تحديات الثقافة العربية

, بقلم محمد بكري


جريدة الأخبار اللبنانية


الأربعاء 20 شباط 2019
جريدة الأخبار
ادب وفنون
فكر
جورج قرم - مفكر وخبير اقتصادي لبناني


تحديات الثقافة العربية وسبل مواجهتها


إنّ المشهد الثقافي العربي متناقض للغاية ومنقسم في صراع مرير بين أنصار سيادة الدين على الثقافة وتوجيهها بكل تفاصيلها من جهة، وبين أنصار دنيوية الثقافة التي يتعدى مفهومها القضايا الدينية البحتة، وهذا التناقض الصارخ يجب أن نحله ونجد سبل تجاوزه. هناك عوامل عديدة يجب تحديدها لفهم الصراع الدائر حول دنيوية الثقافة وبين سيطرة الدين على كل الأوجه الثقافية.

فقد اهتم كثيرون بهذا الموضوع وبينهم الدكتور عبد الإله بلقزيز الذي له مؤلفات عديدة تدور حول هذا الموضوع ومنها بشكل خاص «الديني والدنيوي ـ نقد الوساطة والكهنتة». والحقيقة أنّ الثقافة الدينية السائدة في معظم الأقطار العربية تتركّز حول مفهومي الحلال والحرام اللذين انتشرا بشكل مثير عبر جهود الحركات الإسلامية، على رأسها حركة الاخوان المسلمين بفروعها العديدة في الدول العربية. وهكذا تلاشت التيارات الليبرالية في تفسير القرآن الكريم، وهي كانت قد ازدهرت في مصر بشكل خاص طوال القرن التاسع عشر والجزء الأول من القرن العشرين.


محمود سعيد (مصر 1897 ــ 1964) ـ «صاحبة العيون الخضر» (زيت على لوح ــ 1931)


وقد أصبح بالتدرج معظم الدول العربية يعتمد نظرة متشددة في القضايا الدينية وأصبح ذلك نهجاً ازدهر بشكل خاص إثر الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة. والملفت في هذا الشأن أنّ الولايات المتحدة وظّفت هذا الاتجاه لمحاربة النفوذ الشيوعي والاشتراكي الذي كان سائداً إلى حدّ بعيد في بلاد أقطار العالم الثالث ومنها المجتمعات الإسلامية. وتجسّد ذلك بشكل فاضح في إرسال آلاف المقاتلين العرب إلى أفغانستان عام 1980 للتخلص من النظام الأفغاني العسكري الذي كان قد أصبح تحت نفوذ الاتحاد السوفييتي. ونلاحظ أنّ مَن سُمي بالمجاهدين الأفغان، نُقلوا بعد ذلك إلى البوسنة في يوغوسلافيا وإلى جمهورية الشيشان التي ما زالت إلى اليوم إقليماً من أقاليم الدولة الروسية. كما يجب ألا ننسى الانقلابات التي نجحت الولايات المتحدة في تدبيرها في كلٍّ من أندونيسيا والقضاء على نظام سوكارنو التقدمي وباكستان حيث حصل انقلاب عسكري بقيادة ضياء الحق الذي أطاح بالرئيس ذي الفقار علي بوتو المنفتح على الحداثة العالمية. كما تمّ زرع مجموعة من الاخوان المسلمين في الفيليبين بقيادة أبو سياف الذي بدأ يشنّ هجمات داخل هذا البلد.

والحقيقة أنّ الولايات المتحدة كانت تعمل لتقويض حركة عدم الانحياز، لأنها كانت تراها ميّالة إلى الاتحاد السوفييتي وتحارب النفوذ الأميركي باسم محاربة الإمبريالية وتحرير الشعوب من الاتجاهات الاشتراكية الطابع المعادية للإمبريالية. ونذكر هنا أن حركة عدم الانحياز قد تأسّست بفعل جهود كلّ من الرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس اليوغوسلافي تيتو والرئيس الهندي نهرو، ورأت الولايات المتحدة حينذاك في حركة عدم الانحياز حركة معادية للولايات المتحدة وما كان يُسمى العالم الحرّ الرأسمالي الطابع. كما حصل في تلك الحقبة التاريخية انقلاب عسكري في السودان اعتمد الشريعة الإسلامية في النظام العام بالرغم من وجود فئات واسعة من المسيحيين والوثنيين في جنوب البلاد، بينما كانت السودان في الماضي دولة تقدمية يوجد فيها ربما أهم حزب شيوعي عربي. وظهرت أيضاً في هذه الحقبة التاريخية جماعات إسلامية في دولة مثل الجزائر في ظلّ الرئيس هواري بومدين المدني الطابع والتقدمي، إذ نشأت في هذا البلد «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، ودخلت الجزائر في القلاقل والاضطرابات بعدما قام الجيش الجزائري بإيقاف المسار الانتخابي للبلاد نظراً لاحتمال فوز الإسلاميين للانتخابات ودخلت الجزائر في حرب أهلية دامت ثماني سنوات.

اتجاه غربي لأسر الشعوب العربية والإسلامية في دينها وثقافة الحلال والحرام

وهكذا نرى أنّ الدول التي كانت ترفع راية عدم الانحياز بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة قد دخلت في قلاقل وحروب أهلية، وهذا ما حصل في كلّ من يوغوسلافيا والجزائر. أما في مصر بعد غياب جمال عبد الناصر وبالرغم من سياسة السادات بتوقيع السلام مع إسرائيل وزيارة القدس، أصبح التطرف الديني يسود الساحة وقد تمّ اغتيال رئيس الجمهورية على يد الجماعات الإسلامية المتطرفة. وهكذا شهدت هذه الحقبة انهيار نفوذ حركة عدم الانحياز التقدمية والمدنية الطابع التي لم تكن تذكر القضايا الدينية ولا تعتمد بشكل خاص فكرة الصراع بين الشرق المسلم والغرب المسيحي والتي بدأنا ندخل في دائرتها. وابتداءً من التسعينيات من القرن الماضي، بدأ الدين يحتل الحيّز الثقافي، ولعل بعض الكتابات العربية قد ساهمت في ذلك بطريقة غير مقصودة. أذكر هنا الكتاب الشهير لإدوارد سعيد حول الاستشراق وكذلك كتابات أنور عبد الملك ومهدي المنجرة في المملكة المغربية حول الصدام بين الشرق والغرب. هكذا أصبحت القضايا المتعلقة بالثقافة الدينية مقابل الثقافة الدنيوية قضايا معقّدة، وقد سعيت في كتابي «الفكر والسياسة في العالم العربي» أن أظهر التنوع الكبير للفكر العربي بما فيه الكتابات الماركسية أو الاشتراكية الطابع وغنى الفكر العربي خارج مناقشة القضايا الدينية. كما ذكرتُ في الكتاب الاتجاهات الليبيرالية في فهم وتطبيق القرآن الكريم والشريعة الإسلامية المتجسدة في أعمال عدد من مشايخ الأزهر الأجلاء وهم: رفاعة الطهطاوي في بداية القرن التاسع عشر، ومن ثم الشيخ محمد عبده، والشيخ علي عبد الرازق في كتابه الشهير الإسلام وأصول الحكم وأخيراً طه حسين. والجدير بالذكر هنا أنّ الشيخ علي عبد الرازق ولو أنه أُخرج من الأزهر، إنما لم يُكفَّر وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشيخ أحمد أمين وطه حسين. إنّ التكفير الحديث قد مارسه بضجة كبيرة النظام الإيراني الجديد الذي لم يُكفَّر فقط سلمان رشدي، إنما دعا إلى قتله. ومن المفيد هنا التذكير بالدفاع الجريء لصادق جلال العظم عن سلمان رشدي وتهجّمه على الفتوى الخمينية. ونرى هنا الفرق الكبير بين ما حصل للشيخ علي عبد الرازق الذي لم يُكفّر، وبين قضية سلمان رشدي، مع التذكير بأن الجامعة الأميركية في بيروت اضطرت إثر تدخّل دار الفتوى أن تفصل جلال صادق العظم بعد نشر كتابه الشهير «نقد الفكر الديني» الصادر عام 1969. دخلت إذن الساحة الفكرية العربية في مرحلة تاريخية جديدة، حيث ساد خطر التهديد بالتكفير أو إعلانه كما حصل مع كلّ من فرج فودة الذي تمّ اغتياله ونصر حامد أبو زيد الذي تمّ تكفيره والحكم بفصله عن زوجته، مما اضطره وزوجته إلى ترك مصر. ومنذ ذلك الحين أصبحت الساحة الفكرية العربية مليئة بمناقشة لا نهاية لها للأمور الدينية باستثناءات قليلة مثل تونس ولبنان.

بالرغم من كل ذلك، فالمشاهدة التي وصفتُها بالتفصيل في الكتاب حول الفكر والسياسة في العالم العربي، تدلّ بما لا لبس فيه على خصوبة أنواع مختلفة من الثقافة الدنيوية الطابع على يدّ مؤلفين ماركسيين أغنوا بشكل واضح الثقافة العربية مثل عبد الله العروي في المغرب والياس مرقص وياسين الحافظ في المشرق وغيرهم الذين وصفوا أزمة المثقفين العرب، خاصة من منظور سعيهم إلى اللحاق بالحداثة الأوروبية. كما أنّ بعض المفكرين العلمانيي الهوى قد قاموا بوضع مؤلَّفات ملفتة حول العلمانية ابتداء من الدكتور عزيز العظمة إلى السفير اللبناني السابق محمد ضاهر والدكتور محمد جابر الأنصاري من البحرين.

كما أودّ أن أشير إلى راهنية الكتاب الشهير لطه حسين حول مستقبل الثقافة في مصر، وكذلك كتاب الدكتور عبد الإله بلقزيز الصادر عام 2018 حول «الديني والدنيوي ـ نقد الوساطة والكهنتة» بالإضافة إلى المؤلَّف القيم للدكتور نبيل عبد الفتاح حول «تجديد الفكر الديني ـ مقدمات أولية» الذي يغوص بالعمق في مشكلات توغل العنف والإرهاب في الدول الإسلامية، كما يتطرق الكتاب إلى قضايا الحرية الدينية في مقابل ثقافة التطرف الديني التي تسود الساحة العربية منذ عقود.

وربما من المفيد هنا أن أذكّر مجدداً بتوظيف الديانات التوحيدية الثلاث من قِبل الولايات المتحدة في أجواء الحرب الباردة لمناهضة التيارات الشيوعية والاشتراكية الاتجاه التي كانت تسود حيّز دول عدم الانحياز الخاصة بالعالم الثالث في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي كما ذكرنا سابقاً.

تدلّ محتويات المعارض المكرّسة للكتب العربية التي تُقام في لبنان ودول عربية أخرى، على الحيّز الكبير الذي تعطيه دور النشر العربية للكتب الدينية، مع الملاحظة أن الجمهور الذي يزور تلك المعارض متنوع يهتم أيضاً بالكتب الدنيوية الطابع أو الكتب التي تنتقد الاتجاهات الدينية المتطرفة.

وهنا لا بدّ من الالتفات إلى ما يصدر من كتب عديدة ورتيبة في كل من الدول الأوروبية والولايات المتحدة حول الإسلام السياسي والنظرة الإيجابية له. ويقوم الناشرون الغربيون بوضع عناوين للكتب تحمل دائماً كلمة «إسلام»، ذلك أنّ هذه الكلمة أصبحت تستقطب أيضاً القرّاء الغربيين بما يرونه منذ بضعة عقود من ممارسات دينية حماسية وفي حالات عديدة عدوانية، حيث توجد الجاليات العربية والإسلامية في المدن الغربية. وقد انخفضت مؤخراً مبيعات كتابي «انفجار المشرق العربي» باللغة الفرنسية ـ بعدما كانت مبيعاته مزدهرة على مدى سنوات طويلة منذ إصدار أول طبعة في عام 1983 ـ ذلك لأن عنوان الكتاب لا يحتوي على كلمة «إسلام» كما ذكر لي مدير دار النشر.

ومن المفارقات أنّ هذا المنحى قد ترافق مع ازدهار مبيعات الروايات العربية التي تُرجمت إلى اللغة الفرنسية أو الإنكليزية، بشكل خاص الروايات المؤلفة من قبل أديبات والتي تحمل في طياتها جرأة ملحوظة، وهذا ما يدلّ على أنّ المشهد الثقافي العربي سواء في الدول العربية أو خارجها ما زال يحمل ثقافة دنيوية عربية تأخذ مساحة مهمة في أي إنتاج عربي فكري وأدبي. وهذا يعكس أيضاً التناقض في رواج الكتب العربية في العالم العربي. في المحصلة، نحن أمام ظاهرة متعددة الجوانب حيث المشكلة تكمن أيضاً في الأضواء الإعلامية التي تُسلّط على الكتب الدينية أكثر من الكتب الدنيوية. أضف إلى ذلك أنّ الإعلام المرئي العربي مليء ببرامج دينية الطابع ومن أشهرها حلقات الشيخ القرضاوي، بينما قليلة جداً البرامج الثقافية التي تسلّط الضوء على النتاج الثقافي الدنيوي.

فهل هناك اتجاه لأسر الشعوب العربية والإسلامية في دينها وثقافة الحلال والحرام، وهو نوع من السياسة الغربية التي كان قد وصفها إدوارد سعيد صاحب الكتاب الشهير «الاستشراق»؟ أم هل هو جزء من أيديولوجية حرب الحضارات الذي نظّر لها صامويل هنتنغتون في مؤلَّفه «صدام الحضارات» المليء بالتناقضات والمنهج العلمي الخاطئ؟ فكيف نفسّر أنّ الفئات العربية الميسورة ترسل أبناءها للدراسة في العواصم الغربية المهمة، بينما العرب الفقراء يغامرون بأرواحهم لعبور البحر المتوسط والوصول إلى الدول الغربية؛ هذا مشهد أليم حريّ بالدراسة الموضوعية لمناهضة طرح هنتنغتون الذي يظهر كأنه نبوءة بدأت تتحقق تلقائياً في الأجواء الدينية المحمومة التي نعيش فيها. مع الإشارة إلى أنّ مثل هذه اللعبة الفكرية السامة هي خاصة بما يُسمى العلوم الإنسانية الغربية عهد «ما بعد الحداثة» وتندرج في حركة الفلسفة الغربية في العلوم الإنسانية الغربية التي تذكر أيضاً عهد «ما بعد الاستعمار»؛ بينما نحن بطبيعة الحال ما زلنا في عهد الحداثة بشكل عام الذي يتطور محتوى مفهومها بسرعة إثر أدبيات النيوليبرالية التي أتت من فلاسفة غربيين وعلى رأسهم ليو شتراوس الذي طرح موضوع المقارنة بين الأنظمة الدينية ورمز إليها بمدينة القدس من جهة، والأنظمة الديمقراطية ورمز إليها بانحرافاتها المتعددة المتجسدة بالحربيين العالميتين وبخاصة الثانية منها من جهة أخرى، وقد رمز إليها بتسميتها أثينا في مقابل القدس.

حركة تحرير المرأة في مصر بدأت قبل ولادة الحركة النسائية الفرنسية

كما لا بدّ من الإشارة إلى مؤلَّف آخر قد أثّر كثيراً في الرأي العام الأوروبي وهو كتاب جيل كيبال المنشور عام 1983 حول «انتقام الله» وهو مليء بالمغالطات التاريخية حول عودة الله كأنّ البشرية ابتعدت عن الدين، وهذا غير صحيح إلّا بالنسبة إلى أوروبا. كما أنّه وضع قبل ذلك بأعوام مؤلَّفاً بعنوان «النبي وفرعون» وهو كتاب يشنّ فيه هجوماً عنيفاً على الرئيس جمال عبد الناصر كونه اضطهد تنظيم الاخوان المسلمين من دون سبب يُذكر على حدّ قول الكاتب. طبعاً لم يذكر الكتاب المضايقات التي مارسها النظام الناصري ضدّ الشيوعيين كما لم يذكر ما قام به الاخوان المسلمون من مضايقات حادة للحكم الناصري. ثم وضع مستشرق آخر من أنصار حركة الاخوان المسلمين وهو أوليفييه رَوَا العديد من المواقف المؤيدة بحماس لحركة «المجاهدين العرب» الذين نُقلوا إلى أفغانستان لمحاربة النظام التقدمي المقرّب من الاتحاد السوفييتي، ووصفهم بأنهم أنصار حرية للشعب الأفغاني، وهذا كان يدلّ إما على جهل مطبق أو على تبنّي موقف السياسات الأميركية في توظيف الديانات التوحيدية في الحرب الباردة.

وحري بنا قبل نهاية عرضنا هذا أن نذكّر بأن حركة تحرير المرأة في مصر بدأت قبل ولادة الحركة النسائية الفرنسية في نهاية القرن التاسع عشر بينما الحرمة النسائية الفرنسية بدأت في الثلاثينيات من القرن العشرين.
أمام هذا الواقع، لا بدّ من تكثيف الجهود مستقبلاً لتقوية الجانب الدنيوي للثقافة العربية ومعالجة القضايا الاجتماعية والعلمية والتكنولوجية التي يتخبط فيها الوطن العربي من دون أن يتمكّن من الخروج من التخلف الاقتصادي والمعرفي، مع إشارة خاصة إلى هجرة الأدمغة العربية إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا، ما يعمّق من مستوى التخلف العربي مقارنة بما تنجزه من إنجازات علمية وتكنولوجية حضارات أخرى مثل الحضارة الصينية وحضارة دول شرق آسيوية أخرى. والجدير بالذكر هنا أنّ المجتمعات العربية كانت أكثر تقدماً من الناحية الاقتصادية من اقتصادات شرق آسيا في بداية الخمسينيات، وهذه ظاهرة يجب أن تثير الاهتمام لفهم الأخطاء التي حصلت في أوطاننا العربية وتوطيد اتجاهات اقتصادية واجتماعية جديدة تخرجنا من التخبط في التخلف عن ركب الحداثة بكل أوجهها.

عن موقع جريدة الأخبار اللبنانية


حقوق النشر
مقالات «الأخبار» متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، ٢٠١٠
(يتوجب نسب المقال الى «الأخبار» ‪-‬ يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية ‪-‬ يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص)
لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا


عن الصورة

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)