حسن بلاسم في حوار مع جريدة المدن الألكترونيّة

, بقلم محمد بكري


جريدة المدن الألكترونيّة


جريدة المدن الألكترونيّة
الخميس 23-01-2017
الصفحة : ثقافة
منال الشيخ


حسن بلاسم لـ"المدن": نحتفي بجويس ونقمع مجدِّدي اللغة العربية


يمضي القاص والشاعر العراقي حسن بلاسم (1973)، في مشواره الأدبي والفني بهدوء وثبات. لا يتسرع في خطواتهِ مقارنة بما حققه عالمياً في فترة وجيزة. شقّ طريقه في عالم الكتابة مبكراً لكنهُ لم يكن معروفاً للكثيرين، بالرغم من مواظبتهِ على الأشراف على موقع القصة العراقية، والتي كانت تعتبر من المواقع المتخصصة وبمثابة أرشيف لفن القصة القصيرة. مرت حياتهُ بمراحل مفصلية عديدة، معظمها كان مؤلماً استهدفت هويته وحريته سواء داخل العراق أو خارجه. بعدما قرر النزوح إلى كردستان بسبب تضييق الحريات وقمع سلطة صدام اضطر إلى تغيير اسمهِ، لكن هذا لم يشفع له، وتعرض كذلك إلى مضايقات وقمع دفعهُ على الهجرة والهروب إلى أوروبا. تلك الرحلة، التي نقرأ عن مراحل مرارتها الكثير في قصصه التي تخطف الأنفاس أحياناً. سيلمس القارئ مدى المعاناة الحقيقية للكاتب ومدى ارتباط ذاكرته ومخيلتهِ، بفترة العيش في بلد قمعي والهروب واللجوء، وصارت تتكرر في حياة الآلاف يومياً الآن، وبعض قصصه كانت شبه استشراف لقصص صرنا نسمعها في الأخبار مؤخراً. يكتب قصصه معتمداً على تقنية تضمين المكان واللامكان، والزمان واللازمان في النص نفسه. من النادر أن تجد هذه التقنية عند آخرين، فهو يؤمن بالتطوير والاشتغال على إيقاع النص لتجنب الملل. أثارت أعماله المنشورة في اللغة العربية جدلاً واسعاً، بين منبهر بأسلوبه وخروجه عن قالب اللغة الأدبية العراقية المتعارف عليه، وبين مستنكر له ووصفهِ بـ"الوقاحة" بحسب ما جاء في نقد البعض، بل وصل الأمر إلى تنصيب البعض أنفسهم “شرطة الأخلاق” على أسلوبه واختياره لأسماء الأشياء والموجودات. وبين من أبدى نفوره من أسلوب بلاسم وبين آخر انبهر به، يقف بلاسم في وضع محايد تجاه ما يكتب. هذه الحيادية التي منحتهُ أخيراً فرصة أن يرى نفسهُ كاتباً راسخاً في طريق يخصه هو وحده، غير مكترث بما يقال عن أعمالهِ، سواء سلباً أو إيجاباً، ويراهن على الزمن ووعي الجيل الجديد في تطوير اللغة وإخراجها من قوالبها الميتة.

وبمناسبة صدور الترجمة النروجية لمجموعته القصصية “معرض الجثث” مؤخراً، حيث لاقت صدى نقدياً جيداً في الوسط الأدبي النروجي، وفي خطوة منّا للاقتراب من حياديته ومنطقتهِ كان لـ"المدن" هذا الحوار مع حسن بلاسم:


- صدرت الترجمة النروجية لمجموعتك القصصية “معرض الجثث” ولاقت أصداء جيدة على مستوى النقد والقراءة، اعتمدت الترجمة النسخ الأصلية من قصصك دون التي تم “تقطيعها وطمسها” في النسخة العربية، كيف تشعر حيال ذلك؟ أن يختلف كتابك المُترجم عن الكتاب في لغته الأصلية؟

بداية، لا أتابع ما يكتب عن كتبي المترجمة وأترك الأمر للناشر الذي يتابع كل شيء، ويختار النصوص. كل ما أفعلهُ هو أن أرسل لهُ النصوص الأصلية باللغة العربية وأترك الاختيار لهُ. لا أعتمد النسخة الصادرة بالعربية، إذ خضعت مجموعة “مجنون ساحة الحرية” للرقابة. بالنسبة إلى متابعتي للكتب المترجمة، تكون ضمن التواصل بيني وبين المترجم فقط، في حال كان لديه استفسار معين حول النص. بالطبع أنه أمر مؤسف أن تظهر أعمالي في لغتها الأم مختلفة بعض الشئ عن المترجمة، لكن لحسن الحظ أن كتبي صدرت باللغة الأجنبية قبل صدورها بالعربية، ولهذا لم يكن للنسخة العربية تأثير في الترجمات، لأن دور النشر تعتمد النسخة الأصلية. لوقت طويل كانت مشكلتنا مع الناشر العربي الذي يفرض رقابة أخلاقية على الكاتب، لكن كما ألاحظ الآن أن هناك جرأة من عدد من الناشرين في تبني أعمال من شأنها إثارة الجدل.


- تكرر مقارنة كتاباتك بأسلوب كافكا، وقد نشر الناشر النروجي في تقدمة لكتابك أن اسمك يذكر مع كبار كتاب القصة مثل غوغول وبورخيس وروبيرتو بولانيو.. وأشاروا أنك غيرتَ ملامح القصة العربية، ما مدى توافقك مع ما يقولون؟

بتّ أسمع هذه المقدمات والمقارنات في المناسبات والمهرجانات التي أحضرها في أوروبا، أحب أن أقول أنني أصغر من هذه المقارنات، لكني مؤمن بأن كل كاتب في داخلهِ مجموعة من الكتّاب. حتى أن ناشري الانكليزي قال ذات مرة: سيظلون يبحثون عنك إلى أن يعثروا عليك. إذ أن هناك تناقضاً في المقارنة بين الكتّاب المذكورين كما نعرف، من كافكا إلى بولانيو. ويبدو أنهم مهتمون بالفعل بالبحث عن اسلوب كتابتي ولم يتوصلوا بعد إلى تحديد ملامحه. مع الوقت، ومع مواصلة الكتابة، ستتشكل الملامح الخاصة بي عند الآخر. رغم أني لست من متتبعي النقد إذ اؤمن بالمقولة القديمة: الدين من دون رجال أفضل، والأدب من دون نقاد أفضل. ومع ذلك، أنا مثل كل الكتّاب، أشعر بسعادة في داخلي أن هناك من يهتم بما أكتب ويحاول أن يحدد ملامحه. مع أن هذه المقارنات تترك أثرها السلبي فيّ، إذ تصيبني بالكآبة أحياناً وتؤخرني عن مشاريعي الكتابية التي أشتغل عليها.


- ما هي ملامح القصة العربية التي يشير إليها النقاد في الغرب، وغيّرتها؟

ربما جاءت هذه المقارنات لأن الأدب العربي، انتشر في العالم على أنه أدب بارد ورومانسي، ولا يرقى إلى مستوى الكوارث التي تواجهها المنطقة. وعندما قدمت نصوصي بهذه الاسلوب، اعتبره الغرب حراكاً جديداً في الأدب العربي، واعتبروا الواقعية الكابوسية التي أصف بها قصصي، المعادل للواقعية السحرية. المُعادل بمعنى استحداث مصطلح لنوع من أدب جديد. يكتب الكاتب العربي أدباً يسميه ما بعد الحداثة، وهو لم يعش الحداثة بعد. أنا أرى أن الأدب العربي وَرَقيّ، لم يخرج بعد من الكلاسيكية التي بدأ بها. ولا أستطيع التعميم على الكل، إذ هناك أعمال جادة بدأت تظهر متجاوزة تلك الرومانسية إلى الواقعية. بشكل عام، لو اتفقنا أن موقف الباص في النروج هو ظاهرة ما بعد الحداثة، فعلينا أن نقف كثيراً أمام الأدب العربي قبل أن نسميه أدب ما بعد الحداثة.

- المنطقة تمر بحالة حراك منذ سنوات وأنتجت الكثير من الأدب الآني الذي يتناول أزمة الحروب واللاجئين والإرهاب، كيف تعتبر أن الأدب العربي ما زال أدباً ورقياً وسط هذا الحراك؟

نعم، أتفق أن هناك حراكاً أدبياً واسعاً على مستوى الحدث وكتابات كثيرة صارت تتناول اللحظة، لكن معظمها لم يبلغ بعد نقطة التجاوز التي أعنيها. ربما هناك أعمال جادة ولا نعرفها. مصطلح ما بعد الحداثة، هو مصطلح اشكالي لا نستطيع إطلاقه على الأدب العربي عموماً، إذ كي نكون حداثيين بالفعل، علينا أن نقرأ آلاف الكتب ونشاهد مئات الأفلام ونخوض تجارب إنسانية حقيقية كي نستطيع الكتابة عنها. كيف يُكتب أدب حداثي في مجتمع متخلّف، تعاني فيه المرأة الاضطهاد، ويعاني فيه الرجل الكبت؟ إنه أمر معقد حتى نجزم بالأمر، لكن ربما يُنتج هذا الحراك أدباً مختلفاً بالفعل، وثقتي بالجيل الجديد كبيرة لإحداث التغيير.


- ألا تلاحظ أن هناك انتقائية بالنسبة إلى أدب الحراك الآن، وهل فعلاً الغرب مهتم بحداثية الأدب العربي، أم أنه يختار الأعمال التي توائم توجهه التسويقي والسياسي؟

هذا سؤال جيد. أولاً، علينا أن نعي أن للغرب سطوة على العالم بشكل عام، فهم يمتلكون الماكينة العسكرية والاقتصادية وبالتالي الثقافية والإعلامية. دائماً ما أتوقف عند سياستهم في اختيار عناوين المهرجانات والمناسبات عندما يصفونها بالعالمية “International”، وهي في الواقع تتناول الثقافة الأوروبية فقط ونسبة ضئيلة من العالم. قلة الترجمات الأوروبية لأدب الآخر، لا تقتصر على الأدب العربي، بل تتعداه إلى الأدب الأفريقي والآسيوي أيضاً. في هذه النقطة لا أستطيع لوم الغرب دائماً، إذ أن الكاتب العربي نفسه أساء إلى تنميط الأدب العربي المُصدَّر للغرب، عندما قبل أن يقدم نفسه “كضحية” لمواضيع صار يستثمرها اليسار الغربي في أجنداتهِ، واليمين الذي يتصيد مواضيع تخص الدين والمرأة في الدول الإسلامية. مع وجود هؤلاء، يبقى الكاتب والفنان حراً في أن ينساق خلف أجنداتهم، ويقبل بتنميط عملهِ أو أن يرفض ويرسم له خطاً منفرداً حتى لو خسر الدعم. مع مساوئ السطوة الأوروبية، إلا أن هناك تنوعاً كبيراً وصدقاً في تناول التجارب. كل ما على المبدع هو أن يجد هذا الصدق إن أراد، إذ أن الخيارات في أوروبا غير محدودة للإنطلاق. والزمن كفيل بغربلة الكم الهائل من الانتاج الأدبي في الآونة الأخيرة.


- صرّحتَ مؤخراً بانطباع أن الكاتب العربي ما زال يكتبُ بخجل ولا يجرؤ. ما هي الجرأة التي تقصدها؟

إحدى مشاكل الجرأة في الأدب العربي هي اللغة. اللغة العربية فيها إشكاليات كثيرة، خصوصاً اللغة الكلاسيكية، تعتبر سجناً للكاتب، لا يستطيع مغادرته مما يؤثر في إبداعه بشكل سلبي. رغم أنها وجهة نظر شخصية وليست قانوناً أريد فرضه على الآخر، لكن فكرتي الأساسية أني لا أستطيع الكتابة عن مشهد انفجار سيارة مفخخة في بغداد بلغة عربية شكسبيرية، إن صح التعبير، هناك تناقض في هذه الحالة بين كابوسية الواقع المعاش، واندثار اللغة العربية الفصحى من الحياة اليومية للفرد العربي وبين اختيار لغة مرتبطة بفترة رومانسية، لم تعد موجودة لوصف هذا الواقع. لو تأملنا المستفيد من استمرار التمسك باللغة العربية الفصحى في الأدب العربي، سنجد أن هناك طرفين متمثلين في الإسلاميين والقوميين. إن هذا الانجذاب للجذور اللغوية بهذا العماء، من دون السعي إلى التجديد أثّر كثيراً في الكتابة والمخيلة. في حين نحتفي بجيمس جويس وإحداثه ثورة في اللغة الإنكليزية، نقمع أي كاتب يحاول أن يجدد في اللغة العربية. والجرأة عموماً تظهر في مجتمع حر.


- على هذا الأساس، هل ترى أن اللغة المحكية هي البديل للغة العربية الفصحى في هذه الحالة؟

أنا مع ادخال اللغة المحكية في الكتابة، خصوصاً تلك التي تعبّر عن الحالة بشكل أصدق. وهذه الإشكالية واجهتني في مجموعتي “مجنون ساحة الحرية” عندما كانت هناك اعتراضات على إدخال لغة الشارع العراقي في النصوص، وأقنعني بعض الأصدقاء بحذف تعابير ومصطلحات من أجل أن يجد الكتاب طريقه للنشر. رغم أن ما كتبته كان مستقى من الواقع ولغة الشارع العراقي.


- قصصك التي وصلت للعالمية مؤخراً، كانت مصدراً مهماً لتعريف العالم بالأدب العراقي وأزمة اللاجئين، لما احتواه الكتاب من قصص تقترب من تجارب شخصية لك... هل تؤمن بدور الأدب في دعم قضية إنسانية؟

عند الشروع في الكتابة، لا يفكر الكاتب إن كان سيغير العالم أم لا، إذا فكر بذلك فسيموت. معظم الكتاب المعروفين عالمياً لم يفكروا أنهم سيأثرون في المجتمع والقضايا ولم تكن هذه غايتهم، لكن بقراءة أعمالهم ودور المتلقي، أصبح لأدبهم دور في المجتمع والحياة من دون أن يهدفوا لذلك. حين تشعر أن دورك ككاتب هو تغيير العالم، ستبالغ في أدبك. لأنك ستسعى للوصول لهذه النقطة من التغيير. أؤمن بأن يتجرد الكاتب من كل رقيب وغرض أثناء الكتابة وأن يعيش لحظة الكتابة من دون تكلف.


- لديك موقف صارم وحازم تجاه الجهات العربية الممولة للجوائز والمهرجانات، وصرّحتَ أكثر من مرة عن أسبابك، هل أثّر ذلك في علاقتك بالقارئ العربي، طالما تكتب بالعربية؟ وما هو البديل برأيك لهذه الجهات؟

لنتحدث قبلاً عن المهرجانات، في البدء أستطيع أن أقول أن معظم المهرجانات العربية يقوم على الوهم، ولا أرضية حقيقة لها، مقارنة بالمهرجانات الأوروبية. منذ فترة طويلة ألغيتُ فكرة المهرجانات والجوائز العربية من رأسي، واعتمدت على النشر الذاتي عبر المواقع الالكترونية. لجأتُ إلى نشر قصصي ونصوصي الشعرية في مدونتي، كي أتجنب التقطيع من الرقيب العربي. وعلى عكس المتوقع، فإن موقفي من هذه المهرجانات رسخ علاقتي بمجموعة من القراء الشباب وأصبح عندي تواصل أكبر معهم، لأنهم جيل أذكى بكثير من أن ينساقوا خلف مظاهر وهمية. موقفي هذا له جذور متعلقة بموقفنا كعراقيين من الأدباء العرب، الذي نافقوا سلطة صدام من أجل الجوائز ودولارات النفط، فلا أستطيع أن أستنكر سياسة بلد وفي المقابل أهرع إلى الجوائز والدعوات التي تقيمها هذه البلدان، مع تأكيدي بأن الجوائز محرك للأدب العربي، وأنا لست ضدها ولست ضد توجه معظم الكتّاب إلى الرواية. على العكس، نحن متخلفون كمّياً في عالم الرواية، مقارنة بالعالم الغربي. البديل بالنسبة الي لهذه المهرجانات، هو استمرار الكاتب في الكتابة ومحاولة إيصال عمله إلى المتلقي بالمحافظة على صدقهِ مع نفسه.


- صدرت لك مؤخراً أنطولوجيا جديدة من نوعها، أشرفت عليها وشاركت فيها، وتُرجمت ونُشرت باللغة الإنكليزية قبل صدورها بالعربية... ماذا كان حافزك الأول للقيام بهذا المشروع؟

طرحتُ هذا المشروع منذ سنوات، لكن نشره تأخر لأسباب متعلقة بالناشر. بعد تعاقدي مع الناشر الانكليزي على ترجمة كتابي، اقترحتُ عليه نشر مختارات قصصية من العراق. إذ إنه ناشر متخصص أيضاً في نشر قصص من مدن العالم ضمن موضوع موحد، وهذا ما شجعني على تقديم مشروعي لهُ. ولطالما كانت هذه طريقة الناشر الغربي في اختيار نشر الانطولوجيات ضمن ثيمة موحدة، اقترح عليّ بدورهِ ثيمة أنطولوجيا القصة العراقية، أن تتضمن قصصاً من الخيال العلمي. كنتُ قلقاً في البداية من الأمر، لأنه جديد نوعاً ما على أدبنا. لكن بعد نقاشات عديدة توصلنا إلى صيغة معينة لثيمة المشروع.


- ما هي الآليات والمعايير التي اعتمدتها في اختيار القصص؟

كانت هذه المرحلة الأصعب في المشروع. في البداية، أوكل إلى الناشر اختيار النصوص، لكني شعرتُ ببعض الحساسية، وفضلتُ أن نبدأ بنشر الاعلانات ومخاطبة الجامعات العراقية وبعض المؤسسات الثقافية، لا الكتّاب وحدهم، لعلنا نحصل على تجارب جديدة لم نسمع بها من قبل. وصلتنا قرابة الخمسين قصة من مدن مختلفة في العراق، وتعاونّا مع الناشر في اختيار النصوص، من طريق تقديم ملخص مترجم لكل نص كُتِب بالعربية، إذ وصلتنا مجموعة قصص كانت مكتوبة بالانكليزية، كي يكون للناشر أيضاً دوره في اختيار القصص. جاء اختيار النصوص طبقاً لمعايير قصص الخيال العلمي والفانتازيا، وكذلك طبقاً لمدى توافقها مع ذائقة القارئ الغربي، لأنه مشروع تقرر صدوره بالإنكليزية أولاً.


- درستَ السينما وأخرجتَ أفلاماً وثائقية متنوعة، لكن معظمها غير معروف للمتلقي العربي... هل هناك نية بالعودة إلى السينما في مشروع آخر؟

علاقتي بالسينما بدأت بشكل غريب. كنتُ أحلم في طفولتي ومراهقتي أن أصير كاتباً وشاعراً. كان لي صديق أكبر مني يجزل لي النصائح، فكانت أول نصيحة في هذا الشأن، عندما قال: إذا كنتُ أريد أن أصبح كاتباً جيداً فلمَ لا أدرس مجال السينما لتوسيع مخيلتي الصورية؟ وكانت هذه أفضل نصيحة تلقيتها في حياتي. ومن يومها أدركتُ أني دخلتُ عالم الكتابة من خلال دراستي السينما التي ساعدتني كثيراً في الكتابة. لم ألمس أي تقدم في عملي السينمائي بسبب الحصار المفروض على العراق في التسعينات، وقلة الإمكانات. بعد وصولي إلى فنلندا، أدركتُ أن العمل في السينما أمر صعب جداً ويتطلب إمكانات كبيرة. عملتُ في مشاريع صغيرة، غالبيتها لم أكن مقتنعاً بها، تخص حياة المهاجرين غالباً. وصلت إلى قناعة بأن السينما بالنسبة إلي، هي هواية وليست حرفة، إذ إن تركيزي حالياً هو على الكتابة، هدفي الرئيس من دراستي للسينما. رغم أني أعمل على مشروع فيلم روائي طويل ولم أنته منه حتى الآن. لا أعرف كم من الوقت سيستغرق إنهاؤه.


* ملاحظة: صور حسن بلاسم بكاميرا Katja Bohm
** حسن بلاسم: ولد في بغداد العام 1973
درس السينما في أكاديمية الفنون الجميلة - بغداد
نشر العديد من المجاميع القصصية والمسرح ومقالات منها مختارات قصصية تُرجمت إلى لغات عديدة، بعد حصوله على جائزة الإندبندنت لأدب الخيال الأجنبي عام 2014، من ضمنها:

  • مجموعة معرض الجثث، المسيح العراقي، ومجنون ساحة الحرية.
  • يعمل حالياً على فيلم روائي طويل.


عن موقع جريدة المدن الألكترونيّة


حقوق النشر

محتويات هذه الجريدة محميّة تحت رخصة المشاع الإبداعي ( يسمح بنقل ايّ مادة منشورة على صفحات الجريدة على أن يتم ّ نسبها إلى “جريدة المدن الألكترونيّة” - يـُحظر القيام بأيّ تعديل ، تغيير أو تحوير عند النقل و يحظـّر استخدام ايّ من المواد لأيّة غايات تجارية - ) لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)