لا يمكن تصديقه. بالنسبة إليّ، حقيقة أن الناس يمكنهم رؤية تلك الخطوط المرسومة تتحرك على الشاشة ويشعرون بالعاطفة ويتعاملون مع تلك الشخصيات كشخصيات حقيقية، هي فكرة ساحرة.
استخدام ذلك التكنيك لإخبار قصص مثل “ذا بريندوينر” عن فتاة تختبر تجربة صادمة، هو أمر خاص للغاية. أعتقد أنك إذا رأيت هذه القصة نفسها في فيلم مع ممثلين، وليس فيلم أنيميشن، ستكون لديك استجابة عاطفية مختلفة تماماً، سيكون عليك أن تنأى بنفسك قليلاً عن الشخصية للحفاظ على مشاعرك. الأنيميشن يتيح لك سرعة أكبر في المضي قدماً مع شخصية مثل بارفانا. شخصياً لم أتمكن من مشاهدة هذا الفيلم مع فتاة حقيقية مرّت بتلك المواقف التي يعرضها. الأنيميشن يعطيك الفرصة لتجاوز ذلك الحدّ.
جميعنا نخبر قصصاً، نعود إلى المنزل في الليل وننسج ما حدث أثناء النهار في حكاياتنا الليلية. نحن منجذبون لغواية الحكي، نخترع قصصاً تعطينا معنى لفوضى حياتنا. في الليل أحكي قصصاً لأطفالي، بعضها مأخوذ من كتب وأخرى اخترعتها. حكي القصص بالرسوم المتحركة هي نسخة مكثفة من كل ذلك.

- ثمة تعايش بين الرعب والفكاهة، والخيال والواقع، داخل عقل بارفانا. كيف استطعتم، أنت وبقية الفريق، الحفاظ على التوازن، خصوصاً أن الفيلم يفعل ذلك أيضاً مع مكوناته السوسيو سياسية والتاريخية العديدة؟

* أولاً دعني أخبرك أن هذا الفيلم هو نتاج تعاون ضخم بين أكثر من 300 شخص، كلهم عملوا بصدق أكثر مما يفعلون في أفلام أخرى، ولكل أسبابه الخاصة. تتحدث عن أشخاص لديهم وجهات نظر سياسية مختلفة، حول العالم وحقوق الإنسان وحقوق النساء وبقية الأمور الخلافية، لكنها جميعاً تمرّ عبر مصفاة الفيلم لتصل، في النهاية، مشتركاتها الطيبة إلى قصة بارفانا.
كمخرج للفيلم، أنت فقط تحاول أن تخبر أفضل قصة تستطيعها، وتحاول جعل الشخصيات حقيقية وصادقة قدر الإمكان. أن تكون قادراً على الحصول على ذلك من خلال رسوم متحركة، أن تكون قادراً على الحصول على ذلك من الأداءات والعوامل الأخرى في الخلفية، أن تكون قادراً على الحصول على ذلك من فريقك الصوتي؛ هو شيء ستسعى خلفه دائماً. أعني، أنني لا أمانع صنع أفلام معيبة. إذا كنت تستطيع صنع فيلم فيه عيوب وتصدعات، فهذا هو بحثك عن الحقيقة على الأقل، بدلاً من صنع شيء “كما يقول الكتاب” أو مصقول للغاية وبلا هفوات. بالنسبة إليّ، الطريقة الأولى تمثل لي كل ما في فتنة وجاذبية عملية صناعة الأفلام بأكملها.
في صفحات كتاب ديبورا، بارفانا ليست شخصية أحادية السمات؛ بل إنساناً مكتمل التكوين، مثل طبق سلطة. ستشعر بالضيق ناحية أختها الكبرى، ثم ستجد نفسها داخل وضع خطير يصهر بشروطه كل السوابق. حين تتحول إلى صبي، ويكون بمقدورها مخالطة الرجال في الشارع، فهي تتعامل مع صدمة على أكثر من مستوى. آنيتا دورون، كاتبة السيناريو، لديها طريقة رائعة في التعامل مع اللغة والحوار سمحت بهذا المرح. كنا ندرك من محادثاتنا مع مواطنين أفغان أن الفكاهة لها دور كبير في مجتمعهم. ساعد أعضاء فريقنا، والعديد منهم من أفغانستان، على خلق حساسية ومنطق الفيلم.
العثور على التوازن هو مسألة مرتبطة بالعثور على التوقيت المناسب. كنت أجلس في غرفة المونتاج وألعب مع الصور. التوقيت ليس شيئًا يمكنك العثور عليه ذهنياً أو فكرياً. إنه يأتي من داخلك. يكشف الفيلم عن نفسه في مراحل مختلفة، لأن صوت الممثلين أضاف مستوى من المصداقية. ثم أضافت الرسوم المتحركة أشياء في التركيب والإضاءة والطريقة التي يطير بها الغبار. موسيقى مايكل دانا تشير إلى تغيّر المزاج عند لحظة معينة. الجميع يلعب دوراً في تحديد التحول الأسلوبي والمزاجي للفيلم.

- برأيك أين تكمن جاذبية تكييف القصص الفولكلورية والحكايات الخرافية وإعادة تقديمها في أفلام الأنيميشن؟

* بدايةً، هي مثيرة للاهتمام في ذاتها، لأنه مثلما تحدثنا عن الرسوم المتحركة كشكل مُقطَّر للسينما، فإن القصص الفولكلورية هي أيضاً شكل مقطر من السرد. ثقافات مختلفة في جميع أنحاء العالم لديها قصص مماثلة تعبِّر عن أشياء متشابهة. تحوّل الأجيال تلك القصص بحيث تصبح ما يحتاجه المجتمع في تلك اللحظة. على سبيل المثال، في صغري كانت سندريلا تعني لي شيئاً يختلف كثيراً عما تعنيه الآن، فقد أصبحتْ بمرور الزمن أشبه بقصة رعب بالنسبة إليّ. بعض هذه القصص المخصصة للأطفال لم تظهر إلا للسيطرة على النساء.

- ما مدى اهمية تضمين منظور جندري في أفلامك؟

* هذه السنة، أكثر من أي وقت مضى، شعرت بمسؤولية أن تكون أكثر بروزاً كصانعة أفلام، وأيضاً أن تحكي قصة فتاة ترفض تحديد أنوثتها من خلال ملابسها أو طول شعرها. أول فيلمين قمنا بهما (في الاستوديو) كان لهما أن يخرجا مثلما أراد مخرجهما، توم مور، لكني امتلكت أفكاراً مختلفة لفيلمي “ذا بريدوينر”. سؤالي ببساطة حول ما إذا كان هذا الفيلم سيوضع في فئة “فيلم نسائي ذو ثيمات نسائية”، ثم في العام المقبل سيعتبرون أنه لم يعد ذا شأن أو صلة بالموضوع. أعتقد أنه من مسؤولية جميع النساء في صناعة السينما أن يكنّ على صلة وثيقة بذلك السؤال. أحب أن أرى أولادي يعيشون في زمن لا يهمّ فيه الجنس. أود أن يكون كل من الشخصيات وصانعي الأفلام على ما هم عليه، بروحهم، ولا نظل نتحدث عن تلك المسائل الجندرية. للأسف، هناك تفاوت كبير في الصناعة بين الجنسين، لكني أعتقد أن هناك تغييرات إيجابية في هذا الصدد. على سبيل المثال، أعلنت “بيكسار” أن فيلمها القصير التالي ستتولي إخراجه امرأة. حسناً، إنه أمر جيد، لكنه يشكل عبئاً أيضاً.

- هذا يقودنا إلى السؤال التالي: كيف كان العمل مع أنجلينا جولي كمنتجة للفيلم؟

* كان عظيماً. عندما بعثنا إليها بالسيناريو، أحبته وأرادت دعمنا. كنتُ متوترة جداً عندما ذهبتُ لمقابلتها لأنني لم أكن أعرف كيف سيكون الأمر، أن يكون هناك شخص يحمل هذا الاسم الشهير في مشروعنا. كنت خائفة من فقدان السيطرة على الفيلم. لكنها كانت إيجابية للغاية. كانت في أفغانستان وأنشأت مدرسة للفتيات قبل عقد من الزمان، لذا فهي تعرف الوضع السياسي حيث نصوّر وكذلك الفترة التي تدور أحداث الفيلم خلالها.
مرّت هذه الحساسية خلال التصوير والعمل على الفيلم، وأنجلينا كانت دائماً على استعداد لمساعدتي عن طريق الهاتف في حال أردت التحدث معها في أي أمر يخص الفيلم. لقد أخذتْ دائماً بعين الاعتبار القيود المفروضة على مشروع مستقل مثل هذا، ويشارك في إنتاجه أشخاص وجهات من بلدان عديدة، لكنها حرصت أيضاً على أننا نبذل قصارى جهدنا لإدراج المزيد من الأفغان في عملية الإنتاج حتى يكون الفيلم دقيقاً وصادقاً في ما نرويه. فريق عملنا غير معروف، وعندما عرضنا الفيلم للمرة الأولى في مهرجان تورونتو السينمائي، كان وجودها معنا على السجادة الحمراء أمراً رائعاً. أتساءل الآن عما إذا كانت التجربة ستكون بمثل متعتها وإجادتها لو كان لدينا منتج تنفيذي رجل يماثلها في الشهرة. شعرت معها أن لديّ أذُناً تصغي إلى ما أقوله، ويبدو لي أن هذه القدرة على تشجيع المهنيين الآخرين في هذه الصناعة، شيء تختص به النساء.

- في رأيك ما الذي يفتقده أنيميشن الاستديوهات الكبيرة؟

* لا أعرف ما إذا كان هناك شيء مفقود أم لا، لكن يجب عليك دائماً توخي الحذر عند إنتاج فيلم، مهما كان حجمه، والاسترشاد بالدوافع الصحيحة. ما أعنيه هو، من خلال الشخصيات، والقصة، والحاجة إلى الاتصال بالجمهور وإيصال شيء ما إليه؛ وليس من أجل التسويق والتجارة أو لأجل المساهمين في الاستديو. هذه نقطة، لكن في النهاية، يقرر الناس ما يريدون رؤيته وما لا يريدونه. ما يحزنني هو أنه من الصعب رؤية أفلام معينة في دور السينما. هناك مشكلة توزيع كبيرة. شركات مثل أمازون ونتفليكس وغيرها من مقدمي خدمات البث تتيح، على الأقل، مشاهدة الأفلام، حتى إذا لم يكن ذلك في الصالات. وهذا يعني أنه يمكن إنتاج المزيد من الأفلام على شاكلة “ذا بريدوينر”.

- أخيراً، ما شعورك حول إنجاز أفلام لجمهور عالمي انطلاقاً من إيرلندا؟

* نحن في إيرلندا، نعم، لكن روتيني اليومي، على سبيل المثال مع “ذا بريدوينر” مليء بالتواصل مع مجموعات في بلدان أخرى، مثل لوكسمبورغ وكندا، ومع مستشارين في أجزاء أخرى من العالم. أحب استقلاليتنا وأنه بإمكاننا اتخاذ قرار صنع فيلم مثل “ذا بريدوينر”، لن يكون منطقياً من الناحية التجارية، لكننا نملكه من منطلق رغبتنا في أن يرى الشباب شيئاً مختلفاً وأن نخبر قصة قد لا تتاح لها الفرصة للظهور. مشاهدة نجاح هذا الفيلم ومدى وصوله إلى المشاهدين، هو دليل تحقق وصحة رهاننا على اختيار هذا النوع من القصص.

عن موقع جريدة المدن الألكترونيّة

حقوق النشر

محتويات هذه الجريدة محميّة تحت رخصة المشاع الإبداعي ( يسمح بنقل ايّ مادة منشورة على صفحات الجريدة على أن يتم ّ نسبها إلى “جريدة المدن الألكترونيّة” - يـُحظر القيام بأيّ تعديل ، تغيير أو تحوير عند النقل و يحظـّر استخدام ايّ من المواد لأيّة غايات تجارية - ) لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا.

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)